الصفحة الرئيسية \ الشريف المرتضى

 

لقال له في الجواب: ما شككت، بل تحققت أنك وصاحبك على الحق، وأنا على الباطل، وقد ندمت على ما كان مني، وأي توبة تكون لشاك غير متحقق، فهذه الأخبار وما شاكلها تعارض أخبارهم التي كان لها ظاهر يشهد بالتوبة، وإذا تعارضت الأخبار في التوبة والاصرار سقط الجميع، وتمسكنا بما كنا عليه من الكلام في أحكام فسقهم، وعظيم ذنبهم، وليس لهم أن يقولوا إن كل ما رويتموه من طريق الآحاد، وذلك أن جميع أخبارهم بهذه المثابة وكثير مما رويناه أظهر من الذي رووه، وأفشى وإن كان من طريق الآحاد، ولو كان لهم في التوبة خبر يقطع العذر، ويوجب العلم لما تكلفوا في أنه يرجع عن المعلوم بالظنون.

فأما الكلام على ما عقده في توبة الزبير فأول ما تعلق به أنه فارق القوم، وخرج عن جملتهم، ورجع عن الحرب وهذا المقدار غير كاف في التوبة، لأن الراجع عن الحرب قد يرجع لأغراض كثيرة، الندم على الحرب من جملتها فمن أين أن رجوعه كان لهذا الوجه دون غيره، بل الظاهر من كيفية رجوعه أنه يقتضي أنه رجع لغير التوبة، لأنه لو كان راجعا لوجب أن يصير إلى حيز أمير المؤمنين عليه السلام معترفا على نفسه بالخطأ، مظهرا للإقلاع عما كان عليه من نكث بيعته، وخلع إمامته ومناصبته ومجاهدته وباذلا أيضا نصرته على من أقام على البغي كما يقتضيه شروط إمامته، لأنه إن كان تائبا على ما ادعوه فلن تصح توبته إلا بأن يكون معترفا له عليه السلام بالإمامة، ووجوب الطاعة ولا حال يتعين فيها نصرة الإمام على من بغى عليه إلا وحال أمير المؤمنين عليه السلام هناك أضيق منها فالظاهر من تنكبه وعدوله عن حرب أمير المؤمنين عليه السلام وتركه الاعتذار إليه أن رجوعه لم يكن للتوبة، وإنه كان لغيرها من الأغراض، ولو لم يكن ما ذكرناه مرجحا لكون الرجوع غير مقصود به التوبة لكان محتملا، ومع الاحتمال لا حجة فيه، ولا فرق بين من

الصفحة 334
حكم للزبير بالتوبة من حيث رجع عن الحرب وبين من حكم بالتوبة لكل من انصرف عن حروب النبي صلى الله عليه وآله من غير أن يصير إليه، فيعترف بالاسلام بين يديه، ويظهر الندم عما كان عليه، حتى يجعل ذلك ناقلا لنا عن ذمه إلى مدحه، وعن القطع عليه بالعذاب إلى القطع له بالثواب، على أنه قد روي سبب رجوع الزبير عن الحرب أن ابنه عبد الله قال له: عائشة تريد أن تصليك بالحرب، ثم تقضي بالأمر إلى ابن عمها، يعني طلحة، وما أرى لك إلا الرجوع، وإنما قال له هذا لأنهم أمروه ما دامت الحرب قائمة فإذا انقضت استأثروا.

وروى البلاذري في كتابه أن معاوية كاتب الزبير: أقبل حتى أبايعك ومن يحضرني، فلعله رجع لهذا ولأنه أيس من الظفر، فإن رجوعه كان بعد قتل طلحة وتلوح إمارات الفتح على أن رجوعه إنما كان عن الحرب عقيب مواقفة أمير المؤمنين عليه السلام له وتذكيره بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حربه، وأكثر ما في هذا أن يدل على أنه قد ندم عن الحرب، وفسقه لم يكن بالحرب دون غيرها، بل كان لما تقدمها من نكث البيعة والخروج عن طاعة الإمام، والبغي عليه، ورميه بما هو برئ منه من دم عثمان، ومطالبته بما لا يجب عليه من تسليم كل من اتهم بقتله، ورد الأمر في الإمامة شورى ليستأنف الناس الاختيار وطلب الإمام، وهذه ضروب من الفسق، من أين أن رجوعه عن الحرب وندمه عليها يقتضي ندمه على جميع ما ذكرناه، وليس يمكن أن يدعي في ظاهر الرجوع عن الحرب أكثر من الندم عليها، ولو كان الكف عن الحرب دليلا على التوبة من سائر ما عددناه لوجب أن يشهد له بالندم والتوبة لما كان مقيما بمكة، فإنه كان ههنا كافا عن الحرب ولم يمنع من أن يكون مقيما على غيرها مما ذكرناه.

فأما اعتماده على أن السبب في الرجوع إنما كان مواقفة أمير المؤمنين

الصفحة 335
عليه السلام له على الخبر الذي كان سمعه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وادعاؤه في ذلك على التواتر ثم إنشاده في ذلك البيتين اللذين أنشدهما، فأول ما في ذلك أنه قال: لا تواتر فيما ادعاه، ومن تصفح الأخبار علم أن ذلك من طريق الآحاد، ومع ذلك فقد روي في سبب الرجوع غير ذلك وهو ما ذكرناه آنفا.

وبعد، فمن روى أن السبب ما ذكره صاحب الكتاب قد رواه على وجه يخرجه من أن يكون توبة، ويقتضي الاصرار على الذنب فروى الطبري في تاريخه بإسناده عن قتادة القصة أن الزبير لما واقفه أمير المؤمنين عليه السلام وذكره بقول الرسول في قتاله قال لو ذكرت ذلك ما سرت سيري هذا، والله لا أقاتلك أبدا فانصرف علي صلوات الله عليه إلى أصحابه فقال: " أما الزبير فقد أعطى الله عهدا أن لا يقاتلكم " ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: ما كنت في موطن مذ عقلت إلا وأنا أعرف فيه أمري غير موقفي (1) هذا قالت فما تريد أن تصنع؟ قال أريد أن أدعهم، وأذهب عنهم، فقال له ابنه عبد الله: جمعت بين هذين الغارين (2) حتى إذا جرد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم خشيت (3) رايات ابن أبي طالب، وعلمت أنها تحملها فتية أمجاد (3) قال: إني حلفت ألا أقاتله وأحفظه (4) قال: كفر عن يمينك فقاتله فدعا غلاما له يقال مكحول فأعتقه، فقال عبد الله بن سليمان (5).

____________

(1) في الطبري " موطني ".

(2) الغاران - هنا - الجيشان.

(3) في الطبري " أحسست " بدل " خشيت " و " أنجاد " مكان " أمجاد ".

(4) أحفظه: أغضبه.

(5) في الطبري " عبد الله بن سليمان التيمي ".


الصفحة 336

لم أر كاليوم أخا إخوان أعجب من مكفر الإيمان

بالعتق في معصية الرحمن

وقال رجل من شعرائهم:


يعتق مكحولا لصون دينه كفارة لله عن يمينه

والنكث قد لاح على جبينه (1)

وهذا يدل كما ترى على الرجوع عن التوبة واليمين جميعا وأنه أقام بعد ذلك وقاتل، وأن انصرافه لم يكن عقيب التذكير، وإنما كان بعد اليأس من الظفر، وخوف الأسر أو القتل.

وقد روى الواقدي هذا الخبر وذكر في صدره التقاء أمير المؤمنين عليه السلام بالزبير، وتذكيره له بقول الرسول صلى الله عليه وآله فيه، وأن الزبير انصرف إلى عائشة فقال لها: ما شهدت موطنا في الجاهلية والاسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة إلا هذا المشهد فقلت له فرقت من سيوف آل أبي طالب إنها والله طوال حداد تحملها فتية أنجاد فاستحيى الزبير فأقام.

وروى البلاذري عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن وهب بن جوين، عن أبيه عن يونس بن يزيد، عن الزهري عن معنى هذين الخبرين المتقدمين، وأن ابن الزبير لما جبن أباه وعيره قال له: قد حلفت ألا أقاتله، قال: فكفر عن يمينك، فأعتق غلاما له يقال له سرخس، وقام في الصف معهم وكل هذه الأخبار تدل على أنه أقام بعد التذكير والمواقفة وأن رجوعه كان بعد ذلك ولعل أصحابنا المخالفين في هذا الباب

____________

(1) انظر تاريخ الطبري 4 / 502 حوادث سنة 36.


الصفحة 337
لما رووا أنه وقف وذكر، ورووا أنه رجع عن الحرب ظنوا أن الرجوع كان عقب المواقفة، فأكثر ما في هذا الباب أن يكون في أيديهم رواية بأن الرجوع كان عقيب المواقفة والتذكير فقد بينا أن بإزائها روايات تتضمن أنه أقام بعد ذلك وقاتل، فلا يجب مع هذا التعارض أن يقطعوا على أن الانصراف كان عقيب المواقفة حتى يجعلوه ذريعة إلى التوبة.

فأما البيتان اللذان ذكرهما فما رأينا أحدا ممن صنف في السيرة وذكر هذه القصة بعينها وشرح حديث المواقفة والتذكير ذكرهما، كأبي مخنف والواقدي والبلاذري والطبري وغير من ذكرناه ممن عني بجميع الروايات المختلفة في السيرة، ولو كانا معروفين في الرواية لذكرهما بعض من ذكرناه والأشبه أن يكونا موضوعين.

فإن قيل: ليس لي ترك من ذكرتم روايتهما دلالة على بطلانهما ولا معارضة لخبر من رواهما لأن الخبر إذا كان يتضمن زيادة فهو أولى من الخبر الوارد بخلافها وحذفها، قلنا: قد روينا أخبارا تتضمن من الزيادة ما ليس في الخبر الذي يتضمن البيتين نحو الرواية التي تتضمن أنه رجع وقاتل وأعتق عبده حتى قيل في ذلك من الشعر ما ذكرنا ونحو الخبر الآخر الذي يتضمن أنه استحيى وأقام، وكل هذه زيادات على ما في خبرهم، فإن اعتبرت الزيادة، ووقع الترجيح بها فهي موجودة في أخبارنا فأقل الأحوال أن تتعارض الأخبار لما يتضمن من الزيادات وسقط ترجيحهم بالزيادة.

فأما ما رواه من قوله ما كان أمر قط إلا أعرف أين أضع قدمي فيه إلا هذا فإني لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر، فما تدري من أي وجه يدل على التوبة والندم لأنه ليس في صريحه ولا فحواه ما يدل على شئ منها وأكثر ما يدل عليه هذا الخبر أنه متحير لا يدري أيظفر أم يخيب وأن الأمر عليه ملتبس وطريقه إليه مظلم فأما الندم والاقلاع فبعيد من تأويل

الصفحة 338
هذا القول.

فأما ما رواه من قول الزبير أنا مع الخوف الشديد لنطمع (1) فلا دلالة فيه على التوبة لأنه لا بيان فيه لمتعلق الخوف والطمع، وقد يجوز أن يريد أنا مع الخوف من قتالكم لنطمع في الظفر بكم، وإن حملناه على العقاب والخوف منه لم يكن أيضا فيه دليل التوبة (2) لأنه لا يجوز أن يكون ممن يطمع في العفو مع الاصرار، وكيف يكون واثقا من نفسه بالتوبة وهو يخاف العقاب، ويطمع في الثواب، والتوبة يقطع منها على اتقاء العقاب وحصول الثواب.

فأما الخبر الذي رواه بعد ذلك وأن الزبير رجع عقيب المواقفة والتذكير، فقد بينا الروايات الواردة بخلاف ذلك، وأنه بعد ذلك الكلام أقام وقاتل وكان رجوعه عند ظهور علامات الفتح.

فأما قوله: قد كانت أحوالهم أحوال من يظهر عليه التحير بل من كان يعلم أنه مخطئ فالأمر على ما ذكر وليس في تحير الإنسان في الأمر وشكه فيه دلالة على توبته بل التوبة لا تكون إلا مع اليقين والعلم بقبح الفعل، ثم الندم عليه على شرطها وكذلك العلم بأنه مخطئ لا يدل على

____________

(1) استدلال القاضي بهذا القول على توبة طلحة ليس بصحيح لأن كلام طلحة هذا كان مع ابن عباس لما أرسله إليه أمير المؤمنين - وذلك قبل الحرب - يقول له:

" يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا؟ " فروى محمد بن إسحاق والكلبي عن ابن عباس، قال: قلت الكلمة للزبير فلم يزدني على أن قال: إنا مع الخوف الشديد لنطمع، وسئل ابن عباس عما يعني بقوله هذا، فقال: يقول: أنا مع الخوف لنطمع أن نلي من الأمر ما وليتم، والرسالة رواها الجاحظ في " البيان والتبيين " 2 / 115 وابن قتيبة في " عيون الأخبار " 1 / 115 وابن عبد ربه في العقد الفريد وغيرهم وانظر (مصادر نهج البلاغة وأسانيده 1 / 410 و 411).

(2) المغني " الندم ".


الصفحة 339
التوبة لأن الإنسان قد يرتكب ما يعلم أنه خطأ ويقدم على ما يعلم أنه قبيح. وليس يستشهد في ذلك إلا ما ختم به صاحب الكتاب هذا الفصل فإنه روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه خطب لما بلغه خروج القوم إلى البصرة فقال بعد كلام طويل: " والله إن طلحة والزبير ليعلمان أنهما مخطئان وما يجهلان ورب عالم قتله جهله، ولم ينفعه علمه " فشهد عليه السلام عليهما بأنهما يعلمان خطأهما في حال لا شبهة في أنهما لم يكونا نادمين، ولا تائبين، فكيف يستدل صاحب الكتاب بكونهما عالمين بالخطأ، على أنهما كانا نادمين، وهو يروي عقيب هذا الكلام الخبر الذي رويناه ولا شئ أعجب من ذكر صاحب الكتاب هذا الخبر في جملة الاعتذار عن القوم والتزكية لهم لأنه صرح في ذمهم. وأن اعتقاد أمير المؤمنين عليه السلام كان فيهم شيئا قبيحا، وأنه كان يعلم منهم خلاف طريقة الدين، وأن غرض الرجلين فيما ارتكباه طلب الدنيا وحطامها، ونيل الرئاسة والتأمر على الناس والتوصل إلى ذلك بالقبيح والحسن والصغير من الذنوب والكبير، ولهذا قال عليه السلام، " لئن ظفروا ليضربن طلحة عنق الزبير والزبير عنق طلحة، وهذا يبين لمن تأمله بطلان ما ذكره.

قال صاحب الكتاب: [ فأما طلحة فإنه أصابه في المعركة سهم فأظهر عند ذلك التوبة (1) ويروى أنه قال لما أصابه السهم:


ندمت ندامة الكسعي لما رأت عيناه ما صنعت يداه

وقال: والله ما رأيت مصرع شيخ أضيع من مصرعي هذه اللهم

____________

(1) المغني " الندم ".


الصفحة 340
خذ لعثمان مني حتى يرضى، وروي أن عليا وقف عليه يوم الحرب وهو مقتول فقال: " يرحمك الله أبا محمد " وترحمه عليه يدل على توبته، وروي عنه صلوات الله عليه أنه قال: " إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله عز وجل: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) (1) ولو لم يكن التوبة حصلت منهما لم يجز أن يقول ذلك، وروي عن الزبير أنه لما نظر إلى عمار في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وانقطاع ظهراه، فقال له بعض أصحابه:

مم ذاك يا أبا عبد الله، قال: سمعت رسول الله يقول: " ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " وعند ذلك لحق بأمير المؤمنين عليه السلام ثم إنه انصرف، وليس لأحد أن يقول: " لو كان تائبا لوجب أن يعدل إلى علي صلوات الله وسلامه عليه ويحارب معه [ ويصلح ما أفسده حتى تصح توبته (2) ] لأن ذلك هو الذي يكون التوبة من الندامة. وذلك لأن عدوله إلى حيث يملك الأمر فيه كعدوله في أنه ترك للبغي، دلالة للندامة، وإنما يجب أن يحارب معه لو طلب ذلك منه، فأما إذا لم يتشدد عليه فليس ذلك بواجب حتى يقدح تركه في التوبة) وحكي عن أبي علي:

(إن الخبر المروي عن علي عليه السلام في بشارة طلحة والزبير بالجنة يدل على توبتهما، لأنه لا يجوز أن يريد أنهما من أهل الجنة في الحال لأن من يستحق الجنة لا يقال له إنه في الجنة وكذلك إذا كان مصيره إلى النار لأن الخبر يكون كذبا فوجب أن يكون في وقت الخبر في الدنيا في آخر الأمر في النار ولا يحصل وقت يكون فيه في الجنة فلا بد إذا من أن نحمل البشارة

____________

(1) الأعراف / 43.

(2) التكملة من " المغني ".


الصفحة 341
على العاقبة فلو لم يتوبا لم يصح ذلك).

وحكي عنه: (إن الخبر مما لا خلاف فيه بين أهل الروايات ولا فرق بين من أنكر ذلك فيهما، وبين من أنكره في أبي بكر وعمر وفي ذلك إبطال خبر البشارة وروي أيضا: أن الزبير حيث ولى تبعه عمار بن ياسر حتى لحقه فعرض عمار وجه فرس الزبير بالرمح، ثم قال: أين أبا عبد الله، فوالله ما أنت بجبان، ولكني أراك شككت؟ فقال: هو ذاك أيها الرجل فقال له عمار يغفر الله لك، وروى وهب بن جرير قال: قال رجل من أهل البصرة لطلحة والزبير: إن لكما فضلا وصحبة فأخبراني عن مسيركما هذا وقتالكما، أشئ هو أمركما به رسول الله؟ أم رأي رأيتماه فأما طلحة فسكت، وجعل ينكث في الأرض وأما الزبير فقال: ويحك حدثنا أن ها هنا دراهم كثيرة فجئنا لنأخذ لأنفسنا منها) (1) يقال له: قد نبهنا عند الكلام عليك فيما ادعيته من توبة الزبير أخبارا أكثرها يعارض لما ترويه في توبة طلحة والزبير جميعا نحو ما رويناه من كتاب أمير المؤمنين عليه السلام بالفتح إلى أهل المدينة والكوفة وذكرهما وذكر كل من حضر الحرب وقتل فيهما بأنهم قتلوا على النكث والبغي، وأنه ترحم على قتلاه ووصفهم بالبشارة، ولم يترحم في الكتاب على طلحة والزبير ولا وصفهما بالشهادة ونحو قوله عليه السلام: (لقد علمت صاحبة الهودج أنهم ملعونون على لسان النبي الأمي) ومن تأمل ما ذكرناه من الأخبار بأن له ما يشترك الرجلان فيه منهما، وما ينفرد أحدهما به.

____________

(1) المغني 20 ق 2 / 88، 89.


الصفحة 342
فأما الكلام في توبة طلحة فهو على المخالف أضيق وأحرج من الكلام في توبة الزبير، لأن طلحة قتل بين الصفين، وهو مباشر للحرب مجتهد فيها، ولم يرجع عنها حتى أصابه السهم، فأتى على نفسه وادعاء توبة مثل هذا مكابرة.

فأما قوله: (إنه لما أصابه السهم انشد البيت الذي ذكره وأنه يدل على توبته) فبعيد من الصواب، بل البيت المروي بأنه يدل على خلاف التوبة أولى لأنه جعل ندمه مثل ندامة الكسعي وخبر الكسعي معروف (1) لأنه ندم حيث لا ينفعه الندامة، وحيث فات الأمر وخرج عن يده، ولو كان ندم طلحة واقعا على وجه التوبة الصحيحة لم يكن مثل ندامة الكسعي، بل كان شبيها لندامة من تلافى ما فرط على وجه ينتفع به.

فأما قوله: (ما رأيت مصرع شيخ أضيع من مصرعي) فهو أيضا دليل على ضد التوبة النافعة لأنه لو كان واثقا بأن ندمه قد وقع موقعه لم يقل هذا القول، ويجوز أن يريد بأن مصرعه ضائع أنه قتل دون بلوغ

____________

(1) الكسعي: غامد بن الحرث كان لديه قوس وخمسة أسهم فمر به قطيع من الظباء فكمن في قترة وهي ناموس الصائد - فرمى ظبيا فأمخطه السهم أي نفذ فيه - وصدم الجبل فأورى نارا فظن أنه قد أخطأ فرمى ثانيا وثالثا إلى آخرها وهو يظن خطأه فعمد إلى قوسه فكسرها ثم بات فلما أصبح فإذا الظباء مطرحة، وأسهمه بالدم مضرجة فعض إبهامه وأنشد:


ندمت ندامة لو أن نفسي تطاوعني إذا لقطعت خمسي
تبين لي سفاه الرأي مني لعمر أبيك حين كسرت قوسي
 

فضرب بندمه المثل قال الفرزدق:

 
ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نوار

(انظر العقد الفريد 6 / 125 والقاموس المحيط مادة " كسع ").


الصفحة 343
أمله، ولم يظفر بمراده، وخاب مما كان يأمله، وقوله: " اللهم خذ لعثمان حتى يرضى دليل على الإصرار أيضا فإن فسقه إنما كان بأن طلب بدم عثمان، وليس له ذلك وطالب به من لا صنع له فيه فإذا كان يقول وهو يجود (1) بنفسه اللهم خذ لعثمان حتى يرضى فكأنه مصر على ما ذكرناه، فإن قال: إنما أراد بهذا القول إنني كنت من المجلبين عليه والمؤازرين على قتله، وما لحقني كالعقوبة على ذلك، قيل له: الذي ذكرناه أولى بأن يكون مراده، وهب أن القول محتمل الأمرين من أين لك أنه أراد ما ظننته وبعد فلو حملناه على ما اقترحت ولم يكن فيه حجة لأنه لا يجوز أن يكون نادما على ما صنعه لعثمان وإن لم يكن نادما على غيره وهما فعلان منفصلان.

ثم يقال له: أليس ما ظهر من طلحة مما ادعيت أنه ندم إنما كان بعد وقوع السهم به، وفي الحال التي كان يجود بنفسه فيها فإذا قال:

نعم، لأن الرواية هكذا وردت، قيل له: من أين لك أن ذلك كان في حال تقبل في مثلها التوبة، ألا جوزت وقوعه في حال الإياس من الحياة؟ فإن رام أن يذكر شيئا يقطع على أنه في ذلك الحال كان مكلفا (2) متردد الدواعي لم يجده.

فأما ما رواه من ترحم أمير المؤمنين عليه السلام وقوله: " إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير إخوانا على سرر متقابلين " خبر ضعيف لا يوجب العلم ويعارضه ما قدمناه من الأخبار التي تدل على الاصرار

____________

(1) يجود بنفسه: أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به والمراد قارب أن يقضي.

(2) ر " متكلفا ".


الصفحة 344
ونفي التوبة مما هو أظهر في الرواية وأشهر وأولى من غيره من حيث كانت تلك الأخبار قد تلقتها الفرق المختلفة بالقبول، وأخباره يرويها قوم وينكرها آخرون، ويعارض هذين الخبرين، مضافا إلى ما تقدم ما رواه حسن الأشقر عن أبي يعقوب يوسف البزاز عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: " مر علي أمير المؤمنين عليه السلام بطلحة وهو صريع فقال: أقعدوه، فأقعدوه، فقال: لقد كانت لك سابقة ولكن دخل الشيطان منخريك فأدخلك النار " وروى معاوية بن هشام عن صاحب المزني عن الحارث بن حضيرة عن إبراهيم مولى قريش أن عليا عليه السلام مر بطلحة قتيلا يوم الجمل فقال لرجلين اجلسا طلحة، فأجلساه فقال: يا طلحة هل وجدت ما وعد ربك حقا " ثم قال: " خليا عن طلحة " ثم مر بكعب بن سرر قتيلا فقال: اجلسا كعبا فأجلساه فقال:

" يا كعب هل وجدت ما وعد ربك حقا " ثم قال: " خليا عن كعب ".

فقال بعض من كان معه وهل يعلمان شيئا مما تقول أو يسمعانه؟ فقال:

" نعم والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنهما ليسمعان ما أقول كما سمع أهل القليب ما قال لهم رسول الله " وكيف يترحم على طلحة بلسانه من لم يترحم عليه في كتابه، مع ترحمه على المستشهدين في الحرب؟ وكيف يكون ذلك وهو يذكره مع الزبير بأسوأ الذكر في كتبه التي سارت بها الركبان؟

فأما قوله: (إن الزبير لما رأى عمارا رحمه الله قال: وا انقطاع ظهراه، وذكر قول النبي صلى الله عليه وآله " ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " وإنه عند ذلك لحق بأمير المؤمنين عليه السلام ثم انصرف) فأول ما فيه أنه قد غلط بقوله فلحق بأمير المؤمنين عليه السلام ثم انصرف لأن أحدا لم يرو أن الزبير صار إلى أمير المؤمنين قبل منصرفه فلا يقدر أن يورد في ذلك خبرا واحدا وهذا الخبر مخالف لما رواه

الصفحة 345
صاحب الكتاب وغيره من أن سبب انصرافه كان مواقفة أمير المؤمنين عليه السلام له وتذكيره بكلام النبي صلى الله عليه وآله وبما رويناه من أنه أقام بين الصفين وقاتل وكفر عن يمينه، فهذا الخبر معارض لكل هذه الأخبار، وقد بينا أن نفس الرجوع لا يكون توبة، ودللنا عليه وبينا أيضا أنه لو كان لم يكن توبة إلا عما رجع عنه من القتال دون غيره، وذكرنا أن الفسق لم يكن بالقتال وحده.

فأما قوله: (إن عدول الزبير إلى حيث يملك الأمر كعدوله إليه في أنه ترك للبغي) فليس يخلو من أن يريد حيث يملك الزبير فيه أو حيث يملك أمير المؤمنين عليه السلام فإن أراد الأول فأي دلالة فيه على الندم والتوبة، وترك البغي إنما عدل عن موضع إلى موضع، وهما يتساويان في هذا الحكم، لأنه قد كان يملك أمره في الموضع الذي عدل عنه، وإن أراد الثاني وهو الأشبه فمن أين له أن عدوله كان إلى موضع بهذه الصفة، وإنما قتل متوجها سائرا غير مستقر، ولعله كان قاصدا إلى معاوية وحيزه، وهو حيث لا يملك أمير المؤمنين عليه السلام الأمر فيه، وقد جرت العادة بأن من أراد الاعتذار من حرب غيره، وخلافه وشقاقه، وندم على ذلك أنه يصير إليه، ويصرح بالاعتذار، ويبذل جهده في التنصل وغسل درن (1) ما كان يستعمله وأنه إذا فعل ذلك وبالغ فيه غلب في الظن توبته، وسقطت لائمته، وكيف خرج الزبير في توبته هذه المدعاة عن عادات جميع العقلاء.

____________

(1) الدرن: الوسخ.


الصفحة 346
فأما قوله: (إنه إنما يجب أن يحارب معه لو طلب ذلك معه وتشدد عليه) فقد بينا أن نصرة الإمام وجبة من حيث كان إماما وأن لم يطلب هو النصرة. وذكرنا أن الحال التي كان دفع إليها مستدعية للنصرة من كل مسلم لتضايقها وشدتها أو ما كفى الزبير في طلبه عليه السلام النصرة كتبه النافذة إلى الآفاق يستنصر فيها ويستصرخ ويدعو الناس إلى القتال معه.

فأما ما تعلق به من خبر البشارة بالجنة، فقد بينا فيما تقدم الكلام على بطلان هذا الخبر لما احتج به صاحب الكتاب في جملة فضائل أبي بكر، وقلنا أنه لا يجوز أن يعلم الله تعالى مكلفا ليس بمعصوم من الذنوب بأن عاقبته الجنة، لأن ذلك مغر بالقبيح. وليس يمكن أحد أن يدعي عصمة التسعة (1) ولو لم يكن إلا ما وقع من طلحة والزبير من الكبير تكفي، وليس لأحد أن يقول: " ما أنكرتم أن يكون الله تعالى قد علم أن من واقع القبيح من هؤلاء المبشرين بالجنة، يواقعه على كل حال بشر أو لم يبشروا وأنه لا يفعل بعد البشارة قبيحا. ما كان يفعله، لولاها فتخرج البشارة من أن تكون إغراء وذلك أن الأمر متى فرضناه على هذا الوجه، فليس يخرج البشارة من أن تكون مغيرة لداعي القبيح. ومعلوم ضرورة أن من علم وتحقق أن عاقبته الجنة، وأن كل قبيح وقع منه لا بد أن يتوب منه لا يكون إقدامه على القبيح وخوفه من إقدام من يجوز أن يخترم (2) قبل التوبة وتقوية داعي القبيح إغراء به، وذلك أقبح لا محالة.

وإن لم يرد لهذا المبشر فعلا قبيحا وقد ذكرنا فيما تقدم أن هذا الخبر لو كان

____________

(1) يعني بالتسعة الباقين من العشرة إذ أخرج منهم عليا عليه السلام باعتبار عصمته.

(2) يخترم: يهلك.


الصفحة 347
صحيحا لاحتج به أبو بكر لنفسه واحتج له به في السقيفة وغيرها وكذلك عمر وعثمان، فهو أقوى من كل شئ احتجوا به في مواطن كثيرة لو كان صحيحا.

ومما يبين أيضا بطلانه إمساك طلحة والزبير عن الاحتجاج به لما دعوا الناس إلى نصرتهما واستنفارهم إلى الحرب معهما، وأي فضيلة أعظم وأفخم من الشهادة لهما بالجنة؟ وكيف يعدلان مع العلم والحاجة عن ذكر إلا لأنه باطل، ويمكن أن يسلم مسلم هذا الخبر ويحمل على الاستحقاق في الحال لا العاقبة، فكأنه عليه السلام أراد أنهم يدخلون الجنة إن وافوا بما هم عليه الآن وتكون فائدة الخبر إعلامنا أنهم مستحقون للثواب في الحال، وقول صاحب الكتاب: (إن من يستحق الجنة لا يقال له: إنه في الجنة) ليس بصحيح لأن الظاهر في الاستعمال أن الكافر في النار، والمؤمن في الجنة، والقاتل في جهنم، وليس له أن يقول: إن ذلك مجاز لأنه الأغلب الأكثر في الاستعمال وليس يمتنع أن يكون في الأصل مجازا ثم ينتقل إلى الحقيقة بكثرة الاستعمال لنظائره.

فأما ادعاؤه (إن الخبر لا خلاف فيه بين الرواة) فمكابرة لأنا كلنا نخالف فيه، ومعلوم أنا من أهل الرواية، فأما جمعه بين من أنكر ذلك فيهما وبين من أنكره في أبي بكر وعمر، فالأمر على ما ذكره، وقد بينا أنا منكرون للخبر من أصله.

فأما الخبر الذي رواه من معارضة عمار للزبير، وقوله: (أراك شككت) فقد ذكرناه فيما تقدم إلا أنه زاد فيه قول عمار: (يغفر الله لك) فلم نجد الزيادة في المواضع التي تضمنت هذا الخبر من كتب أهل السيرة، وكيف يستغفر عمار لشاك غير موقن ولا متحقق.

ومن أعجب الأمور استدلاله بالخبر الذي رواه بعد هذا وختم به، وأي دليل في عي طلحة عن جواب المسائل له عن مسيره وقتاله على توبته

الصفحة 348
وندامته؟ وأي دليل في قول الزبير: بلغنا أن هاهنا دراهم فجئنا لنأخذها، وذلك دليل إصراره لأن قصده إلى أخذ ما ليس له فسق كبير، ولا سيما إذا كان على سبيل البغي على الإمام، والخروج عن طاعته.

ومما تعلق المخالفون به في توبة الزبير وإن لم يذكره صاحب الكتاب.

ولعله إنما عدل عنه استضعافا له إلا أنه مشهور، وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله لما جاء ابن جرموز (1) برأس الزبير: " بشر قاتل ابن صفية بالنار " وأنه لو لم يكن تائبا لما استحق النار بقتله.

والجواب عن ذلك أن ابن جرموز غدر بالزبير بعد أن أعطاه الأمان، وكان قتله على وجه الغيلة والمكر، وهذه منه معصية، لا شبهة فيها، وقد تظاهر الخبر بما ذكرناه، حتى روي أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل (2) وكانت تحت عبد الله بن أبي بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت في ذلك.

____________

(1) * عمرو بن جرموز مذموم عند أهل السنة والشيعة لقتله الزبير وغدره به ولأنه خرج على علي عليه السلام مع الخوارج.

(2) عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، أخت سعيد بن زيد وابنة عم عمر بن الخطاب من المهاجرات إلى المدينة كانت تحت عبد الله بن أبي بكر وكانت حسناء جميلة فأحبها حبا شديدا حتى غلبت عليه وشغلته عن مغازيه، فأمره أبوه بطلاقها فتبعتها نفسه فارتجعها ثم شهد عبد الله الطائف فرمي بسهم فمات منه بالمدينة فتزوجها زيد بن الخطاب فقتل عنها باليمامة فتزوجها عمر سنة 12 فأولم وليمة دعا إليها جماعة فيهم علي بن أبي طالب، فقال دعني أكلم عاتكة، قال: أفعل، فقال لها باعدية؟؟ نفسها.


فآليت لا تنفك عني حزينة عليك ولا ينفك جلد أغبر

(يعني عليه السلام في رثائها لزيد) فبكت، فقال عمر ما دعاك لهذا يا أبا الحسن كل النساء يفعلن هذا فقال: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) فقتل عنها عمر فتزوجها الزبير فقتل عنها ثم خطبها علي عليه السلام فقالت يا أمير المؤمنين أنت سيد المسلمين وأنا أنفس بك عن الموت - يعني القتل - وقد ذكر لها ابن الأثير في أسد الغابة مراثيها لأزواجها ومنه الرثاء المذكور في المتن (انظر أسد الغابة 5 / 497).


الصفحة 349

غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير معرد (1)
يا عمرو لو نبهته لوجدته لا طائشا رعش الجنان ولا اليد (2)

وإنما استحق ابن جرموز النار بقتله إياه غدرا لا أن المقتول في الجنة.

وهذا الجواب يتضمن قولهم: إن بشارته بالنار مع الإضافة إلى قتل الزبير يدل على أنه إنما استحق النار بقتله، لأنا قد بينا في الجواب أنه من حيث قتله غدرا استحق النار.

وقد قيل في هذا الخبر أن ابن جرموز كان من جملة الخوارج الخارجين على أمير المؤمنين عليه السلام في النهروان وأن النبي صلى الله عليه وآله قد خبره بحالهم. ودله على جماعة منهم بأعيانهم وأوصافهم، فلما جاءهم برأس الزبير أشفق أمير المؤمنين عليه السلام من أن يظن به لعظم ما فعله الخير، ويقطع على سلامة العاقبة، ويكون قتله الزبير شبهة فيما يصير إليه من الخارجية فقطع عليه بالنار، لتزول الشبهة في أمره ليعلم أن هذا الفعل الذي فعله لا يساوي شيئا مما يرتكبه في المستقبل، وجرى ذلك مجرى شهادة النبي صلى الله عليه وآله على رجل من الأنصار يقال له قزمان (3) أبلى في يوم أحد بلاء شديدا وقتل بيده جماعة - بالنار فعجب من ذلك

____________

(1) بهمة إذا كانت صفة للفارس فالمراد به الشجاع وإذا كانت مضاف إليها فهي صفة للفرس يقال: فرس بهيم إذا كان على لون واحد، وعرد الرجل عن الطريق (مال وانحرف وفي مروج الذهب 2 / 372 " غير مسدد " فيكون المراد ابن ترموز.

(2) الطيش: النزق والخفة ورعش أخذته الرعدة.

(3) هو قزمان بن الحرث قال ابن الأثير في الكامل 2 / 162: " كان في المسلمين رجل اسمه قزمان - بضم القاف - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه من أهل النار فقاتل يوم أحد قتالا شديدا فقتل من المشركين ثمانية أو تسعة ثم جرح فحمل إلى داره.

وقال له المسلمون: أبشر قزمان! قال: بم أبشر وأنا ما قاتلت إلا عن أحساب قومي، ثم اشتد عليه جرحه فأخذ بهما فقطع رواهشه فنزف الدم، فمات، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أشهد أني رسول الله).

والرواهش: أعصاب في باطن الذراع واحدها راهش وفي الإصابة إنه لما قيل له: هنيئا لك بالجنة قال: جنة من حرمل.