الصفحة الرئيسية \ الشريف المرتضى

 

المازني (1)، فقال له جبلة: ما يمنعك يا زيد أن تذب عنه أعطاك عشرة آلاف دينار، وأعطاك حدائق من نخل لم ترث من أبيك مثل حديقة منها.

فأما ابن عمر فإن الواقدي يروي أيضا عن ابن عمر أنه قال: والله ما كان منا إلا خاذل أو قاتل، والأمر في هذا أوضح من أن يخفى.

فأما ما ذكره من إنفاذ أمير المؤمنين عليه السلام الحسن والحسين عليهما السلام فإنما أنفذهما إن كان أنفذهما ليمنعان من انتهاك حريمه، وتعمد قتله ومنع حرمه ونسائه من الطعام، والشراب، ولم ينفذهما ليمنعا من مطالبته بالخلع، كيف وهو مصرح بأنه باحداثه مستحق للخلع، والقوم الذين سعوا في ذلك إليه كانوا يغدون ويروحون إليه ومعلوم منه ضرورة أنه كان مساعدا على خلعه، ونقض أمره لا سيما في المرة الأخيرة.

فأما ادعاؤه أنه لعن قتلته، فهو يعلم ما في هذا من الروايات المختلفة التي هي أظهر من هذه الرواية، وإن صحت فيجوز أن تكون محمولة على لعن من قتله متعمدا لقتله، قاصدا إليه فإن ذلك لم يكن لهم.

فأما ادعاؤه أن طلحة رجع لما ناشده عثمان يوم الدار فظاهر البطلان، وغير معروف في الرواية، والظاهر المعروف، أنه لم يكن على عثمان أشد من طلحة يوم الدار ولا أغلظ، ولو حكينا من كلامه فيه ما قد روى لا فنينا به قطعة كبيرة من هذا الكتاب، وقد روى أن عثمان كان

____________

(1) لعله جبل بن عمرو الساعدي وهو أول من اجترأ على عثمان بالمنطق كما في كامل ابن الأثير 3 / 168.


الصفحة 243
يقول يوم الدار: اللهم اكفني طلحة، ويكرر ذلك علما منه بأنه أشد القوم عليه، وروي أن طلحة كان عليه، يوم الدار درع، وهو يرامي الناس، ولم ينزع عن القتال حتى قتل الرجل.

فأما ادعاؤه من الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله (إنه سيكون فتنة وإن عثمان وأصحابه يومئذ على الهدى) فهو يعلم أن هذه الرواية الشاذة لا تكون في مقابلة المعلوم ضرورة من إجماع الأمة على خلعه وخذله، وكلام وجوه المهاجرين والأنصار فيه، وبإزاء هذه الرواية ما يملأ الطروس عن النبي صلى الله عليه وآله وغيره مما يتضمن ضد ما تضمنته، ولو كانت هذه الرواية معروفة لكان عثمان أولى الناس بالاحتجاج بها يوم الدار، وقد احتج عليهم بكل غث وسمين، وقيل ذلك لما خوصم وطولب بأن يخلع نفسه، ولأحتج عنه بعض أصحابه وأنصاره، وفي علمنا بأن شيئا من ذلك لم يكن، دلالة على أنها مصنوعة موضوعة.

فأما ما رواه عن عائشة من قولها: قتل والله مظلوما فأما فأقوال عائشة فيه معروفة معلومة، وإخراجها قميص رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم، وهي تقول: هذا قميصه لم يبل وقد بليت سنته (1) وغير ذلك مما لا يحصى كثيرة.

فأما مدحها وثناؤها عليه، فإنما كان عقيب علمها بانتقال الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام والسبب فيه معروف وقد وقفت عليه، وقوبل بين كلامها فيه متقدما ومتأخرا.

____________

(1) في نقل ابن أبي الحديد " وقد أبلى عثمان سنته ".


الصفحة 244
فأما قوله: (لا يمتنع أن يتعلق بأخبار الآحاد في ذلك، لأنها في مقابلة ما يدعونه مما طريقه أيضا الآحاد) فواضح البطلان، لأن أطباق الصحابة وأهل المدينة إلا من كان في الدار معه على خلافه، وإنهم كانوا بين مجاهد ومقاتل مبارز، وبين خاذل متقاعد معلوم ضرورة لكل من سمع الأخبار، وكيف يدعي أنها من جهة الآحاد حتى يعارض بأخبار شاذة نادرة؟ وهل هذا إلا مكابرة ظاهرة!.

فأما قوله: (إنا لا نعدل عن ولايته بأمور محتملة) فقد مضى الكلام في هذا المعنى، وقلنا: إن المحتمل هو ما لا ظاهر له، ويتجاذبه الأمور المختلفة.

فأما ما له ظاهر فلا يسمى محتملا، وإن سماه بهذه التسمية فقد بينا إنه مما يعدل من أجله عن الولاية، وفصلنا ذلك تفصيلا بينا.

فأما قوله: (إن للإمام أن يجتهد رأيه في الأمور المنوطة به، ويكون مصيبا وإن أفضت إلى عاقبة مذمومة) فأول ما فيه أنه ليس للإمام ولا غيره أن يجتهد في الأحكام، ولا يجوز العمل فيها إلا على النصوص، ثم إذا سلمنا الاجتهاد فلا شك أن ها هنا أمورا لا يسوغ فيها الاجتهاد، حتى يكون من خبرنا عنه بأنه اجتهد فيها غير مصدق وتفصيل هذه الجملة يبين عند الكلام على ما تعاطاه من الأعذار في أحداثه..

ثم ذكر صاحب الكتاب أن عثمان اعتذر مما ينسب إليه من الأحداث، وذكر عنه أعذارا نحن نتكلم عليها فيما بعد عند استقصاء صاحب الكتاب لشرحها، فإنه أشار في هذا الموضع إلى جزء من جملة ما سنذكره عنه، وأدخل في جملة الموافقة على الأحداث غيبة عثمان عن بدر، وهربه يوم أحد، وأنه لم يشهد بيعة الرضوان، وحكي عن عثمان.


الصفحة 245
الجواب عن ذلك (1) وليس هذا من الأحداث التي نقمت عليه، وطولب بخلعه نفسه لأجلها، لأنهم نقموا عليه أمورا تجددت منه بعد العقد له، وليس ما ذكره من هذا الجنس، وإن واقفوا على ذلك إن كانوا وقفوه عليه، من حيث كان يقتضي نقضا وانحطاطا عن رتبة غيره ممن شهدها أعني هذه المواطن ولا طائل في تتبع ذلك.

قال صاحب الكتاب: (أما ما ذكروه من توليته من لا يجوز أن يستعمل فقد علمنا أنه لا يمكن أن يدعي أنه حين استعملهم علم من أحوالهم خلاف الستر والصلاح، لأن الذي ثبت عنهم من الأمور حدث من بعد، ولا يمتنع كونهم في الأول مستورين في الحقيقة أو مستورين عنده وإنما كان يجب تخطئته لو استعملهم وهم في الحال لا يصلحون لذلك فإن قال: لما علم بحالهم كان يجب أن يعزلهم. قيل له: كذلك فعل لأنه استعمل الوليد بن عقبة قبل ظهور شرب الخمر منه، فلما شهدوا عليه بذلك جلده الحد وصرفه وقد روي مثله عن عمر لأنه ولى قدامة بن مظعون بعض أعماله فشهدوا عليه بشرب الخمر فأشخصه وجلده الحد فإذا عد ذلك في فضائل عمر لم يجز أن يعد ما ذكروه في الوليد من معائب عثمان، ويقال: إنه لما أشخصه أقيم عليه الحد بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام واعتذر من عزله سعد بن أبي وقاص بالوليد، بأن سعدا شكاه أهل الكوفة فأداه اجتهاده إلى عزله بالوليد).

ثم قال: فأما سعيد بن العاص فإنه عزله عن الكوفة وولى مكانه

____________

(1) ما أشار إليه المرتضى تحت قوله " ثم ذكر صاحب الكتاب " هو في المغني ج 20 ق 2 ص 43 - 46 والإشارة المذكورة لم ينقلها ابن أبي الحديد فيما نقله من الشافي في هذا الموضع.


الصفحة 246
أبا موسى الأشعري، وكذلك عبد الله بن سعد بن أبي سرح عزله وولى مكانه محمد بن أبي بكر، ولم يظهر له في باب مروان ما يوجب أن يصرفه عما كان مستعملا فيه، ولو كان ذلك طعنا لوجب مثله في كل من ولى، وقد علمنا أنه عليه السلام (1) ولى الوليد بن عقبة فحدث منه ما حدث وحدث من بعض أمراء أمير المؤمنين عليه السلام الخيانة كالقعقاع بن شور (2) ولاه على ميسان (3) فأخذ مالها ولحق بمعاوية وكذلك فعل الأشعث ابن قيس بمال آذربيجان وولى أبا موسى الحكم (4) وكان منه ما كان، ولا يجب أن يعاب أحد بفعل غيره فأما إذا لم يلحقه عيب في ابتداء الولاية فقد زال العيب فيما عداه (5) * فقولهم أنه قسم الولايات في أقاربه، وزال عن طريقة الاحتياط للمسلمين، وقد كان عمر حذره من ذلك، فليس بعيب لأن تولية الأقارب كتولية الأباعد، وأنه يحسن إذا كانوا على صفات مخصوصة، ولو قيل: إن تقديمهم أولى لم يمتنع ذلك إذا كان المولى لهم أشد تمكنا من عزلهم، والاستبدال بهم، لكان أقرب وقد ولى أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن عباس البصرة وعبيد الله بن عباس اليمن وقثم بن العباس مكة حتى قال الأشتر عند ذلك على ماذا قتلنا الشيخ أمس، فيما يروى، ولم يكن ذلك بعيب إذا أدى ما وجب عليه في اجتهاده * (6).

____________

(1) الضمير في عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله.

(2) القعقاع بن شور الشيباني الوائلي وصف بالجود وحسن الجوار كان جليس معاوية (انظر الاشتقاق لابن دريد ص 351 والكامل للمبرد 1 / 120).

(3) خراسان خ ل.

(4) يقصد في أمر التحكيم.

(5) المغني 20 ق 2 / 47.

(6) ما بين النجمتين ساقط من المغني.


الصفحة 247
فأما قولهم: إنه كتب إلى ابن أبي سرح حيث ولى محمد بن أبي بكر بأن يقتله ويقتل أصحابه، فقد أنكر أشد الانكار حتى حلف عليه، وبين أن الكتاب الذي ظهر ليس كتابه، ولا الغلام غلامه، ولا الراحلة راحلته، وكان في جملة من خاطبه في ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فقبل عذره، وذلك بين لأن قول كل واحد مقبول في مثل ذلك وقد علم أن الكتاب قد يجوز فيه التزوير فهو بمنزلة الخبر الذي يجوز فيه الكذب (1) ثم اعتذر عن قول من يقول قد علم أن مروان هو الذي زور الكتاب لأنه الذي كان يكتب عنه فهلا أقام الواجب فيه؟ بأن قال: (ليس يجب بهذا القدر أن يقطع على أن مروان هو الذي فعل ذلك، لأنه وإن غلب ذلك في الظن، فلا يجوز أن يحكم به، وقد كان القوم يسومونه بتسليم مروان إليهم، وذلك ظلم لأن الواجب على الإمام أن يقيم الحد على من يستحقه أو التأديب، ولا يحل له تسليمه من غيره، فقد كان الواجب أن يثبتوا عنده ما يوجب في مروان الحد ليفعله به، وكان إذا لم يفعل والحال هذه يستحق التعنيف).

ثم ذكر أن الفقهاء ذكروا في كتبهم أن الأمر بالقتل لا يوجب قودا ولا دية ولا حدا، فلو ثبت في مروان ما ذكروه لم يستحق القتل، وإن استحق التعزير لكنه عدل عن تعزيره لأنه لم يثبت.

قال: (وقد يجوز أن يكون عثمان ظن أن هذا الفعل فعل بعض من يعادي مروان تقبيحا لأمره، لأن ذلك يجوز كما يجوز أن يكون من فعله ولا يعلم كيف كان اجتهاده وظنه وبعد فإن هذا الحديث من (2) أجل ما

____________

(1) المغني 20 ق 2 / 48.

(2) غ " من آخر ما نقموا ".


الصفحة 248
نقموا عليه، فإن كان شئ من ذلك يوجب خلع عثمان وقتله فليس إلا ذلك، وقد علمنا أن هذا الأمر لو ثبت ما كان يوجب القتل، لأن الأمر بالقتل لا يوجب القتل لا سيما قبل وقوع القتل المأمور به (1)).

قال: (فيقال لهم: لو ثبت ذلك على عثمان أكان يجب قتله، فلا يمكنهم ادعاء ذلك، لأنه بخلاف الدين، ولا بد أن يقولوا: أن قتله ظلم، فكذلك في حبسه في الدار، ومنعه من الماء، فقد كان يجب أن يدفع القوم عن كل ذلك، وأن يقال: إن من لم يدفعهم وينكر عليهم يكون مخطئا، وفي ذلك تخطئة أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم).

ثم ذكر (إن مستحق القتل والخلع لا يحل أن يمنع الطعام والشراب وإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يمنع أهل الشام من الماء في صفين، وقد تمكن من منعهم) وأطنب في ذلك إلى أن قال:

(وكل ذلك يدل على كونه مظلوما، وإن ذلك كان من صنع الجهال، وأعيان الصحابة كارهون لذلك).

ثم ذكر: (إن قتله لو وجب لم يجز أن يتولاه العوام من الناس وإن الذين أقدموا على قتله كانوا بهذه الصفة وإذا صح إن قتله لم يكن لهم فمنعهم والنكير عليهم واجب).

ثم ذكر: (إنه لم يكن منه ما يستحق القتل من ردة أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس وأنه لو كان منه ما يوجب القتل لكان الواجب أن

____________

(1) المغني 20 ق 2 / 49.


الصفحة 249
يتولاه الإمام، فقتله على كل حال منكر، وإنكار المنكر واجب (1)).

قال: (وليس لأحد أن يقول أنه أباح قتل نفسه من حيث امتنع من دفع الظلم عنهم، لأنه لم يمتنع من ذلك، بل أنصفهم ونظر في حالهم، ولأنه لو لم يفعل ذلك لم يحل لهم قتله لأنه إنما يحل قتل الظالم إذا كان على وجه الدفع (1)) قال: (والمروي أنهم أحرقوا بابه، وهجموا عليه في منزله وبعجوه بالسيف والمشاقص (2) وضربوا يد زوجته لما وقعت عليه، وانتهبوا متاع داره، ومثل هذه القتلة لا تحل في الكافر والمرتد، فكيف يظن أن الصحابة لم تنكر ذلك، ولم تعده ظلما حتى يقال: إنه مستحق من حيث لم يدفع القوم عنه (3)).

ثم قص شيئا من قصته في تجمع القوم عليه وتوسط أمير المؤمنين عليه السلام لأمرهم، وأنه بذل لهم ما أرادوه، وأعتبهم (4) وأشهد على نفسه بذلك حرفه ولم يأت به على وجهه وذكر قصة الكتاب الذي وجدوه بعد ذلك المتضمن لقتل القوم، وذكر أن أمير المؤمنين عليه السلام واقفه على الكتاب، فحلف أنه ما كتبه ولا أمر به، فقال له: فمن تتهم؟ قال: ما أتهم أحدا، وأن للناس لحيلا، وذكر أن الرواية ظاهرة بقوله: إن كنت أخطأت أو تعمدت، فإني تائب مستغفر، قال: (فكيف يجوز والحال هذه أن تهتك فيه حرمة الاسلام، وحرمة البلد الحرام).

قال: * (ولا شبهة أن القتل على وجه الغيلة حرام لا يحل فيمن

____________

(1) المغني 20 ق 2 / 49.

(2) المشاقص جمع مشقص - وهو النصل العريض.

(3) المغني 20 ق 2 / 50.

(4) أعتبهم: طلب رضاهم.


الصفحة 250
يستحق القتل فكيف فيمن لا يستحقه؟ ولولا أنه كان يمنع من محاربة القوم ظنا منه بأن ذلك يؤدي إلى القتل الذريع لكثرة * (1) نصاره) وحكي أن الأنصار بذلت معونته ونصرته وأن أمير المؤمنين عليه السلام بعث إليه الحسن عليه السلام فقال له: قل لأبيك: فليأتني، وأراد أمير المؤمنين عليه السلام المصير إليه فمنعه من ذلك ابنه محمد، واستغاث بالنساء عليه حتى جاء الصريخ (2) بقتل عثمان، فمد يده إلى القبلة، وقال:

اللهم إني أبرء إليك من دم عثمان (3).

ثم قال: (إن قالوا إنهم اعتقدوا أنه من المفسدين في الأرض، وإنه داخل تحت آية المحاربين، قيل لهم: فقد كان يجب أن يتولى الإمام هذا الفعل، لأن ذلك يجري مجرى الحد) قال: (وكيف يدعي ذلك والمشهور عنه إنه كان يمنع من مقاتلتهم، حتى روي أنه قال لعبيده ومواليه، وقد هموا بالقتال: من أغمد سيفه فهو حر، وقد كان مؤثرا للنكير لذلك الأمر إلا أنه بما لا يؤدي إلى إراقة الدماء والفتنة، فلذلك لم يستعن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان لما اشتد الأمر أعانه من أعانه [ ونصره من أدركه (4) ] لأن عند ذلك تجب النصرة والمعونة لا بأمره، فحيث وقفت النصرة على أمره امتنعوا وتوقفوا، وحيث اشتد الأمر كانت إعانته ممن أدركه دون من لم يقدر ويغلب ذلك في ظنه... (5)).

____________

(1) ما بين النجمتين ساقط من المغني.

(2) الصريخ: المستغيث.

(3) المغني 20 ق 2 / 50.

(4) الزيادة من " المغني " وفي كلام القاضي وما في الشافي تفاوت في الحروف لا في المعنى.

(5) المغني 20 ق 2 / 50 مع تفاوت في بعض الحروف لا في المعنى.


الصفحة 251
يقال له: أما اعتذاره في ولاية عثمان من ولاه من الفسقة، بأنه لم يكن عالما بذلك من حالهم قبل الولاية، وإنما تجدد منهم ما تجدد فعزلهم، فليس بشئ يعول على مثله، لأنه لم يول هؤلاء النفر إلا وحالهم مشهورة في الخلاعة والمجانة (1) والتحرم والتهتك، ولم يختلف اثنان في أن الوليد بن عقبة لم يستأنف التظاهر بشرب الخمر، والاستخفاف بالدين، على استقبال ولايته الكوفة، بل هذه كانت سنته والعادة المعروفة منه، وكيف يخفى على عثمان - وهو قريبه ولصيقه وأخوه لأمه من حاله ما لا يخفى على الأجانب الأباعد؟ فلهذا قال له سعد بن أبي وقاص في رواية الواقدي وقد دخل الكوفة يا أبا وهب (2)، أميرا أم زائرا قال: بل أميرا فقال سعد: ما أدري أحمقت بعدك أم كيست (3) بعدي؟ قال: ما حمقت بعدي ولا كيست بعدك ولكن القوم ملكوا فاستأثروا، فقال سعد: ما أراك إلا صادقا.

وفي رواية أبي مخنف لوط بن يحيى أن الوليد لما دخل الكوفة مر على مجلس عمرو بن زرارة النخعي فوقف، فقال عمرو: يا معشر بني أسد بئس ما استقبلنا به أخوكم ابن عفان، من عدله أن ينزع عنا ابن أبي وقاص، الهين اللين السهل القريب، ويبعث علينا أخاه الوليد، الأحمق الماجن الفاجر قديما وحديثا واستعظم الناس مقدمه، وعزل سعد به، وقالوا: أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم! وهذا تحقيق ما ذكرناه من حاله كانت مشهورة قبل الولاية، لا

____________

(1) المجانة - بفتح الميم - والمجون - بضمها - ومعناهما واحدة، والفاعل ماجن: وهو الذي يا يبالي ما صنع.

(2) أبو وهب: كنية الوليد.

(3) الحمق - بسكون الميم وضمها - قلة العقل، يقال: حمق - بضم الميم - من باب ظرف فهو أحمق، وتكسر الميم أيضا، والكيس بوزن الكيل: ضده.


الصفحة 252
ريب فيها على أحد، فكيف يقال: إنه كان مستورا حتى ظهر منه ما ظهر؟ وفي الوليد نزل قوله تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون (1)) فالمؤمن ها هنا علي بن أبي طالب عليه السلام والفاسق الوليد على ما ذكره أهل التأويل (2) وفيه نزل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (3)) والسبب في ذلك أنه كذب على بني المصطلق عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وادعى أنهم منعوه الصدقة (4) ولو قصصنا مخازيه المتقدمة ومساويه لطال الشرح.

وأما شربه الخمر بالكوفة وسكره، حتى دخل عليه من دخل وأخذ خاتمه من أصبعه، وهو لا يعلم، فظاهر قد سارت به الركبان، كذلك كلامه في الصلاة والتفاته إلى من يقتدي به فيها وهو سكران، وقوله لهم: أزيدكم فقالوا: لا، قد قضينا صلاتنا، حتى قال الحطيئة في ذلك (5):


شهد الحطيئة يوم يلقى ربه إن الوليد أحق بالعذر
نادى وقد تمت صلاتهم أأزيدكم ثملا وما يدري
ليزيدهم خيرا ولو قبلوا منه لزادهم على عشر
فأبوا أبا وهب ولو فعلوا لقرنت بين الشفع والوتر

____________

(1) السجدة / 18.

(2) انظر تفسير الطبري 21 / 68.

(3) الحجرات: 6.

(4) انظر تفسير الطبري 26 / 78.

(5) الذي في الأغاني 4 / 178 ط بولاق " إن الحطيئة قال بعد ما جلد الوليد يكذب عنه.


شهد الحطيئة... البيت خلعوا عنانك... البيت
 

وبعده:

 
ورأوا شمائل ماجد أنف يعطي على الميسور والعسر
فنزعت مكذوبا عليك ولم تنزع إلى طمع ولا فقر

فقال رجل من بني عجل يرد على الحطيئة:

نادى وقد تمت... إلى آخر الأبيات مع تفاوت يسير ولكن الذي يضعف هذه الرواية أنها من طريق الزبير بن بكار وهو معروف بالتلاعب بالروايات، وتحريف الكلم عن مواضعه، والذي تكلم في الصلاة... الخ فمن شعر الحطيئة الذي لا يشك فيه، انظر ديوانه ص 85.


الصفحة 253

حبسوا عنانك إذ جريت ولو خلوا عنانك لم تزل تجري

وقال أيضا فيه:


تكلم في الصلاة وزاد فيها علانية وجاهر بالنفاق
ومج الخمر في سنن المصلى ونادى والجميع إلى افتراق
أزيدكم على أن تحمدوني فما لكم وما لي من خلاق

فأما قوله: إنه جلده الحد وعزله، فبعد أي شئ كان ذلك؟ ولم يعزله إلا بعد أن دافع ومانع، واحتج عنه وناضل، فلو لم يكن أمير المؤمنين عليه السلام قهره على رأيه لما عزله، ولا مكن من جلده، وقد روى الواقدي أن عثمان لما جاءه الشهود يشهدون على الوليد بشرب الخمر أوعدهم وتهددهم.

قال الراوي ويقال: إنه ضرب بعض الشهود أسواطا فاتوا أمير المؤمنين فشكوا إليه فأتى عثمان فقال: عطلت الحدود وضربت قوما شهودا على أخيك فقلبت الحكم، وقد قال عمر: لا تحمل بني أمية وآل أبي معيط على رقاب الناس قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تعزله ولا توليه شيئا من أمور المسلمين، وأن تسأل عن الشهود فإن لم يكونوا أهل ظنة ولا

الصفحة 254
عداوة أقمت على صاحبك الحد، وتكلم في مثل ذلك طلحة والزبير وعائشة وقالوا أقوالا شديدة وأخذته الألسن من كل جانب فحينئذ عزله ومكن من إقامة الحد عليه.

وروى الواقدي أن الشهود لما شهدوا عليه، في وجهه وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة خز وأدخله بيتا فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه، قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي وتغضب أمير المؤمنين، فيكف، فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام ذلك أخذ السوط ودخل عليه، فجلده به، فأي عذر له في عزله وجلده بعد هذه الممانعة الطويلة، والمدافعة التامة؟

وقصة الوليد مع الساحر الذي يلعب بين يديه ويغر الناس بمكره وخديعته، وإن جندب بن عبد الله الأزدي، امتعض من ذلك ودخل عليه، فقتله وقال له أحي نفسك إن كنت صادقا وإن الوليد أراد أن يقتل جندبا بالساحر حتى أنكر الأزد ذلك عليه فحبسه وطال حبسه حتى هرب من السجن معروفة مشهورة (1).

فإن قيل: فقد ولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوليد بن عقبة صدقة بني المصطلق وولى عمر الوليد أيضا صدقة تغلب (2) فكيف يدعون أن حاله في أنه لا يصلح للولاية ظاهرة؟

____________

(1) في سفينة البحار 1 / 183 مادة " جندب ": " جندب بن كعب هو الذي قتل الساحر الذي يلعب بين يدي الوليد بن عقبة ويرى أنه يقطع رأس رجل ثم يعيده، ويدخل في فم الحمار ويخرج من استه وبالعكس فلما قتله حبسه الوليد " وانظر الإصابة حرف الجيم ق 1 بترجمته.

(2) بني تغلب، خ ل.


الصفحة 255
قلنا: لا جرم أنه غر رسول الله صلى الله عليه وآله وكذب على القوم حتى نزلت الآية التي قدمنا ذكرها فعزله وليس خطب ولاية الصدقة خطب ولاية الكوفة فأما عمر لما بلغه قوله:


إذا ما شددت الرأس مني بمشوذ فويلك مني تغلب ابنة وائل (1)

وأما عزل أمير المؤمنين عليه السلام بعض أمرائه لما ظهر منه الحدث كالقعقاع بن شور وغيره وكذلك عزل عمر قدامة بن مظعون لما شهدوا عليه، بشرب الخمر وجلده له فإنه لا يشبه ما تقدم لأن كل واحد ممن ذكرناه لم يول الأمر إلا من هو حسن الظن عند توليته فيه، حسن الظاهر عنده وعند الناس، غير معروف باللعب، ولا مشهور بالفساد، ثم لما ظهر منه ما ظهر لم يحام عنه، ولا كذب الشهود عليه وكابرهم، بل عزله مختارا غير مضطر وكل هذا لم يجر في أمراء عثمان، ولأنا قد بينا كيف كان عزل الوليد، وإقامة الحد عليه.

فأما أبو موسى فإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يوله الحكم مختارا، لكنه غلب على رأيه وقهر على أمره ولا رأي لمقهور.

فأما قوله: (إن ولاية الأقارب كولاية الأباعد، بل الأباعد أجدر وأولى أن يقدم الأقارب عليهم، من حيث كان التمكن من عزلهم أشد) وذكر تولية أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله وعبيد الله وقثما بني العباس، وغيرهم فليس بشئ، لأن عثمان لم تنقم عليه تولية الأقارب من حيث كانوا أقارب، بل من حيث كانوا أهل بيت الظن والتهمة، ولهذا حذره عمر منهم وأشعر بأنه يحملهم على رقاب الناس، وأمير المؤمنين عليه

____________

(1) المشوذ: العمامة.


الصفحة 256
السلام لم يول من أقاربه متهما ولا ظنينا، وحين أحس من ابن عباس بعض الريبة لم يمهله ولا احتمله، وكاتبه بما هو مشهور سائر ظاهر، ولو لم يجب على عثمان أن يعدل عن ولاية أقاربه إلا من حيث جعل عمر ذلك سبب عدوله عن النص عليه وشرط عليه يوم الشورى أن لا يحمل أقاربه على رقاب الناس، ولا يؤثرهم لمكان القرابة بما لا يؤثر به غيرهم، لكان صارفا قويا فضلا عن أن ينضاف إلى ذلك ما انضاف من خصالهم الذميمة، وطرائقهم القبيحة.

فأما سعيد بن العاص فإنه قال في الكوفة: إنما السواد بستان لقريش تأخذ منه ما شاءت وتترك، حتى قالوا له: أتجعل ما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك! ونابذوه وأفضى ذلك الأمر إلى تسييره من سير من الكوفة والقصة مشهورة ثم انتهى الأمر إلى منع أهل الكوفة سعيدا من دخولها، وتكلموا فيه وفي عثمان كلاما ظاهرا، حتى كادوا يخلعون عثمان فاضطر حينئذ إلى إجابتهم إلى ولاية أبي موسى فلم يصرف سعيدا مختارا بل ما صرفه جملة، وإنما صرفه أهل الكوفة عنهم.

فأما قوله: (إنه أنكر الكتاب المتضمن لقتل محمد بن أبي بكر وأصحابه، وحلف إن الكتاب ليس كتابه، ولا الغلام غلامه، ولا الراحلة راحلته، وإن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره) فأول ما فيه أنه حكى القصة بخلاف ما جرت عليه، لأن جميع من روى هذه القصة ذكر إنه اعترف بالخاتم والغلام والراحلة، وإنما أنكر أن يكون أمر بالكتاب (1) لأنه روي أن القوم لما ظفروا بالكتاب قدموا المدينة، فجمعوا أمير المؤمنين عليه السلام وطلحة والزبير وسعدا وجماعة الأصحاب، ثم

____________

(1) انظر العقد الفريد 4 / 289.


الصفحة 257
فكوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام، فدخلوا على عثمان والكتاب مع أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: هذا الغلام غلامك؟

قال نعم قال والبعير بعيرك قال نعم قال: فأنت كتبت هذا الكتاب قال:

لا وحلف بالله أنه ما كتب الكتاب ولا أمر به، فقال له: فالخاتم خاتمك؟ فقال: نعم قال: كيف يخرج غلامك ببعيرك بكتاب عليه خاتمك، ولا تعلم به؟

وفي رواية أخرى، إنه لما واقفه قال له عثمان: أما الخط فخط كاتبي، وأما الخاتم فعلى خاتمي قال: فمن تتهم؟ قال: اتهمك، واتهم كاتبي فخرج أمير المؤمنين مغضبا وهو يقول: بل هو أمرك، ولزم داره وقعد عن توسط أمره حتى جرى ما جرى من أمره.

وأعجب الأمور قوله لأمير المؤمنين عليه السلام إني أتهمك، وتظاهره بذلك، وتلقيه إياه في وجهه بهذا القول، مع بعد أمير المؤمنين عليه السلام عن التهمة والظنة في كل شئ ثم في أمره خاصة، فإن القوم في الدفعة الأولى أرادوا أن يعجلوا له ما أخروه، حتى قام أمير المؤمنين عليه السلام بأمره وتوسطه، وأصلحه وأشار إليه بأن يقاربهم ويعتبهم، حتى انصرفوا عنه، وهذا فعل النصيح المشفق الحدب المتحنن ولو كان عليه السلام وحوشي من ذلك متهما عليه، لما كان للتهمة مجال عليه في أمر الكتاب خاصة لأن الكتاب بخط عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين عليه السلام مروان، وفي يد غلام عثمان، ومختوم بخاتمه، ومحمول على بعيره، فأي ظن تعلق بأمير المؤمنين عليه السلام في هذا المكان لولا العداوة وقلة الشكر للنعمة، ولقد قال له المصريون لما جحد أن يكون الكتاب كتابه شيئا لا زيادة عليه في باب الحجة، لأنهم قالوا: إذا كنت ما كتبته ولا أمرت به فأنت ضعيف، من حيث تم عليك أن يكتب كاتبك

الصفحة 258
فيما يختمه بخاتمك، وينفذه بيد غلامك، على بعيرك بغير أمرك، ومن تم عليه مثل ذلك لا يصلح أن يكون واليا على أمور المسلمين، فاختلع عن الخلافة على كل حال، وقد كان يجب على صاحب الكتاب أن يستحيي من قوله: (إن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره) وكيف يقبل عذر من يتهمه ويشنعه وهو له ناصح، وما قاله أمير المؤمنين عليه السلام بعد سماع هذا القول منه معروف.

وقوله: (إن الكتاب يجوز فيه التزوير) وليس بشئ لأنه لا يجوز التزوير في الكتاب والغلام والبعير، وهذه الأمور إذا انضاف بعضها إلى بعض بعد فيها التزوير وقد كان يجب على كل حال أن يبحث عن القصة وعمن زور الكتاب وأنفذ الرسول ولا ينام عن ذلك. ولا ينيم حتى يعرف من أين دهي وكيف تمت الحيلة عليه فيحترز من مثلها؟ ولا يغضى عن ذلك إغضاء خائف له ساتر عليه، مشفق من بحثه وكشفه.

فأما قوله: (إنه وإن غلب في الظن أن مروان كتب الكتاب، فإن الحكم بالظن لا يجوز، وتسليمه إلى القوم على ما ساموه إياه ظلم لأن الحد والتأديب إذا وجب عليه فالإمام يقيمه دونهم) فتعلل (1) منه بالباطل، لأنا لا نعمل إلا على قوله: في أنه لم يعلم أن مروان هو الذي كتب الكتاب وإنما غلب في ظنه، أما كان يستحق بهذا الظن بعض التعنيف والزجر والتهديد؟ أو ما كان يجب مع وقوع التهمة وقوة الإمارات في أنه جالب الفتنة وسبب الفرقة أن يبعده عنه، ويطرده من داره، ويسلبه نعمته، وما كان يخصه به من إكرامه؟ وما في هذه الأمور أظهر من أن ينبه عليه.

____________

(1) التعلل: التلهي وفي ح " فتعلل بما لا يجدي ".


الصفحة 259
وأما قوله: (إن الأمر بالقتل لا يوجب قودا ولا دية ولا سيما قبل وقوع القتل المأمور به) فهب أن ذلك على ما قال أما يوجب على الآمر بالقتل تأديبا ولا تعزيرا ولا طردا ولا إبعادا؟.

وقوله: (لم يثبت ذلك) فقد مضى ما فيه وبينا أنه لم يستعمل فيه ما يجب استعماله من البحث والكشف، وتهديد المتهم وطرده وإبعاده، والتبرؤ من التهمة بما يتبرأ به من مثلها.

فأما قوله: (إن قتله ظلم، وكذلك حبسه في الدار ومنعه من الماء، وإن استحق القتل أو الخلع، لا يحل أن يمنع الطعام والشراب وأطنابه في ذلك وقوله: (إن من لم يدفع عن ذلك من الصحابة يجب أن يكون مخطئا) وقوله: (إن قتله أيضا لو وجب لم يجز أن يتولاه العوام من الناس) فباطل، لأن الذين قتلوه، لا ينكر أن يكونوا ما تعمدوا قتله، وإنما طالبوه بأن يخلع نفسه لما ظهر من أحداثه، ويعتزل الأمر اعتزالا يتمكنون معه من إقامة غيره، فلج وصمم على الامتناع، وأقام على أمر واحد، فقصد القوم بحصره إلى أن يلجئوه إلى خلع نفسه، فاعتصم بداره، واجتمع إليه نفر من أوباش بني أمية يدفعون عنه، ثم يرمون من دنى من الدار، فانتهى الأمر إلى القتال بتدريج. ثم إلى القتل، ولم يكن القتال ولا القتل مقصودا في الأصل، وإنما أفضى الأمر إليهما بتدريج وترتيب، وجرى ذلك مجرى ظالم غلب انسانا على رحله ومتاعه، فالواجب على المغلوب أن يمانعه ويدافعه ليخلص ماله من يده. ولا يقصد إلى إتلافه، ولا قتله، فإن أفضى الأمر إلى ذلك، بلا قصد كان معذورا وإنما خاف القوم في التأني به، والصبر عليه إلى أن يخلع نفسه من كتبه التي طارت في الآفاق يستنصر عليهم، ويستقدم الجيوش إليه، ولم يأمنوا أن يرد بعض من يدفع عنه، فيؤدي ذلك إلى الفتنة الكبرى، والبلية