عقائد الشيعة الإمامية | الشيخ المفيد | المقنعة

 

المقنعة

للشيخ المفيد

 

محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفى 413 ه‍. ق

 

 

 

كتاب الصلاة

أبواب الصلوات

 

[باب 1] والمفروض من الصلاة خمس في اليوم والليلة

على ما قدمناه: الظهر أربع ركعات بتشهدين: أحدهما في الثانية، والآخر في الرابعة، وتسليم بعد التشهد في الرابعة، ينصرف به منها، والعصر كذلك سواء، والمغرب ثلاث ركعات بتشهدين: أحدهما في الثانية، والآخر في الثالثة، وتسليم بعده ينصرف، به منها، والعشاء الآخرة أربع ركعات، كالظهر والعصر، والغداة ركعتان بتشهد في الثانية وتسليم بعده ينصرف به منها.

 

[2 ] باب المسنون من الصلوات

والمسنون من الصلوات في اليوم والليلة أربع وثلاثون ركعة: ثماني ركعات عند زوال الشمس قبل صلاة الظهر بتشهد في كل ثانية منها وتسليم، وثماني ركعات بعد الظهر وقبل العصر كذلك سواء، وأربع ركعات بعد المغرب يفصل بينها بتسليم في الثانية، وينصرف منها بتسليم بعد التشهد في الرابعة، وركعتان من جلوس، تحسب بواحدة بعد عشاء الآخرة بتشهد في الثانية منها وتسليم، وثماني ركعات نوافل الليل من بعد مضي نصفه الأول بتشهد في كل ثانية منها وتسليم كما ذكرناه في نوافل الزوال، وثلاث ركعات الشفع والوتر بتشهد في الثانية منها وتسليم وتشهد في الثالثة وتسليم، ينصرف به منها، وركعتان بعد الوتر نافلة الفجر بتشهد في الثانية منها وتسليم بعده، ينصرف به منها.

 

[ 3 ] باب فرض الصلاة في السفر

والمفروض من الصلاة على المسافر إحدى عشرة ركعة في اليوم والليلة: الظهر ركعتان بتشهد في الثانية وتسليم بعده، ينصرف به منها، والعصر كذلك سواء، والمغرب ثلاث ركعات، كحالها في الحضر، وعشاء الآخرة ركعتان، كالظهر والعصر سواء والغداة ركعتان، كصلاتها في الحضر، لا تختلف.

 

[4 ] باب نوافل الصلاة في السفر

ونوافل صلاة السفر سبع عشرة ركعة: أربع بعد المغرب، كما قدمنا وصفه في نوافل الحضر، وثماني ركعات صلاة الليل، وثلاث ركعات الشفع والوتر، وركعتا الفجر، ووقتهما عند الفراغ من صلاة الليل والوتر، وهو الفجر الأول.

 

[ 5 ] باب أوقات الصلوات، وعلامة كل وقت منها

ووقت الظهر من بعد زوال الشمس إلى أن يرجع الفئ سبعي الشخص. وعلامة الزوال رجوع الفئ بعد انتهائه إلى النقصان، وطريق معرفة ذلك بالأصطرلاب، وميزان الشمس وهو معروف عند كثير من الناس، وبالعمود المنصوب في الدائرة الهندية أيضا. فمن لم يعرف حقيقة العمل بذلك، أو لم يجد آلته فلينصب عودا من خشب، أو غيره في أرض مستوية التسطيح، ويكون أصل العود غليظا، ورأسه دقيقا شبه المدري الذي ينسج به التكك، أو المسلة التي يخاط بها الأحمال، فإن ظل هذا العود يكون في أول النهار أطول منه بلا ارتياب في ذلك وكلما ارتفعت الشمس نقص من طوله حتى يقف القرص في وسط السماء فيقف الفئ حينئذ، فإذا زال عن الوسط إلى جهة المغرب رجع إلى الزيادة، فيعتبر المتعرف لوقت الزوال ذلك بخطط وعلامات يجعلها على رأس ظل للعود عند وضعه في صدر النهار، فكلما نقص الظل أعلم عليه، فإذا رجع إلى الزيادة على موضع العلامة عرف برجوعه أنها قد زالت، وبذلك أيضا تعرف القبلة، فإن عين الشمس تقف فيها نصف النهار، وتصير عن يسارها ويمين المتوجه إليها بعد وقوفها وزوالها عن القطب، فإذا صارت مما يلي حاجبه الأيمن من بين عينيه علم أنها قد زالت، وعرف أن القبلة تلقاء وجهه، ومن سبقت معرفته بجهة القبلة فهو يعرف زوال الشمس إذا توجه إليها فرأى عين الشمس مما يلي حاجبه الأيمن، إلا أن ذلك لا يتبين إلا بعد زوالها بزمان، ويبين الزوال في أول وقته بما ذكرناه من الأصطرلاب، وميزان الشمس، والدائرة الهندية، والعمود الذي وصفناه، ومن لم يحصل له معرفة ذلك، أو فقد الآلة التي يتوصل بها إلى علمه توجه إلى القبلة، واعتبر ما شرحناه من حصول عين الشمس على طرف حاجبه الأيمن مما يلي وسطه حسب ما بيناه. ووقت العصر من بعد الفراغ من الظهر إذا صليت في أول أوقاتها، وهو بعد زوال الشمس بلا فصل، وهو ممتد إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب، وللمضطر والناسي إلى مغيبها بسقوط القرص عما تبلغه أبصارنا من السماء. وأول وقت المغرب مغيب الشمس، وعلامة مغيبها عدم الحمرة من المشرق المقابل للمغرب في السماء، وذلك أن المشرق مطل على المغرب، فما دامت الشمس ظاهرة فوق أرضنا هذه فهي تلقي ضوئها على المشرق في السماء، فترى حمرتها فيه، فإذا ذهبت الحمرة منه علم أن القرص قد سقط، وغاب، وآخره أول وقت عشاء الآخرة. وأول وقت العشاء الآخر مغيب الشفق، وهو الحمرة في المغرب، وآخره مضى الثلث الأول من الليل.

ووقت الغداة اعتراض الفجر، وهو البياض في المشرق الذي تعقبه الحمرة، في مكانه، ويكون مقدمة لطلوعها على الأرض من السماء، وذلك أن الفجر الأول وهو البياض الظاهر في الشرق يطلع طولا، ثم ينعكس بعد مدة عرضا ثم يحمر الأفق بعده للشمس، فلا ينبغي للإنسان أن يصلي فريضة الغداة حتى يعترض البياض، وينتشر صعدا في السماء كما ذكرناه، وآخر وقت الغداة طلوع الشمس. فمن أدركها قبل طلوعها فقد أدرك الوقت، ومن لم يصلها حتى تطلع الشمس فقد فاته الوقت، وعليه القضاء. ولكل صلاة من الفرائض الخمس وقتان: أول وآخر، فالأول لمن لا عذر له، والثاني لأصحاب الأعذار. ولا ينبغي لأحد أن يؤخر الصلاة عن أول وقتها، وهو ذاكر لها، غير ممنوع منها، فإن أخرها، ثم اخترم في الوقت قبل أن يؤديها كان مضيعا لها، فإن بقي حتى يؤديها في آخر الوقت، أو فيما بين الأول والآخر منه عفى عن ذنبه في تأخيرها إن شاء الله. ولا يجوز لأحد أن يصلي شيئا من الفرائض قبل وقتها، ولا يجوز له تأخيرها عن وقتها. ومن ظن أن الوقت قد دخل فصلى، ثم علم بعد ذلك أنه صلى قبله أعاد الصلاة إلا أن يكون الوقت دخل، وهو في الصلاة، لم يفرغ منها بعد، فيجزيه ذلك. ولا يصلي أحد فرضا حتى يتيقن الوقت، ويعمل فيه على الاستظهار. والمسافر إذا جد به السير عند المغرب فهو في سعة في تأخيرها إلى ربع الليل، ولا بأس أن يصلي عشاء الآخرة قبل مغيب الشفق عند الضرورات.

 

[ 6 ] باب القبلة

والقبلة هي الكعبة، قال الله تعالى: " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس "، المسجد قبلة من نأى عنه، لأن التوجه إليه توجه إليها، قال الله تعالى: " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره "، يريد به نحوه، قال الشاعر: " وهو لقيط الأيادي وقد أظلكم من شطر ثغركم هول، له ظلم تغشاكم قطعا " يعني بقوله: " شطر ثغركم " نحوه بلا خلاف. فيجب على المتعبد أن يعرف القبلة، ليتوجه إليها في صلاته، وعند الذبح، والنحر لنسكه، واستباحة ما يأكله من ذبائحه، وعند الاحتضار، ودفن الأموات، وغيره من الأشياء التي قررت شريعة الإسلام التوجه إلى القبلة فيها. فمن عاين الكعبة ممن حل بفنائها في المسجد توجه إليها في الصلاة من أي جهة من جهاتها شاء، ومن كان نائيا عنها، خارجا عن المسجد الحرام توجه إليها بالتوجه إليه، كما أمر الله تعالى بذلك نبيه صلى الله عليه وآله، حيث هاجر إلى المدينة، وكان بذلك نائيا عنها، وقد جعل الله تعالى لمن غابت عنه، أو غاب عنها التوجه إلى أركانها بحسب اختلافهم في الجهات من الأماكن والأصقاع، فجعل الركن الغربي لأهل المغرب، والركن العراقي لأهل العراق وأهل المشرق، والركن اليماني لأهل اليمن، والركن الشامي لأهل الشام، وتوجه الجميع إنما هو من هذه البلاد إلى الحرم، وهو عن يمين المتوجه من العراق إلى الكعبة أربعة أميال، وعن يساره ثمانية أميال، فلذلك أمر أهل العراق، والجزيرة، وفارس، والجبال، وخراسان أن يتياسروا في بلادهم عن السمت الذي يتوجهون نحوه في الصلاة قليلا، ليستظهروا بذلك في التوجه إلى قبلتهم، وهي الركن العراقي، وليس ذلك لغيرهم ممن يصلى إلى سواه. وقد بينا في باب المواقيت علامات قبلة أهل المشرق بما ذكرناه: من كون الفجر عن يسار المتوجه إليها، وعين الشمس على حاجبه الأيمن في أول زوالها، وكون الشفق عن يمينه عند غروبها، ومن أراد معرفتها في باقي الليل فليجعل الجدي على منكبه الأيمن فإنه، يكون متوجها إليها. وإذا طبقت السماء بالغيم فلم يجد الإنسان دليلا عليها بالشمس والنجوم فليصل إلى أربع جهات عن يمينه، وشماله، وتلقاء وجهه، وورائه في كل جهة صلاة، وقد أدى ما وجب عليه في صلاته، وكذلك حكم من كان محبوسا في بيت ونحوه، ولم يجد دليلا على القبلة، بأحد ما ذكرناه صلى إلى أربع جهات، وإن لم يقدر على ذلك لسبب من الأسباب المانعة له من الصلاة أربع مرات فليصل إلى أي جهة شاء، وذلك مجز له. ومن أخطأ القبلة، أو سها عنها، ثم عرف ذلك والوقت باق أعاد الصلاة، وإن عرفه بعد خروج الوقت لم يكن عليه إعادة فيما مضى، اللهم إلا أن يكون قد صلى مستدبر القبلة فيجب عليه حينئذ إعادة الصلاة، كان الوقت باقيا، أو متقضيا، وعلى كل حال.

 

[ 7 ] باب الأذان والإقامة

وإذا دخل وقت الصلاة وجب الطهور، ومعرفة القبلة، والصلاة. وينبغي للإنسان أن يؤذن لكل فريضة، ويقيم. وإذا كانت صلاة جماعة كان الأذان والإقامة لها واجبين، ولا يجوز تركهما في تلك الحال. ولا بأس أن يقتصر الإنسان إذا صلى وحده بغير إمام على الإقامة، ويترك الأذان في ثلاث صلوات، وهي الظهر والعصر والعشاء الآخرة. ولا يترك الأذان والإقامة في المغرب والفجر، لأنهما صلاتان لا تقصران في السفر، وهما على حالهما في الحضر، كما شرحناه. وفي الأذان والإقامة فضل كثير، وأجر عظيم، روي عن الصادقين عليهم السلام: أنهم قالوا: " من أذن، وأقام صلى خلفه صفان من الملائكة، ومن أقام بغير أذان صلى خلفه صف واحد من الملائكة. وقالوا عليهم السلام: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يغفر للمؤذن مد صوته وبصره، ويصدقه كل رطب ويابس، وله بكل من يصلي بأذانه حسنة ". ولا يجوز الأذان لشئ من الصلوات قبل دخول وقتها إلا الفجر خاصة، فإنه لا بأس أن يؤذن له قبل دخول وقته، لينتبه النائم، ويتأهب لصلاته بطهوره، وإن كان جنبا نظر في طهارته لغسله، ثم يعاد الأذان عند طلوع الفجر للصلاة، ولا يقتصر على ما تقدم منه، إذ ذلك لسبب غير الدخول في الصلاة، وهذا الدخول فيها على ما ذكرناه. ولا يؤذن لشئ من نوافل الصلاة. ولا أذان لصلاة سوى الخمس الصلوات المفترضات. ولا بأس لإنسان أن يؤذن، وهو على غير وضوء، ليعرف الناس بأذانه دخول الوقت، ثم يتوضأ هو بعد الأذان، ويقيم الصلاة، ولا يقيمها إلا وهو على وضوء يحل له به الدخول في الصلاة. وإن عرض للمؤذن حاجة يحتاج إلى الاستعانة عليها بكلام ليس من الأذان فليتكلم به، ثم يصله من حيث انتهى إليه ما لم يمتد به الزمان. ولا يجوز أن يتكلم في الإقامة مع الاختيار.

ولا بأس أن يؤذن الإنسان جالسا إذا كان ضعيفا في جسمه، وكان طول القيام يتعبه، ويضره، أو كان راكبا جادا في مسيره، ولمثل ذلك من الأسباب. ولا يجوز له الإقامة إلا وهو قائم متوجه إلى القبلة مع الاختيار. ولا بأس أن يؤذن الإنسان، ووجهه مصروف عن القبلة يمينا وشمالا للحوائج إلى ذلك والأسباب، غير أنه إذا انتهى في أذانه إلى الشهادتين توجه بهما إلى القبلة، ولم ينصرف عنها مع الإمكان. ولا يقيم إلا ووجهه تلقاء القبلة على ما قدمناه. وليس على النساء أذان، ولا إقامة، لكنهن يتشهدن بالشهادتين عند وقت كل صلاة، ولا يجهرن بهما، لئلا يسمع أصواتهن الرجال، ولو أذن، وأقمن على الإخفات للصلوات لكن بذلك مأجورات، ولم يكن به مأزورات، إلا أنه ليس بواجب عليهن، كوجوبه على الرجال. ومن أذن فليقف على آخر كل فصل من أذانه، ولا يعرف به، وليرتله، ويرفع به صوته إن استطاع، ولا يخفض به صوته دون إسماعه نفسه إياه، فإن ذلك لا يجزيه فيما سنه النبي صلى الله عليه وآله وكذلك إذا أذنت المرأة متبرعة لنفسها، أو شهدت الشهادتين عند صلاتها فلتسمع نفسها ذلك، ولا تخافت بكلامها دون السماع.

 

[ 8 ] باب عدد فصول الأذان والإقامة، ووصفهما والسنة فيهما وما بينهما من الأقوال والأفعال

والأذان والإقامة خمسة وثلاثون فصلا: الأذان ثمانية عشر فصلا، والإقامة سبعة عشر فصلا. يقول المؤذن في الأذان: " الله أكبر "، ثم يقف، ولا يعرب الراء بالضمة، بل يقف عليها، ويقول مثلها: " الله أكبر "، ثم يقف، ثم يقول: " الله أكبر "، ويقف، ويقول: " الله أكبر " فذلك أربعة فصول. ثم يقول: " أشهد أن لا إله إلا الله " ويقف، ولا يعرب الهاء في اسم الله تعالى بل يقف عليها، ثم يقول: " أشهد أن لا إله الله " مثل الأول، فذلك فصلان، ينضافان إلى الأربعة، فتصير ستة. ثم يقول: " أشهد أن محمدا رسول الله "، ويقف، ولا يخفض الهاء، بل يقف عليها، ثم يقول: " أشهد أن محمدا رسول الله "، ويقف عند الهاء، ولا يحركها، فلذلك أيضا فصلان، ينضافان إلى الستة، فتصير ثمانية فصول. ثم يقول: " حي على الصلاة " ويقف على الهاء، ولا يحركها، ثم يقول: " حي على الصلاة "، فذلك فصلان، ينضافان إلى الثمانية، فتصير عشرة فصول ثم يقول: " حي على الفلاح "، ويقف على الحاء، فلا يحركها كما وقف على الهاء في الصلاة، ويقول مرة ثانية: " حي على الفلاح "، ولا يعرب بها كما ذكرناه، فذلك فصلان، ينضافان إلى العشرة، فتصير اثنى عشر فصلا. ثم يقول: " حي على خير العمل "، ويقف على اللام، ولا يحركها بخفض الإعراب. كما قدمنا القول فيما مضى، ثم يقول مرة أخرى: " حي على خير العمل "، ويقف كما فعل في المرة الأولى، فذلك فصلان، ينضافان إلى الاثني عشر فصلا، فتصير أربعة عشر فصلا. ثم يقول: " الله أكبر " ويقف، ولا يحرك الراء بالرفع، ثم يقول مرة أخرى: " الله أكبر "، فذلك فصلان، ينضافان إلى الأربعة عشر، فتصير ستة عشر فصلا. ثم يقول " لا إله إلا الله "، ويقف على الهاء، ولا يحركها بالرفع للإعراب، ثم يقول مرة أخرى: " لا إله إلا الله " كما قال في الأولى من غير تحريك الهاء بالإعراب، فذلك فصلان، ينضافان إلى الستة عشر، فتصير ثمانية عشر فصلا. فإذا فرغ من الأذان على ما شرحناه فليجلس بعده جلسة خفيفة، يتوجه فيها إلى القبلة، ويذكر الله تعالى ثم يقوم فيقيم الصلاة، وإن شاء أن يسجد بينهما سجدة فعل، والسجدة أفضل من الجلسة إلا في الأذان للمغرب، فإنه لا يسجد بعده، ولكن يجلس جلسة خفيفة، أو يخطو نحو القبلة خطوة، تكون فصلا بين الأذان والإقامة. وإذا سجد الإنسان بين الأذان والإقامة فليقل في سجوده: " لا إله إلا أنت ربي، سجدت لك خاضعا خاشعا، فصل على محمد وآل محمد، واغفر لي، وارحمني، وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم ". وإن كان المؤذن يؤذن لصلاة جماعة فليجعل بين أذانه وإقامته في الظهر والعصر لصلاة الظهر ركعتين من نوافله، وكذلك في العصر، ليمتد بهما الزمان، فيتمكن المصلون معه أن يتأهبوا للصلاة، ويلحقوا الاجتماع، ولا يصل بين أذان المغرب وإقامتها شيئا على ما قدمناه، وكذلك لا نافلة بين أذان العشاء الآخرة وإقامتها، وأذان الغداة وإقامتها، لكن يجلس بينهما مستقبل القبلة، يذكر الله تعالى إلى أن يجتمع له الناس، وإن كان عليه قضاء نافلة فاتته فليجعل ركعتين منها بين الأذان والإقامة في هاتين الصلاتين وهما العشاء الآخرة والغداة، فإنه أفضل من الجلوس بغير صلاة. وإذا أراد أن يقيم الصلاة فليقل: " الله أكبر، الله أكبر ". " أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله ". " أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله ". " حي على الصلاة، حي على الصلاة ". " حي على الفلاح، حي على الفلاح ". " حي على خير العمل، حي على خير العمل ". " قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة ". " الله أكبر، الله أكبر ". " لا إله إلا الله " مرة واحدة. فذلك سبعة عشر فصلا، تصير مع الأذان خمسة وثلاثين فصلا على ما ذكرناه. ولا يعرب أيضا في الإقامة، بل يقفها كما بيناه في الأذان، وإن حدر الإقامة، ولم يرتلها ترتيل الأذان جاز له ذلك، بل هو السنة، ولا بد في الأذان من ترتيل حسب ما شرحناه.

 

[ 9 ] باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة

فإذا زالت الشمس، وعرف ذلك الإنسان بإحدى علامات زوالها التي ذكرناها فليسبغ وضوئه إن كان على حدث يوجب الطهارة، وليتوجه إلى القبلة خاشعا مقبلا على صلاته بقلبه وبدنه، وليستفتح الصلاة بالتكبير، فيقول: " الله أكبر "، ويرفع يديه مع تكبيره حيال وجهه، وقد بسط كفيه، وضم بين أصابع كل كف من يديه، وفرق بين إبهاميه ومسبحته، ولا يجاوز بأطراف أصابعه في رفعهما للتكبير شحمتي أذنيه، وليرسلهما مع آخر لفظة بالتكبير إلى فخذيه، ثم يرفعهما، ويكبر تكبيرة أخرى كالأولى، ويرسلهما مع فخذيه، ويكبر ثالثة رافعا يديه بها حيال وجهه كما تقدم ذكره - ثم يرسل يديه - حسب ما وصفناه - مع جنبيه إلى فخذيه، ويقول: " اللهم أنت الملك الحق، لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، عملت سوء، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت "، ثم يكبر تكبيرة رابعة، يرفع بها يديه، ثم يرسلهما، ويكبر أخرى، ليكمل بها خمس تكبيرات، ويرسلهما، ويقول: " لبيك وسعديك، والخير في يديك، والمهدي من هديت، عبدك وابن عبديك بين يديك، لا ملجأ ولا منجا ولا ملتجأ منك إلا إليك، سبحانك وحنانيك، سبحانك وتعاليت، سبحانك رب البيت "، ثم يكبر تكبير تين آخرتين إحداهما بعد الأخرى - كما قدمنا ذكره ويقول: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما على ملة إبراهيم، ودين محمد، وولاية أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم "، " بسم الله الرحمن الرحيم "، " ثم يقرأ " " الحمد " و " قل هو الله أحد " يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " كما افتتح الحمد بذلك، وليكن نظره في حال قيامه إلى موضع سجوده، ويفرق بين قدميه، فيجعل بينهما قدر شبر إلى أكثر من ذلك، ولا يضع يمينه على شماله في صلاته، كما يفعل ذلك اليهود والنصارى وأتباعهم من الناصبة الضلال، ولا يقل بعد فراغه من الحمد " آمين " كقول اليهود وإخوانهم النصاب، فإذا فرغ من قراءة " قل هو الله أحد " فليرفع يديه بالتكبير حيال وجهه، وليركع، فإذا ركع فليمد عنقه، وليعدل ظهره، ويلقم كفيه عيني ركبتيه، ويكون نظره إلى ما بين رجليه، ويقول في ركوعه: " اللهم لك ركعت، ولك خشعت، ولك أسملت وبك آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك قلبي، وسمعي، وبصري، ومخي، وعظامي، وعصبي، وما أقلت الأرض مني " " سبحان ربي العظيم وبحمده " ثلاث مرات، وإن قالها خمسا فهو أفضل، وإن قالها سبعا فهو أفضل، ثم يرفع رأسه وظهره من الركوع، وهو يقول: " سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة والجبروت "، ويستوي قائما معتدلا حتى يرجع كل عضو منه إلى مكانه، ثم يرفع يديه بالتكبير حيال وجهه، فيكبر، ويخر ساجدا لله تعالى، ويتلقى الأرض بيديه قبل ركبتيه، ويكون سجوده على سبعة أعظم: الجبهة، والكفين، والركبتين، وإبهامي الرجلين، ويرغم بطرف أنفه على الأرض سنة مؤكدة، وليتعلق في سجوده، ولا يلصق صدره بالأرض، ويرفع ذراعيه عنها، ولا يلصق عضديه بجنبيه، ولا ذراعيه بعضديه، ولا فخذيه ببطنه، ويوجه أصابع يديه إلى القبلة وهي مضمومة، ويكون نظره في حال سجوده إلى طرف أنفه، ويقول في سجوده: " اللهم لك سجدت، ولك ركعت، ولك خشعت، وبك آمنت، ولك أسملت، وعليك توكلت، وأنت ربي، سجد لك وجهي، وقلبي، وسمعي، وبصري، وجميع جوارحي، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين "، " سبحان ربي الأعلى وبحمده " ثلاث مرات. وإن قالها خمسا كان أفضل، وسبع مرات أفضل، ثم يرفع رأسه من سجوده، ويرفع يديه بالتكبير مع رفع رأسه، ويجلس متمكنا على الأرض، قد خفض فخذه اليسرى عليها، ورفع فخذه اليمنى عنها، ويكون نظره إذ ذاك إلى حجره، ويقول، وهو جالس: " اللهم اغفر لي، وارحمني، وادفع عني، واجبرني، إني لما أنزلت إلي من خير فقير "، ثم يرفع يديه بالتكبير، ويسجد الثانية كما سجد السجدة الأولى، ويصنع فيها مثل ما صنع، ويقول فيها مثل ما قال، ثم يرفع رأسه بالتكبير، ويجلس متمكنا على الأرض كما جلس بين السجدتين، فإذا استوى في جلوسه نهض إلى الركعة الثانية، وهو يقول: " بحول الله وقوته أقوم، وأقعد " فإذا استوى قائما: قرأ " الحمد "، يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " فإذا فرغ منها قرأ " قل يا أيها الكافرون " ويفتتحها أيضا ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " وإن شاء قرأ فيها " قل هو الله أحد " كما قرأها في الأولى، وإن قرأ غير هاتين السورتين مع الحمد جاز له ذلك، إلا أن قراءة هاتين السورتين في هاتين الركعتين أفضل. وأي سورة قرئها مع الحمد فليفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم "، فإنها أول كل سورة من القرآن، فإذا فرغ، من قراءة السورة بعد " الحمد " رفع يديه بالتكبير، ثم قلبهما، فجعل باطنهما إلى السماء، وظاهرهما إلى الأرض، وقنت، فقال: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن، وما بينهن، ورب العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد وآل محمد، وعافني، واعف عني، وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقني برحمتك عذاب النار " ويدعو بما أحب، ويسمي حاجته إن شاء الله، ثم يرفع يديه بالتكبير، ويركع فيقول في ركوعه ما قال في الركوع الأول، ويرفع رأسه، وينتصب قائما، ويقول ما ذكرناه بدء، ثم يسجد كما بيناه، ويقول في سجوده ما رسمناه، ثم يرفع يديه بالتكبير، ويرفع رأسه فيستوي جالسا كما صنع، في الركعة الأولى، ويقول في جلسته ما تقدم شرحه، ثم يسجد الثانية كالأولى، ثم يرفع رأسه، فيجلس للتشهد كما جلس بين السجدتين متمكنا على أليتيه جميعا، خافضا فخذه اليسرى، ناصبا فخذه اليمنى، ولا يجلس على قدميه، ويضع كفيه على فخذيه، وأطراف أصابعهما دوين عيني ركبتيه، وينظر إلى حجره في قعوده، ويتشهد، فيقول: " بسم الله وبالله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة صلى الله عليه وآله الطاهرين ". ويسلم تجاه القبلة تسليمة واحدة، يقول: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". ويميل مع التسليمة بعينه إلى يمينه، فإذا سلم فقد فرغ من الركعتين، وحل له الكلام، وليحمد الله بعد تسليمه، وليثن عليه، ويصلي على محمد وآله عليهم السلام، ويسأل الله حوائجه، ثم يسجد سجدتي الشكر، فليلصق فيهما ذراعيه بالأرض، ويقول في سجوده: " اللهم إليك توجهت، وبك اعتصمت، وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي، ورجائي، فاكفني ما أهمني، وما لا يهمني، وما أنت أعلم به مني، عز جارك، وجل ثنائك، ولا إله غيرك، صل على محمد وآله محمد، وعجل فرجهم ". ثم يرفع جبهته عن الأرض، ويضع خده الأيمن على موضع سجوده، ويقول " ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك، ووحشتي من الناس، وأنسي بك يا كريم، يا كريم "، ثم يرفع خده الأيمن عن الأرض، ويضع مكانه خده الأيسر، ويقول: " لا إله إلا أنت ربي حقا حقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم، يا كريم، يا كريم " ثم يرفع خده عن الأرض، ويعود إلى السجود، فيقول في سجوده: " شكرا شكرا " مائة مرة، وإن قالها ثلاث مرات أجزأه، وأكثر من ذلك أفضل، والمائة فيها أفضل، وبها جاءت السنة، ثم يرفع رأسه، ويجلس مطمئنا على الأرض، ويضع باطن كفه الأيمن موضع سجوده، ثم يرفعها، فيمسح بها وجهه من قصاص شعر رأسه إلى صدغيه، ثم يمرها على باقي وجهه، ويمرها على صدره، فإن ذلك سنة، وفيه شفاء إن شاء الله، وقد روي عن الصادقين عليهم السلام: أنهم قالوا: إن العبد إذا سجد امتد من أعنان السماء عمود من نور إلى موضع سجوده، فإذا رفع أحدكم رأسه من السجود فليمسح بيده موضع سجوده، ثم يمسح بها وجهه وصدره، فإنها لا تمر بداء إلا نفته إن شاء الله تعالى فإذا فرغ من هاتين الركعتين - على ما ذكرنا - قام، فصلى باقي النوافل، وهي ست ركعات، يكمل بها ثماني ركعات على ما شرحناه، ويتشهد في كل ثانية، ويسلم، ويعقب بعدها، ويدعو ويسجد. ويستحب أن يسبح الإنسان في عقب كل صلاة تسبيح الزهراء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما وآلهما، وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، ثم يدعو بعد ذلك، ويسجد، ويعفر. وإن قرأ الإنسان في هذه الثماني ركعات النوافل كلها " الحمد " و " قل هو الله أحد " أحسن، وإن قرأ في كل أولة منها " الحمد " و " قل هو الله أحد "، وفي كل ثانية منها " الحمد " و " قل يا أيها الكافرون " أحسن أيضا، وإن قرأ في الأولة منها " الحمد " و " قل هو الله أحد " وفي الثانية " الحمد " و " قل يا أيها الكافرون "، ثم قرأ في الست الباقيات مع " الحمد " غير ذلك من سور القرآن أجزأه، وكان حسنا أيضا، ولو قرأ فيها كلها " الحمد " وحدها أجزأه، إلا أن الذي ذكرناه أفضل. وإن قنت في الركعة الثانية من الأولة، ولم يقنت فيما بعدها أجزأه ذلك، وإن لم يقنت في شئ منها لم يحرج إلا أن القنوت فيها أفضل. وإن سجد بعد كل تسليمة منها، وعفر، ودعا أحسن، وإن فعل ذلك بعد الأولتين منها، ولم يفعله فيما بعدها لم يحرج، إلا أن فعله بعد كل ركعتين منها أفضل، وإن ترك سجدتي الشكر والتعفير في جميعها كان تاركا فضلا، ومضيعا أجرا، إلا أنه غير مخل بفرضه منها. وإن استفتح هذه النوافل بتكبيرة واحدة، وقرأ بعدها " الحمد "، ولم يكبر سبعا كما وصفناه لم يحرج، إلا أنه يكون قد ترك فضلا مع الاختيار، وإن توجه بسبع تكبيرات في الأولة من نوافل الزوال أغناه ذلك عن التوجه فيما بعدها أوائل الركعات، ولو كبر سبعا متواليات، ثم توجه بعد السابعة من غير قول لما قدمناه أجزأه، إلا أن تفصيلها بالمقال والفعال الذي شرحناه أفضل، وكذلك لو كبر خمسا متواليات، أو ثلاثا متواليات، [ كان أفضل من الواحدة، وسبع أفضل ]. واقتصاره على تكبيرة الافتتاح مجز له في الفرض والسنة على ما قدمناه. والسنة في التوجه بسبع تكبيرات مفصلات بما قدمناه من القول والعمل فيها في سبع صلوات: الأولة من كل فريضة، والأولة من نوافل الزوال على ما شرحناه، والأولة من نوافل المغرب، والأولة من الوتيرة، وهي الركعتان اللتان تصلى من جلوس بعد عشاء الآخرة، وتحتسب بركعة واحدة في العدد على ما قدمناه، والأولة من نوافل الليل، والمفردة بعد الشفع، وهي الوتر، والأولة من ركعتي الإحرام للحج والعمرة، ثم هو فيما بعد هذه الصلوات مستحب، وليس تأكيده كتأكيده فيما عددناه. والمرأة تنضم في صلاتها، فتجتمع في قيامها بين قدميها، فإذا أرادت الركوع وضعت يديها على فخذيها، ولم تطأطأ كثيرا، فإذا أرادت السجود جلست، ثم سجدت لاطئة بالأرض، وإذا أرادت التشهد جلست، وضمت فخذيها، وليس حكمها حكم الرجال فيما قدمنا وصفه من هيئاتهم في أحوال الصلاة. فإذا فرغ المصلي من ثماني ركعات الزوال - على ما بيناه وشرحناه - فليؤذن لفريضة الظهر - حسب ما قدمناه - فإذا تمم الأذان فليسجد، وليقل في سجوده: " لا إله إلا أنت، ربي سجدت لك خاشعا، خاضعا، فصل على محمد وآل محمد، واغفر لي، وارحمني، وتب على، إنك أتت التواب الرحيم "، ثم يرفع رأسه، فيقيم الصلاة - على ما تقدم به القول - فإذا فرغ من الإقامة استفتح الفريضة بسبع تكبيرات كما ذكرناه، ثم يقول ما شرحناه في استفتاح الأولة من نوافل الزوال، ثم يقرأ " الحمد " يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم "، فإذا فرغ منها قرأ سورة " إنا أنزلناه في ليلة القدر "، أو غيرها من السور القصار، يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " على ما بيناه، ثم يركع، فيقول في ركوعه ما قدمناه، وينتصب قائما على ما رسمناه، ويسجد، فيقول في سجوده ما وصفاه، ويجلس، فيقول في جلوسه ما أثبتناه، ثم يسجد الثانية، ويقول، ما شرحناه، ويجلس، فيكبر لجلوسه، ويقوم إلى الثانية بغير تكبير يشفع به تكبيرة الجلوس، بل يقول بدلا من ذلك: " بالله أقوم، وأقعد " فإذا انتصب فيها قائما قرأ " الحمد " و " قل هو الله أحد "، أو غيرها من السور القصار، فإذا فرغ منها قنت بما ذكرناه، ثم يركع، ويسجد، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس للتشهد على ما بيناه، وتشهد بها وصفناه، ثم يقوم إلى الثالثة من غير تسليم، فيقرأ سورة " الحمد " وحدها، ثم يركع، ويسجد السجدتين، ويقوم إلى الرابعة، فيقرء أيضا فيها سورة " الحمد " وحدها، ثم يركع، ولا يجوز له أن يقرأ سورة أخرى مع " الحمد " في الركعتين الآخرتين من كل فريضة، ولا في الثالثة من المغرب بغيرها من آي القرآن، وسوره، فإن سبح في هاتين الركعتين من كل فريضة، وفي الثالثة من المغرب بدلا من قراءة " الحمد " أجزأه ذلك، والتسبيح فيها إن سبح بعشر تسبيحات، يقول: " سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله "، ثم يعيدها ثانية، وثالثة، ويقول في آخر التسبيح الثالث: " والله أكبر "، ويركع بها، وإن سبح أربع تسبيحات في كل ركعة منها فقال: " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " أجزأه ذلك، ثم يركع بالتكبير، فإذا جلس للتشهد في الرابعة من الظهر، والعصر، والعشاء الآخرة، وفي التشهد الثاني من الثالثة في المغرب، أو في الثانية من الغداة فليقل: " بسم الله وبالله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، التحيات لله والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الناعمات السابغات التامات الحسنات، لله ما طاب، وطهر، وزكا، ونما، وخلص، وما خبث فلغير الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، أشهد أن ربي نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول وأن الجنة حق، والنار، حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، وتحنن على محمد وآل محمد، كأفضل ما صليت، وباركت، وترحمت، وتحننت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ويؤمي بوجهه إلى القبلة، ويقول: " السلام على الأئمة الراشدين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " وينحرف بعينه إلى يمينه، فإذا فعل ذلك فقد فرغ من صلاته، وخرج منها بهذا التسليم. فإذا سلم بما وصفناه فليرفع يديه حيال وجهه، مستقبلا بظاهر هما وجهه، وبباطنهما القبلة بالتكبير، ويقول: " الله أكبر "، ثم يخفض يديه إلى نحو فخذيه، ويرفعهما ثانية بالتكبير، ثم يخفضهما، ويرفعهما ثالثة بالتكبير، ثم يخفضهما، ويقول بعد تكبيره ثلاثا على هذه الصفة " لا إله إلا الله وحده وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير ". ثم يسبح تسبيح الزهراء سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، يبدء بالتكبير، فيقول: " الله أكبر، الله أكبر " حتى يوفي العدد أربعا وثلاثين، ثم يقول: " الحمد لله " حتى يوفي ذلك ثلاثا وثلاثين، ثم يقول: " سبحان الله " حتى يستوفي ثلاثا وثلاثين. ويستغفر الله بعد ذلك بما تيسر له من الاستغفار، ويصلي على محمد وآله، ويدعو، فيقول: " اللهم انفعنا بالعلم، وزينا بالحلم، وجملنا بالعافية، وكرمنا بالتقوى، إن ولي الله الذي نزل الكتاب، وهو يتولى الصالحين "، ويدعو بعد ذلك بما أحب إن شاء الله، فإذا فرغ من دعائه فليسجد سجدتي الشكر، ويصنع فيهما ما وصفناه قبل هذا المكان، ويقول فيهما ما قدمناه، ويعفر خديه بينهما على ما شرحناه، فإذا رفع رأسه من السجدة بعد التعفير مسح موضع سجوده بيده اليمنى، ثم مسح بها وجهه وصدره إن شاء الله. ثم يقوم، فيصلي نوافل العصر، وهي ثماني ركعات حسب ما أثبتناه، يفتتحها بالتكبير، ويقرء " الحمد "، وسورة " قل هو الله أحد "، وإن قرأ غيرها من السور أجزأه. فإذا فرغ من هذه الثماني ركعات أذن لفريضة العصر، وأقام، ثم استفتح الصلاة بسبع تكبيرات، يتوجه بعد السابعة منها بما رسمناه، وإن توجه بتكبيرة واحدة أجزأه، ثم يقرأ بعد التوجه بتكبيرة الإحرام " الحمد "، وسورة معها، ويقرأ في الثانية منها " الحمد " وسورة أخرى، وإن شاء كرر السورة التي قرأها في الركعة الأولى، ثم يجلس بعد السجدتين منها، فيتشهد، ويقوم إلى الثالثة، فيصنع فيها وفي الرابعة، كما صنع في صلاة الظهر، إن شاء، يقرأ " الحمد " وحدها، فإن سبح جاز، فإذا سلم من الرابعة كبر ثلاثا على ما وصفناه، وهلل الله تعالى، ومجده بما قدمناه، وسبح تسبيح الزهراء عليها السلام حسب ما بيناه، واستغفر الله تعالى في عقبه سبعين مرة، يقول: " أستغفر الله ربي، وأتوب إليه "، ويعيده حتى يكمل به العدد، ثم يصلي على محمد وآله سبع مرات، يقول: " اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم، ورحمة الله وبركاته "، ويعيد هذه الصلاة حتى يتممها سبع مرات، ثم يدعو، فيقول: " اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وكلماتك التامة التي تمت صدقا وعدلا أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا ". ويسأل حوائجه للدنيا والآخرة، ثم يسجد سجدتي الشكر، ويعفر بينهما، خديه على ما وصفناه. وإذا سقط القرص فليؤذن للمغرب، ويقيم بعد الأذان من غير فصل أكثر من خطوة، أو نفس، ثم يفتتح الصلاة بسبع تكبيرات - كما افتتح الظهر والعصر ويجزيه تكبيرة واحدة على ما ذكرناه، ويقرأ في الأولتين منها " الحمد " وسورة معها، ويقرء في الثالثة " الحمد " وحدها، وإن شاء سبح فيها بما رسمناه، فإذا سلم منها كبر ثلاثا، وقال ما قدمناه، وسبح تسبيح الزهراء صلوات الله عليها وآلها "، ثم قام من غير تعقيب له بالدعاء والسجود والتعفير، ولا كلام له عنه مندوحة فكبر للنافلة، وتوجه بعد التكبير، فصلى ركعتين، ثم تشهد، وسلم، وصلى بعدهما ركعتين آخرتين، وتشهد وسلم، ثم دعا، فقال: "اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم، وبما توجه به إليك نبينا محمد صلى الله عليه وآله أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا "، ويسأل حوائجه، ثم يسجد سجدتي الشكر على ما بيناه. والدعاء، وسجدتا الشكر، والتعفير بعد الفرائض كلها قبل النوافل الشافعة لها إلا المغرب، فإنه يؤخر عن الفريضة حتى يتمم نافلتها - وهي الأربع الركعات المقدم ذكرها فيما مضى قبل هذا المكان والعلة في ذلك ما روي عن الصادقين عليهم السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله بشر بالحسن عليه السلام وهو في آخر تسبيح المغرب قبل الدعاء، فقام من وقته من غير أن يتكلم أو يصنع شيئا فصلى ركعتين، جعلهما شكرا لله تعالى على سلامة فاطمة، صلوات الله عليها وآلها وولادتها الحسن عليه السلام، ثم دعا بعد الركعتين، وعقب بسجدتي الشكر والتعفير بينهما، وكان ذلك سنة حتى ولد الحسين عليه السلام فجاء البشير به، وقد صلى هاتين الركعتين بعد المغرب، وهو في آخر تسبيحه، فقام من غير تعقيب، فصلى ركعتين، جعلهما شكرا لله تعالى، ثم عقب بالدعاء بعدهما، وسجد، فجرت به سنته عليه وآله السلام أن لا يتكلم أحد بين فريضة المغرب ونافلتها، ويؤخر تعقيب الفرض منها بما سوى التسبيح إلى وقت الفراغ من نافلتها. فإذا غاب الشفق فليؤذن لعشاء الآخرة، ثم يقيم، ويستفتح الصلاة بسبع تكبيرات كما استفتح ما تقدمها من الفرائض، ويصلي أربع ركعات كما صلى الظهر والعصر، فإذا سلم منها كبر، ومجد الله تعالى وسبح تسبيح الزهراء عليها وآلها السلام، ثم دعا فقال: " اللهم إني أسألك سؤال من غلبه الأمل، وفتنة الهوى، وانقطع رجائه إلا منك، ولا ملجأ له، ولا منجا، ولا ملتجأ منك إلا إليك، سؤال البائس، الفقير، الخائف، المستجير، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأطلق بدعائك لساني، واشرح به صدري، وأنجح به طلبتي، وأعطني به سؤلي ". ثم يدعو بما أحب، فإذا فرغ من دعائه فليصل ركعتين من جلوس، وليتوجه في الأولى منهما - كما ذكرناه - ويقرأ فيها " الحمد " و " قل هو الله أحد "، وفي الثانية " الحمد " و " قل يا أيها الكافرون "، وإن قرأ فيهما جميعا " الحمد " و " قل هو الله أحد " فعل حسنا إن شاء الله. وليأو إلى فراشه، ولا يشتغلن بعد صلاة العشاء الآخرة بلهو، ولعب، وأحاديث لا تجدي نفعا، وليجعل آخر عمله قبل نومه الصلاة. فإذا آوى إلى منامه فليضطجع على جنبه الأيمن، وليقل عند اضطجاعه " بسم الله، وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، اللهم إني أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، رهبة منك، ورغبة إليك، لا ملجأ، ولا منجا، ولا ملتجأ منك إلا إليك، آمنت بكل كتاب أنزلته، وبكل رسول أرسلته "، ثم ليقرأ فاتحة الكتاب، و " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس "، ويكبر الله تعالى أربعا وثلاثين تكبيرة، ويحمده ثلاثا وثلاثين تحميدة، ويسبحه ثلاثا وثلاثين تسبيحة، ويقول: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير " ثم يستعذ بالله تعالى مما يخاف، ويحذر، ويسأله حراسته وكفايته. فإذا مضى النصف الأول من الليل فليقم إلى صلاته، ولا يفرطن فيها، فإن الله تعالى أمر نبيه عليه وآله السلام بها، وحثه عليها. فقال جل اسمه: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا. وقال تعالى: " يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ". ووصى رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام في الوصية الظاهرة إليه، فقال فيها: " وعليك يا علي بصلاة الليل، وعليك يا علي بصلاة الليل، وعليك يا علي بصلاة الليل ". وقال الصادق عليه السلام: " ليس من شيعتنا من لم يصل صلاة الليل ". يريد أنه ليس من شيعتهم المخلصين، وليس من شيعتهم أيضا من لم يعتقد فضل صلاة الليل، وأنها سنة مؤكدة، ولم يرد عليه السلام أنه من تركها لعذر، أو تركها كسلا فليس من شيعتهم على حال، لأنها نافلة، وليست بفريضة غير أن فيها فضلا كثيرا. وقد روي: أنها تدر الرزق، وتحسن الوجه، وترضي الرب وتنفي السيئات. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا قام العبد من لذيذ مضجعه، والنعاس في عينه، ليرضي ربه تعالى بصلاة ليله باهى الله تعالى به الملائكة، وقال أما ترون عبدي هذا قد قام من لذيذ مضجعه لصلاة لم أفترضها عليه، اشهدوا أني قد غرفت له. وقال عليه السلام: كذب من زعم أنه يصلي بالليل، ويجوع بالنهار. وقال: إن البيوت التي يصلي فيها بالليل بتلاوة القرآن تضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض فإذا استيقظ العبد من منامه لصلاة الليل فليقل حين يستيقظ " الحمد لله الذي رد علي روحي، أحمده، وأعبده اللهم إنه لا يوارى منك ليل داج، ولا سماء ذات أبراج، ولا أرض ذات مهاد، ولا ظلمات بعضها فوق بعض، ولا بحر لجي يدلج بين يدي المدلج من خلقك، تعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، غارت النجوم، ونامت العيون، وأنت الحي القيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، سبحان الله رب العالمين، وإله المرسلين، وخالق النور المبين، والحمد لله رب العالمين " ويرفع رأسه إلى السماء فينظر في أفقها، ويقرأ: " إن في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا، سبحانك فقنا عذاب النار "، ويقرأ ما يتصل به ثلاث آيات آخرها قوله: " إنك لا تخلف الميعاد ". وإذا سمع صوت الديكة فليقل: " سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، عملت سوء وظلمت نفسي، فاغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " ثم ليسك فاه، ويطهره لمناجاة ربه جلت عظمته، ولا يترك السواك في السحر، فإنه سنة مؤكدة. ويسبغ وضوئه، ثم يصير إلى مصلاه، فيستقبل القبلة، ويكبر ثلاثا في ترسل واحدة بعد واحدة، ويقول بعدها: " اللهم أنت الملك الحق المبين، لا إله إلا أنت " إلى آخر ما أثبتناه من الكلام فيما تقدم ذكره، ثم يكبر تكبيرتين، ويقول بعدهما: " لبيك وسعديك " إلى آخر الكلام فيما تقدم ذكره، ثم يكبر تكبيرتين، ويقول: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض " إلى آخر الكلام، ثم يقرأ " الحمد " يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " فإذا فرغ منها قرأ " قل هو الله أحد " ثلاثين مرة ثم ركع، وسجد وقام إلى الثانية فقرأ " الحمد " و " قل يا أيها الكافرون " ثلاثين مرة، ويجزيه من ذلك أن يقرأ في الأولة مع " الحمد " " قل هو الله أحد " مرة واحدة وفي الثانية " الحمد و " قل يا أيها الكافرون " مرة واحدة إلا أن الذي ذكرناه من: قراءة كل واحدة منهما ثلاثين مرة أفضل، ثم يقرأ في الست الباقية من النوافل الليل مع " الحمد " ما تيسر له من سور القرآن، ويستحب له أن يقرأ فيها السور الطوال، وكلما مر بآية فيها ذكر الجنة وقف عندها، وسأل الله الجنة، وإذا مر بآية فيها ذكر النار، وقف عندها، واستعاذ بالله من النار، ويرتل قراءته، ويجهر فيها. ولا يخاف بالقرآن في صلاة الليل من الفرائض والنوافل، وكذلك يجهر بالقرآن في صلاة الغداة ويخافت به في الظهر والعصر، ولا يخفض صوته فيما يخافت به دون سماع أذنيه القرآن. وإن قرأ في نوافل الليل كلها " الحمد " و " قل هو الله أحد " أحسن في ذلك وأحب له أن يقرأ في كل ركعة منها " الحمد " مرة و " قل هو الله أحد " ثلاثين مرة، فإن لم يتمكن من ذلك قرأها عشرا عشرا، ويجزيه أن يقرأها مرة واحدة في كل ركعة إلا أن تكرارها حسب ما ذكرناه أفضل، وأعظم أجرا. وينبغي أن يجلس بعد كل ركعتين فيحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على محمد وآله، ويسأل الله من فضله. وإن خشي أن يدركه الصبح فليخفف في دعائه، وصلاته، وتمجيده، فإن لم يخش ذلك فليجتهد في العبادة، ويطيل في صلاته، وتمجيده، ودعائه إن شاء الله. فإذا فرغ من الثماني ركعات قام، فصلى ركعتين، يقرأ في كل واحدة منهما " الحمد " مرة و " قل هو الله أحد " مرة واحدة، ويتشهد في الثانية منهما، ويسلم ثم قام إلى الثالثة، وهي الوتر، فاستفتح الصلاة بالتكبير، وكبر ثلاثا في ترسل واحدة بعد واحدة، وقال بعد الثالثة منها ما قدمنا ذكره، وكبر تكبيرتين، وقال بعدهما القول الذي رسمناه، وكبر تكبيرتين، وتوجه بعدهما بقوله " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض " إلى آخر الكلام كما فسرنا ذلك، وشرحناه في صفة افتتاح نوافل الزوال، والأولة من كل فريضة، والأولة من نوافل الليل، وبينا أنه سنة في افتتاح سبع صلوات، ثم يقرأ بعد التوجه " الحمد " يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " على ما ذكرناه، فإذا فرغ منها قرأ " قل هو الله أحد " يفتتحها ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم "، فإذا فرغ منها كبر، ورفع يديه حيال صدره للدعاء، وقنت، فقال من تمجيد الله، والثناء عليه ما يحضره، وصلى على محمد وآله، وسأل الله من فضله، ودعا لأهله وإخوانه من المؤمنين، وسمى من أحب منهم باسمه. ويستحب أن يقنت في الوتر بهذا القنوت وهو: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الملك الحق المبين، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، اللهم لا إله إلا أنت نور السماوات والأرض، لا إله إلا أنت زين السماوات والأرض، لا إله إلا أنت رب السماوات والأرض، لا إله إلا أنت جمال السماوات والأرض، لا إله إلا أنت رب العالمين، لا إله إلا أنت الغفور الرحيم، لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم، لا إله إلا أنت مالك يوم الدين، لا إله إلا أنت مبدء كل شئ، وإليك يعود، لا إله إلا أنت لم تزل، ولا تزال، لا إله إلا أنت الكبير المتعال، لا إله إلا أنت الملك القدوس، لا إله إلا أنت السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، لا إله إلا أنت الكبير، والكبرياء رداؤك، سبحان الله الذي ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، والحمد لله الذي تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شئ لعزته، واستسلم كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لملكه، واتضع كل شئ لهيبته، وذل كل شئ لربوبيته فأنت يا رب صريخ المستصرخين، وغياث المستغيثين، والمفرج عن المكروبين، والمروح عن المغمومين، ومجيب دعوة المضطرين، وكاشف السوء، وكهف المضطهدين، وعماد المؤمنين، إليك ملجأهم ومفزعهم، ومنك رجائهم، وبك استعانتهم، وحولهم وقوتهم، إياك يدعون، وإليك يطلبون، ويتضرعون، ويبتهلون، وبك يلوذون، وإليك يفزعون وفيك يرغبون، وفي مننك يتقلبون، وبعفوك إلى رحمتك يسكنون، ومنك يخافون ويرهبون، لك الأمر من قبل ومن بعد لا تحصى نعمك ولا تعد، أنت جميل العادة والبلاء مستحق، للشكر والثناء، ندبت إلى فضلك، وأمرت بدعائك، وضمنت الإجابة لعبادك، وأنت صادق الوعد، قريب الرحمة، اللهم فإني أشهد على حين غفلة من خلقك: أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك المرتضى، ونبيك المصطفى، أسبغت عليه نعمتك، وأتممت له كرامتك، وفضلت لكرامته آله، فجعلتهم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وأكملت بحبهم وطاعتهم الإيمان، وقبلت بمعرفتهم والإقرار بولايتهم الأعمال، واستعبدت بالصلاة عليهم عبادك، وجعلتهم مفتاحا للدعاء، وسببا للإجابة، اللهم فصل على محمد وآل محمد أفضل ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم آتهم الوسيلة والفضيلة، وأعطهم من كرامة ونعمة وعطاء أفضله، حتى لا يكون أحد من خلقك أقرب مجلسا، ولا أحظى عندك منزلة، ولا أقرب منك وسيلة، ولا أعظم شفاعة منهم، اللهم اجعلني من أعوانهم وأنصارهم وأشياعهم، وثبتني على محبتهم، وطاعتهم، والتسليم لهم، والرضا بقضائهم، واجعلني بمحبتهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة، ومن المقربين، فإنني أتقرب إليك بهم، وأتوجه إليك بهم، وأقدمهم بين يدي حوائجي ومسألتي، فإن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، وحجبت دعائي عنك فاستجب لي يا رب بهم دعائي، وأعطني بهم سؤلي ورجائي وتقبل بهم يا رب توبتي، واغفر لي يا رب بهم ذنبي، يا محمد أتقرب بك إلى الله ربي وربك، ليسمع دعائي، ويعطيني سؤلي، ويغفر ذنبي، يا رب أنت أجود من سئل، وأكرم من أعطى، وأرحم من استرحم، يا الله يا الله يا الله، يا رب يا رب يا رب، قلت " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون "، نعم والله المجيب أنت، ونعم المدعو، ونعم المسؤول، أسألك بنور وجهك، وعز ملكوتك، وأسألك باسمك، بسم الله الرحمن الرحيم، وبكل اسم تسميت به، وعلمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أعلنت، وما أسررت، وما أنت أعلم به مني مغفرة جمة، لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، ولا تسألني عن شئ من ذنوبي بعدها أبدا أبدا، وأعطني عصمة لا أعصيك معها أبدا أبدا وخذ بناصيتي إلى محبتك ورضاك، ووفقني لذلك، واستعملني به أبدا أبدا ما أبقيتني، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحت قدمي، وامنعني أن يوصل إلي بسوء، واصرف عني شر كل شيطان مريد، وشر كل جبار عنيد، وشر كل ضعيف من خلقك وشديد، وشر السامة، والهامة، والعامة وشر كل دابة صغيرة أو كبيرة بالليل والنهار، ومن شر فساق العرب والعجم، وشر فسقة الجن والإنس، اللهم من كان ثقته أو رجائه غيرك فأنت يا رب ثقتي ورجائي، أعوذ بدرعك الحصينة أن لا تميتني هدما، ولا ردما، ولا غرقا، ولا عطشا، ولا حرقا، ولا غما، ولا موت الفجائة، ولا أكيل السبع، وأمتني في عافية على فراشي أو في الصف الذي نعتهم في كتابك، فقلت: " كأنهم بنيان مرصوص "، مقبلين، غير مدبرين، على طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وآله، اللهم صل على محمد وآل محمد، واهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرما قضيت إنك تقضي، ولا يقضى عليك، سبحانك وتعاليت، سبحانك رب البيت، أستغفرك، وأتوب إليك، وأؤمن بك، وأتوكل عليك، ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم فتولني، وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار، يا الله يا الله، ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا يجير من نقمتك إلا رحمتك، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك، فهب لي من لدنك رحمة، تغنيني بها عن رحمة من سواك بالقدرة التي أحييت بها جميع من في البلاد، وبها تنشر ميت العباد، ولا تهلكني غما، حتى تغفر لي، وترحمني، وتعرفني الإجابة في دعائي، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي، ولا تملكه رقبتي، اللهم إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني، وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يحول بينك وبيني، أو يتعرض لك بشئ من أمري، وقد علمت أن ليس في حكمك ظلم، ولا في نقمتك عجلة، إنما يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك، فلا تجعلني للبلاء غرضا، ولا لنقمتك نصبا، ومهلني، ونفسني، وأقلني عثرتي، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي، وأنت أحق من أصلح من عبده فاسدا، وقوم منه إودا، اللهم جامع الخلق لليوم العظيم اجعل في ذلك اليوم مع أوليائك موقفي، وفي أحبائك محشري، وحوض محمد صلى الله عليه وآله موردي، ومع الملائكة الكرام مصدري، ثم لقني برهانا أقر بحجته، واجعل لي نورا أستضيء بقبسه، ثم أعطني كتابي بيميني، أقر بحسناته، وتبيض بها وجهي، وترجح بها ميزاني، وأمضي بها في المغفورين لهم من عبادك إلى رحمتك ورضوانك، إله العالمين، اللهم صل على محمد وآل محمد، وامنن علي بالجنة برحمتك، وأجرني من النار بعفوك، اللهم تولني، واحفظني، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وآله الطاهرين أفضل ما صليت على أحد من خلقك، وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما باركت على أحد من خلقك، اللهم صل على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين، اللهم صل على الحسن والحسين سبطي الرحمة وإمامي الهدى، وصل على الأئمة من ولد الحسين: علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف الحجة عليهم السلام، اللهم اجعله الإمام المنتظر، و القائم الذي به ينتصر، اللهم انصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا يسيرا، واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا، اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه، إله الحق، رب العالمين، اللهم تم نورك فهديت، فلك الحمد ربنا، وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد ربنا، وبسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد ربنا، وجهك أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أفضل العطايا وأهناها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر لمن تشاء، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب العظيم، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعمائك قول قائل، اللهم إليك رفعت الأيدي، ونقلت الأقدام، ومدت الأعناق، ودعيت بالألسن، وتقرب إليك بالأعمال، ورفعت الأبصار، ربنا اغفر لنا، وارحمنا وافتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين اللهم إنا نشكوا إليك فقد نبينا، وغيبة ولينا، وشدة الزمان علينا، ووقوع الفتن بنا، وتظاهر أعدائنا، وكثرة عددهم، وقلة عددنا، ففرج يا رب ذلك عنا بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام حق تظهره، إله الحق رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم اللهم اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيرا، واجزهما بالإحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا، اللهم اغفر لفلان وفلان - وتسمي من شئت من إخوانك اللهم إني أسألك جميع ما سألتك لنفسي ولوالدي ولإخواني جميعا: من المؤمنين والمؤمنات، وأسألك لي ولهم اليقين والعفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم وقد شملنا زيغ الفتن، واستولت علينا غشاوة الحيرة، وقارعنا الذل والصغار، وحكم غير المأمون على دينك، اللهم وقد بلغ الباطل نهايته، واستجمع طريده، ووسق وضرب بجرانه اللهم فاتح له من الحق يدا حاصدة، تصرع قائمه، وتجذ سنامه، حتى يظهر الحق بحسن صورته، اللهم وأسفر لنا عن نهار العدل، وأرناه سرمدا لا ليل فيه، وأهطل علينا بركاته، وأدله ممن ناواه وعاداه، وأحي به القلوب الميتة، واجمع به الأهواء المتفرقة، وأقم به الحدود المعطلة والأحكام المهملة، اللهم لا تدع للجور دعامة إلا قصمتها، ولا كلمة مجتمعة إلا فرقتها، ولا قائمة إلا خفضتها، اللهم أرنا أنصاره عباديد بعد الألفة، وشتى بعد اجتماع الكلمة، ومقموعي (1 3) الرؤوس بعد الظهور على الأمة، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأغنني بحلالك عن حرامك، وأوسع علي من رزقك، وأعذني من الفقر، رب إني أسأت، وظلمت نفسي، وبئس ما صنعت، وهذه رقبتي خاضعة لما أتيت، وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك رضاها من نفسي، لك العتبى لا أعود، فإن عدت فعد علي بالمغفرة، العفو العفو يقولها ثلاثمأة مرة أو ما استطعت - اللهم حاجتي التي إن أعطتنيها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني بعدها فكاك رقبتي من النار، أستغفر الله العظيم لجميع ظلمي وجرمي وإسرافي في أمري، وأتوب إليه - يقولها سبعين مرة - ثم يقول: الحمد لله حق حمده، وصلى الله على صفوته من خلقه محمد وأهل بيته. ثم يركع فإذا رفع رأسه من الركوع فلينتصب قائما، ويقول إلهي هذا مقام من حسناته نعمة منك، وشكره قليل، وعمله ضعيف، وذنبه عظيم، وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك، اللهم و قد قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى الله عليه وآله: " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون " طال هجوعي، وقل قيامي، وهذا السحر، وأنا أستغفرك لكل ذنب أذنبته استغفار من لا يملك لنفسه ضرا، ولا نفعا، ولا موتا، ولا حياة، ولا نشورا " ثم يخر ساجدا، ويسجد السجدتين، ويتشهد، فإذا سلم فليقل: " سبحانك ذي الملك والملكوت، سبحان ربي الملك القدوس " يكررها ثلاثا. ثم يصلي ركعتي الفجر، يفتتح الأولة منهما بالتكبير، ويقرأ " الحمد " و " قل يا أيها الكافرون "، ويقرأ في الثانية " الحمد " و " قل هو الله أحد "، ليكون قد استفتح نوافل الليل ب‍ " قل هو الله أحد " وختمها ب‍ " قل هو الله أحد "، وإذا تشهد في الثانية من ركعتي الفجر، وسلم فليحمد الله، ويثني عليه،  ويصلي على محمد وآله، ويسأل الله من فضله. ويستحب له أن يستغفر الله تعالى في عقب صلاة الفجر سبعين مرة يقول: " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الرحمن الرحيم، وأتوب إليه " ويصلي على محمد وآل محمد مائة مرة. يقول: " اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم، ورحمة الله وبركاته " فإن طال عليه ذلك فليقل: " اللهم صل على محمد وآله الطاهرين " يكررها مائة مرة، وكذلك إن طال عليه لفظ الاستغفار الذي ذكرناه فليقل: " أستغفر الله ربي، وأتوب إليه "، ثم يخر ساجدا بعد هاتين الركعتين وتعقيبهما المذكور، ويقول في سجوده: " يا خير مدعو، يا خير مسؤول، يا أوسع من أعطى، يا أفضل مرتجى، صل على محمد وآل محمد واغفر لي، وارحمني، وتب علي إنك التواب الرحيم " وقد روي أنه يقول في سجوده بعد ركعتي الفجر: " يا خير المسؤولين، ويا أجود المعطين، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي، وارحمني، وارزقني، وارزق عيالي من فضلك، إنك ذو فضل عظيم " وبأي هذين القولين دعا فقد أحسن، فإذا رفع رأسه من سجوده فليقل: " اللهم من أصبح وحاجته إلى غيرك فإني أصبحت وحاجتي ورغبتي إليك، يا ذا الجلال والإكرام "، ثم يضطجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، ويقول في ضجعته: " استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها، واعتصمت بحبل الله المتين، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم، وأعوذ بالله من شر فسقة الجن والإنس، توكلت على الله، ألجأت ظهري إلى الله، أطلب حاجتي من الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شئ قدرا، حسبي الله، ونعم الوكيل "، ثم يقرأ الخمس آيات التي قرأها عند قيامه لصلاة الليل من آخر آل عمران، وهي قوله تعالى: " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " إلى قوله: " إنك لا تخلف الميعاد "، فإذا لاح له الصباح، أو قاربه فليقل: " سبحان رب الصباح، سبحان فالق الإصباح "، يكرر هذا القول ثلاث مرات، فإن غلبه النوم فلا حرج عليه، وأحب له أن لا ينام، ويكون مستيقظا، يذكر الله تعالى ويثني عليه، ويسأله من فضله إلى أن يطلع الفجر، فإذا طلع، واستبان له وتحققه، فليؤذن، وليقم، ويتوجه إلى القبلة، ويفتتح الصلاة بسبع تكبيرات كما ذكرناه، ويمجد بينها بما رسمناه فيما تقدم، ويقرأ " الحمد " وسورة معها من السور المتوسطات وأحب له أن تكون سورة " هل أتى على الإنسان "، فإن لم يحسنها، أو لم يتيسر له قرائتها فليقرأ " والفجر "، أو " سبح اسم ربك الأعلى "، ويجزيه سوى هذه السورة غيرها مما تيسر عليه من سور القرآن، ويقرأ في الثانية " الحمد "، و " إنا أنزلناه " أو " قل هو الله أحد "، ويجزيه غيرهما مما تيسر له من السور، فإذا تشهد وسلم مجد الله تعالى بما قدمناه ذكره، وسبح تسبيح الزهراء فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليه وعليها، ثم دعا، فقال: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وأقلني عثرتي، واستر عورتي، وآمن روعتي واكفني شر من بغى علي، وانصرني على من ظلمني، وأرني ثاري فيه، اللهم ما أصبح بي من نعمة أو خير أو عافية فمنك وحدك لا شريك لك، أصبحت لا أملك ما أرجو، ولا أستطيع دفع ما أحذر يا رب العالمين، ويا أرحم الراحمين، ويا ذا الجلال والإكرام والمنن العظام والأيادي الجسام، صل على محمد وآله، وجد علي بفضلك، وامنن علي بإحسانك، واجعلني وأهلي ومالي وولدي في فنائك الذي لا يضام، وفي كنفك الذي لا يرام، يا جار من لا جار له و، يا غياث من يا غياث له، ويا ملاذ من لا ملاذ له، أنت عصمتي ورجائي، وأنت غياثي وعمادي، أصبحت في رجائك، ما لي أمل سواك، فصل على محمد وآل محمد، وصبحني منك بخير، واجعلني منك على خير، وارزقني منك الخير " ثم يصلي على محمد وآله، ويدعو بما أحب، فإذا فرغ من دعائه سجد سجدتي الشكر، وعفر بينهما كما وصفناه، وسأل الله في سجوده من فضله إن شاء الله، ثم يرفع رأسه من السجود فيذكر الله كثيرا إلى أن تطلع الشمس. فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه كان يقول: " والله إن ذكر الله تعالى بعد صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أسرع في طلب الرزق من الضرب بالسيف في الأرض ". وروي: أن رجلا سأل العبد الصالح موسى بن جعفر عليه السلام أن يعلمه دعاء موجزا، يدعو به لسعة الرزق، فقال له: إذا صليت الغداة في كل يوم فقل في دبرها: " سبحان الله العظيم وبحمده، أستغفر الله، وأساله من فضله "، فتعلم ذلك الرجل، ودعا به فما كان بأسرع من أن جائه ميراث، لم يكن يرجوه من جهة قريب له، لم يكن يعرفه، فصار من أحسن أهل بيته حالا بعد أن كان أسوئهم حالا.

 

[ 10 ] باب تفصيل أحكام ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض فيها والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز

والذي ذكرناه في صفات الصلاة يشتمل على المفروض منها والمسنون، وأنا أفضل كل واحد منهما من صاحبه، لتعرف الحقيقة فيه إن شاء الله. المفروض من الصلاة أداؤها في وقتها، واستقبال القبلة لها، وتكبيرة الافتتاح، والقراءة والركوع، والتسبيح في الركوع، والسجود، والتسبيح في السجود والتشهد، والصلاة على محمد وآله عليهم السلام فيه، فمن ترك شيئا من هذه الخصال التي ذكرناها عمدا في صلاته فلا صلاة له، وعليه الإعادة ومن تركها ناسيا فلها أحكام. إن صلى قبل الوقت متعمدا أعاد، وإن أخطأ في ذلك فأدركه الوقت وهو منها في شئ أجزأته، وإن فرغ منها قبل الوقت أعاد. فإن نسي استقبال القبلة، أو أخطأها، ثم ذكرها، أو عرفها ووقت الصلاة باق أعاد، فإن كان الوقت قد مضى فلا إعادة عليه إلا أن تكون صلاته على السهو والخطأ إلى استدبار القبلة فعليه إعادة الصلاة، كان الوقت باقيا، أو ماضيا. فإن ترك تكبيرة الافتتاح متعمدا، أو ساهيا فعليه إعادة الصلاة، لأنه لا يثبت له شئ من الصلاة ما لم يثبت له تكبيرة الافتتاح. وإن ترك القراءة ناسيا فلا إعادة عليه إذا تمم الركوع والسجود. وإن ترك الركوع ناسيا، أو متعمدا أعاد الصلاة. [ فإن شك في الركوع وهو قائم ركع، وإن كان قد دخل في حالة أخرى من السجود وغيره مضى في صلاته، وليس عليه شئ ]. وإن ترك سجدتين من ركعة واحدة أعاد على كل حال، وإن نسي واحدة منهما، ثم ذكرها في الركعة الثانية قبل الركوع أرسل نفسه، وسجدها، ثم قام فاستأنف القراءة، أو التسبيح إن كان مسبحا في الركعتين، الآخرتين على ما قدمناه، وإن لم يذكرها حتى يركع الثانية قضاها بعد التسليم، وسجد سجدتي السهو، وسأبين ذلك في باب السهو في الصلاة إن شاء الله. وإن ترك التسبيح في الركوع و السجود ناسيا لم يكن عليه إعادة الصلاة. وإن ترك التشهد ناسيا قضاه، ولم يعد الصلاة. والسلام في الصلاة سنة، وليس بفرض تفسد بتركه الصلاة. والتوجه بالتكبيرات السبع على ما ذكرناه في أول كل فريضة سنة من تركه فيها، أو في غيرها من النوافل، واقتصر من جملته على تكبيرة الافتتاح أجزأه ذلك في الصلاة. والتكبير للركوع والسجود سنة، وكذلك رفع اليدين به، وليس ينبغي لأحد تركه متعمدا، وإن نسيه لم تفسد بذلك الصلاة. والقنوت سنة وكيدة، لا ينبغي لأحد تركه مع الاختيار، ومن نسيه فلم يفعله قبل الركوع فليقضه بعده، فإن لم يذكر حتى يركع الثالثة قضاه بعد فراغه من الصلاة، فإن لم يفعل ضيع أجرا، وترك سنة وفضلا، وإن لم يكن بذلك مهملا فرضا، ولا مقترفا سيئة وإثما. وسجدتا الشكر والتعفير بينهما من السنن، وليس من المفترضات. والدعاء بعد الفرائض مستحب، وليس من الأفعال الواجبات. ومختصر القنوت في الصلاة أن يقول الإنسان: " اللهم اغفر لنا، وارحمنا، وعافنا، واعف عنا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين ". وأدنى ما يدعي به بعد الفريضة أن يقول الإنسان: " اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، وأسألك خشيتك في أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ". ويجزي في سجدتي الشكر أن يقول في الأولة: " شكرا شكرا شكرا لله " ويقول في التعفير مثل ذلك، وفي السجدة الثانية مثله. وتسبيح الزهراء عليها السلام في أعقاب الصلوات المفترضات سنة مؤكدة، وهو في أعقاب النوافل مستحب. وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: لأن أصلي الخمس الصلوات مجردة من نوافلها، و أسبح في عقب كل فريضة منها تسبيح الزهراء عليها السلام أحب إلي من أن أصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، لا أسبح فيما بينها تسبيح فاطمة عليها السلام. وسئل عليه السلام عن قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا " ما حد هذا الذكر فقال: من سبح في عقب كل فريضة تسبح الزهراء فاطمة صلوات الله عليها وآلها فقد ذكر الله ذكرا كثيرا ومن السنة أن يجهر المصلي بالقرآن في صلاة الغداة، والركعتين الأولتين من صلاة المغرب، والركعتين الأوليين من صلاة العشاء الآخرة، ونوافل الليل كلها، ويخافت بالقرآن في صلاة الظهر والعصر، ولكن لا يخافت بما لا يسمعه أذنيه من القرآن. ومن تعمد الإخفات فيما يجب فيه الإجهار، أو الإجهار فيما يجب فيه الإخفات أعاد. والإمام يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة يسمع منه القرآن المأمومين، وكذلك يجهر في صلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء، ويصغي إلى قرائته المصلون خلفه. ومن صلى الجمعة منفردا جهر بالقرآن، كما يجهر به لو كان إماما، وصلاها أربع ركعات، وكذلك من صلى العيدين، وصلاة الاستسقاء بغير إمام يجهر أيضا فيهما بالقرآن، ولا يخافت به على ما شرحناه. وصلاة الليل سنة وكيدة على ما قدمناه، ووقتها بعد مضي النصف الأول من الليل، وكلما قرب الوقت من الربع الأخير كان الصلاة فيه أفضل. ومن فاتته صلاة الليل قضاها في صدر النهار، فإن لم يتفق ذلك له قضاها في الليلة الثانية قبل صلاتها من آخر الليل، وإن قضاها بعد عشاء الآخرة قبل أن ينام أجزأه ذلك، وكذلك من نسي نوافل النهار، أو شغل عنها قضاها ليلا، فإن فاته ذلك قضاها في غد يومه في النهار. ولا تقضى نافلة في وقت فريضة من الصلوات ومن لم يتمكن من صلاة الليل في آخره فليترك صلاة ليله، ثم ليقضها في أول الليلة الثانية، ويقضي صلاة الليلة الثانية في أول الليلة الثالثة، ولا يتركها على حال. وروي: أن رجلا قال لأمير المؤمنين عليه السلام: إني أحب أن أصلي صلاة الليل ولست أستيقظ لها، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أنت رجل قد قيدتك ذنوبك. وروي: أن الرجل يكذب الكذبة في النهار فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم صلاة الليل حرم بذلك الرزق. والمسافر إذا خاف أن يغلبه النوم لما لحقه من التعب، فلا يقوم في آخر الليل فليقدم صلاته ليلته في أولها بعد صلاة العشاء الآخرة، وكذلك إن أراد المسير في آخر الليل فليصل صلاة ليلته في أولها. والشاب الذي تمنعه رطوبة رأسه وثقله عن القيام آخر الليل يقدم صلاته في أول الليل. ومن ضعف عن صلاة الليل قائما فليصلها جالسا وكذلك من أتعبه القيام في النوافل كلها، وأحب أن يصليها جالسا للترفه فليفعل ذلك، وليجعل كل ركعتين منها بركعة في الحساب. وإذا صلى الإنسان جالسا كان بالخيار في جلوسه بين أن يجلس متربعا، أو تاركا إحدى فخذيه على الأرض رافعا الأخرى كما وصفناه في جلوسه للتشهد بين السجدتين في الصلاة. ويجزي العليل والمستعجل أن يقرئا في الركعتين الأولتين من فرائضهما كلها بسورة " الحمد " وحدها، ويسبحا في الآخرتين بأربع تسبيحات، ويجزيهما في تسبيح الركوع أن يقولا " سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله "، فإن قالاها مرة واحدة أجزأهما ذلك مع الضرورات، وكذلك يجزيهما في تسبيح السجود. وأدنى ما يجزي في التشهد أن يقول المصلي: " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله ". ومن صلى سبع عشرة ركعة في اليوم والليلة، وهي الخمس الصلوات، ولم يصل شيئا سواها أجزأه ذلك في مفترض الصلوات، وإنما جعلت النوافل لجبران الفرائض مما يلحقها من النقصان بالسهو فيها، والإهمال لحدودها. وإذا صلى العبد في اليوم والليلة إحدى وخمسين ركعة سلمت له منها المفروضات، وكان له بالنافلة أجر كبير، وكتب له بها حسنات. ومن أدركه الصبح، وقد صلى من صلاة الليل أربع ركعات تممها، وخفف فيها القراءة والدعاء، ثم صلى بعدها صلاة الغداة، وإن طلع عليه الفجر، وقد صلى منها أقل من أربع ركعات قطع على الشفع مما انتهى إليه من ذلك، وصلى الغداة، ثم رجع فتمم صلاة الليل على ترتيبها والنظام. ومن نسي فريضة أو فاتته لسبب من الأسباب فليقضها أي وقت ذكرها ما لم يكن آخر وقت صلاة ثانية، فتفوته الثانية بالقضاء. ولا بأس أن يقضي الإنسان نوافله بعد صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى أن يتغير لونها بالاصفرار. ولا يجوز ابتداء النوافل، ولا قضاء شئ منها عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها. ويقضي ما فات من الفرائض في كل حال إلا أن يكون وقت قد تضيق فيه فرض صلاة حاضرة فيقضي بعد الصلاة على ما بيناه. ومن أحب أن يقوم في آخر الليل لا يقتطعه عن ذلك النوم، ويغلبه النعاس فليقرأ قبل منامه في أول الليل عند اضطجاعه في المنام آخر سورة الكهف: " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا "، ثم يقول بعد فراغه من قراءة هاتين الآيتين: " اللهم أيقظني لعبادتك في وقت كذا وكذا " فإنه يستيقظ إن شاء الله. ومن قام في آخر ليلة، وقد قارب طلوع الفجر فخشي أن يبتدي بصلاة الليل، فيهجم عليه الفجر فليبتدء بركعتي الشفع، ثم يوتر بعدها بالثالثة، ويصلي ركعتي الفجر، فإن طلع عليه الفجر أذن، وأقام، وصلى الغداة، ثم قضى الثماني الركعات بعد صلاة الغداة، فإن لم يطلع الفجر أضاف إلى ما صلى ست ركعات، ثم أعاد ركعة الوتر وركعتي الفجر. وإن قام وقد قارب الفجر أدرج صلاة الليل ب‍ " الحمد " و " قل هو الله أحد " مرة واحدة في كل ركعة، وخفف، ليفرغ منها قبل الصباح. وإن قام وعليه بقية من الليل ممتدة أطال في صلاته، ورتبها في القراءة، والتمجيد، والدعاء على ما وصفناه. ومن كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليسأله إياها في الأسحار بعد فراغه من صلاة الليل، فإنها الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، ووقت الزوال أيضا يستحب فيه الدعاء، وإن كان لا يكره في شئ من الأوقات إلا أن هذين الوقتين أفضلها للدعاء، لا سيما في ليالي الجمع وأيامها على ما جاءت به عن الصادقين عليهم السلام الأخبار.

 

[ 11 ] باب أحكام السهو في الصلاة، وما يجب منه إعادة الصلاة

وكل سهو يلحق الإنسان في الركعتين الأولتين من فرائضه حتى يلتبس عليه ما صلى منهما، أو ما قدم، وأخر من أفعالهما فعليه لذلك إعادة الصلاة. ومن سها في فريضة الغداة، أو فريضة المغرب أعاد، لأن هاتين الصلاتين لا تقصران على حال. ومن سها في الركعتين الآخرتين من الظهر، والعصر، أو العشاء الآخرة فلم يدر أهو في الثالثة، أو الرابعة فليرجع إلى ظنه في ذلك، فإن كان ظنه أقوى في واحدة منهما بنى عليه، وإن اعتدل توهمه في الجميع بنى على الأكثر، وقضى ما ظن أنه فاته، كأنه أوهم في ثالثة أو رابعة، واستوى ظنه فيهما جميعا فليبن علي أنه في رابعة، ويتشهد، ويسلم، ثم يقوم، فيصلي ركعة واحدة، يتشهد فيها، أو يصلي ركعتين من جلوس، يتشهد في الثانية منهما، ويسلم، فإن كان الذي بنى عليه أربعا في الحقيقة وعند الله تعالى فالركعة التي صلاها بعدها، أو الركعتان من جلوس لا تضره، وفيها احتياط للصلاة، وتكتب له في الحسنات، ويرغم بها الشيطان، وإن كان الذي بنى عليه ثلاث ركعات عند الله تعالى فالركعة الواحدة، أو الركعتان من جلوس عوض عنها في تمام الصلاة. وكذلك من سها فلم يدر أهو في الثانية أو الرابعة فإن كان ظنه في أحدهما أقوى من الآخر عمل على ظنه في ذلك، وإن كان ظنه فيهما سواء بنى على أنه في رابعة، وتشهد، فإذا سلم، قام فصلى ركعتين من قيام، يقرأ في كل واحدة منهما " الحمد " وحدها، وإن شاء سبح أربع تسبيحات، وتشهد، وسلم، فإن كان الذي بنى عليه ركعتين فهاتان الركعتان له تمام الصلاة، وإن كان أربعا كانت الركعتان له نافلة، احتاط بهما للصلاة. ولو شك في اثنتين وثلاث وأربع، واعتدل وهمه بنى على الأربع وتشهد، وسلم، ثم قام، فصلى ركعتين من قيام، وتشهد، وسلم، ثم صلى ركعتين من جلوس، وسلم، فإن كان الذي بنى عليه أربع ركعات عند الله تعالى فما صلاه للاحتياط لا يضره، وكتب له في نوافله الصالحات، وإن كان اثنتين فالركعتان من قيام تمام الصلاة، والركعتان من جلوس نافلة على ما بيناه، وإن كان ثلاثا فالركعتان من جلوس تمامها، والركعتان من قيام نافلة، يكتسب بها الثواب حسب ما قدمناه. ومن سها عن القراءة حتى يركع مضى في صلاته، ولا إعادة عليه. فإن سها عن قراءة " الحمد "، ثم ذكرها قبل الركوع، وقد قرأ بعدها سورة، أو بعضها، رجع، فقرأ " الحمد "، ثم أعاد السورة إن شاء، أو قرأ غيرها من سور القرآن. ومن قرأ سورة بعد " الحمد " ثم أحب أن يقرأ غيرها فله أن يقطعها، ويقرأ سواها مما أحب ما لم يجاوز في قراءته نصفها، فإن جاوز النصف منها لم يكن له الرجوع إلى غيرها. ومن قرأ في فرائضه، أو نوافله ب‍ " قل هو الله أحد "، أو " قل يا أيها الكافرون " لم يكن له الرجوع عن واحدة منهما إلى غيرها، سواء قرأ منها النصف، أو أقل من ذلك، ووجب عليه تمامها على كل حال. ومن سها عن سجدة من السجدتين، ثم ذكرها، وقد رفع رأسه، وهو جالس سجدها، ولا إعادة عليه، وإن ذكرها بعد قيامه سجدها ما لم يركع، ثم رفع رأسه فابتدأ القراءة، فإن ذكرها بعد الركوع مضى في صلاته، فإذا سلم قضاها، وسجد بعدها سجدتي السهو. ومن نسي التشهد الأول، ثم ذكره، وقد قام قبل أن يركع في الثالثة، رجع، فجلس، وتشهد، ثم قام، فاستأنف الثالثة، ولم يعتد بما فعله منها، وإن ذكره بعد ركوعه في الثالثة مضى في صلاته، فإذا سلم قضاه، وتشهد، ثم سجد سجدتي السهو. ومن تكلم متعمدا في الصلاة بما لا يجوز الكلام به في الصلاة أعادها، ومن تكلم ساهيا سجد سجدتي السهو، ولم تكن عليه إعادة الصلاة. وسجدتا السهو بعد التسليم يسجد الإنسان كسجوده في صلاته متفرجا، معتمدا على سبعة أعظم حسب ما شرحناه فيما سلف، ويقول في سجوده: " بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ".، وإن شاء قال: " بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد الطاهرين "، فهو مخير في القولين أيهما قال أصاب السنة، ثم يرفع رأسه، فيجلس، ثم يعود إلى السجود، فيقول ذلك مرة أخرى، ثم يرفع رأسه، ثم يجلس، ويتشهد، ويسلم. ومن ترك صلاة من الخمس الصلوات متعمدا أو ناسيا، ولم يدر أيها هي صلى أربع ركعات، وثلاث ركعات، وركعتين، فإن كان التي تركها الظهر، أو العصر، أو العشاء الآخرة فالأربع ركعات بدل منها، وقضاء لها، وإن كانت المغرب فالثلاث قضاء لها، وإن كانت الغداة فالركعتان عوض منها، وقضاء لها. ومن فاتته صلوات كثيرة لم يحص عددها، ولا عرف أيها هي من الخمس على التعيين، أو كانت الخمس بأجمعها فائتة له مدة لا يحصيها فليصل أربعا، وثلاثا، واثنتين في كل وقت لا يتضيق لصلاة حاضرة وليكثر من ذلك حتى يغلب في ظنه أنه قد قضى ما فاته، وزاد عليه إن شاء الله. وإن تعين له الفائت بكيفيته، ولم يحص ما فاته منه قضاه بعينه على ما شرحناه من التكرار له، واستظهر حتى يحيط علما بأنه قد أداه. ومن التفت في صلاة فريضة حتى يرى من خلفه وجب عليه إعادة الصلاة، فإن كان التفاته هذا في نافلة أبطلها، وكان غير حرج في ترك إعادتها. ومن ظن أنه على طهارة فصلى، ثم علم بعد ذلك أنه كان على غير طهارة تطهر، وأعاد الصلاة وكذلك من صلى في ثوب يظن أنه طاهر، ثم عرف بعد ذلك أنه كان نجسا، ففرط في صلاته فيه من غير تأمل له أعاد ما صلى فيه ثوب طاهر من النجاسات. ومن صلى في ثوب مغصوب لم يجزه ذلك، ووجب عليه إعادة الصلاة. ومن صلى في مكان مغصوب لم يجزه ذلك، ووجب عليه إعادة الصلاة.

 

[ 12 ] باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز الصلاة فيه من ذلك

ولا تجوز الصلاة في جلود الميتة كلها، وإن كان مما لو لم يمت لوقع عليه الذكاة، ولا يجوز في جلود سائر الأنجاس من الدواب كالكلب، والخنزير، والثعلب، والأرنب، وما أشبه ذلك، ولا تطهر بدباغ، ولا تقع عليها ذكاة. ولا يجوز للرجال الصلاة في الإبريسم المحض مع الاختيار، ولا لبسه إلا مع الاضطرار، ولا بأس أن تلبسه النساء، ويصلين فيه، وإن تنزهن عنه كان أفضل. ولا يصلى في الفنك والسمور. ولا تجوز الصلاة في أوبار ما لا يؤكل لحمه. ولا بأس بالصلاة في الخز المحض، ولا تجوز الصلاة فيه إذا كان مغشوشا بوبر الأرانب، والثعالب، وأشباههما. ولا بأس بالصلاة في ثوب سداه إبريسم، ولحمته قطن، أو كتان، أو خز خالص، أو يكون سداه شيئا من ذلك، ولحمته إبريسم، أو حرير. وتكره الصلاة في الثياب السود، وليس العمامة من الثياب في شئ، ولا بأس بالصلاة فيها وإن كانت سوداء. ولا تجوز الصلاة في قميص يشف لرقته حتى يكون تحته غيره كالمئزر و السراويل، أو قميص سواه غير شفاف. ويكره ليس الميزر فوق القميص في الصلاة. ويكره أن يصلي الإنسان بعمامة لا حنك لها، ولو صلى كذلك لكان مسيئا، ولم يجب عليه إعادة الصلاة. ولا بأس أن يصلي الإنسان في إزار واحد، يأتزر ببعضه، ويرتدي بالبعض الآخر. ولا تصلي المرأة الحرة بغير خمار على رأسها، ويجوز ذلك للإماء والصبيات من حرائر النساء. ولا تجوز الصلاة في بيوت الغائط، وبيوت النيران، وبيوت الخمور، وعلى جواد الطرق، وفي معاطن الإبل، وفي الأرض السبخة. ولا بأس بالصلاة في البيع والكنائس إذا توجه المسلم إلى قبلته فيها. ولا يصلى في بيوت المجوس حتى يرش بالماء، ويجف بعد ذلك. ولا يجوز الصلاة في ثوب قد أصابه خمر، أو شراب مسكر، أو فقاع حتى يطهر بالغسل. ولا يصلي في ثوب فيه مني حتى يغسل، وكذلك الحكم في سائر النجاسات. ويكره للإنسان أن يصلي وفي قبلته نار، أو فيها سلاح مجرد، أو فيها صورة، أو شئ من النجاسات. ولا بأس أن يصلي وهو متقلد بسيف في غمده، أو في كمه سكين في قرابها، أو غير ذلك إذا احتاج إلى إحرازه فيه. وإذا صلى وفي إصبعه خاتم حديد لم يضره ذلك. ولا تجوز الصلاة إلى شئ من القبور حتى يكون بين الإنسان وبينه حائل ولو قدر لبنة، أو عنزة منصوبة، أو ثوب موضوع. وقد قيل لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر إمام، والأصل ما ذكرناه. ويصلي الزائر مما يلي رأس الإمام عليه السلام فهو أفضل من أن يصلى، إلى القبر من غير حائل بينه وبينه على حال. ولا يجوز للرجل أن يصلي وعليه لثام حتى يكشف عن جبهته موضع السجود، ويكشف عن فيه لقراءة القرآن. ويكره للمرأة أن تصلي وعليها نقاب مع التمكن والاختيار. ولا يجوز للرجل أن يصلي وامرأة تصلي إلى جانبه، أو في صف واحد معه، ومتى صلى وهي مسامتة له في صفه بطلت صلاتهما، وينبغي إذا اتفق صلاتها في حال صلاته في بيت واحد ونحوه أن تصلي بحيث يكون سجودها تجاه قدميه في سجوده، وكذلك إن صلت بصلاته كانت حالها في صلاتها ما وصفناه. ولا يجوز لأحد أن يصلي وعليه قباء مشدود إلا أن يكون في الحرب، فلا يتمكن من حله فيجوز ذلك مع الاضطرار. ولا ينبغي للرجل إذا كان له شعر أن يصلي وهو معقوص حتى يحله، وقد رخص في ذلك للنساء. ويكره للإنسان أن يصلي في قميص قد شد عليه من ظاهره مئزر أو غيره من الثياب. ولا بأس للرجل أن يصلي في النعل العربي بل صلاته فيها أفضل. ولا يجوز أن يصلي في النعل السندي حتى ينزعها. ولا تجوز الصلاة في الشمشك. ويصلى في الخف والجرموق إذا كان له ساق. ويكفي الرجل في الصلاة قميص واحد إذا كان صفيقا. ولا بد للمرأة في الصلاة من درع وخمار.

 

[ 13 ] باب العمل في ليلة الجمعة ويومها

وأعلم أن الله تعالى فضل ليلة الجمعة ويومها على سائر الليالي وأيامها إلا ما خرج بالدليل من ليلة القدر، فشرفهما، وعظمهما، وندب إلى الزيادة من أفعال الخير فيهما، لطفا منه جل جلاله لخلقه في المفترض عليهم من العبادات، وإرشادا لهم بمنه إلى الحسنات، ودليلا واضحا في الصالحات. فروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إن يوم الجمعة سيد الأيام، تضاعف الحسنات، وترفع فيه الدرجات، وتستجاب فيه الدوات، وتكشف فيه الكربات، وتقضى فيه الحوائج العظام، وهو يوم المزيد، لله تعالى فيه عتقاء وطلقاء من النار، ما دعا فيه أحد من الناس، وعرف حقه وحرمته إلا كان حقا على الله أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار، فإن مات في يومه أو ليته مات شهيدا، وبعث آمنا، وما استخف أحد بحرمته، وضيع حقه إلا كان حقيقا على الله أن يصليه نار جهنم إلا أن يتوب ". وروى عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله أنه قال: " ليلة الجمعة ليلة غراء، ويومها يوم أزهر، ومن مات ليلة الجمعة كتب الله له براءة من ضغطة القبر، ومن مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من النار ". وروى عن الباقر عليه السلام: أنه قال: " ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة ". وروي عن الصادق عليه السلام: أنه قال: " إن الله تعالى اختار من كل شئ شيئا، واختار من الأيام يوم الجمعة ". وروي عن الباقر عليه السلام: أنه قال: " إن الله تعالى لينادي في كل ليلة جمعة من أول الليل إلى آخره: ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه، ألا عبد مؤمن يتوب إلي من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه، ألا عبد مؤمن قد قتر عليه رزقه يسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده وأوسع عليه، ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأعافيه، ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه وأفرج غمه قبل طلوع الفجر فأطلقه من حبسه وأخلي سربه، ألا عبد مؤمن من مظلوم يسألني أن آخذ بظلامته قبل طلوع فجر فأنتصر له، وآخذ بظلامته، قال فما يزال ينادي بها حتى يطلع الفجر ". والصادق عليه السلام أنه قال: في قول الله تعالى: " سوف أستغفر لكم ربي " إنه أخره إلى السحر من ليلة الجمعة وروى عنه عليه السلام: أنه قال: " إن العبد المؤمن ليسأل الله الحاجة فيؤخر قضاها إلى يوم الجمعة، ليختصه بفضل يوم الجمعة " وروي عنه عليه السلام: أنه قال: " إن لله تعالى كرائم في عباده، خصهم بها كل ليلة جمعة ويوم جمعة، فأكثروا فيها من التهليل، والتسبيح، والثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله. وروي عنه عليه السلام: أنه قال: " من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلن بشئ غير العبادة، فإن فيه يغفر الله للعباد، وينزل عليهم الرحمة " فإذا حضرت يرحمك الله ليلة الجمعة فليكن دخولك فيها بالعمل الصالح، و التكبير، والتهليل، والتمجيد، وأكثر فيها من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله. فإنه روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " الصدقة ليلة الجمعة ويومها بألف، والصلاة على محمد وآله ليلة الجمعة بألف من الحسنات، ويحط الله فيها ألفا من السيئات، ويرفع فيها ألفا من الدرجات، وإن المصلي على النبي وآله في ليلة الجمعة يزهر نوره في السماوات إلى يوم الساعة، وإن ملائكة الله عز وجل في السماوات ليستغفرون له، ويستغفر له الملك الموكل بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن تقوم الساعة ". وروي عنه عليه السلام: أنه قال: " إذا كانت عشية الخميس، وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السماء معها أقلام الذهب، وصحف الفضة لا يكتبون إلا الصلاة على النبي وآله إلى أن تغيب الشمس من يوم الجمعة ". وأقرأ في صلاة المغرب من ليلة الجمعة بسورة " الجمعة " و " سبح اسم ربك الأعلى "، وقل في آخر سجدة من نوافلها: " اللهم إني أسألك بوجهك الكريم، واسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي ذنبي العظيم " سبع مرات. واقرأ في العشاء الآخرة ما قرأت به في المغرب: وأقرأ في صلاة الغداة من يوم الجمعة بسورة " الجمعة " و " قل هو الله أحد "، وقل في السجدة الأولى منها: " يا خير المسؤولين، ويا أوسع المعطين ارزقني، وارزق عيالي من فضلك، إنك ذو الفضل العظيم " واقرأ في الظهر والعصر منه بسورة " الجمعة " و " المنافقين "، تجعل سورة " الجمعة " في سائر ما عددناه من الصلوات في الركعة الأولى منها، والسورة الأخرى في الثانية. ويستحب أن يقرأ في كل ليلة جمعة سورة " الكهف "، فإنه روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من قرأ " الكهف " في ليلة الجمعة كانت له كفارة لما بين الجمعة إلى الجمعة. ويستحب أن يقرأ في دبر الغداة من كل يوم جمعة سورة " الرحمن " فإنه روي عن الصادق عليه السلام: أنه قال: " اقرأ في دبر الغداة من يوم الجمعة سورة " الرحمن "، وقل كلما قرأت " فبأي آلاء ربكما تكذبان " -: " لا بشئ من الآئك رب أكذب ". ومن السنن اللازمة للجمعة الغسل بعد الفجر من يوم الجمعة. فإنه روي عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه قال: " غسل الجمعة، والفطر سنة في السفر والحضر ". وروي عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال: " يجب غسل الجمعة على كل ذكر وأنثى من حر وعبد " وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد أن يوبخ رجلا قال له: " لأنت أعجز من تارك غسل يوم الجمعة فإنه لا يزال في طهر من الجمعة إلى الجمعة الأخرى " فإذا طلع الفجر من يوم الجمعة فخذ شيئا من شاربك، وقلم أظفارك، واغتسل، فإنه روي عن الباقر عليه السلام أنه قال: " من أخذ شيئا من شاربه وأظفاره في كل يوم جمعة، وقال حين يأخذ: بسم الله وبالله، وعلى سنة محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم تسقط منه قلامة، ولا جزازة إلا كتب له بها عتق نسمة، ولم يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه " وكلما قرب غسلك من الزوال كان أفضل. وقل في غسلك: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين " والبس أنظف ثيابك، وامسس شيئا من الطيب جسمك إن حضرك، ثم امض إلى المسجد الأعظم في بلدك، وعليك السكينة والوقار، فإنه روي عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله أنه قال: " صلاة في المسجد الأعظم مائة صلاة "، وقل وأنت متوجه إلى المسجد: " اللهم من تهيأ، وتعبأ، وأعد، واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده، وجوائزه ونوافله فإليك يا سيدي وفادتي، وتهيئتي، وتعبيتي، وإعدادي، واستعدادي رجاء رفدك، وجوائزك، ونوافلك ". وصل ست ركعات عند انبساط الشمس، وستا عند ارتفاعها، وستا قبل الزوال، وركعتين حين تزول، استظهر بهما في تحقيق الزوال. ثم أذن، وأقم، وافتتح الفرض بسبع تكبيرات، تتوجه في السابعة منها، واقرأ " الحمد " وسورة " الجمعة "، فإذا قمت إلى الثانية فأقرأ " الحمد "، وسورة " المنافقين "، تجهر بالقراءة في الركعتين جميعا، فإذا فرغت من السورة فارفع يديك حيال صدرك للقنوت، واقنت بما قدمنا شرحه وإن شئت أن تقنت بغيره فقل بعد كلمات الفرج المقدم ذكرها: " اللهم صلى على محمد وآل محمد كما هديتنا به، اللهم صلى على محمد وآل محمد كما أمرتنا بالإيمان به، اللهم اجعلنا ممن اخترت لدينك، وخلقت لجنتك، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب "، وإن شئت فقل: " اللهم إني أسألك لي ولوالدي ولولدي وأهل بيتي وإخواني فيك اليقين، وأسألك العفو والعافية والمعافاة والمغفرة والرحمة في الدنيا والآخرة "، فكل واحد من هذا قد جاءت به رواية ويجزيك بدلا من جميعه ما نفث به صدرك على لسانك من تمجيد الله عز وجل والمسألة لحوائجك، قل لفظ ذلك أم كثر فإذا ركعت، وسجدت، وتشهدت قمت إلى الثالثة فسبحت فيها، وكذلك الرابعة. فإذا سلمت فسبح تسبيح الزهراء فاطمة صلوات الله عليها وآلها واقرأ " الحمد " مرة واحدة " و " قل هو الله أحد " سبع مرات، و " قل أعوذ برب الفلق " سبع مرات، و " قل أعوذ برب الناس " سبع مرات، واقرأ آية الكرسي مرة واحدة، وآية السخرة " إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش " إلى قوله " إن رحمة الله قريب من المحسنين " مرة واحدة، واقرأ آخر التوبة: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " مرة واحدة، فإنه روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " من قرأ هذه الآيات حين يفرغ من صلاة الجمعة قبل أن يثني رجله كانت كفارة له ما بين الجمعة إلى الجمعة " ثم ارفع يديك للدعاء، وقل: " اللهم إني تعمدت إليك بحاجتي، وأنزلت بك اليوم فقري وفاقتي ومسكنتي، وأنا لمغفرتك أرجى مني لعملي، ولمغفرتك ورحمتك أوسع لي من ذنوبي فتول قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها، وتيسير ذلك عليك، ولفقري إليك، فإني لم أصب خيرا قط إلا منك، ولم يصرف عني أحد سوء قط غيرك، وليس أرجو لآخرتي ودنياي سواك، ولا ليوم فقري وتفردي من الناس في حفرتي غيرك، فصل على محمد وآل محمد واقض لي حوائجي من حوائج الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين، اللهم صلي على محمد وآل محمد، واجعلني من أهل الجنة التي حشوها بركة، وعمارها الملائكة مع نبينا محمد صلى الله عليه وآله وأبينا إبراهيم عليه السلام ". ثم قم، فأذن للعصر، وأقم، وتوجه بسبع تكبيرات على شرح ذلك في صلاة الظهر، واقرأ فيها بالسورتين كما قدمناه، وسبح في الآخرتين منها كما وصفناه إن شئت وقراءة الحمد فيهما أفضل، فإذا سلمت فسبح تسبيح فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، واستغفر الله تعالى بعده سبعين مرة، تقول في استغفارك: " أستغفر الله ربي، وأتوب إليه ". وصل على محمد وآله سبع مرات، تقول: " اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم، ورحمة الله، وبركاته "، تكرره سبع مرات، ثم تصلي على محمد وآله بلفظ آخر مأة مرة، تقول في كل مرة: " اللهم صل على محمد وآله محمد، وعجل فرجهم " إلى تمام المأة مرة، ثم ادع بدعاء العصر في سائر الأيام، وادع بعده بما شئت [ وصل تمام نوافل الجمعة ست ركعات، لتكمل بذلك عشرين ركعة، وإن شئت صليت العشرين بأجمعها قبل فريضة الظهر، وإن شئت صلها بعد الفريضتين، وإن شئت صليت منها عشر ركعات قبل الفرضين، وعشرا بعدهما، كل ذلك أنت مخير فيه ]. واعلم أن الرواية جاءت عن الصادقين عليهم السلام أن الله جل جلاله فرض على عباده من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، لم يفرض فيها الاجتماع إلا في صلاة الجمعة خاصة. فقال جل من قائل: " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ". وقال الصادق عليه السلام: " من ترك الجمعة ثلاثا من غير علة طبع الله على قلبه ". ففرضها وفقك الله الاجتماع على ما قدمناه إلا أنه بشريطة حضور إمام مأمون على صفات يتقدم الجماعة، ويخطبهم خطبتين، يسقط بهما وبالاجتماع عن المجتمعين من الأربع الركعات ركعتان. وإذا حضر الإمام وجبت الجمعة على سائر المكلفين إلا من عذره الله تعالى منهم. وإن لم يحضر إمام سقط فرض الاجتماع. وإن حضر إمام يخل شرائطه بشريطة من يتقدم، فيصلح به الاجتماع فحكم حضوره حكم عدم الإمام. والشرائط التي تجب فيمن يجب معه الاجتماع أن يكون حرا، بالغا، طاهرا في ولادته، مجنبا من الأمراض الجذام والبرص خاصة في جلدته، مسلما، مؤمنا معتقدا للحق بأسره في ديانته، مصليا للفرض في ساعته، فإذا كان كذلك، واجتمع معه أربعة نفر وجب الاجتماع. ومن صلى خلف إمام بهذه الصفات وجب عليه الانصات عند قرائته، والقنوت في الأولى من الركعتين في فريضته. ومن صلى خلف إمام بخلاف ما وصفناه رتب الفرض على المشروح فيما قدمناه. ويجب حضور الجمعة مع من وصفناه من الأئمة فرضا، ويستحب مع من خالفهم تقية وندبا، روى هشام بن سالم، عن زرارة بن أعين قال: حدثنا أبو عبد الله عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدوا عليك، فقال: " لا، إنما عنيت ذلك عندكم ". ولا بأس بالصلاة لمن عدم الإمام في منزله، ومسجد قبيلته غير أن إتيان المسجد الأعظم على كل حال، لا ضرر فيها، أفضل. وتسقط صلاة الجمعة مع الإمام عن تسعة: الطفل الصغير، والهرم الكبير، والمرأة، والمسافر، والعبد، والمريض، والأعمى، والأعرج، ومن كان منها بالمسافة على أكثر من فرسخين. ووقت صلاة الظهر في يوم الجمعة حين تزول الشمس، ووقت صلاة العصر منه وقت الظهر في سائر الأيام، وذلك لما جاء عن الصادقين عليهم السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب أصحابه في الأول، فإذا زالت الشمس نزل عليه جبرئيل عليه السلام، فقال له: يا محمد قد زالت الشمس، فصل، فلا يلبث أن يصلي بالناس، فإذا فرغ من صلاته أذن بلال العصر، فجمع بهم العصر، وانصرف أهل البوادي، والأطراف، والأباعد ممن كان يحضر المدينة للجمعة إلى منازلهم، فأدركوها قبل الليل، فلزم بذلك الفرض وتأكدت به السنة. ووقت النوافل للجمعة في يوم الجمعة قبل الصلاة، ولا بأس بتأخيرها إلى بعد العصر. ومن كان متنفلا في يوم الجمعة فزالت الشمس قطع وبدأ بالفرض. والفرق بين الصلاتين في سائر الأيام مع الاختيار وعدم العوارض أفضل، وبه ثبتت السنة إلا في يوم الجمعة، فإن الجمع بينهما أفضل، وهو السنة، وكذلك جمع الظهر والعصر بعرفات، وجمع المغرب والعشاء الآخرة بالمشعر الحرام سنة، لا يجوز تعديها. وأقل ما يكون بين الجماعتين على شرط الجماعة في الجمعة ثلاثة أميال. ولا جماعة إلا بخطبة، وإمام.

 

[ 14 ] باب صلاة شهر رمضان

وأعلم أن الله جل جلاله فضل شهر رمضان على سائر الشهور لما علم م ن المصلحة في ذلك لخلقه، فحكم به في الكتاب المسطور، وأوجب فيه الصوم إلزاما، وأكد فيه المحافظة على الفرائض تأكيدا، وندب فيه إلى أفعال الخير ترغيبا، وعظم رتبته، وشرفه، وأعلا شأنه، وشيد بنيانه، فخبر جل اسمه: أنه أنزل فيه القرآن العظيم، وأن فيه ليلة خيرا ألف شهر للعالمين. وكان مما ندب إليه من جملة ما رغب فيه، وحث عليه، ألف ركعة يأتي بها العبد في جميعه تقربا إليه، وهي مع ذلك جبران لما يدخل من الخلل في الفرائض عليه فافهمها أرشدك الله، وحصل علمها، واعزم على تأديتها تكن من المخلصين. إذا كان أول ليلة من الشهر، وصليت المغرب ونوافلها الأربع فقم، فصل ثماني ركعات، تقرأ في كل ركعة " فاتحة الكتاب " و " إنا أنزلناه في ليلة القدر " أو " قل هو الله أحد "، ويجزيك بدلها ما تيسر من القرآن، غير أن قرائتهما أفضل، فإذا فرغت من الثماني ركعات صرت إلى طعامك، فإذا دخل وقت العشاء الآخرة صليتها، وعقبت، ودعوت، ثم قمت، فصليت اثنتي عشرة ركعة، تقرأ فيها ما قدمنا ذكر الرغبة فيه من سورة " الإخلاص " و " إنا أنزلناه في ليلة القدر "، ويجزيك أيضا بدلا من ذلك ما تيسر من القرآن، فإذا فرغت من الاثنتي عشرة ركعة كنت مكملا بها عشرين ركعة، تأتي بها على الترتيب في كل ليلة من الشهر إلى ليلة تسع عشرة، وهي الليلة التي ضرب فيها مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وتجعل الوتيرة في عقب هذه الصلاة المذكورة، لتكون ختاما لها. فإذا حضرت ليلة تسع عشرة فاغتسل فيها قبل مغيب الشمس، فإذا صليت المغرب ونوافلها الأربع والعشاء الآخرة فصل بعدها مأة ركعة، تكثر فيها من قراءة: " إنا أنزلناه في ليلة القدر "، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، والصلاة على أمير المؤمنين وذريته الأئمة المهديين صلوات الله عليهم أجمعين، والابتهال في اللعنة والدعاء على ظالمهم، من الخلق أجمعين، وتجتهد في الدعاء لنفسك، ولوالديك، ولإخوانك من المؤمنين، وتعقبها بالوتيرة على ما قدمناه. فإذا كانت ليلة عشرين عدت إلى الترتيب في صلاتك العشرين. فإذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين عليه السلام اغتسلت قبل مغيب الشمس كما صنعت ليلة تسع عشرة، وصليت بعد العشاء الآخرة مأة ركعة، تقرأ فيها بإحدى السورتين المقدم ذكرهما، تفصل بين كل ركعتين بإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وتكثر من الابتهال إلى الله تعالى في تعذيب قتلة أمير المؤمنين عليه السلام وذريته الراشدين عليهم السلام، واللعنة لهم بأسمائهم، ومن أسس لهم ذلك، وفتح لهم فيه الأبواب، وسهل الطرق، ومن اتبعهم على ذلك من سائر العالمين، وتجتهد في الدعاء لنفسك، ولوالديك، ولإخوانك من المؤمنين. فإذا كانت ليلة اثنتين وعشرين صليت ثماني ركعات بعد المغرب، واثنتين وعشرين بعد العشاء الآخرة، تكملها ثلاثين ركعة. فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين اغتسلت عند مغيب الشمس، وصليت بعد العشاء الآخرة مائة ركعة، تقرأ في كل ركعة منها " فاتحة الكتاب " و " إنا أنزلناه في ليلة القدر "، وتكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتتوب إلى الله جل اسمه من ذنوبك، وتكثر من الاستغفار، وتجتهد في الدعاء، والمسألة، وتذكر حوائجك، فإنها الليلة التي يرجى أن تكون ليلة القدر. ثم تصلي في كل ليلة من السبع الليالي الباقية ثلاثين ركعة على ما قدمنا ترتيبه: من ثمان بين العشائين، واثنتين وعشرين بعد عشاء الآخرة، فتكمل جميع صلواتك على هذا الحساب تسع مائة وعشرين ركعة، يبقى تمام الألف ثمانون ركعة. تصلي في كل يوم جمعة من الشهر عشر ركعات: أربعا منها صلاة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام تقرأ في كل ركعة منها " الحمد " مرة واحدة و " قل هو الله أحد " خمسين مرة. وركعتين صلاة السيدة فاطمة صلوات الله عليها، تقرأ في الأولى منهما " الحمد " مرة و " إنا أنزلناه في ليلة القدر " مائة مرة، وفي الأخرى " الحمد " و " قل هو الله أحد " مائة مرة، فإذا سلمت سحبت تسبيح الزهراء عليها السلام "، وقد قدمنا ذكره، وهو مائة تسبيحة: منها أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة. وأربع ركعات صلاة جعفر بن أبي طالب " عليه السلام "، وهي تسمى صلاة الحبوة، تقرأ في الأولى منها " الحمد " و " إذا زلزلت الأرض زلزالها "، وفي الثانية " الحمد " و " العاديات "، وفي الثالثة " الحمد " و " إذا جاء نصر الله "، وفي الرابعة " الحمد " و " قل هو الله أحد "، وتسبح، وتحمد، وتهلل، وتكبر في كل ركعة منها خمسا وسبعين مرة، تكمل بذلك في الأربع ركعات ثلاثمائة مرة، تقول في الركعة الأولى بعد القراءة وقبل الركوع في دبر السورة " سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " خمس عشرة مرة، وتقوله في الركوع عشرا، وتقوله عند قيامك من الركوع وأنت منتصب عشرا، وتقوله في السجود عشرا، وتجلس بين السجدتين فتقوله عشرا، وتسجد الثانية فتقوله فيها عشرا، وترفع رأسك منها فتجلس وتقوله عشرا، وتنهض إلى الثانية فتقرأ فيها، فإذا فرغت من القراءة صنعت مثل صنيعك في التسبيح الأول، وتشهدت، وسلمت، وتصنع في الآخرتين مثل ذلك، وتقول في السجدة الأخيرة من هذه الصلاة بعد فراغك من العشر تسبيحات: " سبحان من لبس العز والوقار، سبحان من تعطف بالمجد وتكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان من أحصى كل شئ علمه، سبحان ذي المن والنعم، سبحان ذي القدرة والأمر، اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وكلماتك التامات التي تمت صدقا وعدلا، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا " وتسأل حوائجك، فإذا سلمت من هذه الأربع ركعات أكملت بها مع ما تقدمها من الست ركعات في أربع جمع أربعين ركعة، تتم بها مع ما تقدم من النوافل تسع مائة وستين ركعة. فإذا كان آخر جمعة من الشهر صليت ليلة الجمعة عشرين ركعة من صلاة أمير المؤمنين عليه السلام، وليلة السبت عشرين ركعة من صلاة السيدة فاطمة صلوات الله عليها، فتكمل ألفا لا شبهة فيها. واعلم أن هذه الألف ركعة هي سوى نوافلك التي تطوع بها في سائر الشهور من نوافل الليل والنهار، إذ هي لعظيم حرمة شهر رمضان زيادة عليها، فلا تدعن تلك لاستعمال هذه، ولا هذه لتلك، واجمع بينهما، واسأل الله تعالى المعونة والتوفيق لها، فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال حين فرغ من شرح هذه الصلاة للمفضل بن عمر الجعفي " رضي الله عنه ": يا مفضل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. ولكل ركعتين من هذه الألف ركعة دعاء مخصوص يدعى به في دبرهما، أنا ذاكر طرفا منه يكفي المقتصر عليه في باب الاختصار، إذ الإتيان بجميعه يطول وينتشر، فيخرج به عند إيراده على كماله عن غرضنا في ترتيب هذا الكتاب، ومتى أراده مريد فليطلبه في كتاب الصيام لعلي بن حاتم " رضي الله عنه "، فإنه يجده مفصلا على النظام، مستقصى فيه على التمام، وبالله التوفيق. ويستحب أن يصلي الإنسان في ليلة النصف من شهر رمضان مأة ركعة زيادة على الألف، فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله: من صلى ليلة النصف من شهر رمضان مأة ركعة، يقرأ في كل ركعة منها " فاتحة الكتاب " و " قل هو الله أحد " عشر مرات أهبط الله إليه من الملائكة عشرة، يدرؤون عنه أعدائه من الجن والإنس، وأهبط إليه عند موته ثلاثين ملكا يؤمنونه من النار. ويستحب أن يصلي ليلة الفطر ركعتان، يقرأ في الأولى منهما " الحمد " و " قل هو الله أحد " ألف مرة، وفي الثانية " الحمد " و " قل هو الله أحد " مرة واحدة، فقد روي عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله أنه قال: من صلى هاتين الركعتين في ليلة الفطر لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه. وقد بينا موضع الوتيرة مع نوافل شهر رمضان، وذكرنا أنه في عقبها، فمن لم يصل هذه النوافل صلاها عقيب الفرض، لتكون خاتمة صلاته قبل منامه إن شاء الله تعالى.

 

[ 15 ] باب الدعاء بين الركعات

ويدعى في دبر الركعتين الأولتين من نوافل شهر رمضان كل ليلة بعد التسليم منهما، فيقال: " اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ، وأنت العزيز الحكيم، اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد، صلى الله عليه وعليهم، ورحمة الله وبركاته ". ويدعى في دبر الركعتين الآخرتين بعد التسليم منهما، فيقال: الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي ملك فقدر، والحمد لله الذي بطن فخبر، والحمد لله الذي يحيي الموتى، وهو على كل شئ قدير، والحمد لله الذي تواضع كل شئ لعظمته، والحمد لله الذي ذل كل شئ لعزته، والذي استسلم كل شئ لقدرته، والحمد لله الذي خضع كل شئ لملكوته، والحمد لله الذي يفعل ما يشاء، و لا يفعل ما يشاء غيره، اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد، صلى الله عليه وعليهم، والسلام عليه، ورحمة الله وبركاته ". ويدعى في دبر الركعتين الآخرتين بعد التسليم منهما، فيقال " اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما دعاك به عبادك الذين اصطفيتهم لنفسك، المأمونون على سرك، المحتجبون بغيبك، المستسرون بدينك المعلنون له، الواصفون لعظمتك، المتنزهون عن معاصيك، الداعون إلى سبيلك، السابقون في علمك، الفائزون بكرامتك، أدعوك على مواضع حدودك، وكمال طاعتك، وبما دعاك به ولاة أمرك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله ". ويدعى في دبر الركعتين الآخرتين بعد التسليم منهما، فيقال: " يا ذا المن لا من عليك، يا ذا الطول، لا إله إلا أنت، ظهر اللاجين، ومأمن الخائفين، وجار المستجيرين، إن كان في أم الكتاب عندك إني شقي، أو محروم، أو مقتر علي في رزقي فامح من أم الكتاب شقائي وحرماني واقتار رزقي، واكتبني عندك سعيدا، موفقا للخير، موسعا علي في رزقي، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى الله عليه وآله " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقلت: " و رحمتي وسعت كل شئ "، وأنا شئ، فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآل محمد ". وادع بما أحببت، فإذا فرغت من الدعاء فاسجد، وقل في سجودك: "اللهم أغنني بالعلم، وزيني بالحلم، وكرمني بالتقوى، وجملني بالعافية يا ولي العافية، عفوك عفوك من النار ". ثم ارفع رأسك من السجود، وادع، فقل: " يا الله يا الله يا الله، أسألك يا لا إله إلا أنت باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، يا رحمن، يا الله، يا رب، يا قريب، يا مجيب، يا رب السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حنان، لا إله إلا أنت، يا قيوم، أسألك بكل اسم هو لك، تحب أن تدعى به، وبكل دعوة دعاك بها أحد من الأولين والآخرين، فاستجبت له، أن تصرف قلبي إلى خشيتك ورهبتك، وأن تجعلني من المخلصين، وتقوي أركاني كلها لعبادتك، وتشرح صدري للخير والتقى، وتطلق لساني لتلاوة كتابك، يا ولي المؤمنين، صل على محمد وآل محمد "، وادع بما أحببت. فإذا قمت إلى نوافلك من تمام العشرين بعد العشاء الآخرة فصل ركعتين، وادع، فقل: " اللهم إني أسألك ببهائك، وجلالك، وجمالك، وعظمتك، ونورك، وسعة رحمتك، وبأسمائك، وعزتك، وقدرتك، ومشيئتك، ونفاذ أمرك، ومنتهى رضاك، وشرفك، وكرمك، ودوام عزك، وسلطانك، وفخرك، وعلو شأنك، وقديم منك، وعجيب آياتك، وفضلك، وجودك، وعموم رزقك، وعطائك، وخيرك، وإحسانك، وتفضلك، وامتنانك، وشأنك، وجبروتك، وأسألك بجميع مسائلك أن تصلي على محمد وآله محمد، وأن تنجيني من النار، وتمن علي بالجنة، وتوسع علي من الرزق الحلال، وتدرأ عني شر فسقة العرب والعجم، وتمنع لساني من الكذب، وقلبي من الحسد، وعيني من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وترزقني في عامي هذا وفي كل عام الحج والعمرة، وتغض بصري، وتحصن فرجي، وتوسع رزقي، وتعصمني من كل سوء يا أرحم الراحمين ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " اللهم إني أسألك حسن الظن بك، والصدق في التوكل عليك، وأعوذ بك أن تبتليني ببلية تحملني ضرورتها على التعود بشئ من معاصيك، وأعوذ بك أن تدخلني في حال كنت أكون فيها في حال عسر أو يسر أظن أن معاصيك أنجح لي من طاعتك، وأعوذ بك أن أقول قولا حقا التمس به سواك، وأعوذ بك أن تجلعني عظة لغيري، وأعوذ بك أن يكون أحد أسعد بما آتيتني مني، وأعوذ بك أن أتكلف طلب ما لم تقسم لي، وما قسمت لي من قسم، أو رزقتني من رزق فآتني به في يسر منك وعافية حلالا طيبا، وأعوذ بك من كل شئ زحزح بيني وبينك، أو باعد بيني وبينك، أو نقص به من حظي عندك، أو صرف وجهك الكريم عني، وأعوذ بك أن تحول خطيئتي، أو ظلمي، أو جرمي، أو إسرافي على نفسي، أو اتباع هواي، أو استعمال شهوتي دون مغفرتك، ورضوانك، وثوابك، ونائلك، وبركاتك، وموعودك الحسن الجميل على نفسك ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " اللهم إني أسألك بعزائم مغفرتك، ومواجب رحمتك السلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم دعاك الداعون ودعوتك، وسألك السائلون وسألتك، وطلب الطالبون وطلبت، اللهم أنت الثقة والرجاء، وإليك منتهى الرغبة والدعاء في الشدة والرخاء، اللهم اجعل اليقين في قلبي، والنور في بصري، والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، ورزقا واسعا واسعا واسعا غير ممنون، ولا محظور فارزقني، وبارك لي فيما رزقتني، واجعل غناي في نفسي، ورغبتي فيما عندك برحمتك يا أرحم الراحمين ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " اللهم فرغني لما خلقتني له، ولا تشغلني بطلب ما قد تكفلت لي به، اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وآله في أعلى جنة الخلد، اللهم إني أسألك رزق يوم بيوم، لا قليلا فأشقى، ولا كثيرا فأطغى، اللهم ارزقني من فضلك ما ترزقني به الحج والعمرة في عامي هذا، وتقويني به على الصوم والصلاة، فإنك أنت ربي، ورجائي، وعصمتي، ليس لي معتصم إلا أنت، ولا رجاء غيرك، ولا منجا منك إلا إليك، فصل على محمد وآل محمد، وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقني برحمتك عذاب النار ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين فقول: " اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره وأنت منتهى الشأن كله، اللهم إني أسألك الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله، اللهم رضني بقضائك، وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، اللهم وأوسع علي من فضلك، وارزقني من بركاتك، واستعملني في طاعتك، وتوفني عند انقضاء أجلي على سبيلك ولا تول أمري غيرك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " بسم الله الرحمن الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، آمنت بالله، وبجميع رسل الله، وبجميع ما أنزلت به جميع رسل الله، وأشهد أن وعد الله حق، ولقائه حق، وصدق المرسلون، والحمد لله رب العالمين، وسبحان الله كلما سبح الله شئ، وكما يحب الله أن يسبح، والحمد لله كلما حمد الله شئ، وكما يحب الله أن يحمد، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شئ، وكما يجب الله أن يهلل، والله أكبر كلما كبر الله شئ، وكما يحب الله أن يكبر، اللهم إني أسألك مفاتيح الخير، وخواتيمه، وشرائعه، وفوائده، وبركاته ما بلغ علمه علمي، وما قصر عن إحصائه حفظي، اللهم انهج لي أسباب معرفته، وافتح لي أبوابه، وغشني بركات رحمتك، ومن علي بعصمة عن الإزالة عن دينك، وطهر قلبي من الشك ولا تشغل قلبي بدنياي وعاجل معاشي عن آجل ثواب آخرتي، واشغل قلبي بحفظ ما لا يقبل مني جهله، وذلل لكل خير لساني، وطهر من الرياء قلبي، ولا تجره في مفاصلي، واجعل عملي خالصا لك، اللهم إني أعوذ بك من الشر، وأنواع الفواحش كلها ظاهرها، وباطنها، وغفلاتها، وجميع ما يريدني به الشيطان العنيد مما أحطت بعلمه، وأنت القادر على صرفه عني، اللهم إني أعوذ بك من طوارق الجن والإنس، وزوابعهم، وبوائقهم، ومكائدهم، ومشاهد الفسقة من الإنس والجن، وأن أستزل عن ديني، فتفسد علي آخرتي، وأن يكون ذلك ضررا منهم علي في معاشي، أو بعرض بلاء يصيبني منهم لا قوة لي به ولا صبر لي على احتماله، فلا تبتليني يا إلهي بمقاساته، فيمنعني ذلك من ذكرك، أو يشغلني عن عبادتك، أنت العاصم، الدافع، المانع، الواقي من ذلك كله، أسألك اللهم الرفاهية في معيشتي، معيشة أقوى بها على طاعتك، وأبلغ بها رضوانك، وأصير بها بمنك إلى دار الحيوان غدا، وارزقني رزقا حلالا يكفيني، ولا ترزقني رزقا يطغيني، ولا تبتليني بفقر أشقى به، مضيقا علي، وأعطني حظا وافرا في آخرتي، ومعاشا واسعا، هنيئا، مريئا في دنياي، ولا تجعل الدنيا لي سجنا، ولا تجعل فراقها علي حزنا، أجرني من فتنتها، واجعل عملي فيها مقبولا، وسعيي فيها مشكورا، اللهم ومن أرادني فيها بسوء فأرده، ومن كادني فيها فكده، واصرف عني هم من أدخل علي همه، وامكر بمن مكر بي، فإنك خير الماكرين، وافقأ عني عيون الكفرة الظلمة، الطغاة، الحسدة، اللهم أنزل علي منك سكينة، وألبسني درعك الحصينة، واحفظني بسترك الواقي، وحللني عافيتك النافعة، وصدق قولي وفعلي، وبارك لي في أهلي ومالي وولدي وما قدمت، وما أخرت، وما أغفلت وما تعمدت، وما توانيت، وما أسررت، وما أعلنت فاغفر لي يا أرحم الراحمين، وصل على محمد وآل محمد، وقني برحمتك عذاب النار " وتدعو بين العشر الركعات الزائدة على العشرين في العشر الأواخر من ليالي الثلاثين، فتقول بعد الركعتين الأولتين منها: " يا حسن البلاء عندي، يا قديم العفو عني، يا من لا غناء لشئ عنه، يا من لا بد لكل شئ منه، يا من مرد كل شئ إليه، يا من مصير كل شئ إليه تولني سيدي، ولا تول أمري شرار خلقك، أنت خالقي ورازقي يا مولاي فلا تضعني ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " اللهم اجعلني من أوفر عبادك عندك نصيبا من كل خير أنزلته في هذه الليلة، أو أنت منزله من نور تهدي به، أو رحمة تنشرها، أو رزق تبسطه، أو ضر تكشفه، أو بلاء تدفعه، أو فتنة تصرفها، واكتب لي ما كتبت لأوليائك الصالحين، الذين استوجبوا منك الثواب، وآمنوا برضاك عنهم منك العقاب، يا كريم يا كريم يا كريم، صل على محمد وآل محمد، وعجل فرجهم، واغفر لي ذنبي، وبارك لي في كسبي، وقنعني بما رزقتني، ولا تفتني بما زويت عني ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " اللهم إليك نصبت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل يا سيدي توبتي، وارحم ضعفي، واغفر لي، وارحمني، واجعل لي في كل خير نصيبا، وإلى كل خير سبيلا، اللهم إني أعوذ بك من الكبر، ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة، اللهم اغفر لي ما سلف من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري وأورد علي أسباب طاعتك، واستعملني بها، واصرف عني أسباب معصيتك، وحل بيني وبينها، واجعلني وأهلي وولدي في ودائعك التي لا تضيع، واعصمني من النار، واصرف عني شر فسقة الجن والإنس، وشر كل ذي شر، وشر كل ضعيف أو شديد من خلقك، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على كل شئ قدير ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين فتقول: " اللهم أنت متعالي الشأن، عظيم الجبروت، شديد المحال، عظيم الكبرياء، قادر، قاهر، قريب الرحمة، صادق الوعد، وفي العهد، قريب، مجيب، سامع الدعاء، قابل التوبة، محص لما خلقت، قادر على ما أردت، مدرك من طلبت، رازق من خلقت، شكور إن شكرت، ذاكر إن ذكرت، أسألك يا إلهي محتاجا، وأرغب إليك فقيرا، وأتضرع إليك خائفا، وأبكي إليك مكروبا، وأرجوك ناصرا، وأستغفرك ضعيفا، وأتوكل عليك محتسبا، وأسترزقك متوسعا، وأسألك إلهي أن تغفر لي ذنوبي، وتتقبل عملي، وتيسر منقلبي، وتفرج همي، اللهم إني أسألك أن تصدق ظني، وتعفو عن خطيئتي، وتعصمني من المعاصي، إلهي ضعفت فلا قوة لي، وعجزت فلا حول لي، إلهي جئتك مسرفا على نفسي، مقرا بسوء عملي، قد نكرت عملي، وأشفقت مما كان مني، فصل على محمد وآل محمد، واعف عني، واقض لي حوائجي الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين ". وتدعو بعد الركعتين الآخرتين، فتقول: " اللهم إني أسألك العافية من جهد البلاء، وشماتة الأعداء، وسوء القضاء، ودرك الشقاء، ومن الضرر في المعيشة، وأن تبتليني ببلاء لا طاقة لي به، أو تسلط على طاغيا أو تهتك لي سترا، أو تبدي لي عورة، أو تحاسبني يوم القيامة مقايسا، أحوج ما أكون إلى عفوك، وتجاوزك عني، فأسألك بوجهك الكريم، وكلماتك التامة أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعلني من عتقائك، وطلقائك من النار، اللهم أدخلني الجنة، واجعلني من سكانها وعمارها، اللهم إني أعوذ بك من سفعات النار، اللهم ارزقني الحج، والعمرة، والصيام، والصدقة لوجهك يا كريم ". ثم اسجد، وقل في سجودك: " يا سامع كل صوت، ويا جامع كل فوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت، يا من لا تغشاه الظلمات، ولا تشابه عليه الأصوات، ولا تحيره اللغات، يا من لا ينسى شيئا لشئ، ولا يشغله شئ عن شئ، أعط محمدا وآل محمد أفضل ما سألوك، وأفضل ما سألت لهم، وأفضل ما أنت مسؤول لهم إلى يوم القيامة، اللهم إني أسألك أن تجعلني من عتقائك، وطلقائك من النار، اللهم اجعل العافية شعاري، ودثاري، ونجاة لي من كل سوء يوم القيامة ".

 

[ 16 ] باب الدعاء في العشر الأواخر

وتدعو في أول ليلة من العشر الأواخر بهذا الدعاء، فتقول: " يا مولج الليل في النهار، ومولج النهار في الليل، ومخرج الحي من الميت، ومخرج الميت من الحي، ورازق من تشاء بغير حساب، يا الله [ يا رحمن يا رحيم يا الله يا الله يا الله ]، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا كلها، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإسائتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب بالشك عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار، وارزقني فيها ذكرك، وشكرك، والرغبة إليك، والإنابة، والتوبة، والتوفيق لما وفقت له محمدا وآل محمد صلى الله عليه وعليهم ".

الدعاء في الليلة الثانية وتدعو في الليلة الثانية، فتقول: " يا سالخ النهار من الليل فإذا نحن مظلمون، ومجري الشمس لمستقر لها بتقديرك، يا عزيز، يا عليم، يا مقدر القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم، يا نور كل نور، ومنتهى كل رغبة، وولي كل نعمة، يا الله يا رحمن، يا الله يا قدوس، يا الله يا أحد، يا واحد يا فرد، يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا كلها، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء " إلى آخر الدعاء. دعاء الليلة الثالثة وتدعو في الليلة الثالثة، فتقول: " يا رب ليلة القدر، وجاعلها خيرا من ألف شهر، ورب الليل والنهار، والجبال والبحار، والظلم والأنوار، والأرض والسماء، يا بارئ، يا مصور، يا رحمن، يا حنان، يا منان، يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا قيوم، يا بديع، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا كلها، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء، وروحي مع الشهداء ". إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة الرابعة وتدعو في الليلة الرابعة، فقول: " يا فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا، والشمس والقمر حسبانا، يا عزيز، يا عليم، يا ذا المن والطول، والقوة والحول، والفضل والإنعام، ويا ذا الجلال والإكرام، يا الله، يا رحمن، يا فرد، يا وتر، يا الله، يا ظهر، يا باطن، يا حي، يا لا إله إلا أنت، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء "، إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة الخامسة وتدعو في الليلة الخامسة، فتقول: " يا جاعل الليل سكنا، والنهار معاشا، والأرض مهادا، والجبال أوتادا، يا قاهر، يا الله، يا حنان، يا الله، يا سميع، يا الله، يا عليم، يا الله، يا قريب، يا الله، يا مجيب، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمدا وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء "، إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة السادسة وتدعو في الليلة السادسة، فتقول: " يا جاعل الليل والنهار آيتين، يا من محا آية الليل، وجعل آية النهار مبصرة، يا مفصل كل شئ تفصيلا، يا الله يا ماجد، يا الله يا وهاب، يا الله يا جواد، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء "، إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة السابعة وتدعو في الليلة السابعة، فتقول: " يا ماد الظل ولو شئت جعلته ساكنا، وجعلت الشمس عليه دليلا، ثم قبضته إليك قبضا يسيرا، يا ذا الحول والطول، والكبرياء والآلاء، لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، لا إله إلا أنت، يا ملك، يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا الله، يا خالق، يا بارئ، يا مصور، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء، أسألك. أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء "، إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة الثامنة وتدعو في الليلة الثامنة، فتقول: " يا خازن الليل في الهواء، وخازن النور في السماء، ومانع السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وحابسهما أن تزولا، يا عليم، يا غفور، يا دائم، يا الله يا الله يا الله، يا وارث، يا باعث من في القبور، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء " إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة التاسعة وتدعو في الليلة التاسعة، فتقول: " يا مكور الليل على النهار، ومكور النهار على الليل، يا عليم، يا حليم، يا الله، يا رب الأرباب، وسيد السادات، لا إله إلا أنت، يا من هو أقرب إلى من حبل الوريد، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء "، إلى آخر الدعاء.

دعاء الليلة العاشرة وتدعو في الليلة العاشرة، فتقول: " الحمد لله لا شريك له، الحمد لله لا شريك له، الحمد لله لا شريك له، الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه، وعز جلاله، وكما هو أهله، يا قدوس، يا نور القدس، يا سبوح، يا منتهى التسبيح، يا رحمن، يا جاعل الرحمة، يا الله، يا عظيم، يا عليم، يا كبير، يا الله، يا لطيف، يا الله، يا جليل، يا الله، يا سميع، يا الله، يا بصير، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى كلها، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإسائتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار، وارزقني في هذه الليلة شكرك، وذكرك، والرغبة إليك، والإنابة، والتوبة، والتوفيق لما وفقت له محمدا وآل محمد صلى الله عليهم أجمعين ورحمة الله وبركاته ". ويستحب أن يقال في كل ليلة من العشر الأواخر: " أعوذ بجلال وجهك الكريم أن ينقضي عني شهر رمضان، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه، ولك قبلي تبعة، أو ذنب تعذبني به يوم ألقاك ". وتأخذ المصحف في ثلاث ليال من الشهر: وهي ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، فتنشره، وتضعه بين يديك، وتقول: " اللهم إني أسألك بكتابك المنزل، وما فيه، وفيه اسمك الأعظم، وأسمائك الحسنى، وما يخاف ويرجى أن تجعلني من عتقائك، وطلقائك من النار [ وتدعو بما بدا لك من حاجة ] ويستحب أن يزاد على الدعاء الذي ذكرناه في ليلة ثلاث وعشرين خاصة هذا الدعاء، تقول " اللهم اجعل فيما تقضي، وفيما تقدر من الأمر المحتوم، وفيما تفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر: من القضاء الذي لا يرد، ولا يغير، ولا يبدل أن تكتبني في عامي هذا من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، اللهم و اجعل فيما تقضي وتقدر أن تمد في عمري، وأن توسع علي في رزقي، وأن تبارك لي في كسبي، وأن تبارك لي في ديني ودنياي، وآخرتي، وأن تفك رقبتي من النار " وتقول فيها أيضا: " يا مدبر الأمور، يا باعث من في القبور، يا مجري البحور، يا ملين الحديد لداود، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا، الليلة الليلة، الساعة الساعة " وارفع يديك، وادع به وأنت ساجد، وقائم وراكع، وردده، وادع به أيضا في آخر ليلة من شهر رمضان، فإنه من الدعاء الخاص المرسوم.

 

[ 17 ] باب دعاء الوداع

وتدعو في آخر ليلة من الشهر عند فراغك من صلاة الليل في دبر الوتر، فتقول: " اللهم إنك قلت في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل صلى الله عليه وآله وسلم، وقولك حق: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان "، وهذا شهر رمضان قد تصوم، فأسألك بوجهك الكريم، وكلماتك التامة إن كان بقي علي ذنب لم تغفره لي، وتريد أن تعذبني عليه، أو تقايسني به أن يطلع فجر هذه الليلة، أو يتصرم هذا الشهر إلا وقد غفرته لي يا أرحم الراحمين، اللهم لك الحمد لمحامدك كلها أولها وآخرها، ما قلت لنفسك منها، وما قال لك الخلائق، الحامدون، المجتهدون، المعددون، المؤثرون لذكرك وشكر، الذين أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك: من الملائكة المقربين، والنبيين، المرسلين، وأصناف الناطقين المسبحين لك من جميع العالمين على أنك بلغتنا شهر رمضان، وعلينا من نعمك، وعندنا من جزيل قسمك، وإحسانك، وتظاهر امتنانك، فبذلك لك منتهى الحمد، الخالد، الدائم، الراكد، المخلد، السرمد الذي لا ينفد طول الأبد، جل ثنائك، أعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه، وقيامه من صلاة، وما كان منا فيه من بر، أو شكر، أو ذكر، اللهم فتقبله منا بأحسن قبولك، وتجاوزك، وعفوك، وصفحك، وغفرانك، وحقيقة رضوانك حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب، وجزيل عطاء موهوب، وتؤمننا فيه من كل مرهوب، وبلاء مجلوب، وذنب مكسوب، اللهم إني أسألك بعظيم ما سألك أحد من خلقك: من كريم أسمائك، وجزيل ثنائك، وخاصة دعائك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل شهرنا هذا أعظم شهر رمضان مر علينا منذ أنزلتنا إلى الدنيا بركة في عصمة ديني، وخلاص نفسي، وقضاء حاجتي وشفيعي في مسائلي، وتمام النعمة علي، وصرف السوء عني، وإلباس العافية لي، وأن تجعلني بحرمتك ممن جزت له ليلة القدر، وجعلتها له خيرا من ألف شهر في أعظم الأجر، وكرائم الذخر، وطول العمر العمر، وحسن الشكر، ودوام اليسر، اللهم وأسألك برحمتك، وطولك، وعفوك، ونعمائك، وجلالك، وقديم إحسانك، وامتنانك أن لا تجعله آخر العهد منا بشهر رمضان حتى تبلغناه من قابل على أحسن حال، وتعرفني هلاله مع المناظرين إليه، والمتعرفين له في أعفى عافيتك، وأنعم نعمتك، وأوسع رحمتك، وأجزل قسمك، اللهم يا ربي الذي ليس لي رب غيره لا يكون هذا الوداع مني وداع فناء، ولا آخر العهد مني للقائه حتى ترينيه من قابل في أسبغ النعم، وأفضل الرجاء، وأنا لك على أحسن الوفاء، إنك سميع الدعاء، اللهم اسمع دعائي، وارحم تضرعي، وتذللي لك، واستكانتي، وتوكلي عليك، فأنا لك سلم لا أرجو نجاحا ولا معافاة ولا تشريفا، ولا تبليغا إلا بك ومنك، فامنن علي جل ثنائك، وتقدست أسمائك بتبليغي شهر رمضان، وأنا معافى من كل محذور ومكروه، و من جميع البوائق، الحمد الله الذي أعاننا على صيام هذا الشهر وقيامه حتى بلغنا آخر ليلة منه ".

 

[ 18 ] باب صلاة العيدين

وهذه الصلاة فرض لازم لجميع من لزمته الجمعة على شرط حضور الإمام، وسنة على الانفراد عند عدم حضور الإمام، فإذا كان يوم العيد بعد طلوع الفجر اغتسلت، ولبست أطهر ثيابك، وتطيبت، ومضيت إلى مجمع الناس من البلد لصلاة العيد، فإذا طلعت الشمس فاصبر هنيئة، ثم قم إلى صلاتك بارزا تحت السماء، وليكن سجودك على الأرض نفسها، فإذا قمت فكبر تكبيرة، تفتتح بها الصلاة، ثم اقرأ " فاتحة الكتاب " وسورة " والشمس وضحيها " ثم كبر تكبيرة ثانية، ترفع بها يديك، واقنت بعدها، فتقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت على عبد من عبادك، وصل على ملائكتك، ورسلك، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المرسلون "، ثم تكبر تكبيرة ثالثة، وتقنت بهذا القنوت، ثم تكبر تكبيرة رابعة، وتقنت به، ثم تكبر تكبيرة خامسة، وتقنت به، ثم تكبر تكبيرة سادسة، وتقنت به، ثم تكبر السابعة، وتركع بها، فتكون لك قراءة بين تكبيرتين، والقنوت خمس مرات، فإذا رفعت رأسك من السجود إلى الثانية كبرت تكبيرة واحدة، وقرأت " الحمد " وسورة " هل أتيك حديث الغاشية "، فإذا فرغت منها كبرت تكبيرة ثانية، ترفع بها يديك، وتقنت به، وتكبر تكبيرة ثالثة، وتقنت به، ثم تكبر تكبيرة رابعة، وتقنت به، ثم تكبر تكبيرة خامسة، وتركع بها، فتكون لك قراءة بين تكبيرتين، والقنوت ثلاث مرات، فجميع تكبير هاتين الركعتين اثنتا عشرة تكبيرة، منها تكبيرة الاستفتاح، وتكبيرتا الركوع، فإذا سملت مجدت الله تعالى، ودعوت بما أحببت.

 

[ 19 ] باب الزيادات في ذلك

وتدعو في دبر صلاة الغداة من يوم العيد بهذا الدعاء، فتقول: " اللهم إني توجهت إليك بمحمد أمامي، وعلي من خلفي، وأئمتي عن يميني وشمالي أستتر بهم من عذابك، وأتقرب إليك زلفى، لا أجد أقرب إليك منهم، فهم أئمتي فآمن خوفي من عذابك وسخطك، وأدخلني الجنة برحمتك في عبادك الصالحين، أصبحت بالله مؤمنا، موقنا، مخلصا على دين محمد وسنته، وعلى دين على وسنته، وعلى دين الأوصياء وسنتهم، آمنت بسرهم وعلانيتهم، وأرغب إلى الله فيما رغبوا فيه، وأعوذ بالله من شر ما استعاذوا منه، ولا حول، ولا قوة، ولا منعة إلا بالله العلي العظيم، توكلت على الله، حسبي الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، اللهم إني أريدك فأردني، وأطلب ما عندك فيسره لي، اللهم إنك قلت في محكم كتابك المنزل [ على نبيك المرسل، ] وقولك الحق، ووعدك الصدق: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان "، فعظمت شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن الكريم، وخصصته بأن جعلت فيه ليلة القدر اللهم وقد انقضت أيامه ولياليه، وقد صرت منه يا إلهي إلى ما أنت أعلم به مني، فأسألك يا إلهي بما سألك به ملائكتك المقربون، وأنبياؤك المرسلون، وعبادك الصالحون أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقبل مني كل ما تقربت إليك فيه، وتتفضل علي بتضعيف عملي، وقبول تقربي وقرباتي، واستجابة دعائي، وهب لي منك عتق رقبتي من النار، والأمن يوم الخوف من كل فزع، ومن كل هول أعددته ليوم القيامة، أعوذ بحرمة وجهك الكريم، وبحرمة نبيك، وبحرمة الأوصياء أن يتصرم يا إلهي هذا اليوم، ولك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها، أو خطيئة تريد أن تقتصها مني لم تغفرها لي، أسألك بحرمة وجهك الكريم بلا إله إلا أنت، يا لا إله إلا أنت أن ترضى عني، فإن كنت قد رضيت عني فزد فيما بقي من عمري رضا، وإن كنت لم ترضى عني فمن الآن فارض عني يا سيدي ومولاي الساعة الساعة، واجعلني في هذه الساعة، وفي هذا اليوم، وفي هذا المجلس من عتقائك من النار عتقا لا رق بعده، اللهم إني أسألك بحرمة وجهك الكريم أن تجعل يومي هذا خير يوم عبدتك فيه منذ أسكنتني الأرض أعظمه أجرا، وأعمه نعمة وعافية، وأوسعه رزقا، وأبتله عتقا من النار، وأوجبه مغفرة، وأكمله رضوانا، وأقربه إلى ما تحب وترضى، اللهم لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك، وارزقني العود فيه ثم العود حتى ترضى، ويرضى كل من له قبلي تبعة، ولا تخرجني من الدنيا إلا وأنت عني راض، اللهم واجعلني من حجاج بيتك الحرام في هذا العام، وفي كل عام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنبهم، المستجاب دعائهم، المحفوظين في أنفسهم، وأديانهم، وذراريهم، وأموالهم، وجميع ما أنعمت به عليهم، اللهم اقلبني من مجلسي هذا، وفي يومي هذا، وساعتي هذه مفلحا، منجحا، مستجابا دعائي، مرحوما صوتي، مغفورا ذنبي، اللهم واجعل فيما شئت، وأردت، وقضيت، وحتمت، وأنفذت أن تطيل عمري، وأن تقوي ضعفي، وأن تغني فقري، وأن تجبر فاقتي، وأن ترحم مسكنتي، وأن تعز ذلي، وأن تونس وحشتي، وأن تكثر قلتي، وأن تدر رزقي في عافية ويسر وخفض عيش، وتكفيني كل ما أهمني من أمر آخرتي ودنياي، ولا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا إلى الناس فيرفضوني وعافني في بدني، وديني، وأهلي، وولدي، وأهل مودتي، وجيراني وإخواني، وأن تمن علي بالأمن أبدا ما أبقيتني، فإنك وليي، ومولاي وسيدي، وربي، وإلهي، وثقتي، ورجائي، ومعدن وسيلتي، وموضع شكواي، ومنتهى رغبتي فلا يخيبن عليك دعائي يا سيدي ومولاي، ولا تبطلن طمعي ورجائي لديك، فقد توجهت إليك بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وقدمتهم إليك أمامي، وأمام حاجتي، وطلبتي وتضرعي، ومسألتي، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة فإنك مننت على بمعرفتهم، فاختم لي بها السعادة، إنك على كل شئ قدير، اللهم لا تبطل عملي، وطمعي، ورجائي، يا إلهي ومالكي واختم لي بالسعادة، والسلامة، والإسلام، والأمن، والإيمان، والمغفرة، والرضوان، والشهادة، والحفظ، يا منزولا به كل حاجة، يا الله يا الله يا الله، أنت لكل حاجة، فتول عافيتنا، ولا تسلط علينا أحدا من خلقك بشئ لا طاقة لنا به من أمر الدنيا، وفرغنا لأمر الآخرة، يا ذا الجلال والإكرام، صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمد وآل محمد، وسلم على محمد وآل محمد، وتحنن على محمد وآل محمد، وامنن على محمد وآل محمد، كأفضل ما صليت، وباركت، ورحمت، وسلمت، وتحننت، ومننت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد ". وتدعو وأنت متوجه إلى المصلى، فتقول: " اللهم من تهيأ، وتعبأ، وأعد، واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده، وطلب جوائزه، وفواضله، ونوافله فإليك يا سيدي وفادتي، وتهيئتي وتعبيتي، وإعدادي، واستعدادي رجاء رفدك، وجوائزك، ونوافلك، فلا تخيب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل، ولا ينقصه نائل، إنني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكنني أتيتك مقرا بالظلم والإساءة، لا حجة لي ولا عذر، فأسألك يا رب أن تعطيني مسألتي، وتقلبني برغبتي، ولا تردني مجبوها ولا خائبا، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي العظيم، لا إله إلا أنت، صل على محمد وآل محمد، وارزقني خير هذا اليوم الذي شرفته، وعظمته، واغسلني فيه من جميع ذنوبي، وخطاياي، وزدني من فضلك، إنك أنت الوهاب ".

وصلاة الأضحى مثل صلاة الفطر سواء، لا فرق بينهما، كل واحدة منهما ركعتان، فيهما اثنتا عشرة تكبيرة: سبع في الأولى، وخمس في الثانية، والخطبة في العيدين بعد الصلاة، ولا ينقل المنبر من موضعه، ولكن ينصب للإمام منبر تحت السماء، فيخطب عليه. ومن فاتته صلاة العيدين في جماعة صلاها وحده، كما يصلي في الجماعة ندبا مستحبا. ومن أدرك الإمام، وهو يخطب فليجلس حتى يفرغ من خطبته، ثم يقوم فيصلي القضاء. وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة، ولكن ينادى لها ثلاث مرات، يقول المنادي: الصلاة الصلاة الصلاة. وليس قبلها تطوع ولا بعدها إلى زوال الشمس إلا بالمدينة خاصة، فإن من غدا منها إلى صلاة العيد دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فصلى فيه ركعتين. والسنة في الفطر أن يطعم الإنسان قبل أن يخرج إلى المصلى، وفي يوم الأضحى لا يطعم حتى يرجع منه. ويكبر ليلة الفطر من بعد صلاة المغرب إلى رجوع الإمام من صلاة العيد في أدبار أربع صلوات: المغرب، والعشاء الآخرة، والفجر، وصلاة العيد، يقول: " الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله على ما هدانا، وله الشكر، والحمد لله على ما أولانا "، قال الله عز وجل: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ". وتكبير الأضحى بمنى ومكة في خمس عشره صلاة، وفي سائر البلدان في عشر صلوات، أولها صلاة الظهر من يوم العيد، تكبر في دبرها حتى تتم عشر صلوات، أو خمس عشره صلاة إن كنت حاجا، أو بحكم الحاج، وتقول إذا كبرت " الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ". وإذا اجتمعت صلاة عيد وصلاة جمعة في يوم واحد صليت صلاة العيد، وكنت بالخيار في حضور الجمعة، روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: اجتمع صلاة عيد وجمعة في زمن أمير المؤمنين عليه السلام فقال من شاء أن يأتي الجمعة فليأت، ومن لم يأت فلا يضره. ولا بأس أن تصلي صلاة العيدين في بيتك عند عدم إمامها، أو لعارض مع وجوده، فمتى صليتها فابرز تحت السماء فوق سطحك، أو حيث لا ساتر لك منها، وصلها كما تصليها في الجماعة ركعتين. روي عن الصادق عليه السلام: أنه قال: من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل، وليتطيب بما وجد، وليصل وحده كما يصلي في الجماعة. وروي عنه عليه السلام في قوله عز وجل: " خذوا زينتكم عند كل مسجد " قال: لصلاة العيدين والجمعة. وروي: أن الزينة هي العمامة والرداء. وروي أن الإمام يمشي يوم العيد، ولا يقصد المصلي راكبا، ولا يصلي على بساط، ويسجد على الأرض، وإذا مشى رمى ببصره إلى السماء، ويكبر بين خطواته أربع تكبيرات، ثم يمشي. وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كان يلبس في العيدين، بردا، ويعتم شاتيا كان أو قائظا. والقراءة في يوم العيد يجهر بها كما يجهر في صلاة الجمعة. والخطبة فيه بعد الصلاة، ويوم الجمعة قبلها، وروي أن أول من غير الخطبة في العيدين فجعلها قبل الصلاة عثمان بن عفان، وذلك أنه لما أحدث أحداثه التي قتل بها كان إذا صلى تفرق عنه الناس، وقالوا ما نصنع بخطبته، وقد أحدث فجعلها قبل الصلاة.

 

[ 20 ] باب صلاة يوم الغدير وأصلها

ويوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، نزل رسول الله صلى الله عليه وآله فيه مرجعه من حجة الوداع بغدير خم، وأمر أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال، وينادى بالصلاة جامعة، فاجتمع سائر من كان معه من الحاج، ومن تبعهم لدخول المدينة من أهل الأمصار، واجتمع جمهور أمته، فصلى ركعتين، ثم رقى المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ، وزجر، وأنذر، ونعى إلى الأمة في الخطبة نفسه، ووصاهم بوصايا يطول شرحها فيما يجب الانتهاء إليه في حياته وبعد وفاته، ثم دعا علي بن أبي طالب عليه السلام، فأمره أن يرقى معه الرحال، ثم أقبل على الناس بوجهه الكريم صلى الله عليه وآله، فقررهم على فرض طاعته، وقال في تقريره لهم: " ألست أولى بكم منكم بأنفسكم "، فأجابته الجماعة بالإقرار، فأخذ إذ ذاك بعضد أمير المؤمنين عليه السلام، ثم أقبل عليهم أجمعين، فقال: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله "، فنص عليه بالإمامة من بعده، وكشف بقوله عن فرض طاعته، وأوجب له بصريح اللفظ ما هو واجب له من الرياسة عليهم في الحال بإيجاب الله تعالى ذلك له، والقصة مشهورة يستغنى بظهورها عن تفصيلها في هذا المكان، إذا القصد إيراد الفرض منها، فجرت السنة في هذا اليوم بعينه بصلاة ركعتين، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله في فعله، واحتذاء لسنته في أمته، وتطابقت الروايات عن الصادقين من آل محمد عليهم السلام بأن يوم الغدير يوم عيد، سر الله تعالى به المسلمين، ولطف لهم فيه بكمال الدين، وأعلن فيه خلافة نبيه سيد المرسلين عليه وآله السلام. فكان من سننه الصيام فيه شكرا لله تعالى على نعمته العظمى من حفظ الدين، وهدايته إلى القائم بعد الرسول صلى الله عليه وآله في رعاية المؤمنين. والغسل في صدره سنة لعظيم القربان فيه لرب العالمين. وصلاة ركعتين على ما نشرحه في الترتيب: فإذا ارتفع النهار من اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فاغتسل فيه كغسلك للعيدين والجمعة، والبس أطهر ثيابك وامسس شيئا من الطيب إن قدرت عليه، وابرز تحت السماء، وارتقب الشمس، فإذا بقي لزوالها نصف ساعة أو نحو ذلك فصل ركعتين، تقرأ في كل واحدة منهما " فاتحة الكتاب " وعشر مرات " قل هو الله أحد " وعشر مرات " إنا أنزلناه في ليلة القدر "، وعشر مرات " آية الكرسي " فإذا سلمت فاحمد الله تعالى، واثن عليه بما هو أهله، وصل على رسول الله صلى الله عليه وآله وابتهل إلى الله تعالى في اللعنة لظالمي آل الرسول عليهم السلام، وأشياعهم، ثم ادع فقل: " اللهم إني أسألك بحق محمد نبيك، وعلي وليك، وبالشأن والقدر الذي خصصتهما به دون خلقك أن تصلي عليهما وعلى ذريتهما، وأن تبدأ بهما في كل خير عاجل، اللهم صل على محمد وآل محمد، الأئمة القادة، والدعاة السادة، والنجوم الزاهرة، والأعلام الباهرة، وساسة العباد، وأركان البلاد، والناقة المرسلة، والسفينة الناجية، الجارية في اللجج الغامرة، اللهم صل على محمد وآل محمد، خزان علمك، وأركان توحيدك، ودعائم دينك، ومعادن كرامتك، وصفوتك من بريتك، وخيرتك من خلقك، الأتقياء، الأنقياء، النجباء، الأبرار، والباب المبتلى به الناس، من أتاه نجا، ومن أباه هوى، اللهم صل على محمد وآل محمد، أهل الذكر الذين أمرت بمسألتهم، وذوي القربى الذين أمرت بمودتهم، وفرضت حقهم، وجعلت الجنة معاد من اقتص آثارهم، اللهم صل على محمد وآل محمد، كما أمروا بطاعتك، ونهو عن معصيتك، ودلوا عبادك على وحدانيتك، اللهم إني أسألك بحق محمد نبيك، ونجيك، وصفوتك، وأمينك، ورسولك إلى خلقك، وبحق أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين، الوصي الوفي، و الصديق الأكبر، والفاروق بين الحق والباطل، و الشاهد لك، والدال عليك و الصادع بأمرك، والمجاهد في سبيلك، لم تأخذه فيك لومة لائم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعلني في هذا اليوم الذي عقدت فيه العهد لوليك في أعناق خلقك، وأكملت لهم الدين من العارفين بحرمته، والمقرين بفضله من عتقائك وطلقائك من النار، ولا تشمت بي حاسدي النعم، اللهم فكما جعلته عيدك الأكبر، وسميته في السماء يوم العهد المعهود، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ، والجمع المسؤول، صل على محمد وآل محمد، وأقرر به عيوننا، واجمع به شملنا، ولا تضلنا بعد إذ هديتنا، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين يا أرحم الراحمين، الحمد لله الذي عرفنا فضل هذا اليوم، وبصرنا حرمته، وكرمنا به، وشرفنا بمعرفته، وهدانا بنوره، يا رسول الله، يا أمير المؤمنين عليكما، وعلى عترتكما، وعلى محبيكما مني أفضل السلام ما بقي الليل والنهار، بكما أتوجه إلى الله ربي وربكما في نجاح طلبتي، وقضاء حوائجي، وتيسير أموري، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تلعن من جحد حق هذا اليوم، وأنكر حرمته، فصد عن سبيلك لإطفاء نورك، فأبى الله إلا أن يتم نوره، اللهم فرج عن أهل بيت نبيك، واكشف عنهم، وبهم عن المؤمنين الكربات، اللهم املأ الأرض بهم عدلا، كما ملئت ظلما وجورا، وأنجز لهم ما وعدتهم، إنك لا تخلف الميعاد ".

 

[ 21 ] باب صلاة الاستسقاء وصفتها

ويستحب عند جدب الأرض بمنع السماء القطر أن يتقدم الإمام إلى كافة المسلمين بصيام ثلاثة أيام تطوعا، ويصومها معهم، فإذا كان اليوم الثالث نودي فيهم بالصلاة جامعة، وأمر الإمام المؤذنين أن يخرجوا معه، فإذا خرجوا قدمهم بين يديه، ومشى خلفهم، فإذا انتهوا إلى الموضع الذي يقصدونه نصب له منبر، وتقدم، فصلى بالناس ركعتين، يجهر فيهما بالقراءة على صفة صلاة العيد، يستفتح الأولى منهما بالتكبير، ويقرأ " الحمد " وسورة، ثم يكبر خمس تكبيرات، يقنت بين كل اثنتين منها بما أحب من تمجيد الله عز وجل، والثناء عليه، والمسألة له، ثم يكبر واحدة، يركع بها، ثم يقوم

إلى الثانية، فيفتتحها بالتكبير، ويقرأ " الحمد " وسورة، ثم يكبر ثلاثا، يقنت بين كل تكبيرتين منها بما أحب، ثم يكبر واحدة، و يركع بها، فإذا سلم رقى المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وصلى على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووعظ، وزجر وأنذر، وحذر، فإذا فرغ من خطبته قلب ردائه عن يمينه إلى يساره، وعن يساره إلى يمينه ثلاث مرات، ثم استقبل القبلة، فرفع رأسه نحوها، وكبر الله تعالى مائة تكبيرة، رافعا بها صوته، وكبر الناس معه، ثم التفت عن يمينه، فسبح الله جل اسمه مائة تسبيحة، رافعا بها صوته، وسبح الناس معه، ثم التفت عن يساره، فحمد الله تعالى مائة تحميدة، رافعا بها صوته، وحمد الناس معه، ثم أقبل على الناس بوجهه، فاستغفر الله مائة مرة، رافعا بها صوته، واستغفر الناس معه، ثم حول وجهه إلى القبلة، فدعا، ودعا الناس معه، فقال: " اللهم رب الأرباب، ومعتق الرقاب، ومنشئ السحاب، ومنزل القطر من السماء، ومحيي الأرض بعد موتها، يا فالق الحب والنوى، يا مخرج الزرع والنبات، ومحيي الأموات، وجامع الشتات، اللهم اسقنا غيثا، مغيثا، غدقا، مغدقا، هنيئا، مريئا، تنبت به الزرع، وتدر به الضرع، وتحيي به الأرض بعد موتها، وتسقي به مما خلقت أنعاما، وأناسي كثيرا ".

 

[ 22 ] باب صلاة الكسوف وشرحها

روي عن الصادقين عليهم السلام: أن الله تعالى إذا أراد تخويف عباده، وتجديد الزجر لخلقه كسف الشمس، و خسف القمر، فإذا رأيتم ذلك فأفزعوا إلى الله تعالى بالصلاة. وقال الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياة أحد، ولكنهما آيتان من آيات الله تعالى، فإذا رأيتم ذلك فبادروا إلى مساجدكم للصلاة. وروي عنه عليه السلام أنه قال: صلاة الكسوف فريضة. فإذا انكسفت الشمس، أو خسف القمر فصل ركعتين، فيهما عشر ركعات، وأربع سجدات، تقوم عند ابتداء الكسوف، أو الخسوف، فتفتتح الصلاة بالتكبير، وتتوجه، ثم تقرأ " الحمد " وسورة، فإذا فرغت منها ركعت، فأطلت الركوع، مسبحا لله تعالى بمقدار قيامك في قراءة السورة، ثم ترفع رأسك، وتستوي قائما، فتقرأ " الحمد " وسورة، فإذا فرغت منها ركعت، فأطلت بمقدار قيامك، في السورة الثانية، ثم ترفع رأسك، وتنتصب قائما، فتقرأ " الحمد " وسورة، فإذا فرغت منها صنعت في ركوعك كما صنعت في الركعتين، ثم تستوي قائما، فتقرأ " الحمد " وسورة، ثم تركع، فتطيل أيضا بمقدار السورة، ثم تنتصب قائما، فتقرأ " الحمد " وسورة، فإذا فرغت منها ركعت بمقدارها، ثم تنتصب قائما، فتقول: " سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين "، ثم تسجد سجدتين، فتطيل فيهما التسبيح، ثم تنهض إلى الثانية، فتصنع فيها مثل ذلك، وتتشهد، وتسلم - واجتهد أن يكون زمان صلاتك بمقدار زمان الكسوف، فإن قصر عن ذلك، ففرغت منها قبل أن ينجلي الكسوف أعدت الصلاة - وتقول عند كل قيام من ركوع فيها: " الله أكبر " إلا في الركوع الخامس من الأولى، والعاشر من الأخرى، فإنك تقول في القيام منه: " سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين "، فإنه بذلك جرت السنة. وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلى بالكوفة صلاة الكسوف، فقرأ فيها ب‍ " الكهف " و " الأنبياء "، ورددها خمس مرات، وأطال في ركوعها حتى سال العرق على أقدام من كان معه، وغشي على كثير منهم. وهاتان الركعتان تجب صلاتهما عند الزلازل، والرياح، والحوادث من الآيات في السماء، وإذا صليتهما للزلزلة، وفرغت فاسجد، وقل في سجودك: " يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده، إنه كان حليما غفورا، يا من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه أمسك عنا السوء ". وإذا فاتتك صلاة الكسوف من غير تعمد قضيتها عند ذكرك وعلمك، إلا أن يكون وقت فريضة قد تضيق، وإن تعمدت تركها وجب عليك الغسل والقضاء. وإذا احترق قرص القمر كله، ولم تكن علمت به حتى أصبحت صليت صلاة الكسوف له جماعة، وإن احترق بعضه، ولم تعلم بذلك حتى أصبحت صليت القضاء فرادى.

 

[ 23 ] باب أحكام فوائت الصلاة

ومن فاتته صلاة بخروج وقتها قضاها كما فاتته، ولم يؤخرها إلا أن يمنع منه تضيق وقت فرض ثان عليه. ومن فاتته صلاة الجمعة صلاها أربعا. وإذا نسي الحاضر صلاة، فذكرها بعد تقضي وقتها، وهو مسافر قضاها في سفره على التمام، وإن نسي المسافر صلاة، فذكرها بعد خروج وقتها، وهو حاضر قضاها على التقصير. وإذا دخل وقت صلاة على الحاضر، فلم يصلها لعذر حتى صار مسافرا، وكان الوقت باقيا صلاها على التقصير، فإن دخل على المسافر وقت صلاة، فتركها لعذر ذاكرا، أو نسيها حتى صار حاضرا، والوقت باق صلاها على التمام. ولا يؤم المسافر الحاضر، ولا الحاضر المسافر. ولا يؤم المتيمم المتوضين، ويؤم المتوضون المتيممين. ويقضي الصلاة، والأذان، والإقامة إذا فات الإنسان ذلك، وإن قضاها بغير أذان ولا إقامة لم يخل ذلك بالمفروض، وإن كان تاركا فضلا. وتقضى فوائت النوافل في كل وقت ما لم يكن وقت فريضة، أو عند طلوع الشمس، أو عند غروبها، ويكره قضاء النوافل عند اصفرار الشمس حتى تغيب. وليس على المسافر قضاء ما قصر فيه من فريضة، ولا نافلة إلا المفروض من الصيام، فإنه لا بد من قضائه. ومن حضر بعض المشاهد عند طلوع الشمس، وغروبها فليزر، ويؤخر صلاة الزيارة حتى تذهب حمرة الشمس عند طلوعها، وصفرتها عند غروبها. ولا بأس أن يؤخر الإنسان صلاة زيارة قبور الأئمة عليهم السلام ويقضيها بعد خروجه من مشاهدهم عند الأسباب الداعية إلى ذلك. والمقصر في الحضر ناسيا يجب عليه الإعادة على التمام. والمتمم في السفر ناسيا يعيد إن كان الوقت باقيا، وإن خرج الوقت فلا إعادة عليه. ومن تعمد التمام في السفر بعد الحجة عليه في التقصير لم يجزه ذلك، ووجب عليه الإعادة.

 

[ 24 ] باب صلاة السفينة

وتتوجه في السفينة إلى القبلة، وتصلي قائما إن قدرت وإلا جالسا، فإذا دارت السفينة أدرت وجهك إلى القبلة، فإن عدمت معرفة القبلة بعد توجهك بدورانها أجزأك التوجه الأول، ودرت معها حيث دارت، وإذا التبست القبلة عليك في النوافل، و تعذر طلب علامتها توجهت إلى رأس السفينة، فصليت مصعدة، ومنحدرة، وكيف دارت.

 

[ 25 ] باب صلاة الخوف

قال الله تعالى: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا " ثم شرح تعالى الصلاة في الآية التي تلي هذه الآية، وكيف صفتها، وهو أن يقوم الإمام بطائفة معه، وطائفة قد أقبلوا بوجوههم على العدو، فيكبر، ويصلي بهم ركعة، فإذا قام إلى الثانية صلوا لأنفسهم ركعة، وجلسوا، فتشهدوا، ثم انصرفوا، فقاموا مقام أصحابهم، وجاء أصحابهم، فلحقوه في الثانية قائما، فاستفتحوا الصلاة، فإذا ركع ركعوا بركوعه، وكذلك إذا سجد سجدوا بسجوده، ثم جلس هو في الثانية، ويقوم أولئك، فيصلون الركعة الثانية، وهو جالس، فإذا ركعوا، وسجدوا جلسوا معه، فسلم بهم، وانصرفوا، فكان الأولون لهم التكبير معه، والآخرون لهم التسليم. وإن كانت صلاة المغرب فليصل الإمام بالأولين ركعة واحدة، ثم يقوم إلى الثانية، ويقومون معه إليها، فيصلون لأنفسهم الركعتين الآخرتين على التخفيف، والإمام قائم في الثانية، لم يركع، فإذا سلم القوم خلفه من فريضة المغرب انصرفوا إلى مقام أصحابهم، فقاموا فيه تلقاء العدو، وصار أصحابهم إلى الصلاة مع الإمام، فكبروا لأنفسهم تكبيرة الافتتاح، وركع الإمام بهم، فركعوا بركوعه، وسجدوا بسجوده، ثم يجلس للثانية له، ويجلس القوم معه في الأولة لهم، ولا يجلسون مستوطنين، بل يكونون مستوقرين في جلوسهم، فإذا فرغ من تشهده قام بهم إلى الثالثة له، وهي ثانية لهم، فوقفوا بوقوفه، وركعوا بركوعه، وسجدوا بسجوده، وجلسوا بجلوسه، فتشهد، وتشهدوا معه، فخففوا في تشهدهم، وقاموا إلى ثالثتهم، والإمام جالس في ثالثته، فصلوها بالتخفيف، وجلسوا بعد السجود، فإذا أحس الإمام بجلوسهم، وكان قد فرغ من تشهده، سلم حينئذ بهم، فكان بهذه الصلاة للأولين معه ما ذكرناه، وللآخرين منهم ما وصفناه، وكان إماما لهم جميعا في هذه الصلاة على ما شرحناه.

 

[ 26 ] باب صلاة المطاردة والمسايفة

وإذا طاردت في الحرب صليت موميا، وانحنيت للركوع، فإن أمكنك السجود على قربوس سرجك سجدت، وإلا انحنيت له أخفض من انحنائك للركوع. فإذا سايفت صليت بالتسبيح، تقول: " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " مكان كل ركعة، فيجزي ذلك عن الركوع والسجود.

 

[ 27 ] باب صلاة الغريق، والموتحل، والمضطر بغير ذلك

ويصلي السابح في الماء عند غرقه، أو ضرورته إلى السباحة موميا إلى القبلة إن عرفها، وإلا في جهة وجهه، ويكون ركوعه أخفض من سجوده، لأن الركوع انخفاض منه، والسجود إيماء إلى قبلته في الحال، وكذلك صلاة الموتحل. وإذا كان ممنوعا بالرباط، والقيد، وما أشبههما صلى بحسب استطاعته، ويلزمه في جميع الأحوال تحري القبلة مع الإمكان، ويسقط عنه عند عدمه. والمريض يصلي قائما مع قدرته على القيام، ويصلي جالسا عند عدم قدرته عليه، وإذا عدم القدرة على السجود صلى مضطجعا، وكيف ما استطاع على حسب الحال، ويكره له وضع الجبهة على سجادة يمسكها غيره، أو مروحة، وما أشبههما عند صلاته مضطجعا، لما في ذلك من الشبهة بالسجود للأصنام، ويومي بوجهه إذا عدم الاستطاعة للسجود عليه بدلا من ذلك. والمرض الذي رخص للإنسان عنده الصلاة جالسا ما لا يقدر معه على المشي بمقدار زمان صلاته قائما، وذلك حده وعلامته.

 

[ 28 ] باب صلاة العراة

وتصلي العراة عند عدم ما يسترها من جلوس، وتومئ بالركوع إلى الأرض والسجود، يكون سجودها أخفض من ركوعها. فإن صلت جماعة كان إمامها في وسطها، غير بارز عنها بالتقدم عليها. وتخافت فيما يجب فيه الإخفات، وتجهر فيما يجب فيه الإجهار. فإن مات منهم إنسان غسلوه، ثم حفروا له، ثم أنزلوه الحفرة، وغطوا عورته بالتراب، وصلوا عليه قياما، إمامهم في وسطهم، ويضعون أيديهم على عوراتهم، فإذا فرغوا من الصلاة دفنوه.

 

[ 29 ] باب صلاة الاستخارة

روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاور فيه أحدا، حتى يبدأ، فيشاور الله عز وجل، فقيل له: وما مشاورة الله عز وجل فقال: يستخير الله تعالى فيه أولا، ثم يشاور فيه، فإنه إذا بدأ بالله أجرى الله له الخير على لسان من شاء من الخلق. وروي عنه عليه السلام أنه قال: يقول الله عز وجل: إن من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال، ثم لا يستخيرني. فإذا عرض لك أمر، أردت فعله فصل ركعتين، تقنت في الثانية منهما قبل الركوع، فإذا سلمت سجدت، وقلت في سجودك: " أستخير الله " مائة مرة، فإذا أتممت المائة قلت: " لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، رب بحق محمد وآل محمد، وصل على محمد وآل محمد، وخر لي في كذا وكذا للدنيا والآخرة خيرة في عافية ". استخارة أخرى وإن شئت صليت ركعتين، ثم دعوت بعدهما، فقلت: " اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستخيرك بعزتك، وأستخيرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، إن كان هذا الأمر الذي أريده خيرا لي في ديني، ودنياي، وآخرتي، وخيرا لي فيما ينبغي فيه الخير، فأنت أعلم بعواقبه مني فيسره لي، وبارك لي فيه، وأعني عليه، وإن كان شرا لي فاصرفه عني، واقض لي بالخير حيث كان، ورضني به حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت ". استخارة أخرى وإن شئت دعوت بعد الركعتين، فقلت: " اللهم إن كان كذا وكذا خيرا لي في ديني، ودنياي، وآخرتي، وعاجل أمري، وآجله فيسره لي على أحسن الوجوه، وإن كان شرا لي في ديني، ودنياي، وآخرتي، وعاجل أمري، وآجله فاصرفه عني، رب اعزم لي على رشدي وإن كرهته، أو أبته نفسي ". استخارة أخرى روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما استخار الله عبد بهذه الاستخارة سبعين مرة إلا رماه الله بالخير، يقول: " يا أبصر الناظرين، ويا أسمع السامعين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وآل محمد، وخر لي في كذا وكذا خيرة في عافية ". استخارة أخرى وروي عنه عليه السلام أيضا أنه قال: إذا أردت الاستخارة فخذ ست رقاع، واكتب في ثلاث منهن: " بسم الله الرحمن الرحيم، خيرة، من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل، وفي ثلاث منهن " خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان لا تفعل "، ثم ضعهن تحت مصلاك، وصل ركعتين، فإذا فرغت منهما فاسجد، وقل في سجودك: " أستخير الله برحمته خيرة في عافية " مائة مرة، ثم استو جالسا، وقل: " اللهم خر لي، واختر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية "، ثم اضرب يدك إلى الرقاع فشوشها، واخلطها، وأخرج واحدة، فإن خرجت لا تفعل، فأخرج ثلاثا متواليات، فإن خرجن علي صفة واحدة " لا تفعل " فلا تفعل، وإن خرجن " افعل " فافعل، وإن خرجت واحدة " افعل " والأخرى " لا تفعل " فخذ منها خمس رقاع، فانظر أكثرها، فاعمل عليه، واترك الباقي. قال الشيخ: وهذه الرواية شاذة، ليست كالذي تقدم، لكنا أوردناها للرخصة دون تحقيق العمل بها.

 

[ 30 ] باب صلاة الحاجة

روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب، وأعطاه [ وإذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البواب، وأعطاه، ] ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى الله عز وجل فتصدق بصدقة، قلت، أو كثرت، ثم تطهر، ودخل المسجد، فصلى ركعتين، فحمد الله، وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: " اللهم إن عافيتني من مرضي، أو رددتني من سفري، أو كفيتني ما أخاف من كذا وكذا، أو فعلت بي كذا وكذا فلك على كذا وكذا " لآتاه الله ذلك. صلاة أخرى وقال أبو عبد الله عليه السلام: إذ كانت لك إلى الله تعالى حاجة مهمة فصم ثلاثة أيام متوالية: أربعاء، وخميسا، وجمعة، فإذا كان يوم الجمعة فاغتسل، والبس ثوبا جديدا، ثم اصعد إلى أعلى بيت في دارك، وصل ركعتين، فإذا فرغت منهما، فارفع يديك إلى السماء، وقل: " اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمديتك، وأنه لا قادر على حاجتي غيرك، وقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشدت فاقتي إليك، وقد طرقني هم كذا وكذا، وأنت تكشفه، عالم غير معلم، واسع غير متكلف، فأسألك باسمك الذي وضعته على السماء فانشقت، ووضعته على الجبال فنسفت، وعلى النجوم فانتشرت، وعلى الأرض فسطحت، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد وآل محمد، وعند فلان وفلان - وتسمي الأئمة واحدا، واحدا - أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، وتيسر علي عسيرها، وتكفيني مهمها، فإن فعلت فلك الحمد، وإن لم تفعل فلك الحمد، غير جائر في حكمك، ولا متهم في قضائك، ولا حائف في عدلك "، وتلصق خدك الأيمن بالأرض، وتقول: " اللهم إن يونس بن متي عبدك ونبيك دعاك في بطن الحوت، فاستجبت له، وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي كما استجبت له "، قال أبو عبد الله عليه السلام: لربما كانت لي الحاجة فأدعو بهذا الدعاء، فارجع وقد قضيت. صلاة أخرى وروي أن علي بن الحسين عليهما السلام كان إذا كربه أمر لبس ثوبين من أغلظ ثيابه، وأخشنها، ثم ركع في آخر الليل ركعتين، فإذا صار في آخر سجدة منها سبح الله مائة مرة، وحمده مائة مرة، وهلله مائة مرة، وكبره مائة مرة، ثم اعترف بذنوبه كلها، ثم دعا الله عز وجل وكان يفضي بركبتيه في السجود إلى الأرض. صلاة أخرى وروي أن رجلا شكى إلى أبي عبد الله عليه السلام سلعة كانت له، فقال له: ايت أهلك، فصم ثلاثة أيام، ثم اغتسل في اليوم الثالث عند زوال الشمس، وابرز لربك، وليكن معك خرقة نظيفة، فصل أربع ركعات، تقرأ فيها ما تيسر من القرآن، واخضع بجهدك، فإذا فرغت من صلاتك فالق ثيابك، واتزر بالخرقة، والصق خدك الأيمن بالأرض، ثم قل: " يا واحد، يا ماجد، يا كريم، يا حنان، يا قريب، يا مجيب، يا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد، واكشف ما بي من ضر ومعرة، وألبسني العافية في الدنيا والآخرة، وامنن علي بتمام النعمة، وأذهب ما بي، فإنه قد آذاني، وغمني "، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إنه لا ينفعك حتى تيقن أنه ينفعك، فتبرأ منه إن شاء الله تعالى. صلاة أخرى وروى يونس بن عمار قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام رجلا كان يؤذيني، فقال: ادع عليه، فقلت: قد دعوت عليه، قال: ليس هكذا، ولكن اقلع عن الذنوب، وصم، وصل، وتصدق، فإذا كان آخر الليل فاسبغ الوضوء، ثم قم، فصل ركعتين، ثم قل وأنت ساجد: " اللهم إن فلان بن فلان قد آذاني، اللهم اسقم جسده، واقطع أثره، وانقص أجله، وعجل له ذلك في عامه ". قال: ففعلت ذلك، فما لبث أن هلك. صلاة أخرى وروى محمد بن علي بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله أن يعلمني دعاء أدعو به عند الكربة، فقال: تصلي ركعتين، وتقول في كل سجدة منها: " اللهم أنت أنت، انقطع الرجاء إلا منك، يا أحد من لا أحد له، لا أحد لي غيرك "، تردد ذلك مرارا، ثم تقول: " أسألك بحق محمد وعلي والأئمة - تسميهم واحدا واحدا فإن لهم عندك شأنا عظيما من الشأن أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تكفيني شر فلان - تسميه باسمه - وتكون لي منه جارا، وتكفيني مؤنته بلا مؤنة علي " قال: وكان هذا دعاء جدي أبي عبد الله عليه السلام. صلاة أخرى وروى مقاتل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك علمني دعاء لقضاء الحوائج، قال: فقال: إذا كانت لك إلى الله حاجة مهمة فاغتسل، والبس أنظف ثيابك، وامسس شيئا من الطيب، ثم ابرز تحت السماء، فصل ركعتين: تفتتح الصلاة، فتقرأ " فاتحة الكتاب "

و " قل هو الله أحد " خمس عشرة مرة، ثم تركع، فتقرأها خمس عشرة مرة، ثم ترفع رأسك، فتنتصب قائما، فتقرأها خمس عشره مرة، ثم تسجد، فتقرأها خمس عشرة مرة، ثم ترفع رأسك من السجود، وتجلس، فتقرأها خمس عشرة مرة، ثم تسجد الثانية، فتقرأها خمس عشرة مرة، ثم ترفع رأسك من السجود، فتجلس أيضا، وتقرأها خمس عشرة مرة، ثم تنهض إلى الثانية، فتصنع كما صنعت في الأولى، فإذا سلمت قرأتها خمس عشرة مرة، ثم تسجد، وتقول في سجودك: " اللهم إن كل معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك فهو باطل سواك، وإنك أنت الله الحق المبين، اللهم اقض لي حاجة كذا وكذا، الساعة الساعة "، وتلح في المسألة بما أردت.

 

[ 31 ] باب صلاة الشكر

وهي ركعتان تصلى عند انقضاء الحاجة، وتجدد النعمة، يقرأ فيهما سورة " الحمد " وسورة " الإخلاص " وسورة " الحمد " " إنا أنزلناه "، أو ما تيسر مع " فاتحة الكتاب " من القرآن، ويقال في الركوع منهما والسجود: " الحمد لله، شكرا شكرا لله، وحمدا "، ويقال بعد التسليم منهما: " الحمد لله الذي قضى حاجتي، وأعطاني مسألتي ".

 

[ 32 ] باب صلاة يوم المبعث

وهو يوم السابع والعشرين من رجب، بعث الله تعالى فيه نبيه محمدا صلى الله عليه وآله، فعظمه، وشرفه، وقسم فيه جزيل الثواب، وآمن فيه من عظيم العقاب، فورد عن آل الرسول عليهم السلام أنه من صلى فيه اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة منها " فاتحة الكتاب " وسورة " يس "، فإذا فرغ منها جلس في مكانه، ثم قرأ " أم الكتاب " أربع مرات، وسورة " الإخلاص " و " المعوذتين " كل واحدة منهن أربع مرات، ثم قال: " لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله " أربع مرات، ثم قال: " الله الله ربي، لا أشرك به شيئا " أربع مرات، ثم دعا، فلا يدعو بشئ إلا استجيب له، إلا أن يدعو في جائحة قوم، أو قطيعة رحم.

 

[ 33 ] باب صلاة ليلة النصف من شعبان

وهذه الليلة من الليالي المشرفات، المعظمات، اللواتي جعلن علامات لنزول الخيرات والبركات، وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن ينام فيها محييا لعبادة الله عز وجل بالصلاة، والدعاء، وتلاوة القرآن. فورد عن آل الرسول عليهم السلام فيها أمر بصلاة أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة منها ب‍ " أم الكتاب "، ومائة مرة سورة " الإخلاص "، فإذا فرغ منها دعا، فقال: " اللهم إني إليك فقير، وبك عائذ، ومنك خائف، وبك مستجير، رب لا تبدل اسمي، رب لا تغير جسمي، رب لا تجهد بلائي، أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك، وأعوذ بك من نقمتك، جل ثناؤك، أنت كما أثنيت على نفسك، وفوق ما يقول القائلون "، ثم يدعو الإنسان بما أحب.

 

[ 34 ] باب الصلاة على الموتى

والصلاة عليهم تكبير، ودعاء، واستغفار، ليس فيها قراءة، ولا ركوع، ولا سجود، وأصلها خمس تكبيرات على أهل الإيمان، مأخوذ من فرض الصلوات الخمس في اليوم والليلة بحساب كل فريضة تكبيرة. فإذا حضرت " يرحمك الله " ميتا للصلاة عليه فقف إن كان رجلا عند وسطه، وإن كانت امرأة عند صدرها، ثم ارفع يديك بالتكبير حيال وجهك، وقل: " أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إلها، واحدا، أحدا، فردا، صمدا، حيا، قيوما، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، لا إله إلا الله، الواحد، القهار، ربنا، ورب آبائنا الأولين "، ثم كبر ثانية، ولا ترفع يديك معها، وقل: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كأفضل ما صليت، وباركت، ورحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد "، ثم كبر ثالثة على وصف الثانية، لا ترفع يديك معها، وقل: " اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وادخل على موتاهم رأفتك ورحمتك، وعلى أحيائهم بركات سماواتك وأرضك، إنك على كل شئ قدير "، ثم كبر رابعة من غير أن ترفع يديك معها، وقل: " اللهم عبدك ابن عبدك وابن أمتك نزل بك، وأنت خير منزول به، اللهم لا نعلم منه إلا خيرا، وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، واغفر له، اللهم اجعله عندك في عليين، واخلف على أهله في الغابرين، وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين "  ثم كبر الخامسة على الوصف، وقل: " اللهم عفوك عفوك " ولا تبرح من مكانك حتى ترفع الجنازة، وتراها على أيدي الرجال. وإن كان امرأة فقل بعد التكبيرة الرابعة: " اللهم أمتك بنت أمتك نزلت بك، وأنت خير منزول به، اللهم إن تك محسنة فزد في إحسانها، وإن تك مسيئة فاغفر لها، وارحمها، وتجاوز عنها يا رب العالمين ". وإن كان الميت طفلا قد عقل الصلاة فصل عليه، وقل بعد التكبيرة الرابعة: " اللهم هذا الطفل كما خلقته قادرا، و قبضته طاهرا، فاجعله لأبويه نورا، وارزقنا أجره، ولا تفتنا بعده ". وإن كان مستضعفا فقل في الرابعة: " اللهم اغفر للذين تابوا، واتبعوا سبيلك، وقهم عذاب الجحيم ". وإن كان غريبا لا تعرف له قولا فقل بعد التكبيرة الرابعة: " اللهم إن هذه النفس أنت أحييتها، وأنت أمتها، تعلم سرها وعلانيتها، فولها ما تولت، واحشرها مع من أحبت ". وإن كان ناصبا فصل عليه تقية، وقل بعد التكبيرة الرابعة: " عبدك وابن عبدك لا نعلم منه إلا شرا، فاخزه في عبادك، وبلادك، واصله أشد نارك، اللهم إنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك، فاحش قبره نارا، ومن بين يديه نارا، وعن يمينه نارا، وعن شماله نارا، وسلط عليه في قبره الحيات والعقارب ".

 

[ 35 ] باب الزيادات في ذلك

روي عن الصادقين عليهم السلام أنهم قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي على المؤمنين، ويكبر خمسا، ويصلي على أهل النفاق سوى من ورد النهي عن الصلاة عليهم، فيكبر أربعا، فرقا بينهم وبين أهل الإيمان، وكانت الصحابة إذا رأته قد صلى على ميت فكبر أربعا قطعوا عليه بالنفاق. ومما يعضد هذه الرواية عنهم عليهم السلام، ويزيدها برهانا برهان صحتها، ما أجمع عليه أهل النقل: أن أمير المؤمنين عليه السلام صلى على سهل بن حنيف رحمه الله فكبر خمسا، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم: إنه من أهل بدر، إيضاحا عن وجوب الخمس تكبيرات على أهل الإيمان، ونفيا للشبهة عنهم في العدول عن القطع على الأربع، فوصفه بمقتضى التعظيم الواجب بالظاهر لكونه من أهل بدر، وقديم إيمانه، وجهاده، فكان فحوى كلامه يدل على كون الأربع التكبيرات على معهودهم في الصلاة على الأموات تختص أهل الضعف، والشكوك، والنفاق، لما ضمن من اختصاص الخمس لأهل الدرج العوالي في الإيمان عند القصد لنفي الشبهة في عدوله عن سنة من تقدمه بعد النبي صلى الله عليه وآله في عدد التكبيرات على ما بيناه. ولا صلاة عند آل الرسول عليهم السلام على من لا يعقل الصلاة من الأطفال، وحده أن ينقص زمانه عن ست سنين، غير أنهم أباحوا الصلاة عليهم تقية من الجهال، لنفي الشبهة عنهم في اعتقادهم عند تركها: أنهم لا يرون الصلاة على الأموات. ومن أدرك تكبيرة على الميت، أو اثنتين، وما زاد على ذلك دون الخمس تمم الخمس، وهو في مكانه، وإن رفعت الجنازة على أيدي الرجال. ولا بأس بالصلاة على القبر بعد الدفن لمن لم يدرك الصلاة قبل الدفن يوما وليلة، فإن زاد على يوم وليلة بعد الدفن لم تجز الصلاة عليه. و يصلى على الميت في كل وقت من اليوم والليلة، لا حرج في ذلك، لما روي عن الصادقين عليهم السلام: أنهم قالوا: خمس صلوات تصلى على كل حال: الصلاة على الميت، وصلاة الكسوف، وصلاة الإحرام، وصلاة الطواف، وصلاة الناسي في كل وقت ذكرها. ولا بأس بالصلاة على الميت بغير وضوء، والوضوء أفضل. ولا بأس للجنب أن يصلي عليه قبل الغسل بتيمم مع القدرة على الماء، والغسل له أفضل. وكذلك الحائض تصلي عليه بارزة عن الصف بالتيمم، وإنما جاز ذلك لانفصال هذه الصلاة من جملة ما يجب فيه الطهارة من الصلوات، لعدم القراءة فيها، والركوع، والسجود كما قدمناه، وكونها دعاء محضا، واستغفارا. وأولى الناس بالصلاة على الميت من أهل بيته أولاهم به من الرجال، وله التقدم في الصلاة عليه بنفسه، وله تقديم غيره، فإن حضر الصلاة عليه رجل من فضلاء بني هاشم كان أولى بالتقديم عليه بتقديم وليه له، ويجب على الولي تقديمه، فإن لم يقدمه الولي لم يجزل له التقدم على الإكراه له.

الفهرست