عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

أحكام خاصة بأهل الكتاب

 

- ذبائح أهل الكتاب محرمة

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 65، 67:

فصل: وأخبرني الشيخ أدام الله عزه مرسلا عن علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن ميسرة أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مر برحبة القصارين بالكوفة فسمع رجلا يقول: لا والذي احتجب بسبع طباق، قال: فعلاه بالدرة وقال له: ويلك إن الله لا يحجبه شيء عن شيء، فقال الرجل. فأكفر عن يميني يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا، إنك حلفت بغير الله تعالى.

قال الشيخ أدام الله عزه: وفي هذا الحديث حجة على المشبهة، وحجة على مذهبي في المعرفة والإرجاء وقولي في ذبائح أهل الكتاب، فأما المشبهة فإنها زعمت أن الله تعالى في السماء دون الأرض وأنه محتجب عن خلقه بالسماوات السبع، وفي دليل العقل على أن الذي يحويه مكان ويستره حجاب لا يكون إلا جسما أو جوهرا والجسم محدث والبرهان قائم على قدم الله سبحانه، ما يمنع من التشبيه ويفسده. وقول الله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وقول أمير المؤمنين عليه السلام بصريحه يفسد ذلك أيضا على ما تقدم به الشرح.

وأما قولي في المعرفة فإنني أقول: إنه ليس يصح أن يعرف الله تعالى من وجه ويجهل من وجه وإنما يصح ذلك في المحسوسات فتعرف بالحس وتجهل حقائقها لتعلق العلم بها بالاستنباط.

وأما مذهبي في الإرجاء فإنني أقول: لا طاعة مع كافر لأنه لا يعرف ربه وإذا لم يعرفه لم تصح منه طاعة إذ الفعل إنما يكون طاعة بقصد الفاعل به إلى المطاع، وإذا كان جاهلا بالمطاع لم يصح منه توجيه الفعل إليه، وفي قول أمير المؤمنين عليه السلام للحالف لا كفارة عليك لأنك لم تحلف بالله دليل على صحة ما ذهبت إليه وبطلان قول من خالفني في هذا الباب من الفرق كلما.

وأصحابي خاصة الذين يثبتون للكافر طاعات يزعمون أن الله يثيبه عليها في الدنيا.

وأما قولي في ذبائح أهل الكتاب فإنني احرمها لقول الله تعالى ذكره: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} وإذا ثبت أن اليهودي لا يعرف الله سبحانه لاعتقاده أن الله عز وجل أبد شرع موسى عليه السلام وأكذب محمدا صلى الله عليه وآله وكفره بمرسل محمد صلى الله عليه وآله واعتقاده أن الذي أرسله الشيطان دون الرحمن، وكذلك النصراني لا يعرف الله لأنه يعتقد أن الله جل اسمه ثالث ثلاثة وأنه ثلاثة أقانيم جوهر واحد وأن المسيح ابنه اتحد به، وكفرهم بمن أرسل محمدا صلى الله عليه وآله واعتقادهم أنه جاء من قبل الشيطان مع أن أكثر اليهود مشبهة مجبرة يزعمون أن إلههم شيخ كبير أبيض الرأس واللحية ويعتمدون في ذلك على ما زعموا أنهم وجدوه في بعض كتب الأنبياء أنه قال: صعدت إلى عتيق الايام [الانام ن خ] فوجدته جالسا على كرسي وحوله الملائكة فرأيته أبيض الرأس واللحية، وإذا ثبت أن القوم لا يعرفون الله تعالى، ثبت أن الذي يظهر منهم من التسمية ليس يتوجه إلى الله تعالى وأن جهلهم بالله تعالى يوجه الاسم إلى ما يعتقدونه إلها وذلك غير الله في الحقيقة، وإذا لم يقع منهم التسمية لله في الحقيقة لم تحل ذبائحهم.

والذي يخالفنا في هذا الباب من أصحابنا لا يعرف معاني هذا الكلام ولا يعمل فيما يذهب إليه على الواضح من الأخبار وإنما يعتمد في ذلك على أحاديث شواذ وأخر لها معاني وتأويلات، ولم أقصد للنقض عليهم فاستقصي الكلام وإنما ذكرت هذه النكتة لما اقتضاه شرح الحديث الذي قدمناه .