عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

الملائكة

 

- أنبياء الله تعالى ورسله من البشر أفضل من الملائكة

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 49، 50:

17- القول في المفاضلة بين الأنبياء والملائكة عليهم السلام

واتفقت الإمامية على أن أنبياء الله تعالى عز وجل ورسله من البشر أفضل من الملائكة.

ووافقهم على ذلك أصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعم الجمهور منهم أن الملائكة أفضل من الأنبياء والرسل، وقال نفر منهم سوى من ذكرناه بالوقف في تفضيل أحد الفريقين على الآخر، وكان اختلافهم في هذا الباب على ما وصفناه وإجماعهم على خلاف القطع بفضل الأنبياء على الملائكة حسب ما شرحناه.

- الملائكة مكلفون وموعودون ومتوعدون

- الملائكة معصومون مما يوجب لهم العقاب بالنار

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 71:

47 - القول في تكليف الملائكة

وأقول: إن الملائكة مكلفون وموعودون ومتوعدون. قال الله تبارك وتعالى: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}.

وأقول، إنهم معصومون مما يوجب لهم العقاب بالنار، وعلى هذا القول جمهور الإمامية وسائر المعتزلة وأكثر المرجئة وجماعة من أصحاب الحديث. وقد أنكر قوم من الإمامية أن تكون الملائكة مكلفين، وزعموا أنهم إلى الأعمال مضطرون ووافقهم على ذلك جماعة من أصحاب الحديث.

- في المفاضلة بين الأئمة الأطهار وبين الرسل من الملائكة

- غير الرسل من الملائكة وإن بلغوا بالملكية فضلا فالأئمة الأطهار أفضل منهم وأعظم ثوابا عند الله عز وجل

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 71:

48 - القول في المفاضلة بين الأئمة عليهم السلام والملائكة

أما الرسل من الملائكة والأنبياء عليهم السلام فقولي فيهم مع أئمة آل محمد صلى الله عليه وآله كقولي في الأنبياء من البشر والرسل عليهم السلام، وأما باقي الملائكة فإنهم وإن بلغوا بالملكية فضلا فالأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله أفضل منهم وأعظم ثوابا عند الله عز وجل بأدلة ليس موضعها هذا الكتاب.

- القول في رؤية المحتضر الملائكة كالقول في رؤيته لرسول الله وأمير المؤمنين

- جائز أن يرى المحتضر الملائكة ببصره بأن يزيد الله تعالى في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفافة ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله وأمير المؤمنين لاختلاف بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 75:

51 - القول في رؤية المحتضر الملائكة

والقول عندي في ذلك كالقول في رؤيته لرسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام، وجائز أن يراهم ببصره بأن يزيد الله تعالى في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفافة الرقيقة، ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام لاختلاف بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات، وهذا مذهب جماعة من متكلمي الإمامية ومن المعتزلة البلخي وجماعة من أهل بغداد.

- نزول الملكين على أصحاب القبور ومساءلتهما عن الاعتقاد صحيح وليس ينزل الملكان إلا على من يريد الله نعيمه بعد الموت أو تعذيبه ولا يتوجه سؤالهما منهم إلا إلى الأحياء

- ينزل الله تعالى على من يريد تنعيمه بعد الموت ملكين اسمهما مبشر وبشير فيسألانه عن ربه وعن نبيه ووليه لاستخراج علامة استحقاقه من النعيم بما يظهر من جوابه

- ينزل الله تعالى على من يريد تعذيبه بعد الموت ملكين اسماهما ناكر ونكير فيسألانه عن ربه وعن نبيه ووليه لاستخراج علامة استحقاقه من العذاب بما يظهر من جوابه

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 76، 77:

53 - القول في نزول الملكين على أصحاب القبور ومساءلتهما عن الاعتقاد

وأقول: إن ذلك صحيح وعليه إجماع الشيعة وأصحاب الحديث، وتفسير مجمله أن الله تعالى ينزل على من يريد تنعيمه بعد الموت ملكين اسمهما (مبشر) و (بشير) فيسألان عن ربه جلت عظمته وعن نبيه ووليه فيجيبهما بالحق الذي فارق الدنيا على اعتقاده والصواب، ويكون الغرض في مساءلتهما استخراج العلامة بما يستحقه من النعيم فيجدانها منه في الجواب.

وينزل جل جلاله على من يريد تعذيبه في البرزخ ملكين اسماهما (ناكر) و (نكير) فيوكلهما بعذابه، ويكون الغرض من مساءلتهما له استخراج علامة استحقاقه من العذاب بما يظهر من جوابه من التلجلج عن الحق أو الخبر عن سوء الاعتقاد أو إبلاسه وعجزه عن الجواب.

وليس ينزل الملكان من أصحاب القبور إلا على من ذكرناه، ولا يتوجه سؤالهما منهم إلا إلى الأحياء جد الموت لما وصفناه، وهذا هو مذهب حملة الأخبار من الإمامية ولهم فيما سطرت منه آثار وليس لمتكلميهم من قبل فيه مقال عرفته فاحكيه على النظام.

- جميع المؤمنين من الملائكة والنبيين والأئمة معصومون لأنهم متمسكون بطاعة الله تعالى

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 134، 135:

153 - القول في العصمة ما هي؟

أقول: إن العصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الإنسان من الشيء كأنه امتنع به عن الوقوع فيما يكره، وليس هو جنسا من أجناس الفعل، ومنه قولهم: اعتصم فلان بالجبل، إذا امتنع به، ومنه سميت (العصم) وهي وعول الجبال لامتناعها بها.

والعصمة من الله تعالى هي التوفيق الذي يسلم به الإنسان مما يكره إذا أتى بالطاعة، وذلك مثل إعطائنا رجلا غريقا حبلا ليتشبث به فيسلم، فهو إذا أمسكه واعتصم به سمي ذلك الشيء عصمة له لما تشبث وسلم به من الغرق ولو لم يعتصم به لم يسم (عصمة)، وكذلك سبيل اللطف إن الإنسان إذا أطاع سمي (توفيقا) و (عصمة)، وإن لم يطع لم يسم (توفيقا) ولا (عصمة)، وقد بين الله ذكر هذا المعنى في كتابه بقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}، وحبل الله هو دينه، ألا ترى أنهم بامتثال أمره يسلمون من الوقوع في عقابه، فصار تمسكهم بأمره اعتصاما، وصار لطف الله لهم في الطاعة عصمة، فجميع المؤمنين من الملائكة والنبيين والأئمة معصومون لأنهم متمسكون بطاعة الله تعالى.

وهذه جملة من القول في العصمة ما أظن أحدا يخالف في حقيقتها، وإنما الخلاف في حكمها كيف تجب وعلى أي وجه تقع، وقد مضى ذكر ذلك في باب عصمة الأنبياء وعصمة نبينا عليه وعليهم الصلوة والسلام وهي في صدر الكتاب، وهذا الباب ينبغي أن يضاف إلى الكلام في الجليل، إن شاء الله تعالى.

- الملكان ينزلان على من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا ومن سوى هذين فيلهى عنه

- ليس ينزل الملكان إلا على حي ولا يسألان إلا من يفهم المسألة ويعرف معناها وهذا يدل على أن الله تعالى يحيي العبد بعد موته للمسألة ويديم حياته لنعيم إن كان يستحقه أو لعذاب إن كان يستحقه

- الغرض من نزول الملكين ومساءلتهما العبد أن الله تعالى يوكل بالعبد بعد موته ملائكة النعيم أو ملائكة العذاب وليس للملائكة طريق إلى علم ما يستحقه العبد إلا بإعلام الله تعالى ذلك لهم

- الملكان اللذان ينزلان على العبد أحدهما من ملائكة النعيم والآخر من ملائكة العذاب فإذا هبطا لما وكلا به استفهما حال العبد بالمسألة فإن أجاب بما يستحق به النعيم قام بذلك ملك النعيم وعرج عنه ملك العذاب وإن ظهرت فيه علامة استحقاقه العذاب وكل به ملك العذاب وعرج عنه ملك النعيم

- قيل إن الملائكة الموكلين بالنعيم والعذاب غير الملكين الموكلين بالمسألة وإنما يعرف ملائكة النعيم وملائكة العذاب ما يستحقه العبد من جهة ملكي المسألة فإذا سألا العبد وظهر منه ما يستحق به الجزاء تولى منه ذلك ملائكة الجزاء وعرج ملكا المسألة إلى مكانهما من السماء

- إنما وكل الله تعالى ملائكة المسألة وملائكة العذاب والنعيم بالخلق تعبدا لهم بذلك كما وكل الكتبة من الملائكة بحفظ أعمال الخلق وكتبها ونسخها ورفعها تعبدا لهم بذلك وكما تعبد طائفة من الملائكة بحفظ بني آدم وطائفة منهم بإهلاك الأمم وطائفة بحمل العرش والتعبد لهم بذلك ليثيبهم عليها

- تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد  ص 98، 102:

فصل: في المسألة في القبر

قال أبو جعفر اعتقادنا في المسألة في القبر أنها حق.

قال أبو عبد الله الشيخ المفيد رضي الله عنه: الذي ذكره أبو جعفر غير مفيد لما تصدق الحاجة إليه في المسألة والغرض منها، والذي يجب أن يذكر في هذا المعنى ما أنا مثبته إن شاء الله تعالى.

جاءت الآثار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله أن الملائكة تنزل على المقبورين فتسألهم عن أديانهم، وألفاظ الأخبار بذلك متقاربة، فمنها أن ملكين لله تعالى يقال لهما: ناكر ونكير، ينزلان على الميت فيسألانه عن ربه ونبيه ودينه وإمامه، فإن أجاب بالحق سلموه إلى ملائكة النعيم، وإن ارتج عليه سلموه إلى ملائكة العذاب.

وقيل في بعض الأخبار: إن اسمي الملكين اللذين ينزلان على الكافر: ناكر ونكير، واسمي الملكين اللذين ينزلان على المؤمن: مبشر وبشير، وقيل: إنه إنما سمي ملكا الكافر ناكرا ونكيرا، لأنه ينكر الحق وينكر ما يأتيانه به ويكرهه، وسمي ملكا المؤمن مبشرا وبشيرا، لأنهما يبشرانه بالنعيم، ويبشرانه من الله تعالى بالرضا والثواب المقيم. وإن هذين الاسمين ليسا بلقب لهما، وإنهما عبارة عن فعلهما.

وهذه أمور يتقارب بعضها من بعض ولا تستحيل معانيها، والله سبحانه أعلم بحقيقة الأمر فيها، وقد قلنا فيما سلف أنه إنما ينزل الملكان على من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا، ومن سوى هذين فيلهى عنه، وبينا أن الخبر جاء بذلك، فمن جهته قلنا فيه ما ذكرناه.

فصل: وليس ينزل الملكان إلا على حي، ولا يسألان إلا من يفهم المسألة ويعرف معناها، وهذا يدل على أن الله تعالى يحيي العبد بعد موته للمسألة، ويديم حياته لنعيم إن كان يستحقه، أو لعذاب إن كان يستحقه. نعوذ بالله من سخطه، ونسأله التوفيق لما يرضيه برحمته.

والغرض من نزول الملكين ومساءلتهما العبد أن الله تعالى يوكل بالعبد بعد موته ملائكة النعيم أو ملائكة العذاب، وليس للملائكة طريق إلى علم ما يستحقه العبد إلا بإعلام الله تعالى ذلك لهم، فالملكان اللذان ينزلان على العبد أحدهما من ملائكة النعيم والآخر من ملائكة العذاب، فإذا هبطا لما وكلا به استفهما حال العبد بالمسألة، فإن أجاب بما يستحق به النعيم قام بذلك ملك النعيم وعرج عنه ملك العذاب، وإن ظهرت فيه علامة استحقاقه العذاب، وكل به ملك العذاب وعرج عنه ملك النعيم.

وقد قيل: إن الملائكة الموكلين بالنعيم والعذاب. غير الملكين الموكلين بالمسألة، وإنما يعرف ملائكة النعيم وملائكة العذاب ما يستحقه العبد من جهة ملكي المسألة، فإذا سألا العبد وظهر منه ما يستحق به الجزاء تولى منه ذلك ملائكة الجزاء وعرج ملكا المسألة إلى مكانهما من السماء. وهذا كله جائز، ولسنا نقطع بأحد دون صاحبه، إذ الأخبار فيه متكافئة والعبارة لنا في معنى ما ذكرناه الوقف والتجويز.

فصل: وإنما وكل الله تعالى ملائكة المسألة وملائكة العذاب والنعيم بالخلق تعبدا لهم بذلك، كما وكل الكتبة من الملائكة بحفظ أعمال الخلق وكتبها ونسخها ورفعها تعبدا لهم بذلك، وكما تعبد طائفة من الملائكة بحفظ بني آدم، وطائفة منهم بإهلاك الأمم، وطائفة بحمل العرش، وطائفة بالطواف حول البيت المعمور، وطائفة بالتسبيح، وطائفة بالاستغفار للمؤمنين، وطائفة بتنعيم أهل الجنة، وطائفة بتعذيب أهل النار [والتعبد لهم] بذلك ليثيبهم عليها. ولم يتعبد الله الملائكة بذلك عبثا كما لم يتعبد البشر والجن بما تعبدهم به لعبا، بل تعبد الكل للجزاء، وما تقتضيه الحكمة من تعريفهم نفسه تعالى والتزامهم شكر النعمة عليهم.

وقد كان الله تعالى قادرا على أن يفعل العذاب بمستحقه من غير واسطة، وينعم المطيع من غير واسطة، لكنه سبحانه علق ذلك على الوسائط لما ذكرناه وبينا وجه الحكمة فيه ووصفناه، وطريق مسألة الملكين الأموات بعد خروجهم من الدنيا بالوفاة هو السمع، وطريق العلم برد الحياة إليهم عند المسألة هو العقل، إذ لا يصح مسألة الأموات واستخبار الجماد.

وإنما يحسن الكلام للحي العاقل لما يكلم به، وتقريره وإلزامه بما يقدر عليه، مع أنه قد جاء في الخبر أن كل مسائل ترد إليه الحياة عند مساءلته ليفهم ما يقال له، فالخبر بذلك يؤكد ما في العقل، ولو لم يرد بذلك خبر لكفى حجة العقل فيه على ما بيناه.