عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

البداء

 

 - يطلق لفظ البداء في وصف الله تعالى وذلك من جهة السمع دون القياس

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 46:

10- القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن

واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيمة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.

واتفقوا على إطلاق لفظ (البداء) في وصف الله تعالى وأن ذلك من جهة السمع دون القياس.

واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله.

وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه.

- معنى البداء ما يقول المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله من الإفقار بعد الاغناء والإماتة بعد الإحياء وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال

- صرت إلى إطلاق لفظ البداء بالسمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله عز وجل ولو لم يرد به سمع أعلم صحته ما استجزت إطلاقه ولكنه لما جاء السمع به صرت إليه على المعاني التي لا تأباها العقول

- لا يوجد بين المسلمين خلاف في معنى البداء وإنما الخلاف في اللفظ

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 80:

58 - القول في البداء والمشية

وأقول: في معنى البداء ما يقول المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله من الإفقار بعد الإغناء، والإمراض بعد الإعفاء، والإماتة بعد الإحياء، وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منها بالأعمال.

فأما إطلاق لفظ البداء فإنما صرت إليه بالسمع الوارد عن الوسائط بين العباد وبين الله عز وجل، ولو لم يرد به سمع أعلم صحته ما استجزت إطلاقه كما إنه لو لم يرد على سمع بأن الله تعالى يغضب ويرضى ويحب ويعجب لما أطلقت ذلك عليه سبحانه، ولكنه لما جاء السمع به صرت إليه على المعاني التي لا تأباها العقول، وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا الباب خلاف، وإنما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه، وقد أوضحت عن علتي في إطلاقه بما يقصر معه الكلام، وهذا مذهب الإمامية بأسرها وكل من فارقها في المذهب ينكره على ما وصفت من الاسم دون المعنى ولا يرضاه.

- معنى البداء عند الإمامية

- المعنى في قول الإمامية بدا لله في كذا أي ظهر له فيه ومعنى ظهر فيه أي ظهر منه وليس المراد منه تعقب الرأي ووضوح أمر كان قد خفي عنه

- جميع أفعاله تعالى الظاهرة في خلقه بعد أن لم تكن فهي معلومة له فيما لم يزل وإنما يوصف منها بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره ولا في غالب الظن وقوعه فأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله فلا يستعمل فيه لفظ البداء

- البداء من الله تعالى يختص ما كان مشترطا في التقدير وليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة ولا من تعقب الرأي تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا

- البداء خاص فيما يظهر من الفعل الذي كان وقوعه يبعد في النظر دون المعتاد إذ لو كان في كل واقع من أفعال الله تعالى لكان الله تعالى موصوفا بالبداء في كل أفعاله وذلك باطل بالاتفاق

- تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد  ص 65:

فصل: في [معنى] البداء قال أبو جعفر رحمه الله: اعتقادنا في البداء، إلى آخره.

قال أبو عبد الله: قول الإمامية في البداء طريقه السمع دون العقل، وقد جاءت الأخبار به عن أئمة الهدى عليهم السلام والأصل في البداء هو الظهور قال الله تعالى: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} يعني به: ظهر لهم من أفعال الله تعالى بهم ما لم يكن في حسبانهم وتقديرهم، وقال: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم} يعني: ظهر لهم جزاء كسبهم وبان لهم ذلك، وتقول العرب: قد بدا لفلان عمل حسن، وبدا له كلام فصيح، كما يقولون: بدا من فلان كذا، فيجعلون اللام قائمة مقامه، فالمعنى في قول الإمامية بدا لله في كذا أي: ظهر له فيه ومعنى ظهر فيه أي ظهر منه، وليس المراد منه تعقب الرأي ووضوح أمر كان قد خفي عنه، وجميع أفعاله تعالى الظاهرة في خلقه بعد أن لم تكن فهي معلومة له فيما لم يزل، وإنما يوصف منها بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره، ولا في غالب الظن وقوعه، فأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله، فلا يستعمل فيه لفظ البداء.

وقول أبي عبد الله عليه السلام: "ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل" فإنما أراد به ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه وقد كان مخوفا عليه من ذلك مظنونا به، فلطف له في دفعه عنه.

وقد جاء الخبر بذلك عن الصادق عليه السلام فروي عنه أنه قال: "كان القتل قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه" وقد يكون الشيء مكتوبا بشرط فيتغير الحال فيه.

قال الله تعالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ}.

فتبين أن الآجال على ضربين: ضرب منها مشترط يصح فيه الزيادة والنقصان، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ}. وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} فبين أن آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبر والانقطاع بالفسوق.

وقال تعالى [فيما خبر به] عن نوح في خطابه لقومه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} إلى آخر الآيات.

فاشترط لهم في مد الأجل وسبوغ النعم الاستغفار فلما لم يفعلوه قطع آجالهم وبتر أعمارهم واستأصلهم بالعذاب، فالبداء من الله تعالى يختص ما كان مشترطا في التقدير وليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة ولا من تعقب الرأي، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا.

وقد قال بعض أصحابنا: إن لفظ البداء أطلق في أصل اللغة على تعقب الرأي [والانتقال من عزيمة إلى عزيمة] وإنما أطلق على الله تعالى على وجه الاستعارة كما يطلق عليه الغضب والرضا مجازا غير حقيقة، وإن هذا القول لم يضر بالمذهب، إذ المجاز من القول يطلق على الله تعالى فيما ورد به السمع، وقد ورد السمع بالبداء على ما بينا، والذي اعتمدناه في معنى البداء أنه الظهور على ما قدمت القول في معناه، فهو خاص فيما يظهر من الفعل الذي كان وقوعه يبعد في النظر دون المعتاد، إذ لو كان في كل واقع من أفعال الله تعالى لكان الله تعالى موصوفا بالبداء في كل أفعاله، وذلك باطل بالاتفاق.