عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

النكاح المؤقت (زواج المتعة)

 

 - في زواج المتعة

- يجب أن يومي المستمتع ثقة من إخوانه في البلد باعتبار حال المستمتع بها فإن لم يجد أخا أوصى قوما من أهل البلد وذكر لهم أنها كانت زوجته ولم يذكر المتعة

- رسول الله والأئمة كافة لم يتزوجوا بالإماء ولا نكحوا الكتابيات ولا خالعوا ولا تزوجوا بالزنج ولا نكحوا السند ولا اتجروا إلى الأمصار ولا جلسوا باعة للتجارة

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 158، 162:

فصل: ومن كلام الشيخ أدام الله عزه في المتعة، قال الشيخ أدام الله عزه: حضرت دار بعض قواد الدولة وكان بالحضرة شيخ من الاسماعيلية يعرف بابن لؤلؤ فسألني ما الدليل على إباحة المتعة؟.

فقلت له: الدلالة على ذلك قول الله جل جلاله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} فاحل جل اسمه نكاح المتعة بصريح لفظها وبذكر أوصافه من الآجر عليها والتراضي بعد الفرض من الازدياد في الأجل وزيادة الأجر فيها.

فقال: ما أنكرت أن تكون هذه الآية منسوخة بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} فحظر الله تعالى النكاح إلا لزوجة أو ملك يمين، وإذا لم تكن المتعة زوجة ولا كانت ملك يمين فقد سقط قول من أحلها.

فقلت له: قد أخطأت في هذه المعارضة من وجهين: أحدهما أنك ادعيت أن المستمتع بها ليست بزوجة ومخالفك يدفعك عن ذلك ويثبتها زوجة في الحقيقة.

والثاني أن سورة المؤمنين مكية وسورة النساء مدنية والمكي متقدم للمدني فكيف يكون ناسخا له وهو متأخر عنه، وهذه غفلة شديدة.

فقال: لو كانت المتعة زوجة لكانت ترث ويقع بها الطلاق، وفي إجماع الشيعة على أنها غير وارثة ولا مطلقة، دليل على فساد هذا القول.

فقلت له: وهذا أيضا غلط منك في الديانة، وذلك أن الزوجة لم يجب لها الميراث ويقع بها الطلاق من حيث كانت زوجة فقط، وإنما حصل لها ذلك بصفة تزيد على الزوجية، والدليل على ذلك أن الأمة إذا كانت زوجة لم ترث ولم تورث والقاتلة لا ترث، والذمية لا ترث، والأمة المبيعة تبين بغير طلاق، والملاعنة تبين أيضا بغير طلاق وكذلك المختلعة والمرتدة والمرتد عنها زوجها والمرضعة قبل الفطام بما يوجب التحريم من لبن الأم أو الزوجة تبين بغير طلاق، وكل ما عددناه زوجات في الحقيقة فبطل ما توهمت فلم يأت بشيء.

فقال صاحب المجلس وهو رجل أعجمي لا معرفة له بالفقه وإنما يعرف الظواهر: أنا أسالك في هذا الباب عن مسالة خبرني هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله متعة أو تزوج أمير المؤمنين عليه السلام؟.

فقلت له: لم يأت بذلك خبر ولا علمته.

فقال لي: لو كان في المتعة خير ما تركها رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.

فقلت له: أيها القائد ليس كل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله كان محرما وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كافة لم يتزوجوا بالإماء، ولا نكحوا الكتابيات ولا خالعوا ولا تزوجوا بالزنج ولا نكحوا السند ولا اتجروا إلى الأمصار ولا جلسوا باعة للتجارة وليس ذلك كله محرما ولا منه شيء محظورا إلا ما اختصت الشيعة به دون مخالفيها من القول في نكاح الكتابيات.

فقال: دع هذا وخبرني عن رجل ورد من قم يريد الحج فدخل إلى مدينة السلام فاستمتع فيها بامرأة ثم انقضى أجلها فتركها وخرج إلى الحج وكانت حاملا منه ولم يعلم بحالها فحج ومضى إلى بلده وعاد بعد عشرين سنة وقد ولدت بنتا وشبت ثم عاد إلى مدينة السلام فوجد فيها تلك الابنة فاستمتع بها وهو لا يعلم أليس يكون قد نكح بنته وهذا فظيع جدا.

فقلت له: إن أوجب هذا الذي ذكره القائد تحريم المتعة وتقبيحها، أوجب تحريم نكاح الميراث وكل نكاح وتقبيحه، وذلك أنه قد يتفق فيه مثل ما وصفته وجعلته طريقا إلى حظر المتعة، وذلك أنه لا يمنع أن يخرج رجل من أهل السنة وأصحاب أحمد بن حنبل من خوارزم قاصدا للحج فينزل بمدينة السلام ويحتاج إلى النكاح، فيستدعي امرأة من جيرانه حنبلية سنية فيسألها أن تلتمس له امرأة ينكحها، فتدله على امرأة شابة ستيرة ثيب لا ولي لها فيرغب فيها وتجعل المرأة أمرها إلى إمام المحلة وصاحب مسجدها، فيحضر رجلين ممن يصلي معه ويعقد عليها النكاح للخوارزمي السني الذي لا يرى المتعة ويدخل بالمرأة ويقيم معها إلى وقت رحيل الحاج إلى مكة، فيستدعي الشيخ الذي عقد عليه النكاح فيطلقها بحضرته ويعطيها عدتها وما يجب عليه من نفقتها، ثم يخرج فيحج وينصرف من مكة على طريق البصرة إلى بلده وقد كانت المرأة حاملا وهو لا يعلم فيقيم عشرين سنة ثم يعود إلى مدينة السلام للحج، فينزل في تلك المحلة بعينها ويسأل عن العجوز فيفقدها لموتها فيسأل عن غيرها، فتاتيه قرابة لها أو نظيرة لها في الدلالة فتذكر له جارية هي بنت المتوفاة بعينها، فيرغب فيها ويعقد عليها كما عقد على أمها بولي وشاهدين ثم يدخل بها فيكون قد وطئ بنته فيجب على القائد أن يحرم لهذا الذي ذكرناه كل نكاح.

فاعرض الشيخ السائل أولا فقال: عندنا أنه يجب على هذا الرجل أن يوصي إلى جيرانه باعتبار حالها، وهذا يسقط هذه الشناعة.

فقلت له: إن كان هذا عندكم واجبا فعندنا أوجب منه وأشد لزوما أن يومي المستمتع ثقة من إخوانه في البلد باعتبار حال المستمتع بها، فإن لم يجد أخا أوصى قوما من أهل البلد وذكر لهم أنها كانت زوجته ولم يذكر المتعة وهذا شرط عندنا فقد سقط أيضا ما توهمته.

ثم أقبلت على صاحب المجلس فقلت له: إن أمرنا مع هؤلاء المتفقهة عجيب وذلك أنهم مطبقون على تبديعنا في نكاح المتعة مع إجماعهم على أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان أذن فيها وأنها عملت على عهده، ومع ظاهر كتاب الله عز وجل في تحليلها، وإجماع آل محمد عليهم السلام على إباحتها، والاتفاق على أن عمر حرمها في أيامه مع إقراره بأنها كانت حلالا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، فلو كنا على ضلالة فيها لكنا في ذلك على شبهة تمنع ما يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا.

وليس فيمن يخالفنا إلا من يقول في النكاح وغيره بضد القران وخلاف الإجماع ونقض شرع الإسلام والمنكر في الطباع وعند ذوي المروءات، ولا يرجع في ذلك إلى شبهة تسوغه في قوله وهم معه يتولى بعضهم بعضا ويعظم بعضهم بعضا، وليس ذلك إلا لاختصاص قولنا بآل محمد عليهم السلام فلعداوتهم لهم رمونا عن قوس واحد.

هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت يقول: لو أن رجلا عقد على أمه عقدة النكاح وهو يعلم أنها أمه ثم وطئها لسقط عنه الحد ولحق به الولد. وكذلك قوله في الأخت والبنت، وكذلك سائر المحرمات، ويزعم أن هذا نكاح شبهة أوجبت سقوط الحد عنه. ويقول: لو أن رجلا استأجر غسالة أو خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات ثم وثب عليها فوطئها وحملت منه سقط عنه الحد ولحق به الولد. ويقول: إذا لف الرجل على إحليله حريرة ثم أولجه في قبل امرأة ليست له بمحرم حتى ينزل لم يكن زانيا ولا وجب عليه الحد. ويقول: إن الرجل إذا يلوط بغلام فأوقب لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والأدب والخفقة بالنعل والخفقتين وما أشبه ذلك. ويقول: إن شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق، وهو سنة وتحريمه بدعة.

وقال الشافعي: إذا فجر الرجل بامرأة فحملت منه فأولدت بنتا فانه يحل للفاجر أن يتزوج بهذه البنت ويطأها ويولدها، لا حرج عليه في ذلك، فاحل نكاح البنات، وقال: لو أن رجلا اشترى أخته من الرضاعة ووطئها لما وجب عليه الحد، وكان يجيز سماع الغناء بالقصب وأشباهه.

وقال مالك بن أنس: إن وطئ النساء في أحشاشهن حلال طلق، وكان يرى سماع الغناء بالدف وأشباهه من الملاهي، ويزعم أن ذلك سنة في العرسات والولائم.

وقال داود بن علي الإصفهاني: إن الجمع بين الأختين في ملك اليمين حلال طلق، والجمع بين الأم والبنت غير محظور.

فاقتسم هؤلاء الفجور وكل منكر فيما بينهم واستحلوه ولم ينكر بعضهم على بعض، مع أن الكتاب والسنة والإجماع تشهد بضلالهم في ذلك، ثم عظموا أمر المتعة والقران شاهد بتحليلها والسنة والإجماع يشهدان بذلك، فيعلم أنهم ليسوا من أهل الدين ولكنهم من أهل العصبية والعداوة لآل محمد عليهم السلام، فاستعظم صاحب المجلس ذلك وأنكره وأظهر البراءة من معتقديه وسهل عليه أمر المتعة والقول بها.

- في قوله  تعالى فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 163، 164:

فصل: قال الشيخ أدام الله عزه: وقد كنت استدللت بالآية التي قدمت تلاوتها على تحليل المتعة في مجلس كان صاحبه رئيس زمانه فاعترضني فيها أبو القاسم الداركي فقال: ما أنكرت أن يكون المراد بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} إنما أراد به نكاح الدوام وأشار بالاستمتاع إلى الالتذاذ دون نكاح المتعة الذي تذهب إليه.

فقلت له: إن الاستمتاع وإن كان في الأصل هو الالتذاذ فانه إذا علق بذكر النكاح وأطلق بغير تقييد لم يرد به إلا نكاح المتعة خاصة لكونه علما عليها في الشريعة وتعارف أهلها. ألا ترى أنه لو قال قائل: نكحت أمس امرأة متعة، أو هذه المرأة نكاحي لها أو عقدي عليها للمتعة أو أن فلانا يستحل نكاح المتعة لما فهم من قوله إلا النكاح الذي تذهب إليه الشيعة خاصة، وإن كانت المتعة قد تكون بوطئ الإماء والحرائر على الدوام كما أن الوطئ في اللغة هو وطئ القدم ومماسة باطنه للشيء على سبيل الاعتماد. ولو قال قائل: وطئت جاريتي ومن وطف امرأة غيره فهو زان، وفلان يطأ امرأته وهي حائض لم يعقل من ذلك مطلقا على أصل الشريعة إلا النكاح دون وطئ القدم. وكذلك الغائط هو الشيء المحوط، وقيل هو الشيء المنهبط. ولو قال قائل: هل يجوز أن آتي الغائط ثم لا أتوضأ واصلي، أو قال: فلان أتى الغائط ولم يستبرئ ، لم يفهم من قوله إلا الحدث الذي يجب منه الوضوء وأشباه ذلك مما قد تقرر في الشريعة. وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد ثبت أن إطلاق لفظ نكاح المتعة لا يقع إلا على النكاح الذي ذكرناه، وإن كان الاستمتاع في أصل اللغة هو الالتذاذ كما قدمناه.

فاعترض القاضي أبو محمد بن معروف فقال: هذا الاستدلال يوجب عليك أن لا يكون الله تعالى أحل بهذه الآية غير نكاح المتعة لأنها لا تتضمن سواه، وفى الإجماع على انتظامها تحليل نكاح الدوام دليل على بطلان ما اعتمدته.

فقلت له: ليس يدخل هذا الكلام على أصل الاستدلال ولا يتضمن معتمدي ما ألزمنيه القاضي فيه وذلك أن قوله سبحانه: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} يتضمن تحليل المناكح المخالفة للسفاح في الجملة ويدخل فية نكاح الدوام من الحرائر والإماء ثم يختص نكاح المتعة بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} ويجري ذلك مجرى قول القائل: (قد حرم الله عليك نساء بأعيانهن وأحل لك ما عداهن فان استمتعت منهن فالحكم فيه كذا وكذا، وإن نكحت نكاح الدوام فالحكم فيه كيت وكيت)، فيذكر له المحللات في الجملة، ويبين له حكم نكاح بعضهن، كما يذكرهن له، ثم يبين له أحكام نكاحهن كلهن، فما أعلمه زاد علي شيئا.

- لا فرق في اللفظ في باب العقد للنكاح سواء كان نكاح الدوام أو نكاح المتعة وإنما الفصل بين النكاحين في اللفظ ومن جهة الكلام ذكر الأجل في نكاح الاستمتاع وترك ذكره في نكاح الدوام

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 165، 166:

فصل: قال الشيخ أدام الله عزه: قد كنت حضرت مجلس الشريف أبي الحسن أحمد ابن القاسم المحمدي رحمه الله وحضره أبو القاسم الداركي فسأله بعض الشيعة عن الدلالة على تحريم نكاح المتعة عنده فاستدل بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} قال: والمتعة باتفاق الشيعة ليست بزوجة ولا ملك يمين فبطل أن تكون حلالا.

فقال له السائل: ما أنكرت أن تكون زوجة، وما حكيته عن الشيعة من إنكار ذلك لا أصل له.

فقال له: لو كانت زوجة كانت وارثة لان الاتفاق حاصل على أن كل زوجة فهي وارثة وموروثة إلا ما أخرجه الدليل من الأمة والذمية والقاتلة، فنازعه السائل في هذه الدعوى.

وقال: ما أنكرت أن تكون المتعة أيضا زوجة تجري مجرى الذمية والرق والقاتلة في خروجها عن استحقاق الميراث وضايقه في هذه المطالبة. فلما طال الكلام بينهما في هذه النكتة وتردد.

قال: الدليل على أنها ليست بزوجة أن القاصد إلى الاستمتاع بها إذا قال لها: تمتعيني نفسك، فأنعمت له، حصلت متعة ليس بينها وبينه ميراث ولا يلحقها الطلاق، وإذا قال لها: زوجيني نفسك، فأنعمت، حصلت زوجة يقع بها الطلاق ويثبت بينها وبينه الميراث، فلو كانت المتعة زوجة لما اختلف حكمها باختلاف الألفاظ ولا وقع الفرق بين أحكامها بتغاير الكلام ولوجب أن يقع الاستمتاع في العقد بلفظ التزويج، ويقع التزويج بلفظ الاستمتاع وهذا باطل بإجماع الشيعة وما هم عليه من الاتفاق، فلم يدر السائل ما يقول له لعدم فهمه وفقهه وضعف بصيرته بأصل المذهب.

فقال الشيخ أدام الله عزه: فقلت للداركي: لم زعمت أن الأحكام قد تتغير باختلاف ما ذكرت من الكلام، وما أنكرت أن يكون العقد عليها بلفظ الاستمتاع يقوم مقام العقد عليها بلفظ الزوجية، وأن يكون لفظ الزوجية يقوم مقام لفظ الاستمتاع فهل تجد لما ادعيت من هذا الأمر برهانا أو عليه دليلا أو فيه بيان؟. وبعد فكيف استجزت أن تدعي إجماع الشيعة على ما ذكرت ولم يسمع ذلك من أحد منهم ولا قرأت لهم في كتاب ونحن معك في المجلس نفتي بأنه لا فرق بين اللفظين في باب العقد للنكاح سواء كان نكاح الدوام أو نكاح المتعة، وإنما الفصل بين النكاحين في اللفظ ومن جهة الكلام ذكر الأجل في نكاح الاستمتاع وترك ذكره في نكاح الميراث. فلو قال لها: تمتعيني نفسك، ولم يذكر الأجل لوقع نكاح الميراث لا ينحل إلا بالطلاق، ولو قال لها: تزوجيني نفسك إلى أجل كذا، فأنعمت به لوقع نكاح استمتاع، وهذا ما ليس فيه بين الشيعة خلاف، فلم يرد شيئا تجب حكايته وظهر عليه بحمد الله الكلام.

- المتعة هي النكاح المؤجل الذي كان رسول الله أباحها لأمته في حياته ونزل القرآن بإباحتها أيضا

- إنما اختص الشيعة بنكاح المتعة لتمسكهم بنص القرآن ونص الرسول في إباحته بينما ترك المخالفون ذلك واتبعوا رأي عمر الذي نهى عنه وشدد في حظره وتوعد على فعله

- المسائل السروية- الشيخ المفيد  ص 30، 36:

المسألة الأولى: في المتعة والرجعة: ما قول الشيخ المفيد أطال الله بقاءه، وأدام تأييده وعلاه، وحرس معالم الدين بحياطة مهجته، وأقر عيون الشيعة بنضارة أيامه فيما يروى عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام في الرجعة؟ وما معنى قوله عليه السلام "ليس منا من لم يقل بمتعتنا، ويؤمن برجعتنا" أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمنين، أو لغيرهم من الظلمة الجائرين قبل يوم القيامة؟

الجواب: وبالله التوفيق. إن المتعة التي ذكرها الصادق عليه السلام هي النكاح المؤجل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله أباحها لامته في حياته، ونزل القرآن بإباحتها أيضا، فتأكد ذلك بإجماع الكتاب والسنة فيه. حيث يقول الله عز وجل: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}. فلم تزل على الإباحة بين المسلمين، لا يتنازعون فيها، حتى رأى عمر بن الخطاب النهي عنها، فحظرها وشدد في حظرها، وتوعد على فعلها فاتبعة الجمهور على ذلك، وخالفهم جماعة من الصحابة والتابعين فأقاموا على تحليلها إلى أن مضوا لسبيلهم.

واختص بإباحتها جماعة أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، فلذلك أضافها الصادق عليه السلام إلى نفسه بقوله: "متعتنا".

وأما قوله عليه السلام: "من لم يقل برجعتنا فليس منا" فإنما أراد بذلك ما يختصه من القول به في أن الله تعالى يحيي قوما من أمة محمد صلى الله عليه وآله بعد موتهم، قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وعليهم. وقد أخبر الله عز وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}. وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} فأخبر أن الحشر حشران: عام وخاص.

وقال سبحانه مخبرا عمن يحشر من الظالمين أنه يقول يوم الحشر الأكبر: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ}.

وللعامة في هذه الآية تأويل مردود، وهو: أن المعني بقوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ} أنه خلقهم أمواتا ثم أماتهم بعد الحياة. وهذا باطل لا يجري على لسان العرب، لأن الفعل لا يدخل إلا على ما كان بغير  الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله مواتا لا يقال إنه أماته، وإنما يقال ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة. كذلك لا يقال أحيا الله ميتا إلا أن يكون قد كان قبل إحيائه ميتا. وهذا بين لمن تأمله. وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ} الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمسألة، فتكون الأولى قبل الإقبار، والثانية بعده. وهذا أيضا باطل من وجه آخر، وهو أن الحياة للمسألة ليست للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله، وندم القوم على ما فاتهم في حياتهم المرتين يدل على أنه لم يرد حياة المسألة، لكنه أراد حياة الرجعة التي تكون لتكليفهم والندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك.

 

المتعة عند الشيعة