موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد السابع

 

 

 

إجماعات فقهاء الإمامية

 

 

المجلد السابع: بحوث فقهاء الإمامية في أصل الإجماع

 

 

ضياء الدين العراقي. مقالات الأصول

المقالة السادسة: حجية الإجماع المنقول

-  مقالات الأصول - ضياء الدين العراقي ج 2   ص 67: ([1])

        من جملة ما قيل بخروجه عن بحث الأصل السابق الإجماع المنقول، وتتميم الكلام فيه يحتاج إلى طي مقامات:

        المقام الأول: في بيان أن دليل حجية الخبر الواحد [هل] يختص بخصوص الحسي، أو [يشمل] الحدسي المحض -أيضا- بعد إلحاق الحدسي القريب بالحس، بل وما شك في حسيته وحدسيته -أيضا- بالحسي؟ الذي يقتضيه النظر في الأدلة المزبورة عدم الشمول للحدسي المحض، لأن عمدة الدليل على خبر الواحد هو السيرة العقلائية والإجماعات، وحيث إنهما لبيان [يقتصر] فيهما على المتيقن من كون المستند حسيا أو ما هو قريب بالحسي، كما يشهد به قبول الإخبار في الملكات الباطنية من قبل آثارها الظاهرية، فراجع([2]).

        كما أن في غالب أخبار الآحاد يحتمل اتكاله على حدسه -أيضا-، ومع [الصفحة 68] ذلك ليس بناؤهم على طرد مثل هذا الخبر، بل يأخذون به بمجرد احتمال [حسيته]، فيكشف ذلك -أيضا- [عن] أن المدار في حجية الخبر عندهم ليس على الجزم بحسيته، لقلة موارد هذا الجزم في أخبارهم، وهو الشاهد على إلحاق مشكوك الحسية -أيضا- بالحسية، فما هو مشكوك في بنائهم يختص بالحدسية المحضة، فيقتصر -حينئذ- في هذه الأدلة اللبية بغيرها.

        نعم قد يتوهم الإطلاق في الأدلة اللفظية من الأخبار والآيات. وفي كونها في مقام البيان -من هذه الجهة- إشكال، لإمكان حمل سوقها على إمضاء طريقة العقلاء، المشكوك اندراج المورد في بنائهم على الطريقية.

        ومع الإغماض عن هذه الجهة نقول: إن آية النبأ([3]) في مقام التفكيك بين الفاسق والعادل، ولا يكون [لها] نظرة إلى كيفية خبر العادل من حيث المستند، خصوصا مع [اقترانها] بالتعليل المنصرف إلى الجهالة العقلائية، [غير] الآبي عن الشمول للأخبار الحدسية المحضة، فتأمل.

        نعم: آية السؤال([4]) والإنذار([5]) ربما يتوهم شمولهما للخبر الحدسي، ولكن لما كان فهم المنذرين وأهل الذكر في الصدر الأول -غالبا- مستندا إلى المبادئ الحسية، لوضوح المأخذ لديهم بإحساساتهم، فيدخل مثلهم في الحداسين بحدس قريب إلى الحس، ولا [يشمل] الحدسي المحض، وذلك أيضا لولا شبهة قابلية حملهما على حجية الفتوى لا الرواية، كما سيأتي إن شاء الله.

[الصفحة 69]

        وأما المقام الثاني: ففي أن الظاهر من لفظ (الإجماع) هو اتفاق أهل الحل والعقد [الذين] منهم الإمام الملازم لوجوده فيهم. وقد يستعمل في اتفاق جماعة فيهم الإمام، لاتحاده -مناطا- مع اتفاق الكل، إذ مناط حجيته -أيضا- تضمنه لوجود الإمام المشترك بين الفرضين. ثم إن طريق إحراز وجوده [فيهم] تارة حسي من جهة وجدانه اتفاق الكل الملازم لوجوده فيهم، أو وجدانه جماعة فيهم الإمام، ولو بسماعه من [سفرائه] و [أصحابه]، وأخرى حدسي ولو من جهة حدسية اتفاق الكل لديه، أو [تحصيل] اتفاق جماعة فيهم الإمام بحدسه، [ففي] هاتين الصورتين يكون الإخبار بقول الإمام حدسيا. ونظيره في الحدسية المحضة لو كان المراد من الإجماع اتفاق جماعة يلازم قول الإمام: إما بقاعدة اللطف، أو بصرف حسن الظن بالمتفقين، ولا إشكال في عدم شمول دليل الخبر مثل [هذا] الإخبار عن الإمام، ولو بالملازمة الحدسية.

        نعم لا بأس بحجية خبره في مقدار من الاتفاق المحتمل فيه تحصيله بالحس أو بمباد قريبة إلى الحس، ثم يلاحظ أن هذا المقدار يلازم -لدى المنقول إليه- قول الإمام، أو يضم ما حصله هو بوجدانه ولو بالملازمة الشخصية الاتفاقية، فيؤخذ بخبره في المحسوس، ويحصل بحدسه القطعي المقصود ويعمل به، وإلا فلا حجية فيه أبدا. وأما في بقية الصور [فبمحض] احتمال حسية الخبر يؤخذ به كما يؤخذ بما كان حدسيا قريبا إلى الحس، كما أشرنا إليه في المقام السابق، فراجع.

        المقام الثالث: في أن [ناقل] الإجماع ربما يختلف بقرب زمانه إلى المعصوم أو سفرائه أو بعده في احتمال حسية [خبره] أو حدسي محضا، فبالنسبة إلى قريبي [الصفحة 70] العهد -ولو بمثل زمان الغيبة الصغرى- الواصلين إلى سفرائهم عادة -كزمان السيد ومن تبعه- أمكن عادة احتمال إحراز الإمام في المتفقين أو إحراز ملازمة قولهم لقول الإمام بمبادئ عادية حسية، أو قريبة إليها. وهذا المقدار يكفي للحجية، لأنه من مصاديق محتمل الحسية والحدسية.

        وأما بالنسبة إلى من كان من طبقات بقية الأعلام [بعيد] العهد بالنسبة إلى زمان الحضور، كمن كان في زمان الغيبة الكبرى بنحو لا [تقتضي] العادة إحراز الإمام في المتفقين في هذا الزمان، بل غاية الأمر: طريقهم لإحرازه أمور حدسية، كالشيخ([6]) ومن تبعه المتشبثين في إحراز رأي الإمام بقاعدة اللطف، أو بصرف حسن ظنه باتفاق الجماعة، كمن تأخر عن زمان الشيخ([7])، ففي مثلهم: لا مجال لاحتمال حسية خبره، فضلا عن إحراز حسيته، ففي أمثالهم لا يبقى لنا مجال الأخذ بإخبارهم عن رأي الإمام، بل ليس إخبارهم -من هذه الجهة- إلا حدسيا محضا، غير [مندرج] في أدلة حجية الخبر الواحد. نعم في إخبارهم عن اتفاق الجماعة حيث ربما يكون حسيا أو حدسيا قريبا [من الحس]، أمكن الأخذ به لو انتهى إلى إحراز قول الإمام، ولو بالملازمة الشخصية عند المنقول إليه، ولو ببركة حسن ظنه بهم بنحو يقطع بالملازمة بين هذا الاتفاق ورأي الإمام. نعم لا [تكفي] الملازمة الظنية المحضة إلا إذا كان هذا الظن حجة لديه بالدليل، إذ حينئذ كان ذلك أيضا بمنزلة الإحراز الوجداني الجزمي، كما أنه لو كان [الصفحة 71] هذا المقدار من الاتفاق ملازما عند المنقول إليه لوجود دليل معتبر عنده، لكان كافيا في أخذه بنقل الفتاوى. وهذا كله جار -أيضا- في فرض احتمال حسية الناقل في إحراز الفتاوى، بلا لزوم الجزم بالحسية، لما تقدم. نعم لو فرض الجزم بحدسية إحرازه الفتاوى في المورد بحدسه محضا، كما لو رأى فقيها متبحرا جعل المسألة في سلك المسلمات، أو طبق إطباقهم على المورد لمحض اتفاقهم على قاعدة منطبقة -بخياله واجتهاده- على المورد [فلا] مجال للاعتناء بمثل هذه الأخبار عن اتفاقهم، فضلا عن حيث إخباره عن رأي الإمام عليه السلام وحينئذ فللفقيه ان يشمر [عن] ساعده في ميدان الاجتهاد، ولا يرفض الإجماع المنقول بقول مطلق، ولا يأخذه على الإطلاق، بل يلاحظ طبقات المدعين للإجماع، وسعة [باعهم] في تحصيل الاتفاق. [فيتم] إحراز الملازمة عنده لقول الإمام ولو بطريق تعبدي أو لوجود أمارة معتبرة -ولو عند المنقول إليه- فيأخذ به، ومع عدم إحراز هذه الجهات يرفض نقل الإجماع جدا، والله العالم بمواقع الأمور. ثم إن ما ذكرنا كله بتفصيله [جار] في نقل التواتر، فيرفض النقل المزبور في فرض، ويؤخذ في فرض، من دون فرق بين كون الأثر مترتبا على نفس التواتر -عند المنقول إليه- أو على مؤدى الخبر المتواتر. نعم لا بأس بأخذه لو كان الأثر مترتبا على التواتر عند [الناقل]، كما أن في الأخير ربما يتفق الوثوق الإجمالي بالمحكي عن الحس أو [محتمل] الحسية من الأخبار المتعددة المجملة، فيؤخذ به بدليل حجية الخبر الموثق، بشرط كونه أخص مضمونا عن البقية، أو مطابقا معها، وإلا فلا مجال لتشخيصه، فتدبر في هذا المقام أيضا. بقي الكلام في فرض تعارض الإجماعين أو المتواترين المنقولين، فنقول:

[الصفحة 72]

        أما صورة حدسية الخبرين -[حتى] من حيث السبب، فضلا عن [مرحلة] استكشاف رأي الإمام- فلا إشكال في طرحهما. وأما لو كانا من حيث السبب وتحصيل الاتفاق حسيا أو محتمل الحسية، فمع فرض ملازمة أحد الطرفين لقول الإمام [بنظر] المنقول إليه، فيؤخذ به ويطرح الآخر.

        وأما لو كان كل واحد من الطرفين ملازما لقول الإمام أو لوجود دليل معتبر، فلا محيص في الأول حينئذ من التساقط، للعلم بكذب أحدهما المانع عن حجية كل واحد، وأما في الثاني، فمن الممكن صدقهما، غاية الأمر ينتهي الأمر إلى تعارض [النصين]، فلا بأس حينئذ [بشمول] دليل الخبر لمثله بعد فرض عدم مرجح في البين، وإلا [فيقدم ذو] المرجح، ولو من مثل موافقة الكتاب أو مخالفة العامة، كما لا يخفى.

 

 

ضياء الدين العراقي. نهاية الأفكار

في حجية الإجماع المنقول

-  نهاية الأفكار - تقرير بحث ضياء الدين العراقي لمحمد تقي البروجردي ج 2   ص 96: ([8])

        ومن الظنون التي قيل بخروجه عن الأصل الإجماع المنقول بالخبر الواحد حيث وقع فيه الخلاف بين الأصحاب ونسب القول بحجيته إلى جماعة من الاعلام واستدل عليها بما دل على حجية خبر الواحد لاندراجه فيه بل هو من الخبر العالي السند لرجوع دعوى الإجماع إلى حكاية قول الإمام  عليه السلام أو رأيه بلا واسطة فتشمله أدلة حجية الخبر من السيرة والأخبار وآية النبأ وغيرها (وفيه) ان المستند لمدعى الإجماع في اخباره عن الإمام عليه السلام حيث كان هو الحدس المحض لبعد وصوله إلى الإمام وسماع قوله خصوصا في الغيبة الكبرى (لا يكون) اخباره مشمولا لأدلة حجية خبر الواحد لاختصاص أدلتها كأدلة الشهادة بما إذا كان الإخبار مستندا إلى الحس أو الحدس القريب منه كالاخبار بالشجاعة وملكة العدالة ونحوهما (فان) عمدة الدليل على حجية خبر الواحد هي السيرة العقلائية والإجماعات وحيث أنهما لبيتان لا يكون لهما إطلاق حتى يمكن الأخذ به لكل خبر ولو عن حدس [الصفحة 97] (وأما الأدلة اللفظية) كالاخبار والآيات فهي واردة في مقام إمضاء السيرة العقلائية التي عرفت الحال فيها لا في مقام التأسيس (مع انها) ناظرة إلى نفي احتمال الخلاف الناشي من جهة تعمد الكذب لا إلى كيفية خبر العادل من حيث المستند وعليه فلا يبقى مجال للتشبث بمثل هذه الأدلة لإثبات حجية الإجماع المنقول هذا (ولكن) التحقيق في المسألة التفصيل في الإجماعات المحكمية حسب اختلاف المباني في حجية الإجماع المحصل، من باب التضمن، أو قاعدة اللطف أو الحدس ونحو ذلك (فما كان) منها في أواخر الغيبة الصغرى وأوائل الغيبة الكبرى كالإجماعات الواقعة في كلمات مثل الكليني والصدوقين والمفيد والسيدين ونظرائهم قدس الله أسرارهم ممن أمكن في حقهم عادة الوصول إلى الإمام عليه السلام (لا بأس) بالأخذ به حيث انه بعدما أمكن في حقهم ان يكون دعويهم اتفاق الأمة الظاهر في دخول المعصوم عليه السلام فيهم مستندة إلى الحس يكون دعويهم الاتفاق المتضمن لقول المعصوم حجيته فيشمله أدلة حجية الخبر فان من المعلوم كفاية مجرد احتمال كونه عن حس في حجية من غير حاجة إلى إحراز حسيته بل وان فرض استناد ذلك إلى الحدس فهو من الحدس القريب من الحس فان استكشاف قول الإمام عليه السلام أو رأيه وان كان بطريق الحدس ولكنه من جهة الملازمة العادية بين اتفاق المجمعين الذين فيهم السفراء على حكم وبين رأى الإمام عليه السلام يكون ذلك من الحدس القريب من الحس نظير الاخبار بالشجاعة والعدالة باعتبار لوازمهما المحسوسة العادية ومنه يظهر الحال في الإجماعات المنقولة لنا عن مثل هؤلاء فإنها مشمولة لأدلة حجية الخبر (وأما) ما كان منها مستندا إلى قاعدة اللطف كالإجماعات الواردة في كلام الشيخ قده ومن تبعه في هذا المسلك فللتوقف فيه مجال لضعف أصل المبنى (وأما) ما كان مبناه الحدس برأي الإمام عليه السلام ورضاه بما اجمع عليه للملازمة بين اتفاق آراء المرؤسين المنقادين لرئيسهم على حكم وبين رأى رئيسهم ورضائه به (ففيه إشكال) لكونه مستندا إلى الحدس الا إذا فرض كون الملازمة بينهما عادية نظير ملازمة لوازم الشجاعة والعدالة لهما فيقبل حينئذ لكونه من الحدس القريب إلى الحس ولعله ليس ببعيد لوضوح الملازمة العادية بين اتفاق آراء المرؤسين المنقادين لرئيسهم من حيث كونهم كذلك وبين رأي رئيسهم كما هو الشأن أيضا فيما كان مبناه على الكشف عن وجود دليل معتبر في المسألة مع كون مورد [الصفحة 98] الاتفاق مخالفا للأصول والقواعد فانه أيضا يكون من الحدس القريب إلى الحس (وبالجملة) فالمدار كله في الحجية هو كون الاخبار مستند إلى الحس أو الحدس القريب منه المستند إلى اللوازم الحسية العادية نظير لوازم الشجاعة وملكة العدالة في قبال ما لو استند إلى غير اللوازم العادية الحسية من قرائن شخصيه مثلا الحاصلة من حسن ظنه بالمجمعين فانه يكون من الحدس المحض نظير الاخبار بموت زيد المستند إلى علمه الناشئ بصدق المخبر من جهة حسن ظنه به أو المبادي الحدسية الأخر كالرمل ونحوه هذا كله في نقل لإجماع من حيث رجوعه إلى نقل المسبب وهو رأى الإمام عليه السلام و (أما) بالنسبة إلى نقل السبب الذي هو اتفاق الكل فهو أيضا يختلف من حيث كونه تارة حسيا وأخرى حدسيا ناشئا من لحاظ اتفاق جمع من أساطين الفقهاء على حكم بنحو يظهر منهم كونه من المسلمات حيث انه يحصل من ذلك الحدس القوى بكونه متفقا عليه بين جميع الأمة ويختلف ذلك بحسب اختلاف الناقلين من حيث الإحاطة بكلمات الأصحاب وعدمها بنحو يبعد عادة اطلاع مثله على فتاوى الأصحاب من أهل عصره جميعا فضلا عن الأعصار المتقدمة على عصره وعلى كل حال يكون اخباره بالسبب معتبرا في المقدار الذي يحتمل في حقه الاطلاع عليه فيؤخذ بما يحكيه من السبب لاندراجه في حجية الخبر فان بلغ ذلك إلى مقدار يلازم عادة رأي الإمام عليه السلام في نظر المنقول إليه فهو وإلا فيحتاج إلى ضم ما يتم به السبب ولكن لابد في هذه الضميمة عدم احتمال كونها هو المقدار الذي استند إليه ناقل الإجماع وإلا فلا يفيد هذه الضميمة شيئا أصلا فح يختلف الحال في استكشاف رأي الإمام عليه السلام باختلاف الحاكي من حيث قرب عهد الحاكي بزمان الإمام عليه السلام ومن حيث كثرة تتبعه وطول باعه ومن حيث دلالة اللفظ وصراحته في اتفاق الكل وعدمه ومن جهة كون المسألة معنونة في كلمات الأصحاب أو غير معنونة وهكذا يختلف باختلاف نظر المحكي له فلابد له من لحاظ تلك الخصوصيات في الحكم بالحجية وعدمها فتدبر (ومن هذا البيان) ظهر الحال في نقل التواتر فانه يأتي فيه ما ذكرناه في نقل الإجماع إذ هو أيضا بما يختلف باختلاف الأنظار ومن حيث إحاطة الناقل وكثرة اطلاعه وعدمها، فيؤخذ حينئذ بما احتمل في حق الناقل في نقله للتواتر من اخبار عشرين أو أزيد فإذا كان هذا المقدار بحد يثبت به التواتر عند المنقول إليه [الصفحة 99] لو ظفر هو باخبار تلك الجماعة فيرتب عليه حينئذ ماله من الآثار الشرعية وإلا فيحتاج إلى الضميمة على التفصيل المذكور في نقل الإجماع مع مراعاة عدم احتمال كون ما ظفر به هو عين ما استند إليه الناقل في نقل التواتر (هذا إذا كان) الأثر مترتبا على ما هو المتواتر واقعا أو المتواتر عند المنقول إليه وأما لو كان الأثر مترتبا على التواتر في الجملة ولو عند الناقل كما لو نذر ان يحفظ الاخبار المتواترة ولو عند غيره أو يكتبها فلا يحتاج في ترتيب الأثر المزبور إلى الضميمة بل يكفيه تواتره ولو عند الناقل كما هو ظاهر.

 

 

ضياء الدين العراقي. تنقيح الأصول

القول في الإجماع المنقول

- تنقيح الأصول- تقرير بحث ضياء الدين العراقي للسيد محمد رضا الطباطبائي  ص 32: ([9])

        لا دليل على اعتباره، إلا دعوى شمول أدلة اعتبار الخبر الواحد له، فلا بد من التأمل في أن أدلة اعتبار الخبر الواحد تختص بالحسي المحض، أو يعم المشكوك الحسية، أو يعمها والحدس المحض، فنقول حيث أن عمدة الدليل على اعتبار الخبر الواحد ليست إلا السيرة العقلائية، والمتيقن منها هو الحسي المحض، أو ما هو قريب منه عرفا، ولا يبعد تحقق البناء على الأخذ بمحتمل الحسية أيضا، فيبقى الحدس المحض على أصالة عدم الحجية، والأدلة اللفظية التي تمسك بها على حجية الخبر الواحد، وإن لم يكن قصور في شمول إطلاقها، أو عمومها للحدس أيضا، إلا أن الحق كلها ليست إلا في مقام الإمضاء، لما عليه العرف والعقلاء، فلا يفيد شيئا غير ما أفادته السيرة العقلائية، وقد مر ما تدل عليه السيرة.

        (وينبغي التنبيه على أمور): الأول، لا مناط لحجية إجماع الاعلام، إلا لتضمنه بوجود الإمام عليه السلام، وطريق إحراز وجوده، إما حسي، كما إذا وجد اتفاق الكل، وكان ملازما قطعيا عنده بوجود الإمام عليه السلام، أو أخبره أحد سفرائه أنه داخل في جماعة كذا مثلا، وكذا إذا كان قريبا من الحس، أو مشكوك الحسية، أو حدس محض، وحكم الأولين هو الحجية، بناء على جريان السيرة في قبول مشكوك الحسية أيضا، وحكم الأخير عدم الحجية، من حيث المنكشف، وتعمه أدلة اعتبار الخبر الواحد من الكاشف، حسيا كان أو مشكوكه، كما مر، وحينئذ فإن كان المنقول ملازما قطعيا عند المنقول إليه، لثبوت رأي الإمام عليه السلام، أو ملازما ظنيا مع اعتبار ذلك الظن، فلا إشكال في صحة الأخذ به، لانه من الإحراز الوجداني لقوله عليه السلام، وإن لم يكن ملازما له، لا قطعا، ولا ظنا، فلا حجية في البين، ثم إنه لا يبعد أن يكون طرق إحراز رأي الإمام عليه السلام في جملة المجمعين، قرب العهد بزمان الغيبة الصغرى، فالإجماعات المنقولة عن الاعلام الذين قاربت عصرهم عصر النواب والسفراء بضميمة القرائن [الصفحة 33] الخارجية والداخلية، ليست من الحدس المحض الذي لا تشمله أدلة الاعتبار، نعم في الطبقات اللاحقة التي حدثت فيهم قاعدة اللطف ونحوها، يقوى ذلك فيها، كما لا يخفى.

        الثاني: يجري جميع ما ذكر في نقل التواتر أيضا، فمورده إما حسي، أو قريب منه، أو مشكوكه، أو حدس محض، فيؤخذ في القسمين الأولين، ويترك في الأخير، وأما من حيث نفس السبب، فيؤخذ في الجميع، ويعامل معه في الأخير، كما يعامل بالإجماع المنقول عن حدس فقط.

        الثالث: إذا تعارض نقل الإجماعين، أو المتواترين، فلا إشكال في أن التعارض إنما هو بلحاظ المنكشف لا السبب، لاحتمال صدقهما في مرحلة نقل السبب، وحينئذ فمع فرض كونهما حدسيين، يطرح كلاهما، لما مر من عدم دليل على اعتبار الحدس، ومع فرض كونهما حسيا، أو محتمله، فإن كان أحدهما ملازما عند المنقول إليه لقول الإمام عليه السلام، يأخذه ويطرح الآخر، وإن كان كل واحد منهما ملازما لقول الإمام عليه السلام عنده، فتتساقطان، كما هو الأصل في تعارض الأمارات.

        تتمة: قد يقال بحجية الشهرة الفتوائية، إما بأن الظن الحاصل منها أقوى مما يحصل بالخبر الواحد، أو بأن ما ورد في المقبولة، من قوله خذ بما اشتهر بين أصحابك، يشملها، والاول ممنوع، صغرى وكبرى، والثاني مختص بالرواية دون الشهرة مطلقا، فالحق عدم حجية الشهرة في الفتوى.


 

([1]) النسخة المعتمدة: مجمع الفكر الإسلامي- قم- الطبعة الأولى 1420. تحقيق الشيخ مجتبى المحمودي، سيد منذر الحكيم. هوامش هذا الكتاب نقلا عن المصدر.

([2]) ويدل عليه ما جاء في الوسائل 18: 288، الباب 41 من أبواب الشهادات.

([3]) الحجرات: 6.

([4]) النحل: 43.

([5]) التوبة: 122.

([6]) انظر عدة الأصول: 246 - 247.

([7]) راجع معارج الأصول: 126 و 131. وراجع لتفصيل الأقوال قوانين الأصول 1: 349. ومفاتيح الأصول: 496 - 497.

([8]) النسخة المعتمدة:  نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين- قم- 1405.

([9]) النسخة المعتمدة: مطبعة الحيدرية- النجف الأشرف- 1371.