موقع عقائد الشيعة الإمامية>>> محمد الديباج بن الإمام جعفر الصادق

 

 

 

 

محمد الديباج ابن الإمام جعفر الصادق

أقوال المؤرخين والعلماء في محمد الديباج

 

 

للوقوف على ما نقل في محمد الديباج بن الإمام جعفر الصادق في مصادر التاريخ ننقل جملة من أقوال أصحاب الرأي ممن اهتم بهذه الشخصية:

1) الطبري

ذكر الطبري في تاريخه في أحداث سنة مائتين كيف أن محمد بن جعفر اضطر لقبول بيعة الطالبيين في مكة وضواحيها لحمايتهم من جيوش العباسيين وذلك بعد هزيمة ومقتل أبي السرايا، وذكر كيف أن ابنه علي وحسين بن حسن الأفطس قد احتالا عليه لقبول البيعة، فقال: فلما رأى حسين بن حسن ومن معه من أهل بيته تغير الناس لهم بسيرتهم وبلغهم أن أبا السرايا قد قتل وأنه قد طرد من الكوفة والبصرة وكور العراق من كان بها من الطالبيين ورجعت الولاية بها لولد العباس اجتمعوا إلى محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب وكان شيخا وداعا محببا في الناس مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة وكان يروى العلم عن أبيه جعفر بن محمد وكان الناس يكتبون عنه وكان يظهر سمتا وزهدا فقالوا له قد تعلم حالك في الناس فأبرز شخصك نبايع لك بالخلافة فإنك إن فعلت ذلك لم يختلف عليك رجلان، فأبى ذلك عليهم فلم يزل به ابنه علي بن محمد بن جعفر وحسين بن حسن الأفطس حتى غلبا الشيخ على رأيه فأجابهم فأقاموه يوم صلاة الجمعة بعد الصلاة لست خلون من ربيع الآخر فبايعوه بالخلافة وحشروا إليه الناس من أهل مكة والمجاورين فبايعوه طوعا وكرها وسموه بإمرة المؤمنين فأقام بذلك أشهرا وليس له من الأمر إلا اسمه وابنه علي وحسين بن حسن وجماعة منهم أسوأ ما كانوا سيرة وأقبح ما كانوا فعل.

ثم ذكر الطبري قصة هزيمة محمد بن جعفر وما تعرض له هو والطالبيين على يد العباسيين من القتل والتشريد، فقال:

قال: فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى أقبل إسحاق بن موسى ابن عيسى العباس مقبلا من اليمن حتى نزل المشاش، فاجتمع العلويون إلى محمد بن جعفر بن محمد فقالوا له: يا أمير المؤمنين هذا إسحاق بن موسى مقبلا إلينا في الخيل والرجال وقد رأينا أن نخندق خندقا بأعلى مكة وتبرز شخصك ليراك الناس ويحاربوا معك. وبعثوا إلى من حولهم من الأعراب ففرضوا لهم وخندقوا على مكة ليقاتلوا إسحاق بن موسى من ورائه فقاتلهم إسحاق أياما. ثم إن إسحاق كره القتال والحرب، وخرج يريد العراق، فلقيه ورقاء بن جميل في أصحابه ومن كان معه من أصحاب الجلودي، فقالوا لإسحاق: ارجع معنا إلى مكة ونحن نكفيك القتال، فرجع معهم حتى أتوا مكة فنزلوا المشاش. واجتمع إلى محمد بن جعفر من كان معه من غوغائها ومن سودان أهل المياه ومن فرض له من الأعراب فعبأهم ببئر ميمون وأقبل إليهم إسحاق بن موسى وورقاء بن جميل بمن معه من القواد والجند فقاتلهم ببئر ميمون فوقعت بينهم قتلى وجراحات ثم رجع إسحاق وورقاء إلى معسكرهم ثم عاودهم بعد ذلك بيوم فقاتلهم فكانت الهزيمة على محمد بن جعفر وأصحابه فلما رأى ذلك محمد بعث رجالا من قريش فيهم قاضى مكة يسألون لهم الأمان حتى يخرجوا من مكة ويذهبوا حيث شاءوا فأجابهم إسحاق وورقاء بن جميل إلى ذلك وأجلوهم ثلاثة أيام  فلما كان في اليوم الثالث دخل إسحاق وورقاء إلى مكة في جمادى الآخرة وورقاء الوالي على مكة للجلودي وتفرق الطالبيون من مكة فذهب كل قوم ناحية. فأما محمد بن جعفر فاخذ ناحية جدة ثم خرج الجحفة فعرض له رجل من موالى بني العباس يقال له محمد بن حكيم بن مروان قد كان الطالبيون انتهبوا داره بمكة وعذبوه عذابا شديدا وكان يتوكل لبعض العباسيين بمكة لآل جعفر ابن سليمان فجمع عبيد الحوائط من عبيد العباسيين حتى لحق محمد بن جعفر بين جدة وعسفان فانتهب جميع ما معه مما خرج به من مكة وجرده حتى تركه في سراويل وهم بقتله ثم طرح عليه بعد ذلك قميصا وعمامة ورداء ودريهمات يتسبب بها فخرج محمد بن جعفر حتى أتى بلاد جهينة على الساحل فلم يزل مقيما هنالك حتى انقضى الموسم وهو في ذلك يجمع الجموع وقد وقع بينه وبين هارون بن المسيب والي المدينة وقعات عند الشجرة وغيرها، وذلك أن هارون بعث ليأخذه فلما رأى ذلك أتاه بمن اجتمع إليه حتى بلغ الشجرة فخرج إليه هارون فقاتله فهزم محمد بن جعفر وفقئت عينه بنشابة وقتل من أصحابه بشر كثير فرجع حتى أقام بموضعه الذي كان فيه ينتظر ما يكون من أمر الموسم فلم يأته من كان وعده فلما رأى ذلك وانقضى الموسم طلب الأمان من الجلودي ومن رجاء ابن عم الفضل ابن سهل وضمن له رجاء على المأمون وعلى الفضل بن سهل ألا يهاج وأن يوفى له بالأمان فقبل ذلك ورضيه ودخل به إلى مكة يوم الأحد بعد النفر الأخير بثمانية أيام لعشر بقين من ذي الحجة فأمر عيسى بن يزيد الجلودي ورجاء بن أبي الضحاك ابن عم الفضل بن سهل بالمنبر فوضع بين الركن والمقام حيث كان محمد بن جعفر بويع له فيه وقد جمع الناس من القريشيين وغيرهم فصعد الجلودي رأس المنبر وقام محمد بن جعفر تحته بدرجة وعليه قباء أسود وقلنسوة سوداء وليس عليه سيف ليخلع نفسه ثم قام محمد فقال أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين ابن علي بن أبي طالب فإنه كان لعبد الله عبد الله أمير المؤمنين في رقبتي بيعة بالسمع والطاعة طائعا غير مكروه وكنت أحد الشهود الذين شهدوا في الكعبة في الشرطين لهارون الرشيد على ابنيه محمد المخلوع وعبد الله المأمون أمير المؤمنين ألا وقد كانت فتنة غشيت عامة الأرض منا ومن غيرنا وكان نمى إلي خبر أن عبد الله عبد الله المأمون أمير المؤمنين كان توفى فدعاني ذلك إلى أن بايعوا لي بإمرة المؤمنين واستحللت قبول ذلك لما كان علي من العهود والمواثيق في بيعتي لعبد الله عبد الله الإمام المأمون فبايعتموني أو من فعل منكم ألا وقد بلغني وصح عندي أنه حي سوي ألا وإني أستغفر الله مما دعوتكم إليه من البيعة وقد خلعت نفسي من بيعتي التي بايعتموني عليها كما خلعت خاتمي هذا من أصبعي وقد صرت كرجل من المسلمين فلا بيعة لي في رقابهم وقد أخرجت نفسي من ذلك وقد رد الله الحق إلى الخليفة المأمون عبد الله عبد الله المأمون أمير المؤمنين والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد خاتم النبيين والسلام عليكم أيها المسلمون ثم نزل، فخرج به عيسى بن يزيد الجلودي إلى العراق واستخلف على مكة ابنه محمد بن عيسى في سنة 201 وخرج عيسى ومحمد بن جعفر حتى سلمه إلى الحسن بن سهل فبعث به الحسن بن سهل إلى المأمون بمرو مع رجاء بن أبي الضحاك.

وبشكل عام وكما يلاحظ من عبارات الطبري تحيزه وتحامله على الطالبيين وهو ما يجعلنا نتوقف كثيرا في روايته ورواية من تبع الطبري في سرد أحداث ثورة الطالبيين على بني العباس عامة وما نقله في ذكر محمد الديباج خاصة.

2) الشيخ المفيد

ذكر الشيخ المفيد جملة من صفاته وأحواله في كتابه الإرشاد فقال: وكان محمد بن جعفر شجاعا سخيا، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، ويرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف. وروي عن زوجته خديجة بنت عبد الله بن الحسين أنها قالت: ما خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتى يكسوه، وكان يذبح في كل يوم كبشا لأضيافه. وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكة، واتبعته الزيدية الجارودية، فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه وأنفذه إلى المأمون، فلما وصل إليه أكرمه المأمون وأدنى مجلسه منه ووصله وأحسن جائزته، فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في موكب من بني عمه، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيته. وروي: أن المأمون أنكر ركوبه إليه في جماعة من الطالبيين الذين خرجوا على المأمون في سنة المائتين فآمنهم، فخرج التوقيع إليهم: لا تركبوا مع محمد بن جعفر واركبوا مع عبيد الله بن الحسين، فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلهم، فخرج التوقيع: اركبوا مع من أحببتم، فكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب إلى المأمون وينصرفون بانصرافه. وذكر عن موسى بن سلمة أنه قال: أتي إلى محمد بن جعفر فقيل له: إن غلمان ذي الرئاستين قد ضربوا غلمانك على حطب اشتروه، فخرج مؤتزرا ببردتين معه هراوة وهو يرتجز ويقول: الموت خير لك من عيش بذل، وتبعه الناس حتى ضرب غلمان ذي الرئاستين وأخذ الحطب منهم، فرفع الخبر إلى المأمون، فبعث إلى ذي الرئاستين فقال له: ائت محمد بن جعفر فاعتذر إليه، وحكمه في غلمانك. قال: فخرج ذو الرئاستين إلى محمد بن جعفر. قال موسى بن سلمة: فكنت عند محمد بن جعفر جالسا حتى أتي فقيل له: هذا ذو الرئاستين، فقال: لا يجلس إلا على الارض، وتناول بساطا كان في البيت فرمى به هو ومن معه ناحية، ولم يبق في البيت إلا وسادة جلس عليها محمد بن جعفر، فلما دخل عليه ذو الرئاستين وسع له محمد على الوسادة فأبى أن يجلس عليها وجلس على الأرض، فاعتذر إليه وحكمه في غلمانه. وتوفي محمد بن جعفر بخراسان مع المأمون، فركب المأمون ليشهده فلقيهم وقد خرجوا به، فلما نظر إلى السرير نزل فترجل ومشى حتى دخل بين العمودين، فلم يزل بينهما حتى وضع فتقدم وصلى ثم حمله حتى بلغ به القبر، ثم دخل قبره فلم يزل فيه حتى بني عليه، ثم خرج فقام على القبر حتى دفن، فقال له عبيد الله بن الحسين ودعا له: يا أمير المؤمنين، إنك قد تعبت فلو ركبت؟ فقال المأمون: إن هذه رحم قطعت من مائتي سنة. وروي عن إسماعيل بن محمد بن جعفر أنه قال: قلت لأخي وهو إلى جنبي والمأمون قائم على القبر: لو كلمناه في دَين الشيخ، فلا نجده أقرب منه في وقته هذا، فابتدأنا المأمون فقال: كم ترك أبو جعفر من الدين؟ فقلت: خمسة وعشرين ألف دينار، فقال: قد قضى الله عنه دينه؟ إلى من أوصى؟ قلنا: إلى ابن له يقال له يحيى بالمدينة؟ فقال: ليس هو بالمدينة، وهو بمصر، وقد علمنا بكونه فيها، ولكن كرهنا أن نعلمه بخروجه من المدينة لئلا يسوءه ذلك لعلمه بكراهتنا لخروجه عنه.

وقد علق السيد الأمين في أعيان الشيعة على كلام الشيخ المفيد قائلا: وظاهر كلام المفيد السابق انه كان مقيما بخراسان عند مجيء الرض إليها ولكن الطبري في تاريخه قال في سنة 200 وجه المأمون لإشخاص علي بن موسى بن جعفر بن محمد ومحمد بن جعفر، وعند البيعة للرض كان محمد بن جعفر حاضر.

3) السهمي

ذكره وجملة من رواياته في تاريخ جرجان، نذكر منه قوله: محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يكنى أبا جعفر الملقب بالديباج لحسن وجهه، أمه أم ولد. له أربعة بنين يحيى وعلي والقاسم والحسين بنو محمد بن جعفر، أم يحيى خديجة بنت عبد الله بن الحسين، وأم علي أم ولد، وأم القاسم أم الحسن ابنة حمزة بن القاسم بن الحسين بن يزيد، وأم الحسين عائشة من ولد المسور بن مخرمة زهرية. –إلى أن قال- كتب عنه من أهل جرجان بجرجان عبد الوهاب بن علي بن عمران الجرجاني وكان من الثقات قاله بن عدي...  

4) ضامن بن شدقم

وذكره ضامن بن شدقم يثني عليه أفضل الثناء قائلا: قال جدي (حسن) المؤلف طاب ثراه: إنما لقب بالديباج لحسن جماله وعلو كماله وشرف ذاته، كان عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة صالحا عابدا ورعا زاهدا قائما ليله صائما نهاره يوما بعد آخر، وكان كريما سخيا ما لبس ملبوسا يوما وأمسى على بدنه إلى الليل إلا وأخرجه إلى غيره ويذبح كل يوم كبشا لأضيافه، وكان فارسا شجاعا مقداما ينزل بروضة خاخ...

5) السيد محمد السمرقندي

وقد ذكره السيد محمد بن الحسين السمرقندي في تحفة الطالب فقال: محمد المأمون هو محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم ورحمة الله عليهم. ويلقب بالديباج لحسن وجهه. وكان شيخا مقدما شجاعا، دعا إلى أيام المأمون. إلى آخر كلامه فراجع.