عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

 

32 - حديث حكيم بن جبلة العبدي الشهيد يوم الجمل

كان هذا الرجل العظيم صالحا دينا مطاعا في قومه كما وصفه أبو عمر، وأثنى عليه المسعودي بالسيادة والزهد والنسك .

 كان أحد زعماء الثائرين على عثمان من أهل البصرة كما يأتي .

 وقال المسعودي: إن الناس لما نقموا على عثمان ما نقموا سار فيمن سار إلى المدينة حكيم بن جبلة .

 وقال الذهبي: كان ممن ألب على عثمان رضي الله عنه .

 وجاء في مقال خفاف الطائي في الحديث عن عثمان: حصره المكشوح، وحكم فيه حكيم، ووليه محمد وعمار، وتجرد في أمره ثلاثة نفر: عدي بن حاتم . والأشتر النخعي . وعمرو بن الحمق . وجد في أمره رجلان: طلحة والزبير . الحديث .

 وقال أبو عمر: كان ممن يعيب عثمان من أجل عبد الله بن عامر وغيره من عماله . قال أبو عبيد: قطعت رجل حكيم يوم الجمل فأخذها ثم زحف إلى الذي قطعها . فلم يزل يضربه بها حتى قتله وقال:

يا نفــــس لن تراعي          دعــــــاك خير داعي

إن قطعـــت كــراعي          إن معي ذراعي (1)

فالباحث يجد لهذا البطل الصالح الدين الزاهد الناسك قدما أي قدم في التأليب على الخليفة، وله خطواته الواسعة في استحلال دمه والتجمهر عليه، وهو مع ذلك كله بعد صالح يذكر ويشكر ويثنى عليه، ما اسودت صحيفة تاريخه بمناجزته الخليفة والوقيعة فيه ومقته والنقمة عليه، ولم يتضعضع بها أركان صلاحه، وما اختل بها نظام نسكه، ولا شوهت سمعته الدينية، ولا دنست ساحة قدسه، وهذه كلها لا تلتئم مع كون الخليفة إمام عدل .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) راجع كتاب صفين لابن مزاحم ص 82، مروج الذهب 2: 7، الاستيعاب 1: 121، دول الاسلام للذهبي 1: 18، ابن أبي الحديد 1: 259 .

 

/ صفحة 149 /

23 - حديث هشام ابن الوليد المخزومي أخي خالد

مر في ص 15 من هذا الجزء قول الرجل لعثمان لما ضرب عمارا حتى غشي عليه: يا عثمان ! أما علي فاتقيته وبني أبيه، وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيت به على التلف، أما والله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم السرة .

 فقال عثمان: وإنك لهاهنا يا ابن القسرية ؟ قال: فإنهما قسريتان، وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة، فشتمه عثمان وأمر به فأخرج .

 ولهشام أبيات في عثمان ذكرها المرزباني في معجم الشعراء كما قاله ابن حجر في الإصابة 3: 606 وذكر منها قوله:

لساني طويل فاحترس من شدائه          عــليــك وسيفي من لساني أطول

لعل الباحث لا يعزب عنه رأي هذا الصحابي العادل في الخليفة، ولا يجده شاذا عن بقية الصحابة في إصفاقهم على مقته بعد ما يراه كيف يجابه الرجل بفظاظة و خشونة، ويقابله بالقول القارص، ويهدده بالهجاء والقتل، غير راع له أي حرمة وكرامة، لا يحسب تلكم القوارص زورا من القول، وفندا من الكلام، بل يرى الخليفة أهلا لكل ذلك، فهل يجتمع هذا مع كون الرجل إمام عدل عند المخزومي ؟ .

34 - حديث معاوية ابن أبي سفيان الأموي

1 - من كتاب لأمير المؤمنين إلى معاوية: فسبحان الله ما أشد لزومك للأهواء المبتدعة والحيرة المتبعة، مع تضييع الحقائق واطراح الوثائق التي هي لله طلبة، وعلى عباده حجة، فأما إكثارك الحجاج في عثمان وقتله فإنك إنما نصرت عثمان حيث كان النصر لك، وخذلته حيث كان النصر له (1) .

 2 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية: فوالله ما قتل ابن عمك غيرك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) نهج البلاغة 2: 62 .

 

/ صفحة 150 /

راجع ما مر من حديث أمير المؤمنين .

 3 - ومن كتاب له عليه السلام إلى الرجل: قد أسهبت في ذكر عثمان، ولعمري ما قتله غيرك، ولا خذله سواك، ولقد تربصت به الدوائر، وتمنيت له الأماني، طمعا فيما ظهر منك . ودل عليه فعلك . شرح ابن أبي الحديد 3: 411 .

4 - من كتاب لابن عباس إلى معاوية: أما ما ذكرت من سرعتنا إليك بالمساءة إلى أنصار ابن عفان، وكراهتنا لسلطان بني أمية، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره، حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان: الوليد بن عقبة . كتاب نصر 472، الإمامة والسياسة 1: 96، شرح ابن أبي الحديد 2: 289 .

 5 - من كتاب لابن عباس إلى معاوية: وأما قولك: إني من الساعين على عثمان والخاذلين له والسافكين دمه، وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني، فأقسم بالله لأنت المتربص بقتله، والمحب لهلاكه، والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره، ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث ويستصرخ، فما حفلت به حتى بعثت إليه معذرا بأجرة أنت تعلم أنهم لن يتركوه حتى يقتل، فقتل كما كنت أردت، ثم علمت عند ذلك أن الناس لن يعدلوا بيننا وبينك فطفقت تنعي عثمان وتلزمنا دمه وتقول: قتل مظلوما . فإن يك قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمين . مر تمام الكتاب في صفحة 134 .

 6 - روى البلاذري في الأنساب قال: لما أرسل عثمان إلى معاوية يستمده بعث يزيد بن أسد القسري جد خالد بن عبد الله بن يزيد أمير العراق وقال له: إذا أتيت ذا خشب فأقم بها ولا تتجاوزها ولا تقل: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب .

 فإنني أنا الشاهد وأنت الغائب، قال: فأقام بذي خشب حتى قتل عثمان، فاستقدمه حينئذ معاوية فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أرسل معه، وإنما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمان فيدعوا إلى نفسه . راجع شرح ابن أبي الحديد 4: 57 .

 7 - من خطبة لشبث بن ربعي يخاطب معاوية: إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو و ما تطلب، إنك لم تجد شيئا تستغوي به الناس، وتستميل به أهواءهم، وتستخلص به طاعتهم، إلا قولك: " قتل إمامكم مظلوما، فنحن نطلب بدمه " فاستجاب له سفهاء طغام،

/ صفحة 151 /

وقد علمنا قد أبطأت عنه بالنصر، وأحببت له القتل لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب .

 الخ كتاب صفين لابن مز ص 210، تاريخ الطبري 5: 243، الكامل لابن الأثير 3: 123، شرح ابن أبي الحديد 1: 342 .

 8 - من كتاب لأبي أيوب الأنصاري جوابا لمعاوية: فما نحن وقتلة عثمان إن الذي تربص بعثمان وثبط أهل الشام عن نصرته لأنت، وإن الذين قتلوه غير الأنصار .

 الإمامة والسياسة 1: 93 وفي ط 81، شرح ابن أبي الحديد 26 281 .

 9 - من كتاب لمحمد بن سلمة الأنصاري جوابا لمعاوية: ولئن كنت نصرت عثمان ميتا لقد خذلته حيا، ونحن ومن قبلنا من المهاجرين والأنصار أولى بالصواب . الإمامة والسياسة 1: 87، شرح ابن أبي الحديد 1: 260 .

 10 - في محاورة بين معاوية وأبي الطفيل الكناني: قال معاوية: أكنت فيمن حضر قتل عثمان ؟ قال: لا، ولكني فيمن حضر فلم ينصره، قال: فما منعك من ذلك وقد كانت نصرته عليك واجبة ؟ قال: منعني ما منعك إذ تربصت به ريب المنون وأنت بالشام، قال: أو ما ترى طلبي بدمه نصرة له ؟ قال: بلى ولكنك وإياه كما قال الجعدي:

لألقينك بعد الموت تندبني          وفي حياتي ما زودتني زادا

راجع ما مر في هذا الجزء ص 139 .

11 - لما أتى معاوية نعي عثمان وبيعة الناس عليا عليه السلام ضاق صدرا بما أتاه و تظاهر بالندم على خذلانه عثمان وقال كما في كتاب صفين ص 88:

أتاني أمر فيــــــه للنفــــــس غــمة          وفيــــــه بكــــــاء للعــــــيون طويل

وفيه فناء شامــــــل وخــــــزايـــــة          وفيــــــه اجــــــتداع لـلأنوف أصيل

مصاب أميــــــر المؤمنين وهــــــذه          تكاد لهـــا صم الجــــــبال تــــــزول

فلله عينا من رأى مثــــــل هـــــالك          أصيب بلا ذنــــــب وذاك جــــــليــل

تداعــــــت عـــــليه بالمدينة عصبة          فــــــريقان منــــــها قـــــاتل وخذول

دعـــــــاهم فصموا عنه عند جوابه          وذاكــــــم عـلى ما في النفوس دليل

ندمت على ما كان من تبعي الهوى          وقــــــصري (1) فيه حسرة وعويل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) قصري: أي حسبي يقال: قصرك: أي حسبك وكفايتك .

 كما يقال: قصارك وقصاراك .

 

/ صفحة 152 /

قال الأميني: إن زبدة مخض هذه الكلمات المعتضدة بعضها ببعض أن ابن هند لم يشذ عن الصحابة في أمر عثمان، وإنما يفترق عنهم بأن أولئك كانوا مهاجمين عليه أو خاذلين له، وأما معاوية فقد اختص بالخذلان والتخذيل اللذين كان يروقه نتاجهما حتى وقع ما كان يحبه ويتحراه، وحتى حسب صفاء الجو ما كان يضمره من التشبث بثارات عثمان، والظاهر بعد الأخذ بمجامع هذه النقول عن أعاظم الصحابة وبعد تصوير الحادثة نفسها من شتى المصادر: أن لخذلان معاوية أتم مدخلية في انتهاء أمر الخليفة إلى ما انتهي إليه، والخاذل غير بعيد عن المجهز، ومن هنا وهنا يقول له الإمام عليه السلام: فوالله ما قتل ابن عمك غيرك .

 ويقول: ولعمري ما قتله غيرك، ولا خذله سواك، إلى كلمات آخرين لا تخفى عليهم نوايا الرجل، فلو كان مستعجلا بكتائبه إلى دخول المدينة، غير متربص قتل ابن عمه لحاموه ونصروه، وكان مبلغ أمره عندئذ إما إلى الفوز بهم، أو تراخي الأمر إلى أن يبلغه بقية الأنصار من بلاد أخرى، فيكون النصر بهم جميعا، لكن معاوية ما كان يريد ذلك وإنما كان مستبطئ أجل الرجل، طامعا في تقلده الخلافة من بعده، فتركه والقوم فهو أظلم الظالمين إن كان قتل مظلوما كما قاله حبر الأمة، أو أنه من الصحابة العدول كما يحسبه القوم وهذا رأيه في الخليفة المقتول .

35 - حديث عثمان نفسه

دخل المغيرة بن شعبة على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: يا أمير المؤمنين ! إن هؤلاء قد اجتمعوا عليك فإن أحببت فألحق بمكة ؟ وإن أحببت أن نخرق لك بابا من الدار فتلحق بالشام ؟ ففيها معاوية وأنصارك من أهل الشام، وإن أبيت فاخرج ونخرج وتحاكم القوم إلى الله فقال عثمان: أما ما ذكرت من الخروج إلى مكة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذه الأمة من الإنس والجن . فلن أكون ذلك الرجل إن شاء الله . الحديث .

 وفي لفظ أحمد: يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا إياه .

 

/ صفحة 153 /

وفي لفظ الخطيب: يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب الأمة فلن أكونه .

 وفي لفظ الحلبي: إن ابن الزبير لما قال لعثمان رضي الله عنه وهو محاصر: إن عندي نجائب أعددتها لك فهل لك أن تنجو إلى مكة ؟ فإنهم لا يستحلونك بها، قال له عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد رجل في الحرم من قريش أو بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا .

 راجع مسند الحرم 1: 67، رجال إسناده كلهم ثقات، الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص 35، تاريخ الخطيب 14، 272، الرياض النضرة 2: 129، تاريخ ابن كثير 7: 210، مجمع الزوائد 7: 230 قال: ورواه أحمد ورجاله ثقات وله طرق، الصواعق ص 66، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 109، السيرة الحلبية 1: 188، تاريخ الخميس 2: 263، إزالة الخفا 2: 243 .

(الانسان على نفسه بصيرة)

تعطينا هذه الرواية أن ثقة عثمان بانطباق ما ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الرجل الملحد بمكة على نفسه من جراء ما علم أنه مرتكبه من الأعمال أشد وأكثر من ثقته بإيمانه بما رووه له من البشارة بالجنة في العشرة المبشرة إلى فضايل أخرى صنعتها له أيدي الولاء والمحبة، على أن هذه كلها نصوص فيه، وأما ما خشي انطباقه عليه فهو وارد في رجل مجهول استقرب الخليفة أن يكونه هو، فامتنع عن الانفلات إلى مكة وآثر عليه بقاءه في الحصار حتى أودي به، ولم يكن يعلم أنه يقتل بمكة لو خرج إليها، وعلى فرض قتله بها فمن ذا الذي أخبره أنه يكون هو ذلك الرجل ؟ كيف يخاف عثمان أن يكون هو ذلك الرجل وقد اشترى الجنة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرتين بيع الحق: حيث حفر بير رومة، وحيث جهز جيش العسرة ؟ (1) كيف يخاف عثمان وقد عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه يقتل ويبعث يوم القيامة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 107 وصححه غير ممعن نظره في إسناده وعقبه الذهبي بتضعيف عيسى بن المسيب من رجال إسناده وقال: ضعفه أبو داود وغيره .

 

/ صفحة 154 /

أميرا على كل مخذول، يغبطه أهل المشرق والمغرب، ويشفع في عدد ربيعة ومضر (1) كيف يخاف عثمان وقد سمع وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمته به بقوله: عليكم بالأمير وأصحابه .

 وأشار إلى عثمان ؟ .

 كيف يخاف وقد أخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن شأنه في الجنة لما سئل: أفي الجنة برق ؟ فقال: نعم والذي نفسي بيده إن عثمان ليتحول من منزل إلى منزل فتبرق له الجنة ؟ (2) .

 كيف يخاف عثمان وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم بمشهد منه ومسمع: ليس من نبي إلا وله رفيق من أمته معه في الجنة وإن عثمان رفيقي ومعي في الجنة ؟ (3) كيف يخاف عثمان وقد قال له صلى الله عليه وآله وسلم معتنقا إياه: أنت وليي في الدنيا والآخرة .

 أو قال: هذا جليسي في الدنيا ووليي في الآخرة ؟ (4) .

 كيف يخاف عثمان بعد ما جاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما صعد المنبر فنزل حتى قال: عثمان في الجنة ؟ (5) .

 نعم: للباحث أن يجيب بأن هذه كلها أباطيل وأكاذيب لا يصح شئ منها فما ذنب عثمان ؟ وكيف لا يخاف والانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ؟ .

 قريض يؤكد ما سبق ذكر البلاذري في الأنساب 5: 105 للأعور الشني بشر بن منقذ يكنى أبا منقذ أحد بني شن بن أقصى كان مع أمير المؤمنين يوم الجمل، ترجمه المرزباني في معجم الشعراء ص 39 قوله:

بكت عين من يبكي ابن عفان بعد ما          نفــــــى ورق الفــــــرقان كـــل مكان

ثــــــوى تــــــاركا للحق متبع الهوى          وأورث حــــــربا حــــــشها بطــــعان

بــــــرئت إلى الرحمان مـن دين نعثل          ودين ابــــــن صخــــر أيها الرجلان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) سيوافيك الحديث بإسناده ومتنه كملا .

 (2) راجع الجزء الخامس من كتابنا هذا ص 313 ط 2 .

 (3) سيأتيك الحديث بإسناده وأنه باطل .

 (4) سنوقفك في هذا الجزء على أنه باطل لا يصح .

 (5) من أكاذيب جاء بها محب الطبري في رياضه 2: 104 .

 

/ صفحة 155 /

ويقال: ابن الغريرة النهشلي، ويقال: الحباب بن يزيد المجاشعي (1): وقال علي بن الغدير المضرس الغنوي، ويقال: إهاب بن همام بن صعصعة المجاشعي:

لعــــــمر أبــــــيك فـلا تكذبي          لقــــــد ذهــب الخير إلا قليلا

لقـــــــد فتن الناس في دينهم          وخلى ابن عفان شرا طويلا

أعــــــاذل كـــــل امرئ هالك          فسيري إلى الله سيرا جميلا

راجع الأنساب 5: 104، تاريخ الطبري 5: 152، الاستيعاب: 2: 480، تفسير ابن كثير 1: 143 .

 وأخرج نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 435 من رجز همام بن الأغفل يوم صفين قوله:

قد قرت العــــــين مـــن الفساق          ومن رؤس الكفــــــر والنــــفاق

إذ ظهــــــرت كتــــــائب العـراق          نحــــــن قتـــــلنا صاحب المراق

وقائــــــد البغـــــاة والشقــــــاق          عثمان يوم الدار والاحراق (2)

لمــــــا لففــــنا ساقهم بســـــاق          بالطعــــــن والضـرب مع العناق

وقال محمد بن أبي سبرة بن أبي زهير القرشي كما في كتاب صفين ص 436 .

نحــــن قتلنا نعثلا بالسيرة          إذ صد عـن أعلامنا المنيرة

يحكم بالجور على العشيره          نحن قتلنا قبله المغيره (2)

نالتــــــه أرماح لنا موتوره          إنا انــــــاس ثابتو البصيره

وقال الفضل بن العباس مجيبا الوليد بن عقبة بن أبي معيط عن أبيات له:

أتطــــــلب ثــــــأرا لســـــــت منه ولا له          وأين ابن ذكوان الصفوري من عمرو ؟

كمــــــا اتــــــصلت بنـــــت الحمار بأمها          وتــــــنسى أباها إذ تسامي أولي الفخر

ألا إن خــــــير النــــــاس بعــــــد محــمد          وصــــي النبي المصطفى عند ذي الذكر

وأول مــــــن صــــــلى وصنــــــو نبــــيه          وأول مــــــن أردى الغــــــــواة لدى بدر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) في تاريخ ابن عساكر 3 .

 258: الحتات بن يزيد .

 (2) إشارة إلى إحراق باب دار عثمان كما مر حديثه ويأتي (3) هو المغيرة بن الأخنس المقتول يوم الدار مع عثمان كما يأتي حديثه .

 

/ صفحة 156 /

فلـــــــو رأت الأنـــــصار ظلم ابن عمكم          لكـــــــانوا له من ظلمه حاضري النصر

كفـــــــى ذاك عيـــــــبا أن يشيروا بقتـله          وأن يسلـــــــموه للأحابــــيش من مصر

" تاريخ الطبري 5: 151 "

نادى عمرو بن العاص يوم صفين بأعلى صوته:

يا أيــــها الجند الصليب الإيمان          قوموا قياما واستعينوا الرحمن

إنـــــي أتاني خبر ذو ألوان (1)         : إن عـــــــليا قتــــــل ابن عفان

ردا عـــــــلينا شيخــــنا كما كان

فرد عليه أهل العراق وقالوا:

أبــــت سيوف مذحج وهمدان          بأن تـــــــرد نعــــثلا كما كان

خلقا جديدا مثل خلق الرحمن          ذلــك شأن قد مضى وذا شان

ثم نادى عمرو بن العاص ثانية برفع صوته:

ردوا عـــــــلينا شيخــــــنا ثم بجل          أو لا تكونوا حرزا من الأسل(2)

فرد عليه أهل العراق:

كيـــــــف نـــــــرد نعــثلا وقد قحل          نحن ضربنا رأسه حتى انجفل(3)

وأبـــــــدل الله بـــــــه خــــــير بدل          أعـــلم بالدين وأزكى بالعمل (4)

شد الأشتر مالك بن الحارث يوم صفين على محمد بن روضة وهو يقول:

لا يبعــــد الله سوى عثمانا          وأنـــــــزل الله بكـــم هوانا

ولا يسلــــي عنكم الأحزانا          مخالف قد خالف الرحمانا

نصرتموه عابدا شيطانا (5)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في كتاب نصر: فأشجان .

(2) في كتاب صفيين: جزرا من الأسل . الجزر: قطع اللحم تأكله السباع . الأسل: الرماح .

(3) قحل: يبس فهو قاحل . انجفل: انقلب وسقط .

(4) كتاب صفين ص 256، 257، 454، شرح ابن أبي الحديد 1: 482، لسان العرب 14: 70، تاج العروس 8: 77 .

(5) كتاب صفين ص 199، شرح ابن أبي الحديد 1: 330 . حذف منها الشطرين الأخيرين.

 

/ صفحة 157 /

36 - حديث المهاجرين والأنصار

1 - من كتاب كتبه مولانا أمير المؤمنين إلى معاوية: زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خفري بعثمان، ولعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلال، ولا ليضربهم بالعمى، وما أمرت فلزمتني خطيئة الأمر، ولا قتلت فأخاف على نفسي قصاص القاتل (1) .

 2 - روى البلاذري عن المدائني عن عبد الله بن فائد إنه قال: نظر ثابت بن عبد الله بن الزبير إلى أهل الشام فقال: إني لأبغضهم .

 فقال سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان: تبغضهم لأنهم قتلوا أباك .

 قال: صدقت، قتل أبي علوج الشام وجفاته وقتل جدك المهاجرون والأنصار .

 أنساب البلاذري 5: 195، 372 .

 3 - قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1: 92: ذكروا أن أبا هريرة وأبا الدرداء قدما على معاوية من حمص وهو بصفين فوعظاه وقالا: يا معاوية ! علام تقاتل عليا ؟ وهو أحق بهذا الأمر منك في الفضل والسابقة، لأنه رجل من المهاجرين الأولين السابقين بالاحسان، وأنت طليق وأبوك من الأحزاب، أما والله ما نقول لك أن تكون العراق أحب إلينا من الشام ولكن البقاء أحب إلينا من الفناء، والصلاح أحب إلينا من الفساد فقال: لست أزعم إني أولى بهذا الأمر من علي ولكني أقاتله حتى يدفع إلي قتلة عثمان فقالا: إذا دفعهم إليك ماذا يكون ؟ قال: أكون رجلا من المسلمين: فأتيا عليا فإن دفع إليكما قتلة عثمان جعلتها شورى .

 فقدما على عسكر علي فأتاهما الأشتر فقال يا هذان ! إنه لم ينزلكما الشام حب معاوية، وقد زعمتما أنه يطلب قتلة عثمان فعمن أخذتما ذلك ؟ فقبلتماه، أعمن قتله ؟ فصدقتموهم على الذنب كما صدقتموهم على القتل .

 أم عمن نصره ؟ فلا شهادة لمن جر إلى نفسه، أم عمن اعتزل ؟ إذ علموا ذنب عثمان وقد علموا ما الحكم في قتله، أو عن معاوية ؟ وقد زعم أن عليا قتله، اتقيا الله فإنا شهدنا وغبتما، ونحن الحكام على من غاب .

 فانصرفا ذلك اليوم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الإمامة والسياسة 1: 87، العقد الفريد 2: 284، الكامل للمبرد 1: 157، شرح ابن أبي الحديد 1: 252 .

 

/ صفحة 158 /

فلما أصبحا أتيا عليا فقالا له: إن لك فضلا لا يدفع، وقد سرت مسير فتى إلى سفيه من السفهاء، ومعاوية يسألك أن تدفع إليه قتلة عثمان فإن فعلت ثم قاتلك كنا معك قال علي: أتعرفانهم ؟ قالا . نعم .

 قال: فخذ أهم فأتيا محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر والأشتر فقالا: أنتم من قتلة عثمان وقد أمرنا بأخذكم .

 فخرج إليهما أكثر من عشرة آلاف رجل فقالوا: نحن قتلنا عثمان .

 فقالا: نرى أمرا شديدا أليس عليا الرجل .

 فانصرف أبو هريرة وأبو الدرداء إلى منزلهما بحمص فلما قدما حمص لقيهما عبد الرحمن ابن عثمان وسأل عن مسيرهما فقصا عليه القصة فقال: العجب منكما إنكما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما والله لئن كففتما أيديكما ما كففتما ألسنتكما، أتأتيان عليا و تطلبان إليه قتلة عثمان ؟ وقد علمتما أن المهاجرين والأنصار لو حرموا دم عثمان نصروه، وبايعوا عليا على قتلته، فهل فعلوا ؟ وأعجب من ذلك رغبتكما عما صنعوا، و قولكما لعلي: إجعلها شورى واخلعها من عنقك، وإنكما لتعلمان أن من رضي بعلي خير ممن كرهه، وإن من بايعه خير ممن لم يبايعه، ثم صرتما رسولي رجل من الطلقاء لا تحل له الخلافة .

 ففشى قوله وقولهما فهم معاوية بقتله، ثم راقب فيه عشيرته .

 وفي لفظ ابن مزاحم في كتاب صفين ص 213، خرج أبو أمامة الباهلي وأبو الدرداء فدخلا على معاوية وكانا معه فقالا: يا معاوية ! علام تقاتل هذا الرجل ؟ فوالله لهو أقدم منك سلما، وأحق بهذا الأمر منك، وأقرب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعلام تقاتله ؟ فقال: أقاتله على دم عثمان، وأنه آوى قتلته فقولوا له: فليقدنا من قتلته فأنا أول من بايعه من أهل الشام، فانطلقوا إلى علي فأخبروه بقول معاوية فقال: هم الذين ترون فخرج عشرون ألفا أو أكثر مسربلين في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق فقالوا: كلنا قتله فإن شاءوا فليروموا ذلك منا .

 4 - مر في صفحة 139 من حديث أبي الطفيل قول معاوية له: أكنت ممن قتل عثمان أمير المؤمنين ؟ قال: لا، ولكن ممن شهده فلم ينصره، قال: ولم ؟ قال: لم ينصره المهاجرون والأنصار . الحديث فراجع .

 5 - قال شعبة: ما رأيت رجلا أوقع في رجال أهل المدينة من القاضي أبي إسحاق سعد " بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني الزهري المتوفى سنة 125 " ما كنت

/ صفحة 159 /

أرفع له رجلا منهم إلا كذبه فقلت له في ذلك فقال: إن أهل المدينة قتلوا عثمان .

 تاريخ ابن عساكر 6 .

 6 - ذكر ابن عساكر في تاريخه 7: 319 قال: كان أبو مسلم الخولاني التابعي في المدينة فسمع مكفوفا يقول: أللهم العن عثمان وما ولد .

 فقال: يا مكفوف ! ألعثمان تقول هذا ؟ يا أهل المدينة ! كنتم بين قاتل وخاذل فكلا جزى الله شرا، يا أهل المدينة ! لأنتم شر من ثمود، إن ثمود قتلوا ناقة الله وأنتم قتلتم خليفة الله، وخليفة الله أكرم عليه من ناقته .

 قال الأميني: غايتنا الوحيدة في نقل هذا الحديث إيقاف الباحث على موقف الصحابة من أهل المدينة وأنهم كانوا بين قاتل وخاذل، وأما رأي أبي مسلم الخولاني فيهم فتعرف جوابه من قول الأشتر قبيل هذا .

 7 - قال الواقدي في إسناده: لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله، وما الناس فيه من عماله ويكثرون عليه ويسأل بعضهم أن يقدموا المدينة إن كانوا يريدون الجهاد، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه إلا زيد ابن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت الأنصاري، فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلى علي فسألوه أن يكلم عثمان ويعظه ؟ فأتاه فقال له إن الناس ورائي قد كلموني في أمرك، ووالله ما أدري ما أقول لك، ما أعرفك شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، وإنك لتعلم ما نعلم، وما سبقناك إلى شئ فنخبرك عنه، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت ورأيت مثل ما سمعنا ورأينا، وما ابن أبي قحافة وابن الخطاب بأولى بالحق منك، ولأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رحما، ولقد نلت من صهره ما لم ينالا، فالله الله في نفسك، فإنك لا تبصر من عمى، ولا تعلم من جهل، فقال له عثمان: والله لو كنت مكاني ما عنفتك ولا أسلمتك ولا عتبت عليك إن وصلت رحما (1) وسددت خلة، وآويت ضائعا، ووليت من كان عمر يوليه، نشدتك الله ألم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) انظر إلى الرجل يحسب كلمته هذه تبرر أعماله الشاذة عن الكتاب والسنة وتجعل أعطياته لأبناء أمية من الغنائم والصدقات صلة للرحم، ودفعه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة إلى رجال الفتن والثورات المدلهمة سدا للخلة، ورد الحكم وأبناؤه مطرودي النبي الأعظم إلى المدينة إيواء للضايع، دع هو وحسبانه، لكن العجب كل العجب أنه يروم إفحام مثل أمير المؤمنين عليه السلام بهذه الخزعبلات .

 

/ صفحة 160 /

يول عمر المغيرة بن شعبة ؟ وليس هناك . قال: نعم .

 قال: فلم تلومني إن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته ؟ قال علي: سأخبرك أن عمر بن الخطاب كان كل من ولى فإنما يطأ على صماخه، إن بلغه عنه حرف جلبه، ثم بلغ به أقصى الغاية، وأنت لا تفعل، ضعفت ورفقت على أقربائك، قال عثمان: هم أقرباؤك أيضا .

 فقال علي: لعمري إن رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في غيرهم .

 قال: أو لم يول عمر معاوية ؟ فقال علي: إن معاوية كان أشد خوفا وطاعة لعمر من يرفاء وهو الآن يبتز الأمور دونك وأنت تعلمها ويقول للناس: هذا أمر عثمان . ويبلغك فلا تغير على معاوية .

 راجع الأنساب للبلاذري 5: 60، تاريخ الطبري 5: 97، الكامل لابن الأثير 3: 63، تاريخ أبي الفدا ج 1: 168، تاريخ ابن خلدون 2: 391 .

 8 - أخرج ابن سعد في طبقاته 3: 47 ط ليدن عن مجاهد قال: أشرف عثمان على الذين حاصروه فقال: يا قوم ! لا تقتلوني فإني وال وأخ مسلم - إلى أن قال -: فلما أتوه قال: أللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا، قال مجاهد: فقتل الله منهم من قتل في الفتنة، وبعث يزيد إلى المدينة عشرين ألفا فأباحوا المدينة ثلاثا يصنعون ما شاءوا لمداهنتهم .

 وقال حسان بن ثابت فيمن تخلف عن عثمان وخذله عن الأنصار وغيرهم وأعانه على قتله من أبيات له:

خـــــذلته الأنصار إذ حـضــر المو          ت وكانـــــت ولاتـــــــه الأنــــــصار

من عذيري من الزبير ومن طلحة          إذ جـــــــاء أمـــــــر له مقدار (1)

فتـــــــولى محـــــــمد بن أبــي بكر          عـــــــيانا وخـــــــلفه عـــــــمــــار

وعـــــــلي فــــي بيتــــه يسأل النــا          س ابتـــداء وعــــنده الأخـــــــبـار

باسطـــــــا للـــــــذي يــــــريد يديه          وعـــــــليه سكيـــــــنة ووقار (2)

وقال حميد بن ثور أبو المثنى الهلالي في قتل عثمان كما في تاريخ ابن عساكر 4: 458 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) في العقد الفريد: من عذيري من الزبير ومن طلحة هاجا أمرا له أعصار (2) مروج الذهب 1: 442، العقد الفريد 2: 267 .

 

/ صفحة 161 /

إن الخلافة لما أظعنت ظعـــــــنــــــت          من أهــل يثرب إذ غير الهدى سلكوا

صارت إلى أهلها منـــــــهم ووارثها          لمــــا رأى الله في عثمان ما انتهكوا

السافكـــــــي دمــــــه ظلما ومعصية          أي دم لا هـــــــدوا مــن غيهم سفكوا

والهــــــاتكي ستر ذي حق ومحرمة          فأي شر على أشياعهـــــــم هتـــــكوا

والخـــــــيل عابسة نضج الدماء بها          تنعى ابن أروى على أبطالها الشكك

من كـــــــل أبــــــيض هندي وسابغة          تغـــــشى البنان لها من نسجها حبك

قـــــــد نـــــــال جلهم حصر بمحصرة          ونال فتـــــــاكهم فتـــــــك بــما فتكوا

قـــــــرت بــــذاك عيون واشتفين بـه          وقـــــــد تقـــــــر بعــين الثائر الدرك

37 ـ كتاب أهل المدينة إلى الصحابة في الثغور

أخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن يسار أنه قال: لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما بالآفاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور: إنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل تطلبون دين محمد صلى الله عليه وسلم فإن دين محمد قد أفسده من خلفكم وترك، فهلموا فأقيموا دين محمد صلى الله عليه وسلم . وفي لفظ ابن الأثير: فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فأقيموه . وفي لفظ ابن أبي الحديد: قد أفسده خليفتكم فاخلعوه، فاختلفت عليه القلوب . فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه (1) .

 وأخرج من طريق محمد بن مسلمة قال: لما كانت سنة 34 كتب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض يتشاكون سيرة عثمان وتغييره وتبديله ويسأل بعضهم بعضا: أن أقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد، وكثر الناس على عثمان، ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله يرون ويسمعون ليس فيهم أحد بنهي ولا يذب إلا نفير: زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلى علي فسألوه أن يكلم عثمان ويعظه فأتاه فقال له: إن الناس ورائي .

 إلى آخر ما مر في ص 74 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تاريخ الطبري 5: 115، الكامل لابن الأثير 5: 70، شرح ابن أبي الحديد 1: 165 .

 

/ صفحة 162 /

38 - كتاب المهاجرين إلى مصر

بسم الله الرحمن الرحيم

من المهاجرين الأولين وبقية الشورى إلى من بمصر من الصحابة والتابعين .

 أما بعد: أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها، فإن كتاب الله قد بدل، وسنة رسول الله قد غيرت، وأحكام الخليفتين قد بدلت، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقية أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلا أقبل إلينا وأخذ الحق لنا وأعطاناه، فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وأقيموا الحق على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه نبيكم وفارقكم عليه الخلفاء، غلبنا على حقنا، واستولى على فيئنا، حيل بيننا وبين أمرنا، وكانت الخلافة بعد نبينا خلافة نبوة ورحمة وهي اليوم ملك عضوض من غلب على شئ أكله (1) .

39 - كتاب أهل المدينة إلى عثمان

أخرج الطبري في تاريخه 5: 116 من طريق عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه، أو يعطيهم ما يلزمه من الله، فلما خاف القتل شاور نصحاءه و أهل بيته . إلى آخر ما يأتي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الإمامة والسياسة 1: 32 .