عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

 

نتاج البحث

 

هذا قليل من كثير مما وقفنا عليه من نوادر الأثر في علم عمر، وبوسعنا الآن أن نأتي بأضعاف ما سردناه لكنا تقتصر على هذا رعاية لمقتضى الحال، وعندنا لمة جمة نقدمها بين يدين القارئ في مستقبل الأجزاء إنشاء الله تعالى، والذي تلخص من هذا البحث الضافي أمور:

1 - إن الخليفة أخذ العلم عن أناس من الصحابة حيث كان يفقد ما عندهم من الفقه وفيهم من لم يعرف بالعلم وهم:

1 - عبد الرحمن بن عوف .

2 - معاذ بن جبل .

3 - عبد الله بن العباس .

4 - زيد بن ثابت .

 5 - عمار بن ياسر .

 6 - أبو عبيدة الجراح .

 7 - عبد الله بن مسعود .

 8 - مغيرة بن شعبة .

 9 - محمد بن مسلمة .

 10 - أبو موسى الأشعري .

 11 - أبو سعيد الخدري .

 12 - أبي بن كعب .

 13 - صهيب أبو يحيى .

 14 - الضحاك بن سفيان .

 15 - حمل بن نابغة .

 16 - عبد الله بن عمرو بن العاص .

 

 

 

/ صفحة 327 /

17 - أبو واقد الليثي .

 18 - امرأة من قريش .

 19 - شاب من فتيان الأنصار .

 20 - رجل لا يعرف .

 21 - عبد أسود .

 22 - عجوز مدنية .

 23 - شيخ من هذيل .

 24 - رجل من بني مدلج .

 25 - رجل شامي .

 وقبل هؤلاء كلهم مولانا أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه، وأخذ الخليفة عنه أكثر من غيره كما عرفت شطرا من ذلك، وهناك أشطار كثيرة لم تذكر بعد، ولهذا أكثر من قوله: لولا على لهلك عمر .

 وقوله: لولا علي لضل عمر .

 تمهيد الباقلاني ص 199 .

 وقوله: أللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب .

 وقوله: لا أبقاني الله بأرض لست فيها يا أبا الحسن .

 وقوله: أللهم لا تنزل بي شديدة إلا وأبو حسن إلى جنبي .

 وقوله: كاد يهلك ابن الخطاب لو لا علي بن أبي طالب .

 وقوله : أعوذ بالله من معضلة لا علي بها .

 وقوله: عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب، لولا علي لهلك عمر .

 وقوله: ردوا قول عمر إلى علي، لولا علي لهلك عمر .

 وقوله: لا أبقاني الله بعد ابن أبي طالب .

 وقوله: يا أبا الحسن أنت لكل معضلة وشدة تدعى .

 وقوله: هل طفحت حرة بمثله وأبرعته .

 وقوله: هيهات هناك شجنة من بني هاشم، وشجنة من الرسول وأثرة من علم يؤتى لها ولا يأتي، في بيته يؤتى الحكم .

 

 

 

/ صفحة 328 /

وقوله: أبا حسن لا أبقاني الله لشدة لست لها، ولا في بلد لست فيه .

 وقوله: يا ابن أبي طالب فما زلت كاشف كل شبهة، وموضح كل حكم وقوله: لولاك لافتضحنا .

 وقوله: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن .

 وقوله مشيرا إلى علي: هذا أعلم بنبينا وبكتاب نبينا مر تفصيل هذه كلها، ولكثرة حاجته إلى علم الصحابة، وتقويمهم أوده في مواقف لا تحصى في القضاء والفتيا كان يستفتي كبار الصحابة ويراجعهم ويستشيرهم في الأحكام، وكان يعرب عن جلية الحال بحق المقال من قوله: كل أحد أفقه من عمر .

 وقوله: تسمعونني أقول مثل القول فلا تنكرونه حتى ترد علي امرأة ليست من أعلم النساء .

 وقوله: كل أحد أعلم من عمر .

 وقوله: كل الناس أفقه منك يا عمر .

 وقوله: كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال .

 وقوله: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت .

 وقوله: كل الناس أعلم منك يا عمر .

 وقوله: كل واحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر .

 وقوله: كل أحد أفقه مني .

 مر تفصيل هذه كلها في نوادر الأثر .

 م - إن الأخذ بمجامع تلكم الأحاديث من النوادر المذكورة ومئات من أمثالها يعطينا خبرا بأن الخليفة لم يك متحليا بما أوجبته أعلام الأمة في الإمامة من الاجتهاد قام إمام الحرمين الجويني في " الارشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد " ص 426: من شرايط الإمام أن يكون من أهل الاجتهاد بحيث لا يحتاج إلى استفتاء غيره في الحوادث، وهذا متفق عليه . ا ه‍ .

 فأين يقع من هذا الشرط بعد إصفاق الأمة عليه رجل لم يعط بسطة من العلم ولم يك ما كان يعلمه يغنيه عن الناس، وإنما الأمة كانت في غنى عن ثرى علمه، وحديث استفتاء ه غيره ملأ كتب الحديث والسنن، وشحن معاجم التاريخ والسير، فماذا بعد الحق إلا الضلال) .

 

 

 

/ صفحة 329 /

وبما ذكرناه كله تعرف قيمة قول ابن حزم الأندلسي في كتابه (الفصل): علم كل ذي حس علما ضروريا أن الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ما كان عند علي من العلم إلى آخر كلامه المذكور في الجزء الثالث من كتابنا هذا ص 95 .

 وقول ابن تيمية في منهاج السنة 3 ص 128: وقد جمع الناس الأقضية والفتاوى المنقولة عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي فوجدوا أصوبها وأدلها على علم صاحبها أمور أبي بكر ثم عمر ولهذا كان ما يوجد من الأمور التي وجد نص يخالفها عن عمر أقل مما وجد من علي، وأما أبو بكر فلا يكاد يوجد نص يخاله .

 فقال: ولم يكن أبو بكر وعمر ولا غيرهما من أكابر الصحابة يخصان عليا بسؤال، والمعروف إن عليا أخذ العلم عن أبي بكر كما في السنن عن علي قال: كنت إذا سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به ما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني غيره حديثا استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له . ا ه‍ .

 وعجيب إن الرجل يموه على نفسه ويحسب أن ذلك ينطلي على غيره أيضا، أو هل في الحديث المذكور - بعد فرض صحته وقد زيفه غير واحد من الحفاظ - (1) غير أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يثق برواية أبي بكر وأين هو عن أخذ العلم عنه ؟ وهل علمه صلوات الله عليه مقصور على هذا الحديث الوارد في أدب من آداب الشريعة فحسب ؟ وهل يبتنى عليه شيء من أقضيته وفتاواه، وما حله من عويصات المسائل في الفرائض والأحكام ؟ وهل جهل عليه السلام موقع هذا الحديث فعلمه أبو بكر ؟ أو جهل شيئا مما يبتنى عليه فسدده هو كما وقع كل ذلك فيما سردناه من نوادر الأثر ؟ والمحتمل أن ؟ ؟ عليه السلام أبا بكر في روايته هذه لأنه عليه السلام كان سمعها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (؟ ؟) فلم يلغ الواسطة إذن لضرب من المصلحة، وكيف يأخذ أمير المؤمنين العلم من أبي بكر وهو باب مدينة علم الرسول ؟ كما أسلفناه ص 61 - 81، وهو وارث علومه وحكمه كما مر في الجزء الثالث ص 100 ؟ هذا لا يكون مهما هملج ابن تيمية في تركاضه وهو يدعي شيخوخة الاسلام و على هذا فقس بقية ما افتعله في كلامه هذا .

 وبعد ابني حزم وتيمية قول صاحب الوشيعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع تهذيب التهذيب 1 ص 268 .

 

 

/ صفحة 330 /

المذكور ص 82 .

 2 - وتعرف أيضا بما ذكرناه قيمة تأول القوم للصحيحة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (1) حيث نزلوه على من تسنم عرش الخلافة من بعده صلى الله عليه وآله وسلم بالاختيار وبنص أبي بكر بعده وبالشورى ولم يسعهم إلا أن يذكروا عليا أمير المؤمنين معهم، إذ ليس من المعقول أن يأمر صلى الله عليه وآله وسلم باتباع سيرة من لا سيرة له إلا الأخذ من أفواه الرجال في الفقه والكتاب والسنة أو الفتيا برأيه قائلا: إني سأقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان (2) إذن لأمر صلى الله عليه وآله وسلم باتباع سير الناس والرأي المجرد في دين الله .

 وليس هذا كالأمر باتباع المجتهدين الذين يستنبطون الفتيا مما عرفوه من كتاب وسنة وإجماع، أو فقل من قياس فإن المجتهد يستنبط كما قلناه مما عرف، والذي لا يعرف شيئا، ولم يحر جوابا عن واضحات المسائل، وقد يحلف بأنه ما يدري ما يصنع (3) وتعزب عنه المسائل المطردة مع كثرة الابتلاء بها كالتيمم والشكوك والغسل وفروع الصلاة والصوم والحج وأمثالها لا يمكن أن يكون متبعا للأمة وأن تعطيه الخلافة قيادها .

 على أن العلماء خالفوا سنة عمر في موارد أسلفناها لمضادة النص النبوي لها، ولو صح هذا التأول لكانت مناقضة بين الحديث وبين النصوص المضادة لفتيا عمر التي وأجبت إعراض العلماء عن قوله، وكذلك بين شطري هذا الحديث نفسه وهما: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: عليكم بسنتي .

 وسنة الخلفاء بعدي .

 والمفروض أن سنته صلى الله عليه وآله وسلم تخالف في الجملة سنة الرجل .

 والصحيح من معنى الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يرد من الخلفاء إلا الذين لم يزل ينص بهم بأسمائهم، وجعلهم أعدال القرآن الكريم في قوله: إني تارك فيكم الخليفتين .

 أو مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع سنن ابن ماجة 1 ص 20، سنن أبي داود 2 ص 261، سنن الدارمي 1 ص 45، مستدرك الحاكم 1 ص 96 .

(2) كما مر في نوادر الأثر ص 129 . ويأتي تفصيل القول فيه في الجزء السابع .

 (3) كما مر في نوادر الأثر في غير موضع .

 (4) هذا الحديث مما اتفقت الأئمة والحفاظ على صحته .

 

 

/ صفحة 331 /

كما يقتضيه لام العهد وقد وصفهم بالرشد والهدى، وهم الذين طابقت سيرتهم سيرته حذو القذة بالقذة لا الذين لم يعرفهم بعد ولا نصبهم ولا أوصى إليهم ولا بهم، ولا يذكر صلى الله عليه وآله وسلم هناك عددا ينطبق عليهم، وإنما ذكر أوصافا لا ينطق إلا على الذين أرادهم من الخلفاء من أهل بيته المعصومين، وليس التمسك بهذا الحديث فيما ارتأوه من أمر الخلافة إلا كالتمسك بالعام في الشبهات المصداقية .

 3 - إن هناك أحاديث موضوعة تذكر في فضائل عمر لا تلتئم مع شيئ مما ذكرناه بأسانيده الوثيقة، وكل من ذلك يفندها، منها ما يعزى إليه صلى الله عليه وآله وسلم من قول: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر (1) .

ورواية: لو لم أبعث لبعثت يا عمر (2) .

ورواية: لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب (3) .

ورواية: قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر (4) .

ورواية: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه (5) .

وراية: إن الله ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه (6) .

ومنها ما رووه عن علي أمير المؤمنين عليه السلام من قول: كنا نتحدث إن ملكا ينطق على لسان عمر (7).

وقوله: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر (8) .

ومنها ما يروى عن أعاظم الصحابة مثل ما يعزى إلى ابن مسعود من قول: لو وضع علم عمر في كفة وعلم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر .

 وأمثال هذه من الأكاذيب، فإن من يكون بتلك المثابة حتى يكاد أن يبعث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الجزء الخامس ص 312 .

 (2) راجع الجزء الخامس ص 316 .

 (3) الرياض النضرة 1 ص 199 .

 (4) راجع الجزء الخامس ص 42 .

 (5) حلية الأولياء 1 ص 42 .

 (6) الأموال لأبي عبيد ص 543 .

 (7) حلية الأولياء 1 ص 42 .

 (8) الأموال لأبي عبيد ص 543 .

 

 

/ صفحة 332 /

نبيا لا يفقد علم واضحات المسائل عند ابتلائه أو ابتلاء من يرجع أمره إليه من أمته بها، ولا يتعلم مثله سورة من القرآن في اثنتي عشر سنة (1) وأين كان الحق والملك والسكينة يوم كان لا يهتدي إلى أمهات المسائل سبيلا فلا تسدده ولا تفرغ الجواب على لسانه، ولا تضع الحق في قلبه ؟ .

 وكيف يسع المسدد بذلك كله أن يحسب كل الناس أفقه منه حتى ربات الحجال ؟ وكيف كان يأخذ علم الكتاب والسنة من نساء الأمة وغوغاء الناس فضلا عن رجالها وأعلامها ؟ وكيف كان يرى عرفان لفظة مفسرة بالقرآن تكلفا ويقول: هذا لعمر الله هو التكلف، ما عليك يا بن أم عمر أن لا تدري ما الأب (2) ؟ وكيف كان يأخذ عن أولئك الجم الغفير من الصحابة ويستفتيهم في الأحكام .

 وكيف كان يعتذر عن جهله أوضح ما يكون من السنة بقوله: ألهاني عنه الصفق بالاسواق (3) .

وكيف كان لم يسعه أن يعلم الكلالة ويقيمها ولم يتمكن من تعلم صور ميراث الجد وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أراه يعلمها . وما أراه يقيمها .

 ويقول: إني أظنك تموت قبل أن تعلم ذلك ؟ (4) وكيف كان مثل أبي بن كعب يغلظ له في القول ويراه ملهى عن علم الكتاب بالصفق بالأسواق وبيع الخيط والقرظة ؟ (5) وكيف كان يراه أمير المؤمنين جاهلا بتأويل القرآن الكريم (6) . وكيف ؟ وكيف ؟ إلى مائة كيف ؟ ! نعم راق القوم أن ينحتوا له فضائل ويغالوا فيها ولم يترووا في لوازمها وحسبوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع صحيفة 196 من هذا الجزء .

 (2) راجع ص 99 .

 (3) راجع ص 158 .

 (4) راجع ص 116، 158 (5) راجع ص 303، 306 .

 (6) راجع ص 103 .

 

 

 

/ صفحة 333 /

أن المستقل الكشاف يمضي كما مضت القرون خاليا عن باحث أو منقب، أو أن بواعث الارهاب يلجم لسانه عن أن ينطق، ويضرب على يده عن أن تكتب، ولا تفسح حرية القلم والمذاهب والأفكار العلماء أن يبوحوا بما عندهم، فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله .