عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

 

-4-

الفصل في الملل والنحل(*)

يجب على من يكتب في الملل والنحل قبل كل شئ الالتزام بالصدق والأمانة أكثر ممن يؤلف في التاريخ والأدب حتى يأمن بوائق هذا الفن من قذف الأمم من غير استناد إلى ركن وثيق، وتشويه سمعة الأبرياء بمجرد الوهم أو الخيال، فلا يخط إلا وهو متثبت في النقل، معتمد على أوثق المصادر، حتى يكون ذلك معذرا له عند المولى سبحانه، فلا يؤاخذ بالبهت على الناس والوقيعة فيهم. غير أن ابن حزم لم يلتزم بهذا الواجب بل إلتزم بضده في كلا ما يكتب، فطفق ينسق الأقاويل، ويروقه تكثير المذاهب، وقذف من يخالفه في المبدء. فإليك نماذج من تحكماته قال:

1 ـ إن الروافض ليسوا من المسلمين إنما هي فرق أولها بعد موت النبي بخمس وعشرين سنة، وكان مبدئها إجابة ممن خذله الله لدعوة من كاد الاسلام، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر.

ج ـ لعمر الحق إن هذه جمل قارصة تندى منها جبهة الانسانية ولو كان الظاهري يحملها لوجب أن ينتصب عرقا ولكن..

 وليت شعري كيف يمكن سلب الاسلام عن قوم يستقبلون القبلة في فرايضهم، ويلهجون بالشهادتين فيها، ويحملون القرآن ويعملون به ويتبعون سنة النبي الأقدس ؟ ! وملأ الدنيا كتبهم في العقائد والأحكام فهي شهيدة لهم على ما قلناه بعد أعمالهم الخارجية.

 وكيف يسع الرجل هذا الحكم البات ؟ ! وآلاف من الشيعة هم مشايخ أعلام السنة ورواة الحديث في صحاحهم الست وغيرها من المسانيد وهي مراجع قومه في معتقداتهم وأحكامهم وآرائهم نظراء : أبان بن تغلب الكوفي إبراهيم بن يزيد الكوفي أبو عبد الله الجدلي.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) تأليف ابن حزم الظاهري الأندلسي المتوفى 456، راجع ج 1 ص 290.

 

/ صفحة 93 /

أحمد بن المفضل الحفري، إسماعيل بن أبان الكوفي، إسماعيل بن خليفة الكوفي إسماعيل بن زكريا الكوفي إسماعيل بن عبد الرحمن إسماعيل بن موسى الكوفي تليد بن سليمان الكوفي ثابت أبو حمزة الثمالي ثوير بن أبي فاختة الكوفي جابر بن يزيد الجعفي جرير بن عبد الحميد الكوفي جعفر بن زياد الكوفي جعفر بن سليمان البصري جميع بن عميرة الكوفي الحارث بن حصيرة الكوفي الحارث بن عبد الله الهمداني حبيب بن أبي ثابت الكوفي الحسن بن حي الهمداني حكم بن عتيبة الكوفي حماد بن عيسى الجهني خالد بن مخلد القطواني أبو الحجاف ابن أبي عوف زبيد بن الحارث الكوفي زيد بن الحباب الكوفي سالم بن أبي الجعد الكوفي سالم بن أبي حفصة الكوفي سعد بن طريف الكوفي سعيد بن خثيم الهلالي سلمة بن الفضل الأبرش سلمة بن كهيل الحضرمي سليمان بن صرد الكوفي سليمان بن طاخان البصري سليمان بن قرم الكوفي سليمان بن مهران الكوفي شعبة بن الحجاج البصري صعصعة بن صوحان العبيدي طاوس بن كيسان الهمداني ظالم بن عمرو الدؤلي أبو الطفيل عامر المكي عباد بن يعقوب الكوفي عبد الله بن داود الكوفي عبد الله بن شداد الكوفي عبد الله بن عمر الكوفي عبد الله بن لهيعة الحضرمي عبد الله بن ميمون القداح عبد الرحمن بن صالح الأزدي عبد الرزاق بن همام الحميري عبد الملك بن أعين عبيد الله بن موسى الكوفي عثمان بن عمير الكوفي عدي بن ثابت الكوفي عطية بن سعد الكوفي العلاء بن صالح الكوفي علقمة بن قيس النخعي علي بن بديمة علي بن الجعد الجوهري علي بن زيد البصري علي بن صالح علي بن غراب الكوفي علي بن قادم الكوفي علي بن المنذر الطرائفي علي بن هاشم الكوفي عمار بن معاوية الكوفي عمار بن زريق الكوفي عمرو بن عبد الله السبيعي عوف بن أبي جميلة البصري فضل بن دكين الكوفي فضيل بن مرزوق الكوفي فطر بن خليفة الكوفي مالك بن إسماعيل الكوفي محمد بن حازم الكوفي محمد بن عبيد الله المدني محمد بن فضيل الكوفي محمد بن مسلم الطائفي محمد بن موسى المدني

/ صفحة 94 /

محمد بن عمار الكوفي معروف بن خربوذ الكرخي منصور بن المعتمر الكوفي المنهال بن عمرو الكوفي موسى ين قيس الحضرمي نفيع بن الحارث الكوفي نوح بن قيس الحداني هارون بن سعد الكوفي هاشم بن البريد الكوفي هبيرة بن بريم الحميري هشام بن زياد البصري هشام بن عمار الدمشقي وكيع بن الجراح الكوفي يحيى بن الجزار الكوفي يزيد بن أبي زياد الكوفي (1).

هؤلاء جمع ممن احتج بهم الأئمة الستة في صحاحهم، أضف إليهم رجال الشيعة من الصحابة الأكرمين، والتابعين الأولين، وأعلام البيت العلوي الطاهر من الذين يحتج بهم وبحديثهم وأنهى أئمة أهل السنة إليهم الاسناد في الصحاح والسنن والمسانيد و هم مصرحون بثقتهم وعدالتهم.

 فلو كانت الشيعة (كما زعمه ابن حزم) خارجين عن الاسلام فما قيمة تلك الصحاح ؟ ! وتلك المسانيد ؟ ! وتلك السنن ؟ ! وما قيمة مؤلفيها أولئك المشايخ وأولئك الأئمة و أولئك الحفاظ ؟ ! وما قيمة تلكم المعتقدات والآراء المأخوذة ممن ليسوا من المسلمين ؟ ! أللهم غفرانك وإليك المصير وأنت القاضي بالحق.

 نعم : ذنبهم الوحيد الذي لا يغفر عند ابن حزم أنهم يوالون عليا أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده الأئمة الأمناء صلوات الله عليهم اقتداء بالكتاب والسنة، ومن جراء ذلك يستبيح صاحب الفصل من أعراضهم ما لا يستباح من مسلم، والله هو الحكم الفاصل وأما ما حسبه من أن مبدء التشيع كان إجابة ممن خذله الله لدعوة من كاد الاسلام وهو يريد عبد الله بن سبا الذي قتله أمير المؤمنين عليه السلام إحراقا بالنار على مقالته الإلحادية وتبعته شيعته على لعنه والبرائة منه.

 فمتى كان هذا الرجس من الحزب العلوي حتى تأخذ الشيعة منه مبدء ها القويم ؟ ! وهل تجد شيعيا في غضون أجيالها وأدوارها ينتمي إلى هذا المخذول ويمت به ؟ ! لكن الرجل أبى إلا أن يقذفهم بكل مائنة شائنة، ولو استشف الحقيقة لعلم بحق اليقين أن ملقي هذه البذرة التشيع هو مشرع الاسلام صلى الله عليه وآله يوم كان يسمي

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) راجع في ترجمة هؤلاء وتفصيل حديثهم المراجعات لسيدنا المجاهد حجة الاسلام شرف الدين ص 41 - 105.

 

/ صفحة 95 /

من يوالي عليا عليه السلام بشيعته ويضيفهم إليه ويطريهم ويدعو أمته إلى موالاته وإتباعه راجع ص 78.

 ولتفاهة هذه الكلمة لا نسهب الافاضة في رده ونقتصر على كلمة ذهبية للأستاذ محمد كرد علي في خطط الشام 6 ص 251 قال :

 أما ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن مذهب التشيع من بدعة عبد الله بن سباء المعروف بابن السوداء فهو وهم وقلة علم بتحقيق مذهبهم، ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبرائتهم منه ومن أقواله وأعماله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك علم مبلغ هذا القول من الصواب. ا ه‍.

2 ـ قال : كذب من قال : بأن عليا كان أكثر الصحابة علما (4 ص 136) ثم بسط القول في تقرير أعلمية أبي بكر وتقدمه على علي في العلم ببيانات تافهة إلى أن قال : علم كل ذي حظ من العلم أن الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند علي منه. وقال في تقدم عمر على علي في العلم : علم كل ذي حس علما ضروريا أن الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ما كان عند علي من العلم. إلى أن قال : فبطل قول هذه الوقاح الجهال، فإن عاندنا معاند في هذا الباب جاهل أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله فإنا غير مهتمين على حط أحد من الصحابة عن مرتبته.

ج ـ أنا لست أدري أأضحك من هذا الرجل جاهلا ؟ ! أم أبكي عليه مغفلا ؟ ! أم أسخر منه معتوها ؟ ! فإن مما لا يدور في أي خلد الشك في أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام كان يربو بعلمه على جميع الصحابة، وكانوا يرجعون إليه في القضايا والمشكلات ولا يرجع إلى أحد منهم في شئ، وإن أول من اعترف له بالأعلمية نبي الاسلام صلى الله عليه وآله بقوله لفاطمة :

 أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما وأعلمهم علما (1) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لها : زوجتك خير أمتي أعلمهم علما، وأفضلهم حلما، وأولهم سلما (2) .

وقوله صلى الله عليه وآله لها : إنه لأول أصحابي إسلاما، أو : أقدم أمتي سلما، وأكثرهم

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مستدرك الحاكم 3، كنز العمال 6 ص 13.

(2) أخرجه الخطيب في المتفق، السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 398.

 

/ صفحة 96 /

علما، وأعظمهم حلماً(1).

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب(2).

وقوله صلى الله عليه وآله : وسلم علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي أوتى منه (3) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي(4) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : علي خازن علمي(5) .

وقوله صلى الله عليه وآله : علي عيبة علمي(6) .

وقوله صلى الله عليه وآله : أقضى أمتي علي(7) .

وقوله صلى الله عليه وآله : أقضاكم علي(8) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي وتخصم بسبع (إلى أن عد منها) وأعلمهم بالقضية.

 وفي لفظ : وأبصرهم بالقضية (9) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا(10).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مسند أحمد 5 ص 26، الاستيعاب 3 ص 36، الرياض النضرة 2 ص 194. مجمع الزوايد 9 ص 101 و 114 بطريقين صحح أحدهما ووثق رجال الآخر، والمرقاة في شرح المشكاة 5 ص 569، كنز العمال 6 ص 153، السيرة الحلبية 1 ص 285، سيرة زيني دحلان 1 ص 188 هامش الحلبية.

(2) أخرجه الديلمي عن سلمان، وذكره الخوارزمي في المناقب 49، ومقتل الحسين 1 ص 43 والمتقي في كنز العمال 6 ص 153.

 (3) شمس الأخبار ص 39، كفاية الكنجي 70، 93.

 (4) أخرجه الديلمي عن أبي ذر كما في كنز العمال 6 ص 156، كشف الخفاء ج 1 ص 204.

 (5) شرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 448.

 (6) شرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 448، الجامع الصغير للسيوطي وجمع الجوامع له كما في ترتيبه 6 ص 153 م شرح العزيزي 2 ص 417، حاشية شرح العزيزي للحفني 2 ص 417، مصباح الظلام 2 ص 56).

(7) مصابيح البغوي 2 ص 277، الرياض النضرة 2 ص 198، مناقب الخوارزمي 50، م فتح الباري 8، 136، بغية الوعاة ص 447).

(8) الاستيعاب 3 ص 38 هامش الإصابة، مواقف القاضي الإيجي 3 ص 276، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 235، مطالب السئول 23، تمييز الطيب من الخبيث 25، كفاية الشنقيطي 46.

 (9) حلية الأولياء 1 ص 66، الرياض النضرة 2 ص 198 عن الحاكمي، مطالب السئول 34، تاريخ ابن عساكر، كفاية الكنجي 139، كنز العمال 6 ص 153.

 (10) حلية الأولياء 1 ص 65، أسنى المطالب للحافظ الجزري 14.

 

/ صفحة 97 /

وكيف كان صلى الله عليه وآله يقول لما يقضي علي في حياته : الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت (1) وإذا كان علي باب مدينة علم رسول الله وحكمته بالنصوص المتواترة عنه (2) صلى الله عليه وآله وسلم فأي أحد يوازيه ؟ ! أو يضاهيه ؟ ! أو يقرب منه في شئ من العلم ؟ ! و هذا الحديث مما لا شك في صدوره عن مصدر النبوة، وقد أفرده بتدوين طرقه غير واحد في مؤلفات مستقلة.

 وبعده صلى الله عليه وآله عايشة فإنها قالت : علي أعلم الناس بالسنة (3 ).

 وعمر بقوله : علي أقضانا (4) وقوله : أقضانا علي (5) ولعمر كلمات مشهورة تعرب عن غاية احتياجه في العلم إلى أمير المؤمنين منها قوله غير مرة : لولا علي لهلك عمر (6 ).

 وقوله : أللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب (7 ).

 وقوله : لا أبقاني الله بأرض لست فيها أبا لحسن (8) وقوله :

 لا أبقاني الله بعدك يا علي ؟ (9)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) أخرجه أحمد في المناقب، محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 194.

 (2) أخرجه كثير من الحافظ بعدة طرق وصححه الطبري وابن معين والحاكم والخطيب والسيوطي وغيرهم.

 (3) الاستيعاب 3 ص 40 هامش الإصابة، الرياض النضرة 2 ص 93 ؟ ؟، مناقب الخوارزمي 54، الصواعق 76، تاريخ الخلفاء 115.

 (4) حلية الأولياء 1 ص 65، طبقات ابن سعد ص 459، 460، 461، الاستيعاب 4 ص 38، 39 هامش الإصابة، الرياض النضرة 2 ص 198، 244، تاريخ ابن كثير 7 ص 359 و قال : ثبت عن عمر. أسنى المطالب للجزري 14، تاريخ الخلفاء للسيوطي 115.

 (5) طبقات ابن سعد 860، الاستيعاب 3 ص 41، تاريخ ابن عساكر 2 ص 325، مطالب السئول 30.

 (6) أخرجه أحمد والعقيلي وابن السمان، ويوجد في الاستيعاب 3 ص 39، الرياض 2 ص 194، تفسير النيسابوري في سورة الأحقاف، مناقب الخوارزمي 48، شرح الجامع الصغير للشيخ محمد الحنفي 417 هامش السراج المنير. تذكرة السبط 87، مطالب السئول 13، فيض القدير 4 ص 357.

 (7) تذكرة السبط 87، مناقب الخوارزمي 58، مقتل الخوارزمي 1 ص 45.

 (8) إرشاد الساري 3 ص 195.

 (9) الرياض النضرة 2 ص 197، مناقب الخوارزمي 60، تذكرة السبط 88، فيض القدير 4 ص 357.

 

/ صفحة 98 /

وقوله : أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها (1) .

وقوله : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن (2) .

وقوله : أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن (3) .

وقوله : أللهم لا تنزل بي شديدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي (4).

 وقوله : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. ترجمة علي بن أبي طالب ص 79.

 م وقوله : لا أبقاني الله إلى أن أدرك قوما ليس فيهم أبو الحسن.

 حاشية شرح العزيزي 2 ص 417، مصباح الظلام 2 ص 56 ] وقال سعيد بن المسيب :

 كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن (5) .

وقال معاوية : كان عمر إذا أشكل عليه شئ أخذه منه (6 ).

 م ولما بلغ معاوية قتل الإمام قال : لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب. أخرجه أبو الحجاج البلوي في كتابه (ألف باء) ج 1 ص 222 ].

 ثم الإمام السبط الحسن الزكي فإنه قال في خطبة له : لقد فارقكم رجل بالأمر لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون بعلم (7 ).

 وقال ابن عباس حبر الأمة : والله لقد اعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر (8).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ ابن كثير 7 ص 359، الفتوحات الإسلامية 2 ص 306.

(2) الرياض النضرة 197، منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد 2 ص 352.

(3) فيض القدير 4 ص 357، م - قال : أخرج الدار قطني عن أبي سعيد أن عمر كان يسأل عليا عن شيئ فأجابه فقال عمر :

 أعوذ بالله.. الخ).

(4) أخرجه ابن البختري كما في الرياض 2 ص 194.

(5) أخرجه أحمد في المناقب، ويوجد في الاستيعاب هامش الإصابة 3 ص 39، م - صفة الصفوة 1 ص 121) الرياض النضرة 2 ص 194، تذكرة السبط 85، طبقات الشافعية للشيرازي 10، الإصابة 2 ص 509، الصواعق 76، فيض القدير 4 ص 357، م - إلف باء 1 ص 222 ).

(6) مناقب أحمد، الرياض النضرة 2 ص 195.

(7) أخرجه م - أحمد كما في تاريخ ابن كثير 7 ص 332، و) أبو نعيم في الحلية 1 ص 65، وابن أبي شيبة كما في ترتيب جمع الجوامع 6 ص 412، م - وأبو الفرج ابن الجوزي في صفة الصفوة 1 ص 121 ).

(8) الاستيعاب 3 ص 40، الرياض 2 ص 194، مطالب السئول 30.

 

/ صفحة 99 /

وقال: ما علمي وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في علم علي رضي الله عنه إلا كقطرة في سبعة أبحر (1).

وقال : العلم ستة أسداس، لعلي من ذلك خمسة أسداس وللناس سدس، ولقد شاركنا في السدس حتى لهو أعلم به منا(2).

وقال ابن مسعود : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا، وعلي أعلمهم بالواحد منها (3).

وقال : أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب (4) .

وقال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي (5) .

وقال : أفرض أهل المدينة وأقضاها علي (6) .

م - وقال : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن. مفتاح السعادة ج 1 ص 400 ].

 وقال : هشام بن عتيبة في علي عليه السلام : هو أول من صلى مع رسول الله، وأفقهه في دين الله، وأولاه برسول الله (7) وسئل عطاء أكان في أصحاب محمد أحد أعلم من علي ؟ ! قال : لا والله ما أعلمه (8) وقال عدي بن حاتم في خطبة له :

 والله لئن كان إلى العلم بالكتاب والسنة إنه - يعني عليا - لأعلم الناس بهما، ولئن كان إلى الاسلام إنه لأخو نبي الله والرأس في الاسلام، ولئن كان إلى الزهد والعبادة إنه لأظهر الناس زهدا، وأنهكهم عبادة،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) راجع الجزء الثاني من كتابنا ص 44، 45 ط ثاني (2) مناقب الخوارزمي 55، فرايد السمطين في الباب ال‍ 68 بطريقين.

 (3) كنز العمال 5 ص 156، 401 نقلا عن غير واحد من الحفاظ.

 (4) الاستيعاب 3 ص 41، الرياض 2 ص 194.

 (5) مستدرك الحاكم ج 3 وصححه، الاستيعاب 3 ص 41، أسنى المطالب للجزري 14، تمييز الطيب من الخبيث لابن البديع 15، الصواعق 76.

 (6) مستدرك الحاكم، الرياض 2 ص 198، الصواعق 76، تاريخ الخلفاء للسيوطي 115.

 (7) كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 403.

 (8) الاستيعاب 3 ص 40، الرياض النضرة 2 ص 194، م - ألف باء ا ص 222) الفتوحات الإسلامية 2 ص 337.

 

/ صفحة 100 /

ولئن كان إلى العقول والنحائز (1) إنه لأشد الناس عقلا، وأكرمهم نحيزة (2) وقال عبد الله بن حجل في خطبة له :

 أنت أعلمنا بربنا، وأقربنا بنبينا، وخيرنا في ديننا (3) .

م - وقال أبو سعيد الخدري : أقضاهم علي. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة مثله. فتح الباري 8 : 136 ].

 وقد امتدح جمع من الصحابة أمير المؤمنين عليه السلام في شعرهم بالأعلمية كحسان بن ثابت، وفضل بن عباس، وتبعهم في ذلك أمة كبيرة من شعراء القرون الأولى لا نطيل بذكرهم المقام.

 والأمة بعد أولئك كلهم مجمعة على تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على ؟ ؟ غيره بالعلم إذ هو الذي ورث علم النبي صلى الله عليه وآله وقد ثبت عنه بعدة طرق قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إنه وصيه ووارثه.

 وفيه : قال علي : وما أرث منك يا نبي الله ؟ ! قال : ما ورث الأنبياء من قبلي قال : وما ورث الأنبياء من قبلك ؟ ! قال : كتاب الله وسنة نبيهم.

 قال الحاكم في المستدرك 3 ص 226 في ذيل حديث وراثته النبي دون عمه العباس ما نصه : لا خلاف بين أهل العلم أن ابن العم لا يرث مع العم، فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم من النبي دونهم.

 وبهذه الوراثة الثابتة صح عن علي عليه السلام قوله : والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه، فمن أحق به مني ؟ ! (4) وهذه الوراثة هي المتسالم عليها بين الصحابة وقد وردت في كلام كثير منهم وكتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية فيما كتب : يا لك الويل، تعدل نفسك بعلي ؟ ! وهو وارث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه (5)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النحائز جمع النحيزة : الطبيعة.

(2) جمهرة خطب العرب 1 ص 202.

(3) جمهرة الخطب 1 ص 203.

(4) خصائص النسائي ص 18، مستدرك الحاكم 3 ص 126 صححه هو والذهبي.

(5) كتاب صفين لنصر بن مزاحم 133، مروج الذهب 2 ص 59.

/ صفحة 101 /

فلينظر الرجل الآن إلى من يوجه قوارصه وقذائفه ؟ ! وما حكم من يقول ذلك ومن المفضلين النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ؟ ! وأما حكم من يقع في الصحابة وفيمن يقع فيه الإمام السبط الحسن وعائشة وعمر بن الخطاب وحبر الأمة ابن عباس ونظراءهم، فالمرجع فيه زملاء الرجل وعلماء مذهبه.

 3 - قال : من قول الإمامية كلها قديما وحديثا : إن القرآن مبدل زيد فيه ما ليس منه ونقص منه كثير، وبدل منه كثير، حاشا علي بن الحسن (1) بن موسى بن محمد وكان إماميا يظاهر بالاعتزال مع ذلك بإنه كان ينكر هذا القول ويكفر من قاله.

 ج - ليت هذا المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به، أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزنا، أو طالب من رواد علومهم ولو لم يعرفه أكثرهم، بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جهالهم، أو قروي من بسطائهم، أو ثرثار كمثل هذا الرجل يرمي القول على عواهنه.

 لكن القارئ إذا فحص ونقب لا يجد في طليعة الإمامية إلا نفاة هذه الفرية كالشيخ الصدوق في عقايده، والشيخ المفيد، وعلم الهدى الشريف المرتضى الذي اعترف له الرجل بنفسه بذلك، وليس بمتفرد عن قومه في رأيه كما حسبه المغفل، وشيخ الطائفة الطوسي في التبيان، وأمين الاسلام الطبرسي في مجمع البيان وغيرهم.

 فهؤلاء أعلام الإمامية وحملة علومهم الكالئين لنواميسهم وعقايدهم قديما و وحديثا يوقفونك على مين الرجل فيما يقول، وهذه فرق الشيعة وفي مقدمهم الإمامية مجمعة على أن ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه وهو المحكوم بأحكامه ليس إلا.

 وإن دارت بين شدقي أحد من الشيعة كلمة التحريف فهو يريد التأويل بالباطل بتحريف الكلم عن مواضعه لا الزيادة والنقيصة، ولا تبديل حرف بحرف، كما يقول التحريف بهذا المعنى هو وقومه ويرمون به الشيعة كما مر ص 80 4 - قال :

 من الإمامية من يجيز نكاح تسع نسوة، ومنهم من حرم الكرنب لأنه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  (كذا في الفصل والمحكى عنه في كتب العامة، والصحيح، علي بن الحسين، وهو الشريف علم الهدى المرتضى.

 

/ صفحة 102 /

نبت على دم الحسين ولم يكن قبل ذلك. 4 ص 182.

 ج - كنت أود أن لا يكتب هذا الرجل عزوه المختلق في النكاح قبل مراجعة فقه الإمامية حتى يعلم أنهم جمعاء من غير استثناء أحد لا يبيحون نكاح أكثر من أربع فإن النكاح بالتسع من مختصات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس فيه أي خلاف بينهم وبين العامة.

 ولولا أن هذه نسبة مائنة إلى بعض الإمامية لدل القارئ عليه ونوه باسمه أو بكتابه لكنه لم يعرفه ولا قرأ كتابه ولا سمعت أذناه ذكره، غير أن حقده المحتدم أبي إلا أن يفتري على بعضهم حيث لم تسعه الفرية على الجميع.

 كما كنت أو أن لا يملي عن الكرنب حديثا يفترى به قبل استطراقه بلاد الشيعة حتى يجدهم كيف يزرعون الكرنب ويستمرأون أكله مزيجا بمطبوخ الأرز ومقلى القمح [ البلغور ] يفعل ذلك علمائهم والعامة منهم وأعاليهم وساقتهم، وما سمعت أذنا أحد منهم كلمة حظر عن أحد منهم، ولا نقل عن محدث أو مؤرخ أو لغوي أو قصاص أو خضروي بأنه نبت على دم الحسين عليه السلام ولم يكن قبل ذلك.

 لكن الرجل ليس بمنتئى عن الكذب وإن طرق البلاد وشاهد ذلك كله بعينه لأنه أراد في خصوص المقام تشويه سمعة القوم بكذب لا يشاركه فيه أحد من قومه.

 5 - قال : وجدنا عليا رضي الله عنه تأخر عن البيعة ستة أشهر فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتى بايع طائعا مراجعا غير مكره ص 96 وقال ص 97 :

 وأظرف من هذا كله بقاء علي ممسكا عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ستة أشهر فما سئلها ولا أجبر عليها ولا كلفها وهو متصرف بينهم في أموره، فلولا أنه رأى الحق فيها واستدرك أمره فبايع طالبا حظ نفسه في دينه راجعا إلى الحق لما بايع.

 دعا الأنصار إلى بيعة سعد بن عبادة، ودعا المهاجرون إلى بيعة أبي بكر، وقعد علي رضي الله في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ليس معه أحد غير الزبير بن العوام، ثم استبان الحق للزبير رضي الله عنه فبايع سريعا وبقي علي وحده لا يرقب عليه.

 ج أنا لا أحوم حول هذا الموضوع، ولا أولي وجهي شطر هذه الأكاذيب الصريحة، ولا أقابل هذا التدجيل والتمويه على الحقيقة والجناية على الاسلام و تاريخه، لكني أقول : إقرأ هذا ثم أنظر إلى ما ذكره الأستاذ الفذ عبد الفتاح عبد

/ صفحة 103 /

المقصود في كتابه الإمام علي بن أبي طالب ص 225 فإنه زبدة المخض قال :

 واجتمعت جموعهم آونة في الخفاء وأخرى على ملأ - يدعون إلى ابن أبي طالب لأنهم رأوه أولى الناس بأن يلي أمور الناس، ثم تألبوا حول داره يهتفون باسمه ويدعونه أن يخرج إليهم ليردوا عليه تراثه المسلوب.. فإذا المسلمون أمام هذا الحدث مخالف أو نصير.

 وإذا بالمدينة حزبان، وإذا بالوحدة المرجوة شقان أو شكا على انفصال، ثم لا يعرف غير الله ما سوف تؤول إليه بعد هذا الحال فهلا كان علي كابن عبادة حريا في نظر ابن الخطاب بالقتل حتى لا تكون فتنة ولا يكون انقسام ؟ !.

 كان هذا أولى بعنف عمر إلى جانب غيرته على وحدة الاسلام، وبه تحدث الناس ولهجت الألسن كاشفة عن خلجات خواطر جرت فيها الظنون مجرى اليقين، فما كان لرجل أن يجزم أو يعلم سريرة ابن الخطاب، ولكنهم جميعا ساروا وراء الخيال، ولهم سند مما عرف عن الرجل دائما من عنف ومن دفعات، ولعل فيهم من سبق بذهنه الحوادث على متن الاستقراء فرأى بعين الخيال، قبل رأي العيون، ثبات علي أمام وعيد عمر لو تقدم هذا منه يطلب رضاءه وإقراره لأبي بكر بحقه في الخلافة ولعله تمادى قليلا في تصور نتائج هذا الموقف وتخيل عقباه، فعاد بنتيجة لازمة لا معدى عنها، هي خروج عمر عن الجادة، وأخذه هذا (المخالف) العنيد بالعنف والشدة !.

 وكذلك سبقت الشائعات خطوات ابن الخطاب ذلك النهار، وهو يسير في جمع من صحبه ومعاونيه إلى دار فاطمة، وفي باله أن يحمل ابن عم رسول الله إن طوعا وإن كرها علي إقرار ما أباه حتى الآن، وتحدث أناس بأن السيف سيكون وحده متن الطاعة ؟.. وتحدث آخرون بأن السيف سوف يلقى السيف ؟..  ثم تحدث غير هؤلاء وهؤلاء بأن (النار) هي الوسيلة المثلى إلى حفظ الوحدة وإلى (الرضا) والاقرار.. وهل على ألسنة الناس عقال يمنعها أن تروي قصة حطب أمر به ابن الخطاب فأحاط بدار فاطمة، وفيها علي وصحبه، ليكون عدة الاقناع أو عدة الايقاع ؟..

 

/ صفحة 104 /

على أن هذه الأحاديث جميعها ومعها الخطط المدبرة أو المرتجلة كانت كمثل الزبد، أسرع إلى ذهاب ومعها دفعة ابن الخطاب !.

 أقبل الرجل، محنقا مندلع الثورة، على دار علي وقد ظاهره معاونوه ومن جاء بهم فاقتحموها أو أوشكوا على اقتحام، فإذا وجه كوجه رسول الله يبدو بالباب حائلا من حزن، على قسماته خطوط آلام، وفي عينيه لمعات دمع، وفوق جبينه عبسة غضب فائر وحنق ثائر.. وتوقف عمر من خشية وراحت دفعته شعاعا.

 وتوقف خلفه أمام الباب صحبه الذين جاء بهم، إذ رأوا حيالهم صورة الرسول تطالعهم من خلال وجه حبيبته الزهراء، وغضوا الأبصار من خزي أو من استحياء، ثم ولت عنهم عزمات القلوب وهم يشهدون فاطمة تتحرك كالخيال، وئيدا وئيدا بخطوات المحزونة الثكلى، فتقترب من ناحية قبر أبيها..

 وشخصت منهم الأنظار وأرهفت الاسماع إليها، وهي ترفع صوتها الرقيق الحزين، النبرات تهتف بمحمد الثاوي بقربها، تناديه باكية مريرة البكاء : (يا أبت رسول الله !. . يا أبت رسول الله !..) فكأنما زلزلت الأرض تحت هذا الجمع الباغي، من رهبة النداء..

 وراحت الزهراء، وهي تستقبل المثوى الطاهر، تستنجد بهذا الغائب الحاضر : (يا أبت رسول الله !..

 ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة ! ؟ ! ).

 فما تركت كلماتها إلا قلوبا صدعها الحزن، وعيونا جرت دمعا، ورجالا ودوا لو استطاعوا أن يشقوا مواطئ أقدامهم ليذهبوا في طوايا الثرى مغيبين.. ا ه‍.

 (قال الأميني) راجع الإمامة والسياسة 1 ص 13. تاريخ الطبري 3 ص 198. العقد الفريد 2 ص 257. تاريخ أبي الفداء 1 ص 165. تاريخ ابن شحنة في حوادث سنة 11. شرح ابن أبي الحديد 2 ص 19.

6 ـ قال : الرافضة تجيز إمامة المرأة والحمل في بطن أمه ص 110.

ج ـ هل ترى هذا الرجل عند كتابته هذه الكلمة وكذلك عند بقية فتاواه المجردة عن أي مصدر وقف على شيئ من كتب الشيعة في الكلام والعقايد وخصوص مبحث الإمامة ووجد هذا الاختلاق مثبتا في شيئ منها؟!؟! بل يمكننا أن نتنازل معه إلى سواد على بياض خطته يمين أي شيعي جاهل فضلا عن علمائهم جاء فيه هذا البهتان العظيم.

 

/ صفحة 105 /

لقد عرف الشيعة بأن الإمامية منهم يحصرون الإمامة في اثني عشر رجلا ليست فيهم امرأة، ويفندون كل خارج عن هذا العدد، وأما الفرق الأخرى منها من الزيدية والاسماعيلية وحتى المنقرضة من فرقها كالكيسانية وأشباههم فينهون الإمامة إلى أناس معينين كلهم من الرجال غير ما اختلقه الشهرستاني في الملل والنحل من الاختلاف الواقع في أمر فاطمة بنت الإمام الهادي وستقف على تفنيده وإنه عليه السلام لم يخلف بنتا إسمها فاطمة، ولو كانت الشيعة تجوز الإمامة لامرأة لما عدت بها عن الصديقة الطاهرة فاطمة وهي : هي، ولكنها لا تقول لها فيها.

 لم يلتفت الرجل إلى شيئ من هذه لكنه حسب عند تأليف هذا الكتاب أن الأجيال الآتية لا تولد منقبين يناقشونه الحساب، يميزون بين الحقايق والأوهام، ويوقظون الأمة للفصل بين الصحيح والسقيم، فطفق يأفك ويمين غير مكترث بما سوف يلاقيه من سوء الحساب.

 وليت شعري بماذا يجيب الرجل إذا سئل عن أن الشيعة متى ما جوزت إمامة الحمل في بطن أمه ؟ وأي أحد من أي فرقة منهم ذهب إلى إمامة حمل لم يولد بعد ؟ وأي حمل قالوا بإمامته ؟ ومتى كان ذلك ؟ ومن ذا الذي نقله عنه ؟ وممن سمعه ؟ نعم :

 إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم.

7 ـ قال : إن محبة النبي عليه السلام لمن أحب ليس فضلا، لأنه قد أحب عمه وهو كافر ص 123.

 وقال في ص 124 : وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أبا طالب فقد حرم الله تعالى عليه بعد ذلك و نهاه عن محبته، وافترض عليه عداوته.

 ج النبي صلى الله عليه وآله وإن أكد على صلة الأرحام لكنه كان يرى الكفر حاجزا عنها وإن تأكدت معه وشائج الرحم، ولذلك قلا أبا لهب وهتف بالبرائة منه بسورة مستقلة، ولم يرفع قيد الاسئار عن عمه العباس وابن عمه عقيل إلا بعد تظاهر هما بالاسلام، و أجرى عليهما حكم الفدية مع ذلك، وفرق بين ابنته زينب وزوجها أبي العاص طيلة مقامه على الكفر حتى أسلم وسلم. فلم يكن محبة النبي صلى الله عليه وآله لمن يحبه إلا لثباته في الإيمان ورسوخ كلمة الحق

/ صفحة 106 /

وتمكنه من فؤاده، فهو إذا أحب أحدا كان ذلك آية تضلعه في الدين وتحليه باليقين، وهذه قضية قياسها معها، وهي مرتكزة في القلوب جمعاء حتى أن ابن حزم نفسه احتج بأفضلية عايشة على جميع الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بحديث باطل رواه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها : أنت أحب الناس إلي.

 وأما أبو طالب فقد اعترف الرجل بمحبة النبي له أولا ونحن نصدقه على ذلك ونراه فضلا له وأي فضل.

 وأما دعواه تحريم المحبة بعد ذلك، ونهي الله عنها، وأمره بعداوته، فغير مقرونة بشاهد، وهل يسعه دعوى الفرق بين يومي النبي معه قبل التحريم وبعده ؟ ! وهل يمكنه تعيين اليوم الذي قلاه فيه ؟ ! أو السنة التي هجره فيها وافترضت عليه عداوته ؟ ! ؟ !.

 التاريخ خلو من ذلك كله بل يعلمنا الحديث والسيرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يفارقه حتى قضى أبو طالب نحبه فطفق يؤبنه وقال لعلي : إذهب فاغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه (1) ورثاه علي بقوله :

أبا طـــــالب عـصمة المستجير * وغــيث المحول ونور الظـــــلم

لقـــــد هـــــد فـقدك أهل الحفاظ * فـــــصلى عـــليك ولــــــي النعم

ولقـــــاك ربـــــك رضـــوانـــــه * فقد كنت للطهر من خير عم(2)

فمن أراد الوقوف على الحقيقة في ترجمة شيخ الأبطح أبي طالب فعليه بكتاب العلامة البرزنجي الشافعي وتلخيصه الموسوم بأسنى المطالب لمفتي الشافعية السيد أحمد زيتي دحلان (3) 8 قال : لسنا من كذب الرافضة في تأويلهم ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. وإن المراد بذلك علي رضي الله عنه، بل هذا لا يصح، بل الآية على عمومها وظاهرها لكل من فعل ذلك. 4 ص 146.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) طبقات ابن سعد 1 ص 105.

(2) تذكرة السبط 6.

(3) سيوافيك البحث عن إيمان أبي طالب عليه السلام مفصلا في الجزء السابع والثامن من كتابنا هذا.

 

/ صفحة 107 /

ج إن الواقف على هذه الأضحوكة يعرف موقع الرجل من التدجيل لحسبانه إن في مجرد عزو هذا التأويل إلى الرافضة فحسب، وقذفهم بالكذب، واتباع ذلك بعدم الصحة حطا في كرامة الحديث الوارد في الآية الشريفة، وهو يعلم أن أمة كبيرة من أئمة التفسير والحديث يروون ذلك ويثبتونه مسندا في مدوناتهم.

 وإن كان لا يدري فتلك مصيبة.

 وهذا الحافظ أبو محمد العاصمي أفرد ذلك كتابا في مجلدين أسماه (زين الفتى في تفسير سورة هل أتى) وهو كتاب ضخم فخم ممتع ينم عن فضل مؤلفه وسعة حيطته بالحديث، وتعالى مقدرته في الكلام والتنقيب، مع أن في غضونه سقطات تلائم مذهبه وخطة قومه.

 أو يزعم المغفل أن أولئك أيضا من الرافضة ؟ ! أو يحسبهم جهلاء بشرايط صحة الحديث ؟ ! أم إنه لا يعتد بكل ما وافق الرافضة وإن كان مخرجا بأصح الأسانيد ؟ ! وكيف ما كان فقد رواه.

1 ـ أبو جعفر الاسكافي المتوفى 240، قال في رسالته التي رد بها علي جاحظ :

 لسنا كالإمامية الذين يحملهم الهوى على جحد الأمور المعلومة، ولكننا ننكر تفضيل أحد من الصحابة على علي بن أبي طالب، ولسنا ننكر غير ذلك إلى أن قال :

 وأما إنفاقه فقد كان على حسب حاله وفقره وهو الذي أطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، وأنزلت فيه وفي زوجته وابنيه سورة كاملة من القرآن.

م 2 ـ الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي كان حيا في سنة 285، ذكره في (نوادر الأصول) ص 64) .

3 ـ الحافظ محمد بن جرير الطبري أبو جعفر المتوفى 310، ذكره في سبب نزول هل أتى كما في (الكفاية ).

 4 - شهاب الدين ابن عبد ربه المالكي المتوفى 328، ذكر في (العقد الفريد) 3 ص 42 - 47 حديث احتجاج المأمون الخليفة العباسي على أربعين فقيها وفيه : قال : يا إسحاق ؟ هل تقرأ القرآن ؟ ! قلت : نعم. قال : إقرأ علي : هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، فقرأت منها حتى بلغت : يشربون من كأس

/ صفحة 108 /

كان مزاجها كافورا. إلى قوله : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. قال : على رسلك، فيمن أنزلت هذه الآيات ؟ ! قلت في علي. قال : فهل بلغك أن عليا حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال : إنما نطعمكم لوجه الله ؟ ! وهل سمعت الله وصف في كتابه أحدا بمثل ما وصف به عليا ؟ ! قلت : لا. قال : صدقت لأن الله جل ثناؤه عرف سيرته. يا إسحاق ؟ ! ألست تشهد أن العشرة في الجنة ؟ ! قلت : بلى يا أمير المؤمنين ؟ ! قال : أرايت لو أن رجلا قال : والله ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا ولا أدري إن كان رسول الله قاله أم لم يقله. أكان عندك كافرا ؟ ! قلت : أعوذ بالله. قال : أرأيت لو أنه قال : ما أدري هذه السورة من كتاب الله أم لا كان كافرا ؟ ! قلت : نعم. قال : يا إسحاق أرى بينهما فرقا.

5 ـ الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفى 405، ذكره في مناقب فاطمة سلام الله عليها كما في (الكفاية ).

6 ـ الحافظ ابن مردويه أبو بكر الاصبهاني المتوفى 416، أخرجه في تفسيره حكاه عنه جمع وقال الآلوسي في (روح المعاني) بعد نقله عنه والخبر مشهور.

7 ـ أبو إسحاق الثعلبي المتوفى 427 / 37، في تفسيره (الكشف والبيان).

8 ـ أبو الحسن الواحدي النيسابوري المتوفى 468، في تفسيره البسيط، وأسباب النزول ص 331.

9 ـ الحافظ أبو عبد الله محمد بن فتوح الأزدي الأندلسي الشهير بالحميدي المتوفى 488، ذكره في فوائده.

10 ـ أبو القاسم الزمخشري المتوفى 538، في (الكشاف) 2 ص 531.

11 ـ أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفى 568، في (المناقب) 180.

12 ـ الحافظ أبو موسى المديني المتوفى 581 في (الذيل) كما في (الإصابة ).

13 ـ أبو عبد الله فخر الدين الرازي المتوفى 606، في تفسيره 8 ص 276.

14 ـ أبو عمر وعثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح الشهرزودي الشرخاني المتوفى 643، كما يأتي عنه في (الكفاية ).

15 ـ أبو سالم محمد بن طلحة الشافعي المتوفى 652، ذكره في (مطالب السئول) ص 31

/ صفحة 109 /

وقال : رواه الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي وغيره من أئمة التفسير.

 ثم قال : فكفى بهذه عبادة، وبإطعام هذا الطعام مع شدة حاجتهم إليه منقبة، ولولا ذلك لما عظمت هذه القصة شانا، وعلت مكانا، ولما أنزل الله تعالى فيها على رسول الله قرآنا وله في ص 8 قوله :

هم العــــروة الوثـــقى لمعتصم بها * مناقبــــهم جــــائت بــــوحي وإنزال

مناقب في الشورى وسورة هل أتى * وفـي سورة الأحزاب يعرفها التالي

وهم أهل البيت المصطفى فودادهـم * على الناس مفروض بحكم وإسجال

16 ـ أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654، رواه في تذكرته من طريق البغوي والثعلبي، ورد على جده ابن الجوزي في إخراجه في الموضوعات وقال بعد تنزيه سنده عن الضعف : والعجب من قول جدي وإنكاره وقد قال في كتاب (المنتخب):

 يا علماء الشرع أعلمتم لم آثر (علي وفاطمة) وتركا الطفلين (الحسنين) عليهما أثر الجوع ؟ ! أتراهما خفي عنهما سر ذلك ؟ ! ما ذاك إلا لأنهما علما قوة صبر الطفلين، وأنهما غصنان من شجرة الظل عند ربي، وبعض من جملة فاطمة بضعة مني، وفرخ البط السابح(1).

17 ـ عز الدين عبد الحميد الشهير بابن أبي الحديد المعتزلي المتوفى 655، في شرح نهج البلاغة 3 ص 257.

18 ـ الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعي المتوفى 658، في (الكفاية) 201 وقال بعد ذكر الحديث :

 هكذا رواه الحافظ أبو عبد الله الحميدي في فوائده، ورواه ابن جرير الطبري أطول من هذا في سبب نزول هل أتى.

 وقد سمعت الحافظ العلامة أبا عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح في درس التفسير في سورة هل أتى وذكر الحديث وقال فيه : إن السؤال كانوا ملائكة من عند رب العالمين، وكان ذلك امتحانا من الله عز وجل لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسمعت بمكة حرسها الله تعالى من شيخ الحرم بشير التبريزي في درس التفسير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في النسخة تصحيف.

 

/ صفحة 110 /

إن السائل الأول كان جبرئيل، والثاني ميكائيل، والثالث كان إسرافيل عليهم السلام .

19 ـ القاضي ناصر الدين البيضاوي المتوفى 685، في تفسيره 2 ص 571.

20 ـ الحافظ محب الدين الطبري المتوفى 694، في (الرياض النضرة) 2 ص 207، 227 وقال : وهذا قول الحسن وقتادة.

 م 21 ـ الحافظ أبو محمد بن أبي حمزة الأزدي الأندلسي المتوفى 699، في (بهجة النفوس) 4 : 225.

22 ـ حافظ الدين النسفي المتوفى 701 / 710، في تفسيره هامش تفسير الخازن 4 ص 458، رواه في سبب نزول الآية ولم يرو غيره.

23 ـ شيخ الاسلام أبو إسحاق الحموي المتوفى 722، في (فرايد السمطين ).

24 ـ نظام الدين القمي النيسابوري في تفسيره هامش الطبري 29 ص 112 وقال :

 ذكر الواحدي في (البسيط) والزمخشري في (الكشاف) وكذا الإمامية أطبقوا على أن السورة نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما في هذه الآي ثم ذكر حديث الاطعام فقال : ويروى أن السائل في الليالي :

 جبرئيل، أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه.

25 ـ علاء الدين علي بن محمد الخازن البغدادي المتوفى 741، في تفسيره 4 ص 358، ذكر أولا نزولها في علي عليه السلام وأخرج حديثه ثم قال : وقيل : الآية عامة في كل من أطعم موعزا إلى ضعف.

 بقيل، مع أن القول بالعموم لا ينافي نزولها في أمير المؤمنين عليه السلام كما لا يخفى لانحصار المصداق به.

 26 - القاضي عضد الأيجي المتوفى 756، في (المواقف) 3 ص 278.

27 ـ الحافظ ابن حجر المتوفى 852 في (الإصابة) 4 ص 387 من طريق أبي موسى في (الذيل )، والثعلبي في تفسير سورة هل أتى عن مجاهد عن ابن عباس .

28 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى 911، في (الدر المنثور) 6 ص 299 من طريق ابن مردويه.

29 ـ أبو السعود العمادي محمد بن محمد الحنفي المتوفى 982، في تفسيره هامش تفسير الرازي 8 ص 318.

 

/ صفحة 111 /

30 ـ الشيخ إسماعيل البروسي المتوفى 1137 في تفسير (روح البيان) 10 ص 268 - 269.

31 ـ الشوكاني المتوفى 1173، في تفسيره (فتح القدير) 5 ص 338.

32 ـ الأستاذ محمد سليمان محفوظ في (أعجب ما رأيت) 1 ص 10 وقال : رواه أهل التفسير.

33 ـ السيد الشبلنجي في (نور الأبصار) ص 12 - 14.

34 ـ السيد محمود القراغولي البغدادي الحنفي في (جوهرة الكلام) ص 56.

 لفظ الحديث :

قال ابن عباس رضي الله عنه : إن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه فقالوا :

 يا أبا الحسن ؟ لو نذرت على ولدك. فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام.

 فشفيا وما معهم شيئ، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ؟ مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة.

 فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فأثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال : ما أشد ما يسوء ني ما أرى بكم ؟ ! وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساء ذلك فنزل جبريل وقال : خذها يا محمد ؟ هنأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة.

 هذا لفظ جمع من الأعلام المذكورين وهناك لفظ آخر ضربنا عنه صفحا.

9 ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخي وصاحبي. وهذا الذي لا يصح غيره، وأما أخوة علي. فلا تصح إلا مع سهل بن حنيف.

 

/ صفحة 112 /

ج ـ أنا لا أروم الكلام حول حديث رآه صحيحا، ولا أناقش في صدوره ولا أزيفه بما زيف عمر بن الخطاب حديث الكتف والدواة، إذ هذا لدة ذاك صدرا في مرض وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين، ولا أقول بما قال ابن أبي الحديد في شرحه 3 ص 17 من : أنه موضوع وضعته البكرية في مقابلة حديث الاخاء.

 وأنا لا أبسط القول في مفاده بما يستفاد من كلام ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 51 من أن الأخوة هناك منزلة بالأخوة الإسلامية العامة الثابتة بقوله تعالى : إنما المؤمنون إخوة نظير ما ورد عنه صلى الله عليه وآله من قوله لعمر: يا أخي (1) ولزيد : أنت أخونا (2) ولأسامة : يا أخي (3 ).

 وإنما يفسر تلك الأخوة لفظ البخاري ومسلم والترمذي : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن إخوة الاسلام ومودته. كما أن الخلة المنتفية فيه هي الخلة بالمعنى الخاص لا الخلة العامة الثابتة بقوله تعالى : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.

 فلم تكن هي تلك الأخوة بالمعنى الخاص التي تمت يومي المواخاة (1) بوحي من الله العزيز، وكانت على أساس المشاكلة والمماثلة بين كل اثنين في الدرجات النفسية كما ستسمعه عن غير واحد من الأعلام، ووقعت المؤاخاة فيهما بين أبي بكر وعمر. وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف. وبين طلحة والزبير. وبين أبي عبيدة الجراح وسالم مولى أبي حذيفة. وبين أبي بن كعب وابن مسعود. وبين معاذ وثوبان. وبين أبي طلحة وبلال. وبين عمار وحذيفة. وبين أبي الدرداء وسلمان. وبين سعد بن أبي وقاص وصهيب. وبين أبي ذر والمقداد بن عمرو. وبين أبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن سلام. وبين أسامة وهند حجام النبي. وبين معاوية والحباب المجاشعي. وبين فاطمة بنت النبي وأم سلمة. وبين عائشة وامرأة أبي أيوب (2).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرياض النضرة 2 ص 6.

(2) خصائص النسائي ص 19.

(3) تاريخ ابن عساكر 6 ص 9.

(4) وقعت المواخاة مرتين إحديهما قبل الهجرة وأخرى بعدها بخمسة أشهر كما يأتي.

(5) سيرة ابن هشام، تاريخ ابن عساكر 6 ص 90، 200، أسد الغابة 2 ص 221، مطالب السئول 18، إرشاد الساري للقسطلاني 6 ص 227، شرح المواهب 1 ص 373.

 

/ صفحة 113 /

وأخر صلى الله عليه وآله وسلم عليا لنفسه قائلا له : والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي أنت أخي ووارثي، أنت أخي ورفيقي، أنت أخي في الدنيا والآخرة !.

 بل أقول عجبا للصلافة التي تحدو الانسان لأن يقول : لا يصح غير حديث حسبه صحيحا ويجهل مفاده أو يعلم ويحب أن يغري الأمة بالجهل، ثم يعطف على حديث اعترفت به الأمة جمعاء وجاء مثبتا في الصحاح والمسانيد ويراه باطلا.

 أهكذا حب الشئ يعمي ويصم ؟ ! أهكذا خلق الانسان ظلوما جهولا ؟ ! هذه الأخوة بالمعنى الخاص الثابتة لأمير المؤمنين مما يخص به عليه السلام ولا يدعيها بعده إلا كذاب على ما ورد في الصحيح كما يأتي، وكانت مطردة بين الصحابة كلقب يعرف به، تداولته الأندية، وحوته المحاورات، ووقع الحجاج به، وتضمنه الشعر السائر، ولو ذهبنا إلى جمع شوارد هذا الباب لجاء منه كتاب ضخم غير أنا نختار منها نبذا.

1 ـ آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فآخى بين أبي بكر وعمر وفلان وفلان فجاءه علي رضي الله عنه فقال :

 آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أخي في الدنيا والآخرة.

 (ينتهي سند هذا الحديث إلى) : أمير المؤمنين علي. عمر بن الخطاب. أنس بن مالك. زيد بن أبي أوفى. عبد الله بن أبي أوفى. ابن عباس. مخدوج بن زيد. جابر بن عبد الله. أبي ذر الغفاري. عامر بن ربيعة. عبد الله بن عمر. أبي أمامة. زيد بن أرقم. سعيد بن المسيب (1) .

راجع جامع الترمذي 2 ص 213، مصابيح البغوي 2 ص 199، مستدرك الحاكم 3 ص 14، الاستيعاب 2 ص 460 وعد حديث المواخاة من الآثار الثابتة، تيسير الوصول 3 ص 271، مشكاة المصابيح هامش المرقاة 5 ص 569، الرياض النضرة 2 ص 167، وقال في ص 212 :

 ومن أدل دليل على عظم منزلة علي من رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيعه في المواخاة فإنه صلى الله عليه وسلم جعل يضم الشكل إلى الشكل يؤلف بينهما. إلى أن آخى بين أبي بكر

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الحديث بوحدته متواتر على رأي ابن حزم في التواتر.

 

/ صفحة 114 /

وعمر وادخر عليا لنفسه وخصه بذلك، فيالها مفخرة وفضيلة.

 فرائد السمطين في الباب العشرين، الفصول المهمة ص 22 و 29، تذكرة السبط 13، 15 وحكى عن الترمذي أنه صححه، كفاية الكنجي ص 82 وقال : هذا حديث حسن عال صحيح، فإذا أردت أن تعلم قرب منزلة على من رسول الله.

 إلى آخر ما مر عن الرياض النضرة.

 السيرة النبوية لابن سيد الناس 1 ص 200 - 203 وصرح بأن هذه هي المواخاة قبل الهجرة ثم قال : وقال ابن إسحق :

 آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال : تواخوا في الله أخوين.

 ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : هذا أخي. فكان رسول الله وعلي أخوين.

 تاريخ ابن كثير 7 ص 335، أسنى المطالب للجزري ص 9، مطالب السئول ص 18 وقال : فعقد الأخوة بين اثنين منهم حثا على التناصر والتعاضد، وجعل كل واحد مؤاخيا لمن تقرب منه درجته في المماثلة والمساواة.

 الصواعق 73، 75، تاريخ الخلفاء 114، الإصابة 2 ص 507،  المواقف 3 ص 276، شرح المواهب 1 ص 373، طبقات الشعراني 2 ص 55، تاريخ القرماني هامش الكامل 1 ص 216، السيرة الحلبية 1 ص 23، 101، وفي هامشها السيرة النبوية لزيني دحلان 1 ص 325، كفاية الشنقيطي ص 34، الإمام علي بن أبي طالب للأستاذ محمد رضا ص 21، الإمام علي بن أبي طالب للأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود وقال في ص 73 : ولئن كان أبو بكر من نبي الله وزيره الصادق فإن عليا كان منه الظل اللاصق لم ينأ عنه ولم يبعد إلا كما أرسله محمد ليكون له على أعدائه عينا أو لرجاله طليعة حتى في بدء ذلك الوقت الذي أخذ رسول الله يكون فيه ملكه الصغير، ويربط بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، لم يفته أن يؤثر بإخائه عليا دون الباقين.

 آخى بين صحبه الخارجين من ديارهم معه وبين أصحاب البلدة الذين آووا، فتخير أن يكون علي أخاه في دين، لم يواخ أبا بكر، ولم يواخ عمر، ولم يواخ حمزة أسده وأسد الله

/ صفحة 115 /

ولكنه اصطفى لهذه الأخوة المعنوية بعد إخوة الدم فتاه الربيب، فآثره على كل حبيب بعيد وقريب.

 وقد أصفقت هذه المصادر كلها أنه صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين أبي بكر وعمر وليس فيها من مزعمة ابن حزم عين ولا أثر.

2 ـ زيد بن أبي أوفي قال : لما آخى النبي صلى الله عليه وآله بين أصحابه وآخى بين عمر وأبي بكر (إلى أن قال) :

 فقال علي : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط علي ؟ فلك العتبي والكرامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

 والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي.

 قال : وما أرث منك يا رسول الله ؟ ! قال : ما ورث الأنبياء من قبلي. قال : ما ورث الأنبياء من قبلك ؟ ! قال :

 كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي.

 ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إخوانا على سرر متقابلين.

 مناقب أحمد بن حنبل، الرياض النضرة 2 ص 209، تاريخ ابن عساكر 6 ص 201، تذكرة السبط 14 وصححه وقال :

 رجاله ثقات، كنز العمال 6 ص 390، كفاية الشنقيطي 35، 44.

3 ـ جابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب قالا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه فبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعلي، فأخي بين أبي بكر وعمر وقال لعلي : أنت أخي وأنا أخوك، فإن ناكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسول الله لا يدعيها بعدك إلا كذاب.

 مناقب أحمد، تاريخ ابن عساكر، كفاية الكنجي 82، 83، تذكرة السبط 14 وصححه ورد على جده في تضعيفه سنده، المرقاة في شرح المشكاة 5 ص 569.

 وفي لفظ أمير المؤمنين ويعلى بن مرة : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك فإن حاجك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسول الله. لا يدعيها بعدك إلا كذاب.

 كنز العمال 6 ص 154، 399 عن الحافظ أبي يعلى في مسنده.

 

/ صفحة 116 /

4 ـ قال محمد بن إسحاق : وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال فيما بلغنا ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل : تآخوا في الله أخوين أخوين. ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : هذا أخي. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين وإمام المتقين، ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين.

 تاريخ ابن هشام 2 ص 123، تاريخ ابن كثير 3 ص 226، السيرة الحلبية 2 ص 101، الفتاوى الحديثية ص 42.

5 ـ أمير المؤمنين قال : قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنة. تاريخ الخطيب 12 ص 268، كنز العمال 6 ص 402.

6 ـ أمير المؤمنين قال : آخى رسول الله بين عمر وأبي بكر. وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن الحارثة (إلى أن قال) : وبيني وبين نفسه.

 أخرجه الخليعي في الخليعات، وسعيد بن منصور في سننه كما في كنز العمال 6 ص 394.

7 ـ ابن عباس في حديث وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : أنت أخي وصاحبي.

 مسند أحمد 1 ص 230، الاستيعاب 2 ص 460، الامتاع للمقريزي ص 340، كنز العمال 6 ص 391.

8 ـ أسماء بنت عميس قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أقول كما قال أخي موسى، أللهم اجعل لي وزيرا من أهلي أخي عليا أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا. مناقب أحمد بن حنبل. الرياض النضرة 2 ص 163.

9 ـ ابن عباس في حديث احتجاجه على الرجل الشامي وهو حديث طويل كثير الفائدة ومنه : وقال (رسول الله) : يا أم سلمة ؟ هل تعرفين هذا ؟ ! قالت : نعم هذا علي بن أبي طالب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم هذا علي سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، يا أم سلمة ؟ هذا علي سيد مبجل، ومأمل المسلمين، وأمير المؤمنين، وموضع سري وعلمي، و

/ صفحة 117 /

بابي الذي يؤوى إليه، وهو الوصي على أهل بيتي، وعلى الأخيار من أمتي، وهو أخي في الدنيا والآخرة.

 المحاسن والمساوي 1 ص 31، مر حديث أم سلمة هذا بلفظ آخر ومصادره في ج 1 ص 337، 338.

10 ـ مر قوله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام في حديث بدء الدعوة : أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي.

 راجع ج 2 ص 279 - 285.

11 ـ مرج 1 ص 215 من طريق الطبري قوله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم : إن علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي. وقوله : معاشر الناس ؟ هذا أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على من آمن بي.

 ويظهر من كلام النويري الذي أسلفناه في ج 1 ص 288 : أن مواخاة النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم كانت مشهورة في العصور المتقادمة.

 12 جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مكتوب على باب الجنة : لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أخو رسول الله قبل أن تخلق السماوات و الأرض بألفي عام.

مناقب أحمد، تاريخ الخطيب 7 ص 387، الرياض النضرة 2 ص 168، تذكرة السبط 14، مجمع الزوايد 9 ص 111، مناقب الخوارزمي 87، شمس الأخبار ص 35 عن مناقب الفقيه ابن المغازلي، كنز العمال 6 ص 399 عن ابن عساكر، فيض القدير 4 ص 355، كفاية الشنقيطي 34، مصباح الظلام 2 ص 56 نقلا عن الطبراني. 13 أمير المؤمنين عليه السلام قال :

 طلبني النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني في حائط نايما فضربني برجله وقال : قم فوالله لأرضينك، أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل على سنتي. مناقب أحمد، الرياض النضرة 2 ص 167، الصواعق 75، كنز العمال 6 ص 404، كفاية الشنقيطي 24.

14 - مخدوج بن زيد الذهلي قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : أما علمت يا علي ؟ إنه أول من يدعى به يوم القيامة بي ؟ ! (إلى أن قال) : ثم ينادي منادي من تحت العرش : نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي.

 

/ صفحة 118 /

مناقب أحمد، مناقب الفقيه ابن المغازلي، الرياض النضرة 2 ص 201، مناقب الخوارزمي 83، 234 238، شمس الأخبار 32، تذكرة السبط ص 13 ورد على من ضعفه لمكان ميسرة والحكم في طريق الحافظ الدارقطني فقال :

 الحديث الذي رواه أحمد في الفضايل ليس فيه ميسرة ولا الحكم، وأحمد مقلد في الباب متى روى حديثا وجب المصير إلى روايته لأنه إمام زمانه، وعالم أوانه، والمبرز في علم النقل على أقرانه، والفارس الذي لا يجارى في ميدانه.

 15 أبو برزة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى عهد إلي عهدا في علي فقلت : يا رب ؟ بينه لي فقال :

 اسمع. فقلت : سمعت. فقال : إن عليا راية الهدى، و إمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني، فبشره بذلك. فجاء علي فبشرته فقال : يا رسول الله ؟ أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنبي، وإن يتم لي الذي بشرتني به فالله أولى بي.

 قال : قلت : أللهم أجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان. فقال الله : قد فعلت به ذلك. ثم إنه رفع إلي أنه سيخصه من البلاء بشئ لم يخص به أحد من أصحابي. فقلت : يا رب ؟ أخي وصاحبي. فقال : إن هذا شيئ قد سبق إنه مبتلى ومبتلى به.

 حلية الأولياء 1 ص 67، الرياض النضرة 2 ص 449، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 449، فرايد السمطين في الباب ال‍ 30 و 50 بطريقين، مناقب الخوارزمي 245، كفاية الكنجي 95، نزهة المجالس 2 ص 241.

16 ـ في خطبة للنبي صلى الله عليه وسلم :

 أيها الناس ؟ أوصيكم بحب ذي قرباها أخي و ابن عمي علي بن أبي طالب، لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني عذبه الله.

 مناقب أحمد، تذكرة السبط 17، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 451، الرياض النضرة 2 ص 212، ذخاير العقبى 91.

 17 - في حديث مفاخرة علي وجعفر وزيد وتحاكمهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال صلى الله عليه وآله لعلي : أنت أخي وخالصتي. شرح ابن أبي الحديد 3 ص 39. وقال : إتفق عليه المحدثون.

 

/ صفحة 119 /

18 ـ أبو ذر الغفاري قال في حديث : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي : وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي. مر تمام الحديث ومصادره ج 2 ص 313 راجع.

19 - سلمان الفارسي قال : إنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب. مناقب الخوارزمي 67.

20 ـ بلال بن حمامة في حديث زواج علي فاطمة سلام الله عليهما وآلهما قال صلى الله عليه وآله : بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي (وفيه) : فصار أخي وبنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار. راجع ج 2 ص 316.

 21 - عبد الله بن عمر قال في حديث عنه صلى الله عليه وآله : أنه قال : أللهم اشهد لهم، أللهم ؟ قد بلغت هذا أخي وابن عمي وصهري وأبو ولدي، أللهم ؟ كب من عاداه في النار. كنز العمال 6 ص 154 نقلا عن ابن النجار والشيرازي في الألقاب.

22 ـ عبد الله بن عمر قال في حديث قال صلى الله عليه وآله : ألا أرضيك يا علي ؟ قال : بلى يا رسول الله ؟ قال : أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي. مجمع الزوائد 9 ص 121 عن الطبراني، وص 122 عن أبي يعلى، كنز العمال 6 ص 155.

23 ـ في حديث الاسراء عنه صلى الله عليه وآله فأما أن رجعت نادى مناد من وراء الحجاب : نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي فاستوص به خيرا فرايد السمطين في الباب العشرين. كنز العمال 6 ص 161.

24 ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال صلى الله عليه وآله : ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن الأربعة (إلى أن قال) : وأخي علي على ناقة من نوق الجنة بيده لواء الحمد. تاريخ بغداد 11 ص 112، كفاية الحافظ الكنجي 77، كنز العمال 6 ص 402.

25 ـ ابن عباس في حديث زواج علي وفاطمة سلام الله عليهما قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدق الباب فخرجت إليه أم أيمن فقال. اعلمي أخي. قالت : وكيف يكون أخاك وقد زوجته ابنتك ؟ ! قال : إنه أخي. خصائص النسائي 32، الرياض 2 ص 181، الصواعق 84.

 

/ صفحة 120 /

26 ـ مر في حديث ليلة المبيت : فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد.

 راجع ج 2 ص 48.

27 ـ في حديث الاسراء عن النسفي وغيره عن جبرئيل أنه قال :

 إن الله تعالى اطلع إلى الأرض فاختارك من خلقه وبعثك برسالته، ثم اطلع إليها ثانية فاختار لك أخا ووزيرا وصاحبا فزوجه ابنتك فاطمة فقلت : يا جبريل من هذا الرجل ؟ ! قال : أخوك في الدارين وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب. نزهة المجالس 2 ص 223.

28 - أخرج الطبراني بإسناده عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي عليه السلام : أما ترضى أنك أخي وأنا أخوك ؟ ! مجمع الزوائد 9 ص 131.

29 - عبد الله بن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرضه : ادعوا لي أخي. فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه، ثم قال : ادعوا لي أخي. فدعوا له عمر فأعرض عنه، ثم قال : ادعوا لي أخي. فدعوا له عثمان فأعرض عنه، ثم قال : ادعوا لي أخي. فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ ! قال : علمني ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب.

أخرجه الحافظ ابن عدي عن أبي يعلى عن كامل بن طلحة عن أبي لهيعة إلى آخر السند، وذكره ابن كثير في تاريخه 7 ص 359، وحكى تضعيفه عن ابن عدي لمكان ابن لهيعة في سنده ذاهلا عما قال أحمد بن حنبل في حقه راجع ج 1 ص 77.

 30 عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي أخي في الدنيا والآخرة.

 أخرجه الطبراني، والسيوطي في الجامع الصغير 2 ص 140 وحسنه. وقال المناوي في فيض القدير 4 ص 355 بعد ذكره :

 كيف ؟ وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فأسلم (علي) وصلى يوم الثلاثاء فمكث يصلي مستخفيا سبع سنين كما رواه الطبراني عن أبي رافع، يريد بذلك بيان المشاكلة والماثلة في الأخوة بينهما صلى الله عليهما وآلهما.

 31 قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث : اشتق الله تعالى لنا من أسمائه أسماء فالله عز وجل محمود، وأنا محمد.

 والله الأعلى، وأخي علي.

 

/ صفحة 121 /

أخرجه شيخ الاسلام الحموي في فرايده في الباب الثاني من طريق أبي نعيم والنطنزي.

 22 أنس بن مالك قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فذكر قولا كثيرا ثم قال : أين علي بن أبي طالب ؟ ! فوثب إليه فقال : هاأنا ذا يا رسول الله ؟ فضمه إلى صدره وقبل بين عينيه وقال بأعلى صوته : معاشر المسلمين ؟ هذا أخي وابن عمي وختني، هذا لحمي ودمي وشعري، هذا أبو السبطين : الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، هذا مفرج الكروب عني، هذا أسد الله وسيفه في أرضه على أعدائه، على مبغضه لعنة الله ولعنة اللاعنين، والله منه برئ وأنا منه برئ.

 أخرجه أبو سعد في شرف النبوة كما في ذخاير العقبى 92 .

33 ـ عن الزهري في حديث حول حرب الجمل : فقالت عايشة لرجل من ضبة وهو آخذ بخطام جملها أو بعيرها : أين ترى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ ! قال : هاهو ذا واقف رافع يده إلى السماء فنظرت فقالت : ما أشبهه بأخيه.

 قال الضبي : و من أخوه ؟ ! قالت : رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : فلا أراني أقاتل رجلا هو أخو رسول الله عليه الصلاة والسلام. فنبذ خطام راحلتها من يده ومال إليه. المحاسن والمساوي 1 ص 35.

34 ـ عباد بن عبد الله الأسدي قال قال علي رضي الله عنه : أنا عبد الله وأخو رسول الله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب، آمنت قبل الناس بسبع سنين. و في لفظ جمع من الحفاظ : لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري، ولقد صليت قبل الناس سبع سنين.

 خصايص النسائي ص 3، ألسنة لابن أبي عاصم، سنن ابن ماجة 1 ص 57، المعرفة لأبي نعيم، العقد الفريد 2 ص 275، تاريخ الطبري 2 ص 312، الرياض النضرة 2 ص 155، الاستيعاب 2 ص 460، شرح ابن أبي الحديد 3 ص 257 من طريق الحافظ ابن أبي شيبة مسندا، فرايد السمطين في الباب ال‍ 49، مطالب السئول 19 وقال : كان يقولها في كثير من الأوقات. تاريخ ابن عساكر، تاريخ ابن كثير 7 ص 335، كنز العمال 6 ص 394 عن ابن أبي شيبة والنسائي وابن أبي عاصم والعقيلي والحاكم وأبي نعيم.

35 ـ زيد بن وهب قال سمعت عليا عليه السلام على المنبر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو

/ صفحة 122 /

رسوله لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا كذاب أو مفتر. فقام إليه رجل فقال : أنا أقول كما يقول هذا. فضرب به الأرض فجاءه قومه فغشوه ثوبا، فقيل لهم : أكان هذا فيه قبل ؟ ! قالوا : لا.

 فرايد السمطين في الباب ال‍ 44، كنز العمال 6 ص 396 عن أبي يحيى من طريق الحافظ العدني، وفيه : فقالها رجل فأصابته جنة. الاستيعاب 2 ص 460 من دون ذيله وقال : رويناه من وجوه، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كل واحدة منهما لعلي : أنت أخي في الدنيا والآخرة. فلذلك كان هذا القول وما أشبهه من علي رضي الله عنه.

 36 معاذة عن علي عليه السلام إنه قال على رؤس الاشهاد خطيبا : أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، صليت قبل الناس سبع سنين، وأسلمت قبل إسلام أبي بكر وآمنت قبل إيمانه. شرح ابن أبي الحديد 3 ص 257، راجع الجزء الثاني من كتابنا ص 313.

37 ـ حنان قال سمعت عليا يقول : لأقولن قولا لم يقله أحد قبلي ولا يقوله بعدي إلا كذاب : أنا عبد الله وأخو رسوله، وزير نبي الرحمة، نكحت سيدة نساء هذه الأمة، وأنا خير الوصيين. (فرايد السمطين) الباب ال‍ 57 .

38 ـ إن عليا كرم الله وجهه أتي به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله. فقيل له : بايع أبا بكر. فقال :

 أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي. (الإمامة والسياسة) 12، 13 .

39 ـ أبو الطفيل عامر بن وائلة في حديث مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى قال قال : أنشدكم الله أفيكم أحد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين نفسه حيث آخى بين المسلمين غيري ؟ ! فقالوا : أللهم، لا.

أخرج ابن عبد البر خصوص هذه الفقرة من حديث المناشدة في الاستيعاب 2 ص 460، وهي مما صححه ابن أبي الحديد في شرحه 2 ص 61 من فقرات الحديث وعدها مما استفاض في الروايات، وقد أسلفنا طرق الحديث في ج 1 ص 159 - 163.

40 ـ أخرج الحافظ الدارقطني : إن عمر سأل عن علي فقيل له : ذهب إلى أرضه

/ صفحة 123 /

فقال : اذهبوا بنا إليه. فوجدوه يعمل، فعملوا معه ساعة ثم جلسوا يتحدثون فقال له علي : يا أمير المؤمنين ؟ أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل فقال لك أحدهم : أنا ابن عم موسى صلى الله عليه وسلم أكانت له عندك أثرة على أصحابه ؟ ! قال : نعم.

 قال : فأنا والله أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه. قال : فنزع عمر رداءه فبسطه فقال : لا والله لا يكون لك مجلس غيره حتى نفترق. فلم يزل جالسا عليه حتى تفرقوا. (الصواعق) 107 .

41 ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عن حورية من الجنة قال قالت : أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أصناف : أعلاي من عنبر. ووسطي من كافور وأسفلي من مسك. وعجني بماء الحيوان، ثم قال : كوني فكنت، خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب. (ذخاير العقبى) 90 .

42 ـ مر في كتاب لأمير المؤمنين عليه السلام كتبه إلى معاوية بن أبي سفيان قوله :

محــمد النبي أخي وصنوي * وحمزة سيد الشهداء عمي

راجع ج 2 ص 25 30.

43 ـ قال جابر بن عبد الله الأنصاري سمعت عليا عليه السلام ينشد ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع شعره :

أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي * معــــه ربــــيت وســـبطاه هما ولدي

جــــدي وجــــد رســــول الله منــفرد * وزوجــــتي فــــاطم لا قــــول ذي فند

صــــدقته وجــــميع النــاس في بهم * مــــن الضــــلالة والاشــراك والنكد

الحــــمد لله شــــكرا لا شـــــريك له * البــــر بالعــــبد والبــــاقي بــــلا أمد

فقال له النبي صلى الله عليه وآله :

 صدقت يا علي فرايد السمطين في الباب ال‍ 44، نظم درر السمطين للزرندي، كفاية الكنجي ص 84، مناقب الخوارزمي ص 95، تاريخ ابن عساكر، كنز العمال 6 ص 398.

44 ـ قال ابن عباس : إن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تعالى يقول : أفإن مات أو قتل.

 لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه ووارثه (وارث علمه) وابن عمه، فمن أحق به مني ؟ !.

 مناقب أحمد، خصائص النسائي 18، مستدرك الحاكم 3 ص 126 وصححه هو

/ صفحة 124 /

والذهبي، الرياض النضرة 2 ص 226، ذخاير العقبي ص 100، فرايد السمطين الباب ال‍ 24، مجمع الزوائد 9 ص 134 من طريق الطبراني وقال : رجاله رجال الصحيح.

45 ـ قال عدي بن حاتم في خطبة له : لئن كان إلى الاسلام إنه لأخو نبي الله والرأس في الاسلام. [ جمهرة الخطب 1 ص 202 ] .

46 ـ قال الثعلبي في (العرائس) ص 149 : قال أهل التفسير وأصحاب الأخبار : إن الله أهبط تابوتا على آدم عليه السلام من الجنة حين أهبط إلى الأرض فيه صور الأنبياء من أولاده وفيه بيوت بعدد الرسل منهم، وآخر البيوت بيت محمد من ياقوتة حمراء (إلى أن قال) : وبين يديه علي بن أبي طالب كرم الله وجه شاهر سيفه على عاتقه و مكتوب على جبهته : هذا أخوه وابن عمه المؤيد بالنصر من عند الله.

47 ـ في كتاب لمحمد بن أبي بكر إلى معاوية : فكان أول من أجاب وأناب و آمن وصدق وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب. كتاب صفين لابن مزاحم ص 133، مروج الذهب 2 ص 59.

48 ـ قال أبان بن عياش سئلت الحسن البصري عن علي عليه السلام فقال : ما أقول فيه ؟ ! كانت له السابقة والفضل والعمل والحكمة والفقه والرأي والصحبة والنجدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة إلى أن قال : وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة عليهما السلام : زوجتك خير أمتي. فلو كان في أمته خيرا منه لاستثناه، ولقد آخى رسول الله بين أصحابه فآخى بين علي ونفسه فرسول الله صلى الله عليه وآله خير الناس نفسا وخيرهم أخا. شرح ابن أبي الحديد 1 ص 369.

49 ـ في خطبة لعمار بن ياسر في البصرة قوله : أيها الناس ؟ أخو نبيكم وابن عمه يستنفركم لنصر دين الله. [ شرح ابن أبي الحديد 3 ص 293 ] .

50 مرج 1 ص 201 من كتاب لعمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان قوله : وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله ووصيه إلى البغي والحسد على عثمان و سميت الصحابة فسقة وزعمت أنه أشلاهم على قتله فهذا كذب وغواية.

 ولشهرة هذه الأثارة وثبوتها لأمير المؤمنين ولأهميتها الكبرى عند الأمة و إعرابها عن المماثلة والمشاكلة في الفضيلة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذها رجال القريض

/ صفحة 125 /

من الصحابة والتابعين كحسان بن ثابت والنجاشي وتبعهم شعراء القرون من الفريقين حتى اليوم فصبوها في بوتقة النظم، ونحن نصفح عن كل ذلك النظم الرائق روما للاختصار، غير أن القارئ يقف على شئ كثير منه في طي أجزاء كتابنا راجع الجزء الثاني ص 40، 43، 115، 218، 226، 229، 286، 291، 293، 292، 330، 350، ج 3 ص 66.

10 ـ قال : جمهور متكلمي الرافضة كهشام بن الحكم الكوفي وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما يقول : إن علم الله تعالى محدث، وإنه لم يكن يعلم شيئا حتى أحدث لنفسه علما. وهذا كفر صحيح، وقد قال هشام هذا في عين مناظرته لأبي الهذيل العلاف : إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه. وهذا كفر صحيح، وكان داود الجوازي من كبار متكلميهم يزعم أن ربه لحم ودم على صورة الانسان.

ج ـ أما جمهور متكلمي الشيعة فلن تجد هذه المزعمة في شئ من مؤلفاتهم الكلامية بل فيها نقيض هذه كلها ودحض شبه الزاعمين خلافهم، ضع يدك على أي من تلك الكتب مخطوطها ومطبوعها، حتى تأليف هشام نفسه ومن قصدهم الرجل بالقذف المائن تجده على حد ما وصفناه.

 وأما هشام فأول من نسب إليه هذه الفرية الجاحظ (1) عن النظام ورآها ابن قتيبة في (مختلف الحديث) ص 59 والخطاط في (الانتصار) وكل منهم هو العدو الألد للرجل لا يؤتمن عليه فيما ينقله مما يشوه سمعة هشام، فهو لا يزال يتحرى الوقيعة فيه وفي نظرائه من أي الوسايل كانت صادقة أو مكذوبة، والمذاهب والعقايد يجب أن تؤخذ من أفواه المعتنقين بها، أو من كتبهم الثابتة نسبتها إليهم، أو ممن يؤتمن عليه في نقلها، وهذه النسب المفتعلة لم يتسن لها الحصول على شئ من الحالة، وإنما الحالة فيها كما وصفناها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال أبو جعفر الاسكافي :إن الجاحظ ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب، وهو من دعوى الباطل غير بعيد، فمعناه نزر، وقوله لغو، ومطلبه سجع، وكلامه لعب ولهو، يقول الشئ وخلافه، ويحسن القول وضده، ليس له من نفسه واعظ، ولا لدعواه حد قائم. شرح ابن أبي الحديد 3 ص 267.

/ صفحة 126 /

ثم تبع أولئك في العصور المتأخرة أهل الهوس والهياج حنقا على هشام ومبدئه ومن حذى حذوه كابن حزم وأمثاله، ولم يقنع الرجل تفريد هشام بهاتيك الشائنة المائنة حتى شركه فيها جمهور متكلمي الرافضة وهم برءآء، والرجل غير مكترث لما أعد الله لكل أفاك أثيم.

 وهؤلاء متكلموا الشيعة لا يعترفون بشئ من ذلك، وفيما كتبه علم من أعلامهم ألا وهو علم الهدى الشريف المرتضى في (الشافي) ص 12 مقنع وكفاية في الدفاع عن هشام، على أن نص مناظرة هشام مع أبي الهذيل المذكورة في (الملل والنحل) للشهرستاني ليس فيه إلا إلزام من يناظره بلازم قوله من أنه تعالى جسم لا كالأجسام. وأين هو من الاعتقاد به ؟ ! وبقية النسب المعزوة إلى غير هشام من رجالات الشيعة من التجسم وغيره مما ذكر لدة ما ينسب إلى هشام بعيدة عن مستوى الصدق.

11 ـ قال : (الرافضة) لا يختلفون في أن الشمس ردت على علي بن أبي طالب مرتين، أفيكون في صفاقة الوجه ؟ وصلابة الخد، وعدم الحياء ؟ والجرأة على الكذب ؟ أكثر من هذا على قرب العهد وكثرة الخلق ؟!

وقال ج 5 ص 3 بعد نقل جملة من الخرافات : لا فرق بين من ادعى شيئا مما ذكر وبين دعوى الرافضة رد الشمس على علي بن أبي طالب مرتين.

 وقال ج 2 ص 78 : وأقل الروافض غلوا يقولون : إن الشمس ردت على علي ابن أبي طالب مرتين.

ج ـ ربما يحسب قارئ هذه القوارص أن القول برد الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام من خاصة الشيعة ليس إلا.

 وإن الحديث به منكر وقول زور، لا يرى الاسلام لقائله قدرا ولا حرمة، بل يحق بكل ذلك السباب والقذف المقذع، ولا يتصور أن تكون هذه الوقيعة والتحامل من الرجل دون حقيقة راهنة، وقول صحيح، ورأي ثابت بالسنة.

 فأدب الشيعة وإن يمنعنا عن السباب والتقابل بالمثل غير أنا نمثل بين يدي القارئ تلك الحقيقة، ونوقفه على حق القول وقائليه ومحدثيه، فيرى عندئذ نصب عينيه

/ صفحة 127 /

مثال صفاقة الوجه، وصلابة الخد، وعدم الحياء، والجرأة على الكذب فنقول.

 إن حديث رد الشمس أخرجه جمع من الحفاظ الاثبات بأسانيد جمة صحح جمع من مهرة الفن بعضها، وحكم آخرون بحسن آخر، وشدد جمع منهم النكير على من غمز فيه وضعفه وهم الأبناء الأربعة حملة الروح الأموية الخبيثة ألا وهم : ابن حزم.

 ابن الجوزي. ابن تيمية. ابن كثير.

وجاء آخرون من الأعلام وقد عظم عليهم الخطب بإنكار هذه المأثورة النبوية والمكرمة العلوية الثابتة فأفردوها بالتأليف، وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها فمنهم :

1 ـ أبو بكر الوراق، له كتاب (من روى رد الشمس) ذكره له ابن شهر آشوب في (المناقب) 1 ص 458.

2 ـ أبو الحسن شاذان الفضيلي، له رسالة في طرق الحديث ذكر شطرا منها الحافظ السيوطي في (اللئالي المصنوعة) 2 ص 175 وقال : أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصححه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله.

3 ـ الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي، له كتاب مفرد فيه، ذكره له الحافظ الكنجي في (الكفاية).

4 ـ أبو القاسم الحاكم ابن الحداد الحسكاني النيسابوري الحنفي المترجم 1 112، له رسالة في الحديث أسماها مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس ذكر شطرا منها ابن كثير في البداية والنهاية 6 ص 80، م وذكره له الذهبي في تذكرته 3 ص 368].

5 ـ أبو عبد الله الجعل الحسين بن علي البصري ثم البغدادي المتوفى 399، ذلك الفقيه المتكلم، له كتاب (جواز رد الشمس) ذكره له ابن شهر آشوب.

 م 6 ـ أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد المتوفى 568 المترجم في الجزء الرابع من كتابنا هذا، له كتاب (رد الشمس لأمير المؤمنين) ذكره له معاصره ابن شهر آشوب ] .

م 7 ـ أبو علي الشريف محمد بن أسعد بن علي بن المعمر الحسني النقيب النسابة المتوفى 588، له جزء في جمع طرق حديث رد الشمس لعلي، أورد فيه أحاديث

/ صفحة 128 /

مستغربة. (لسان الميزان) 5 : 76 ] .

م 8 ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي تلميذ ابن الجوزي المتوفى 597، له جزء (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) ذكره له برهان الدين الكوراني المدني في كتابه (الأمم لإيقاظ الهمم) ص 63 كما يأتي لفظه ].

9 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى 991، له رسالة في الحديث أسماها كشف اللبس عن حديث رد الشمس. ولا يسعنا ذكر تلكم المتون وتلكم الطرق والأسانيد، إذ يحتاج إلى تأليف ضخم يخص به، غير أنا نذكر نماذج ممن أخرجه من الحفاظ والأعلام بين من ذكره من غير غمز فيه، وبين من تكلم حوله وصححه، وفيها مقنع وكفاية.

1 ـ الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة العبسي الكوفي المتوفى 239، رواه في سننه.

2 ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن صالح المصري المتوفى 248، شيخ البخاري في صحيحه ونظراءه، المجمع على ثقته، رواه بطريقين صحيحين عن أسماء بنت عميس و قال : لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء الذي روي لنا عنه صلى الله عليه وسلم لأنه من أجل علامات النبوة (1).

م 3 ـ محمد بن الحسين الأزدي المتوفى 277، ذكره في كتابه في مناقب علي رضي الله عنه وصححه كما ذكره ابن النديم والكوراني وغيرهما. راجع لسان الميزان 5 : 140.

 قال الأميني : أحسب أن كتاب (المناقب) للأزدي غير ما أفرده في حديث رد الشمس ].

4 ـ الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي المتوفى 310، أخرجه في كتابه (الذرية الطاهرة) وسيأتي لفظه وإسناده.

5 ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي المتوفى 321، في (مشكل الآثار) 2 ص 11، أخرجه بلفظين وقال : هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.

م قال الأميني : تواتر نقل هذا التصحيح والتثبيت عن أبي جعفر الطحاوي في كتب

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه عنه الحافظ الطحاوي في مشكل الآثار 2 ص 11 وتبعه جمع آخرون كما يأتي.

 

/ صفحة 129 /

القوم كالشفاء للقاضي، وستقف على نصوص أقوالهم، غير أن يد الطبع الأمينة على ودايع الاسلام حرفته عن (مشكل الآثار) حيا الله الأمانة.

6 ـ الحافظ أبو جعفر محمد بن عمر والعقيلي المتوفى 322 والمترجم 1 ص 161.

7 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفى 360 والمترجم 1 ص 105، رواه في معجمه الكبير وقال : إنه حسن.

8 ـ الحاكم أبو حفص عمر بن أحمد الشهير بابن شاهين المتوفى 385، ذكره في مسنده الكبير.

9 ـ الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفى 405 والمترجم 1 ص 107، رواه في تاريخ نيسابور في ترجمة عبد الله بن حامد الفقيه الواعظ.

10 ـ الحافظ ابن مردويه الاصبهاني المتوفى 416 والمترجم 1 ص 108، أخرجه في (المناقب) بإسناده عن أبي هريرة.

11 ـ أبو إسحاق الثعلبي المتوفى 427 / 37 والمترجم 1 ص 109، رواه في تفسيره، وقصص الأنبياء الموسوم، (العرائس) ص 139.

12 ـ الفقيه أبو الحسن علي بن حبيب البصري البغدادي الشافعي الشهير بالماوردي المتوفى 450، عده من أعلام النبوة في كتابه (أعلام النبوة) ص 79، ورواه من طريق أسماء.

13 ـ الحفاظ أبو بكر البيهقي المتوفى 458 والمترجم 1 ص 110، رواه في (الدلائل) كما في (فيض القدير) للمناوي 5 ص 440.

14 ـ الحافظ الخطيب البغدادي المتوفى 463 والمترجم 1 ص 111، ذكره في (تلخيص المتشابه) و (الأربعين ).

15 ـ الحافظ أبو زكريا الاصبهاني الشهير بابن مندة المتوفى 512 والمذكور 1 ص 113، أخرجه في كتابه (المعرفة ).

16 ـ الحافظ القاضي عياض أبو الفضل المالكي الأندلسي إمام وقته المتوفى 544، رواه في كتابه (الشفاء) وصححه.

17 ـ أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفى 568 أحد شعراء الغدير في القرن

/ صفحة 130 /

السادس يأتي شعره وترجمته في الجزء الرابع من كتابنا، رواه في (المناقب ).

18 ـ الحافظ أبو الفتح النطنزي المترجم 1 ص 115، رواه في (الخصايص العلوية ).

19 ـ أبو المظفر يوسف قزأوغلي الحنفي المتوفي 654، رواه في (التذكرة) ص 30 ثم رد على جده ابن الجوزي في حكمه [ بأنه موضوع وروايته مضطربة لمكان أحمد بن داود، وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن شريك، والمتهم هو ابن عقدة فإنه كان رافضيا ] فقال ما ملخصه :

 قول جدي بأنه موضوع دعوى بلا دليل، وقدحه في رواته لا يرد لأنا رويناه عن العدول الثقات الذين لا مغمز فيهم وليس في إسناده أحد ممن ضعفه، وقد رواه أبو هريرة أيضا، أخرجه عنه ابن مردويه فيحتمل أن الذين أشار إليهم في طريقه.

 واتهام جدي بوضعه ابن عقدة من باب الظن والشك لا من باب القطع واليقين، وابن عقدة مشهور بالعدالة كان يروي فضايل أهل البيت ويقتصر عليها ولا يتعرض للصحابة رضي الله عنهم بمدح ولا بذم فنسبوه إلى الرفض والمراد منه حبسها ووقوفها عن سيرها المعتاد لا الرد الحقيقي، ولو ردت على الحقيقة لم يكن عجبا، لأن ذلك يكون معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكرامة لعلي عليه السلام وقد حبست ليوشع بالاجماع، ولا يخلو إما أن يكون ذلك معجزة لموسى أو كرامة ليوشع، فإن كان لموسى فنبينا صلى الله عليه وسلم أفضل منه، وإن كان ليوشع فعلي عليه السلام أفضل من يوشع، قال صلى الله عليه وسلم : علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل.

وهذا في حق الآحاد فما ظنك بعلي عليه السلام؟! ثم استدل على فضل علي عليه السلام على أنبياء بني إسرائيل وذكر شعر الصاحب بن عباد في رد الشمس فقال : وفي الباب حكاية عجيبة حدثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق قالوا :

 شهدنا أبا منصور المظفر بن أردشير العبادي الواعظ وقد جلس بالتاجية مدرسة بباب برز محلة ببغداد وكان بعد العصر وذكر حديث رد الشمس لعلي عليه السلام وطرزه بعبارته ونمقه بألفاظه ثم ذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام، فنشأت سحابة غطت الشمس حتى ظن الناس أنها قد غابت فقام أبو منصور على المنبر قائما وأومى إلى الشمس وأنشد :

 

/ صفحة 131 /

لا تغـــربي يا شمس حتى ينتهي * مـــدحي لآل المصطــفى ولنجله

واثـــني عنانك إن أردت ثناءهم * أنسيت إن كان الوقوف لأجله؟!

إن كان للمولى وقوفك ؟ فليكن * هـذا الــــوقوف لخـــيله ولرجله

قالوا : فإنجاب السحاب عن الشمس وطلعت.

 م ـ قال الأميني : حكى ابن النجار نحو هذه القضية لأبي الوفاء عبيد الله بن هبة الله القزويني الحنفي الواعظ المتوفى 585 قال: أنشدني أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن هبة الله القزويني باصبهان: أنشدني والدي ببغداد على المنبر في المدرسة التاجية مرتجلا لنفسه وقد دانت الشمس للغروب، وكان ساعتئذ شرع في مناقب علي رضي الله عنه :

لا تغـــربي يا شمس حتى ينتهي * مـــدحي لآل المصطــفى ولنجله

واثـــني عنانك إن أردت ثناءهم * أنسيت إن كان الوقوف لأجله؟!

... إلخ ]. وذكره محيي الدين ابن أبي الوفاء القرشي الحنفي في (الجواهر المضية) في طبقات الحنفية ج 1 ص 342.

20 ـ الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي المتوفى 658، جعل في كتابه (كفاية الطالب) ص 237 - 244 فصلا في حديث رد الشمس وتكلم فيه من حيث الامكان تارة، ومن حيث صحة النقل أخرى، فلا يرى للمتشرع وسعا في إنكاره من ناحية الامكان لحديث رد الشمس ليوشع المتفق على صحته.

 وقال في الكلام عن صحته ما ملخصه : فقد عده جماعة من العلماء في معجزاته صلى الله عليه وسلم ومنهم : ابن سبع ذكره في (شفاء الصدور) وحكم بصحته. ومنهم : القاضي عياض في (الفاء) وحكى عن الطحاوي من طريقين صحيحين ونقل كلام أحمد بن صالح المصري.

 وقد شفى الصدور الإمام الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد. ثم رواه من طريق الحاكم في تاريخه، والشيخ أبي الوقت في الجزء الأول من أحاديث أمير أبي أحمد. ثم رد على من ضعفه إمكانا ووقوعا سندا ومتنا، وذكر مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام به يوم الشورى فقال : أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود المعروف بابن النجار : أخبرنا أبو محمد عبد العزيز الأخضر قال : سمعت القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأرموي يقول :

 جلس

/ صفحة 132 /

أبو منصور المظفر بن أردشير العبادي الواعظ. (وذكر إلى آخر ما مر عن السبط ابن الجوزي) ثم ذكر شعر الصاحب بن عباد في حديث رد الشمس.

21 ـ أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي المتوفى 671 قال في (التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة) : إن الله تعالى رد الشمس على نبيه بعد مغيبها حتى صلى علي. ذكره الطحاوي وقال : إنه حديث ثابت. فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وإنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه.

22 ـ شيخ الاسلام الحموي المتوفى 722 والمترجم 1 ص 123، رواه في (فرايد السمطين ).

23 ـ الحافظ ولي الدين أبو زرعة العراقي المتوفى 826، أخرجه في (طرح التثريب) (1) ج 6 ص 247 من طريق الطبراني في معجمه الكبير وقال : حسن.

24 ـ الإمام أبو الربيع سليمان السبتي الشهير بابن سبع ذكره في كتابه (شفاء الصدور) وصححه.

25 ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 والمترجم 1 ص 130، ذكره في فتح الباري 6 ص 168 وقال :

 روى الطحاوي والطبراني في (الكبير) والحاكم والبيهقي في (الدلائل) عن أسماء بنت عميس : إنه صلى الله عليه وسلم دعا لما نام على ركبة علي ففاتته صلاة العصر، فردت الشمس حتى صلى علي ثم غربت. وهذا أبلغ في المعجزة وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات، وهكذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه والله أعلم.

26 ـ الإمام العيني الحنفي المتوفى 855 والمترجم 1 ص 131، قال في (عمدة القاري) شرح صحيح البخاري 7 ص 146 :

 وقد وقع ذلك أيضا للإمام علي رضي الله عنه، أخرجه الحاكم عن أسماء بنت عميس و (ذكر الحديث ثم قال) :

 وذكره الطحاوي في (مشكل الآثار) ثم ذكر كلام أحمد بن صالح المذكور فقال : وهو حديث متصل ورواته ثقات وإعلال ابن الجوزي هذا الحديث لا يلتفت إليه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) هذا الكتاب وإن كان مشتركا بينه وبين والده غير أن إخراج هذا الحديث يعزى إليه في كتب القوم.

 

/ صفحة 133 /

27 الحافظ السيوطي المتوفى 911 والمترجم 1 ص 133، رواه في (جمع الجوامع) كما في ترتيبه 5 ص 277 عن علي عليه السلام في عد معجزات النبي صلى الله عليه وآله و قال في (الخصائص الكبرى) 2 ص 183 :

 أوتي يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبارين وقد حبست لنبينا صلى الله عليه وسلم في الاسراء، وأعجب من ذلك رد الشمس حين فات عصر علي رضي الله عنه.

 ورواه في (اللئالي المصنوعة) 2 ص 174 - 177 عن أمير المؤمنين وأبي هريرة وجابر الأنصاري وأسماء بنت عميس من طريق ابن مندة. والطحاوي. والطبراني. وابن أبي شيبة. والعقيلي. والخطيب. والدولابي. وابن شاهين.

 وابن عقدة وذكر شطرا من رسالة أبي الحسن الفضلي في الحديث وقال في ج 1 ص 174 : الحديث صرح جماعة من الأئمة والحفاظ بأنه صحيح. وروى في (اللئالي) 1 ص 176 من غير غمز في سنده عن أبي ذر أنه قال : قال علي يوم الشورى أنشدكم بالله هل فيكم من ردت له الشمس غيري حين نام رسول الله وجعل رأسه في حجري ؟ ! إلخ.

 وقال في (نشر العلمين) ص 13 بعد ذكر كلام القرطبي المذكور : قلت :

 وهو في غاية التحقيق، واستدلاله على تجدد الوقت بقصة رجوع الشمس في غاية الحسن، ولهذا حكم بكون الصلاة أداء وإلا لم يكن لرجوعها فائدة، إذ كان يصح قضاء العصر بعد الغروب :

 م ـ وذكر هذا الاستدلال والاستحسان في (التعظيم والمنة) ص 8].

28 ـ نور الدين السمهودي الشافعي المتوفى 911 والمترجم 1 ص 133، قال في (وفاء الوفاء) 2 ص 33 في ذكر مسجد الفضيخ المعروف بمسجد الشمس : قال المجد : لا يظن ظان أنه المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد الغروب لعلي رضي الله عنه، لأن ذلك إنما كان بالصهباء من خيبر. ثم روى حديث القاضي عياض وكلمته وكلمة الطحاوي فقال :

 قال المجد: فهذا المكان أولى بتسميته بمسجد الشمس دون ما سواه، وصرح ابن حزم بأن الحديث موضوع وقصة رد الشمس على علي رضي الله عنه باطلة. بإجماع العلماء وسفه قائله.

 قلت : والحديث رواه الطبراني بأسانيد قال

/ صفحة 134 /

الحافظ نور الدين الهيتمي : رجال أحدها رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحسن وهو ثقة وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها.

 وأخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة وإسنادهما حسن وممن صححه الطحاوي وغيره.

 وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد ذكر رواية البيهقي له : وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات.

29 ـ الحافظ أبو العباس القسطلاني المتوفى 923 والمترجم 1 ص 134، ذكره في (المواهب اللدنية) 1 ص 358 من طريق الطحاوي، والقاضي عياض، وابن مندة، وابن شاهين، والطبراني، وأبي زرعة من حديث أسماء بنت عميس ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة.

30 ـ الحافظ ابن الدبيع المتوفى 944 والمترجم 1 ص 134، رواه في (تمييز الطيب من الخبيث) ص 81 وذكر تضعيف أحمد وابن الجوزي له ثم استدركه بتصحيح الطحاوي وصاحب (الشفاء) فقال : وأخرجه ابن مندة، وابن شاهين وغيرهما من حديث أسماء بنت عميس وغيرها.

31 ـ السيد عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي المتوفى 963 ذكر في (معاهد التنصيص) 2 ص 190 من مقصورة ابن حازم(1):

فيـــــا لهـــــا مـــــن آية مبصرة * أبصرها طرف الرقيب فامترى

واعـــــتـــورته شبهة فضل عن * تحـــــقيق ما أبصره وما اهتدى

وظـــن أن الشمس قد عادت له * فانجاب جنح الليل عنها وانجلى

والشمـــس ما ردت لغير يوشع * لما غـــــزا ولعـــــلي إذ غــــــفا

ثم ذكر الحديث بلفظ الطحاوي من طريقيه وأردفه بذكر قصة أبي المنصور المظفر الواعظ المذكورة.

32 ـ الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المتوفى 974 والمترجم 1 ص 134.

 عده في (الصواعق) ص 76 كرامة باهرة لأمير المؤمنين عليه السلام وقال : وحديث

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) شرحها الشريف أبو عبد الله السبتي المتوفى 760، والشيخ جلال الدين المحلى المتوفى 864 .

 

/ صفحة 135 /

ردها صححه الطحاوي والقاضي في (الشفاء) وحسنه شيخ الاسلام أبو زرعة وتبعه غيره وردوا على جمع قالوا : إنه موضوع.

 وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردها (1) في محل المنع بل نقول : كما أن ردها خصوصية كذلك : إدراك العصر الآن أداء خصوصية وكرامة. ثم ذكر قصة أبي المنصور المظفر بن أردشير العبادي المذكورة.

وقال في شرح همزية البوصيري 121 في حديث شق القمر : ويناسب هذه المعجزة رد الشمس له صلى الله عليه وسلم بعد ما غابت حقيقة لما نام صلى الله عليه وسلم (إلى أن قال) : فردت ليصلي (علي) العصر أداء كرامة له صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث إختلف في صحته جماعة بل جزم بعضهم بوضعه وصححه آخرون وهو الحق. ثم صرح بأن إحدى رواية أسماء صحيحة وأخرى حسنة.

33 ـ الملا علي القارئ المتوفى 1014 قال في (المرقاة) شرح (المشكاة) 4 ص 287 : أما رد الشمس صلى الله عليه وسلم فروي عن أسماء (ثم ذكر الحديث) وقال بعد ذكر كلام العسقلاني المذكور : وبهذا يعلم أن رد الشمس بمعنى تأخيرها، والمعنى أنها كادت أن تغرب فحبسها، فيندفع بذلك ما قال بعضهم ومن تغفل واضعه أنه نظر إلى صورة فضيلة ولم يلمح إلى عدم الفائدة فيها، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاء ورجوع الشمس لا يعيدها أداء. ا هـ‍.

 مع أنه يمكن حمله على الخصوصيات وهو أبلغ في باب المعجزات والله أعلم بتحقيق الحالات.

 قيل : يعارضه قوله في الحديث الصحيح : لم تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع.

 ويجاب بأن المعنى لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلا ليوشع (2) 34 نور الدين الحلبي الشافعي المتوفى 1044 والمترجم 1 ص 139، قال في (السيرة النبوية) 1 ص 413 : وأما عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له صلى الله عليه وسلم في خيبر فعن أسماء بنت عميس (وذكر الحديث ثم قال) : قال بعضهم : لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلف عن حفظ هذا الحديث لأنه من أجل أعلام النبوة وهو حديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) زعمه ابن الجوزي.

(2) هذا الجمع ذكره جمع من الحفاظ والأعلام.

 

/ صفحة 136 /

متصل وقد ذكر (في الامتاع) أنه جاء عن أسماء من خمسة طرق وذكرها، وبه يرد ما نقدم عن ابن كثير (1) بأنه تفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها. وبه يرد على ابن الجوزي حيث قال فيه : إنه حديث موضوع بلا شك.

 ثم ذكر عن (الامتاع) خامس أحاديثه وحكى عن سبط ابن الجوزي قصة أبي المنصور المظفر الواعظ في ص 412.

35 ـ شهاب الدين الخفاجي الحنفي المتوفى 1069 والمترجم 1 ص 140، قال في شرح الشفا 3 ص 11 :

 ورواه الطبراني بأسانيد مختلفة رجال أكثرها ثقات. و قال ص 12 :

 اعترض عليه بعض الشراح وقال : (إنه موضوع ورجاله مطعون فيهم كذابون ووضاعون ).

 ولم يدر أن الحق خلافه، والذي غره كلام ابن الجوزي ولم يقف على أن كتابه أكثره مردود وقد قال خاتمة الحافظ السيوطي وكذا السخاوي : إن ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملا كثيرا حتى أدرج فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة كما أشار إليه ابن الصلاح.

 وهذا الحديث صححه المصنف رحمه الله أشار إلى أن تعدد طرقه شاهد صدق على صحته، وقد صححه قبله كثير من الأئمة كالطحاوي، وأخرجه ابن شاهين، وابن مندة، وابن مردويه، والطبراني في معجمه وقال : إنه حسن وحكاه العراقي في التقريب (ثم ذكر لفظه فقال) : وإنكار ابن الجوزي فائدة ردها مع القضاء لا وجه له فإنها فاتته بعذر مانع عن الأداء وهو عدم تشويشه على النبي صلى الله عليه وسلم وهذه فضيلة أي فضيلة فلما عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضا (إلى أن قال) : إن السيوطي صنف في هذا الحديث رسالة مستقلة سماها (كشف اللبس عن حديث رد الشمس) وقال : إنه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصححه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله.

 وقال في قول الطحاوي : لأنه من علامات النبوة : وهذا مؤيد لصحته فإن أحمد (2) هذا من كبار أئمة الحديث الثقات ويكفي في توثيقه أن البخاري روى عنه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذكر كلام ابن كثير ص 411.

(2) يعني أحمد بن صالح المصري.

 

/ صفحة 137 /

في صحيحه فلا يلتفت إلى من ضعفه وطعن في روايته. وبهذا أيضا سقط ما قاله ابن تيمية وابن الجوزي من : أن هذا الحديث موضوع. فإنه مجازفة منهما. وما قيل من : أن هذه الحكاية لا موقع لها بعد نصهم على وضع الحديث وإن كونه من علامات النبوة لا يقتضي تخصيصه بالحفظ. خلط وخبط لا يعبأ به بعد ما سمعت. وذكر من الهمزية :

ردت الشمس والشروق عليه * لعـــــلي حـــــتى يتـــــــم الأداء

ثـــــم ولـــــت لهـا صرير وهذا * لفـــــراق له الوصال دواء (1)

وذكر ص 15 قصة أبي المنصور الواعظ وشعره.

 م 36 ـ أبو العرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني ثم المدني المتوفى 1102، ذكره في كتابه (الأمم لإيقاظ الهمم) ص 63 عن (الذرية الطاهرة) للحافظ ابن بشير الدولابي، قال قال :

 حدثني إسحق بن يونس، حدثنا سويد بن سعيد عن مطلب بن زياد عن إبراهيم بن حيان عن عبد الله بن الحسين عن فاطمة بنت الحسين عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال :

 كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر علي وكان يوحى إليه فلما سرى عنه قال لي يا علي صليت الفرض ؟ ! قال : لا. قال : اللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك فرد عليه الشمس.

 فردها عليه فصلى وغابت الشمس.

 ثم رواه من طريق الطبراني عن أسماء بنت عميس بلفظها الآتي ثم قال : قال الحافظ جلال الدين السيوطي في جزء (كشف اللبس في حديث رد الشمس) : إن حديث رد الشمس معجزة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم صححه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب الموضوعات، وقال تلميذه المحدث أبو عبد الله محمد يوسف الدمشقي الصالحي في جزء (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) : إعلم أن هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه شرح مشكل الآثار عن أسماء بنت عميس من طريقين وقال : هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.

 ونقله القاضي عياض في (الشفاء) والحافظ ابن سيد الناس في (بشرى اللبيب )، والحافظ علاء الدين

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) لا يوجد هذان البيتان في همزية البوصيري.

 

/ صفحة 138 /

مغلطاي في كتاب (الزهر الباسم )، وصححه الحافظ ابن الفتح (1) الأزدي، وحسنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقي، وشيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في (الدرر المنتشرة في الأحاديث المشتهرة )، وقال الحافظ أحمد بن صالح وناهيك به :

 لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء لأنه من أجل علامات النبوة.

 وقد أنكر الحفاظ على ابن الجوزي إيراده الحديث في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : أحلت لكم الغنائم.

 من فتح الباري بعد أن أورد الحديث : أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات إنتهى. ومن خطه نقلت ثم قال.

 إن هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت عميس وعلي بن أبي طالب وابنه الحسين وأبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهم (2) ثم ساقها وتكلم على رجالها ثم قال : قد علمت مما أسلفناه من كلام الحفاظ في حكم هذا الحديث وتبين حال رجاله أنه ليس فيه متهم ولا من أجمع على تركه : ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه، ولم يبق إلا الجواب عما اعل به وقد اعل بأمور فساقها وأجاب عن الأمور التي اعل بها بأجوبة شافية ].

37 ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى 1122 والمترجم 1 ص 142. صححه في (شرح المواهب) 5 ص 113 118 وقال : أخطأ ابن الجوزي في عده من الموضوعات. وبالغ في الرد على ابن تيمية وقال : العجب العجاب إنما هو من كلام ابن تيمية. وقال بعد نقل نفي صحته عن أحمد وابن الجوزي : قال الشامي : والظاهر أنه وقع لهم من طريق بعض الكذابين ولم يقع لهم من الطرق السابقة وإلا فهي يتعذر معها الحكم عليه بالضعف فضلا عن الوضع، ولو عرضت عليه أسانيدها لاعترفوا بأن للحديث أصلا وليس بموضوع. قال : وما مهدوه من القواعد وذكر جماعة من الحفاظ له في كتبهم المعتمدة وتقوية من قواه يرد على من حكم بالوضع.

وقال : وبهذا الحديث أيضا بان أن الصلاة ليست قضاء بل يتعين الأداء وإلا لم يكن للدعاء فايدة. (ثم قال) : ومن القواعد أن تعدد الطريق فيه يفيد أن للحديث أصلا، ومن لطائف الاتفاقات الحسنة أن أبا المنصور المظفر الواعظ. وذكر القصة كما مرت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كذا والصحيح، أبو الفتح.

(2) فالحديث متواتر أخذا بما ذهب إليه جمع من أعلام القوم في التواتر.

 

/ صفحة 139 /

38 ـ شمس الدين الحفني الشافعي المتوفى 1181 والمترجم 1 ص 144، قال في تعليقه على (الجامع الصغير) للسيوطي 2 ص 293 في قوله صلى الله عليه وآله : ما حبست الشمس على بشر إلا على يوشع بن نون :

 لا ينافيه حديث رد الشمس لسيدنا علي رضي الله عنه لأن ذلك رد لها بعد غروبها وما هنا حبس لها لا رد لها بعد الغروب، والمراد ما حسبت على بشر غير يوشع فيما مضى من الزمان، لأن حبس فعل ماض فلا ينافي وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء الله تعالى.

39 ـ ميرزا محمد البدخشي المذكور في ج 1 ص 143 قال في (نزل الأبرار) ص 40 : الحديث صرح بتصحيحه جماعة من الأئمة الحفاظ كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما وقال الطحاوي : هذا حديث ثابت رواته ثقات. ثم نقل كلام الطحاوي وذكر حكاية أبي المنصور المظفر الواعظ وقال : إن للحافظ السيوطي جزء في طرق هذا الحديث وبيان حاله.

40 ـ الشيخ محمد الصبان المتوفى 1206 والمترجم 1 ص 145، عده في إسعاف الراغبين ص 62 من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وفي ص 162 من كرامات أمير المؤمنين عليه السلام وذكر الحديث ثم قال :

 وصححه : الطحاوي، والقاضي في (الشفاء) وحسنه شيخ الاسلام أبو زرعة وتبعه غيره، وردوا على جمع قالوا : إنه موضوع، وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردها في محل المنع لعود الوقت بعودها كما ذكره ابن العماد واعتمد غيره وإن اقتضى كلام الزركشي خلافه، وعلى تسليم عدم عود الوقت نقول : كما أن ردها خصوصية كذلك إدراك العصر أداء خصوصية.

41 ـ الشيخ محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين الدمشقي إمام الحنفية في عصره المتوفى 1252 قال في حاشيته (1) 1 ص 251 عند قول المصنف : لو غربت الشمس ثم عادت هل يعود الوقت ؟ ! الظاهر : نعم. بحث لصاحب النهر حيث قال : ذكر الشافعية أن الوقت يعود لأنه عليه الصلاة والسلام نام في حجر علي رضي الله عنه حتى غربت الشمس فلما استيقظ ذكر له أنه فاتته العصر. فقال : أللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاررد عليه. فردت حتى صلى العصر، وكان ذلك بخيبر و

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تسمى برد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في فقه الحنفية.

 

/ صفحة 140 /

الحديث صححه الطحاوي وعياض وأخرجه جماعة منهم الطبراني بسند صحيح، وأخطأ من جعله موضوعا كابن الجوزي، وقواعدنا لا تأباه.

 (ثم قال) : قلت : على أن الشيخ إسماعيل رد ما بحثه في النهر تبعا للشافعية بأن صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاء ورجوعها لا يعيدها أداء، وما في الحديث خصوصية لعلي كما يعطيه قوله عليه السلام : إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك.

 42 السيد أحمد زيني دحلان الشافعي المتوفى 1304 والمترجم 1 ص 147 قال في (السيرة النبوية) هامش (السيرة الحلبية) 3 ص 125 : ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم رد الشمس له روت أسماء بنت عميس (وذكر الحديث ورواية الطحاوي و كلام أحمد بن صالح المصري فقال) : وأحمد بن صالح من كبار أئمة الحديث الثقات و حسبه أن البخاري روى عنه في صحيحه.

 ولا عبرة بإخراج ابن الجوزي لهذا الحديث في الموضوعات، فقد أطبق العلماء على تساهله في كتاب الموضوعات حتى أدرج فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة قال السيوطي :

ومن غريب ما تراه فاعلم * فيه حديث من صحيح مسلم

ثم ذكر كلام القسطلاني في (المواهب اللدنية) وجملة من مقال الزرقاني في شرحه ومنها قصة أبي المنصور الواعظ وشعره، ثم حكى عن الحافظ ابن حجر نفي التنافي بين هذا الحديث وبين حديث : لم تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع بن نون. بأن حبسها ليوشع كان قبل الغروب وفي قصة علي كان حبسها بعد الغروب. ثم قال : قيل : كان علم النجم صحيحا قبل ذلك فلما وقف الشمس ليوشع عليه السلام بطل أكثره، و لما ردت لعلي رضي الله عنه بطل جميعه.

43 ـ السيد محمد مؤمن الشبلنجي عده في (نور الأبصار) ص 28 من معجزات رسول الله صلى الله عليه وآله.

 لفظ الحديث :

عن أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر بالصهباء من أرض خيبر ثم أرسل عليا في حاجة فجاء وقد صلى رسول الله العصر فوضع رأسه في حجر علي، و

/ صفحة 141 /

لم يحر كه حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أللهم إن عبدك عليا احتبس نفسه على نبيه فرد عليه شرقها. قالت أسماء : فطلعت الشمس حتى رفعت على الجبال فقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم غابت الشمس. وهناك لفظ آخر نصفح عنه روما للاختصار.

 ويعرب عن شهرة هذه الأثارة بين الصحابة الأقدمين احتجاج الإمام أمير المؤمنين بها على الملأ يوم الشورى بقوله : أنشدكم الله أفيكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري ؟ قالوا : لا. (1) وأخرج الخوارزمي في (المناقب) ص 260 عن مجاهد عن ابن عباس قال : قيل له : ما تقول في علي بن أبي طالب ؟ ! فقال :

 ذكرت والله أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلى بالقبلتين، وبايع البيعتين، وأعطي السبطين، وهو أبو السبطين الحسن والحسين وردت عليه الشمس مرتين بعد ما غابت من الثقلين.

 ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الأولى حتى اليوم يوجد منه شطر مهم في غضون كتابنا.

 راجع ج 2 ص 293 ج 3 ص 29، 57.

 فبهذه كلها نعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه، ونحن لا يسعنا إيقاف القارئ على كل ما في (الفصل) من الطامات ولا على شطر مهم منه إذ جميع أجزاءه ولا سيما الجزء الرابع مشحون بالتحكم والتقول والتحريف والتدجيل والإفك والزور، وهناك مذاهب مختلقة لا وجود لها إلا في عالم خيال مؤلفه.

 وأما ما فيه من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له بحيث لو أردنا استيفائه لكلفنا ذلك جزءا، ولا يسلم أحد من لدغ لسانه لا في فصله ولا في بقية تآليفه حتى نبي العظمة قال في (الأحكام) 5 ص 171 : قد غاب عنهم (يعني الشيعة) إن سيد الأنبياء هو ولد كافر وكافرة.

 أيساعده في هذه القارصة أدب الدين ؟ ! أدب التأليف ؟ ! أدب العلم ؟ ! أدب العفة ؟ !

 

(أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر سيعلمون غدا من الكذاب الأشر) القمر 25، 26

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مر الايعاز إلى حديث المناشدة يوم الشورى ج 1 ص 159 - 163.