عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

 

-2-

حسان بن ثابت

 

يناديهـــم يـــوم الغـــدير نبـــيهـم* بخـــم وأسمــع بالرسول مناديا

فقال : فمـــن مـــولاكم ونبيكم؟ * فـقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

: إلهـــك مـــولانا وأنـــت نبـينا * ولـم تلق منا في الولاية عاصيا

فقـــال له : قـم يا علي ؟ فإنني * رضيتـك من بعدي إماما وهاديا

فمن كـــنت مـــولاه فهــذا وليه * فكــــونوا له أتباع صدق مواليا

هناك دعـــا اللهم ؟ وال وليـــه * وكن للذي عـــادا عـــليا معاديا

* (ما يتبع الشعر) * هذا أول ما عرف من الشعر القصصي في رواية هذا النبأ العظيم، وقد ألقاء في ذاك المحتشد الرهيب، الحافل بمائة ألف أو يزيدون، وفيهم البلغاء، ومداره الخطابة، و صاغة القريض، ومشيخة قريش العارفون بلحن القول، ومعارض الكلام، بمسمع من أفصح من نطق بالضاد (النبي الأعظم) وقد أقره النبي صلى الله عليه وآله على ما فهمه من مغزى كلامه، وقرظه بقوله : لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك (1) وأقدم كتاب سيق إلى رواية هذا الشعر هو كتاب سليم بن قيس الهلالي التابعي الصدوق الثبت المعول عليه عند علماء الفريقين (كما مر في ج 1 ص 195) فرواه بلفظ يقرب مما يأتي عن كتاب " علم اليقين " للمحقق الفيض الكاشاني، وتبعه على روايته لفيف من علماء الاسلام لا يستهان بعدتهم فرواه من الحفاظ :

1 - الحافظ أبو عبد الله المرزباني محمد بن عمران الخراساني المتوفى 378 (2) أخرج في (مرقاة الشعر) عن محمد بن الحسين عن حفص عن محمد بن هارون عن قاسم بن الحسن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا من أعلام النبوة ومن مغيبات رسول الله، فقد علم أنه سوف ينحرف عن إمام الهدى صلوات الله عليه في أخريات أيامه، فعلق دعائه على ظرف استمراره في نصرتهم .

 (2) لنا في مذهب الرجل نظر .

 

 

 

/ صفحة 35 /

عن يحيى بن عبد الحميد عن قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : لما كان من غدير خم أمر رسول الله مناديا فنادى الصلاة جامعة فأخذ بيد علي وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم ؟ وال من والاه، وعاد من عاداه.

 فقال حسان بن ثابت : يا رسول الله أقول في علي شعرا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إفعل، فقال:

يناديهم يوم الغدير نبيهم... الأبيات

2 - الحافظ الخركوشي أبو سعد المتوفى 406 (المترجم 1 ص 108) أخرجه في كتابه (شرف المصطفى) .

 3 - الحافظ ابن مردويه الاصبهاني المتوفى 410 (المترجم 1 ص 108) أخرجه بإسناده عن أبي سعيد الخدري حديث الغدير كما مر ج 1 ص 231 وفيه : فقال حسان ابن ثابت : يا رسول الله ؟ أتأذن لي أن أقول أبياتا ؟ فقال : قل على بركة الله فقال :

يناديهم يوم الغدير نبيهم ..... الأبيات

ورواه عن ابن عباس بلفظ مر ج 1 ص 217 .

 4 - الحافظ أبو نعيم الاصبهاني المتوفى 430 (المترجم 1 ص 109) أخرجه في كتابه - ما نزل من القرآن في علي - بالسند والمتن الذين أسلفناهما ج 1 ص 232 وفيه : فقال حسان : إئذن لي يا رسول الله ؟ أن أقول في علي أبياتا تسمعهن .

 فقال : قل على بركة الله .

 فقام حسان فقال : يا معشر مشيخة قريش ؟ أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ... إلخ.

 5 - الحافظ أبو سعيد السجستاني المتوفى 477 (المترجم 1 ص 112) أخرجه في - كتاب الولاية - بسند ولفظ مر 1 ج 1 ص 233 .

 6 - أخطب الخطباء الخوارزمي المالكي المتوفى 568، تأتي ترجمته في شعراء القرن السادس، رواه في - مقتل الإمام السبط الشهيد - و " المناقب " ص 80 بسند ولفظ ذكر في ج 1 ص 234 .

 7 - الحافظ أبو الفتح النطنزي (المترجم 1 ص 115) رواه في - الخصايص العلوية على ساير البرية - عن الحسن بن أحمد المهري، عن أحمد بن عبد الله بن أحمد،

 

 

/ صفحة 36 /

عن محمد بن أحمد بن علي، عن ابن أبي شيبة محمد بن عثمان، عن الحماني عن ابن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري بلفظ أبي نعيم الاصبهاني، وذكر من الأبيات أربعة من أولها .

 8 - أبو المظفر سبط الحافظ ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 (المترجم 1 ص 120) رواه في - تذكرة خواص الأمة - ص 20 .

 9 - صدر الحفاظ الكنجي الشافعي المتوفى 658 (المذكور ج 1 ص 120) ذكره في " كفاية الطالب " ص 17 بلفظ أبي نعيم المذكور .

 10 - شيخ الاسلام صدر الدين الحموي المتوفى 722 (المترجم ج 1 ص 123) رواه في - فرايد السمطين - في الباب الثاني عشر عن الشيخ تاج الدين أبي طالب علي ابن الحب بن عثمان الخازن، عن برهان الدين ناصر ابن أبي المكارم المطرزي، عن أخطب خوارزم بسنده ولفظه المذكورين .

 م 11 - الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي شمس الدين الحنفي المتوفى بضع و 750 " المترجم ا : 125 " أخرجه في كتابه : نظم درر السمطين ] .

 12 - الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى 911 (المترجم 1 ص 133) ذكره في رسالته - الازدهار فيما عقده الشعراء من الأشعار - نقلا عن تذكرة الشيخ تاج الدين ابن مكتوم الحنفي المتوفى 749 .

 (ورواه من أعلام الإمامية) :

1 - أبو عبد الله محمد بن أحمد المفجع المتوفى 227، (1) رواه في شرح قصيدته المعروفة بالأشباه عن عبد الله بن محمد بن عايشة القرشي عن المبارك عن عبد الله ابن أبي سلمان عن عطا عن جابر بن عبد الله : إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بغدير خم، ونصب بدوحات، وكان يوم حار وإن أحدنا ليستظل بثوبه، ويبل خرقة فيضعها على رأسه من شدة الحر فقام عليه السلام فقال : أيها الناس ؟ ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجي أمهاتهم ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ؟ فأخذ بيد علي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع يأتي هناك شعره وترجمته .

 

 

 

/ صفحة 37 /

فرفعها ثم قال : اشهدوا من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم ؟ وال من والاه، وعاد من عاداه . يقولها ثلاثا .

 فقال عمر : هنيئا لك يا أبا الحسن ؟ أصحبت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فقام رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله ؟ أتأذن لي في إنشاء أبيات في علي ؟ فقال عليه السلام : قل يا حسان ؟ فقال :

يناديهم يوم الغدير نبيهم * الأبيات إلى آخرها

2 - أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن يزيد الطبري رواه في (المسترشد) بإسناده عن يحيى الحماني عن قيس عن العبدي عن أبي سعيد بلفظ الحافظ أبي نعيم الاصبهاني المذكور إلا أن البيت الثالث فيه :

إلهك مـــولانا وأنرت ولـــيـــنا * ولا تجدن منا لك اليوم عاصيا

3 - شيخنا أبو جعفر الصدوق محمد بن بابويه القمي المتوفى 381، رواه في " الأمالي " ص 343 بالسند والمتن المذكورين عن الحافظ المرزباني .

 4 - الشريف الرضي المتوفى 406 صاحب نهج البلاغة (1) في خصايص الأئمة.

5 - معلم الأمة شيخنا المفيد المتوفى 413، رواه في " الفصول المختارة " 1 ص 87 وقال : ومما يشهد بقول الشيعة في معنى المولى وأن النبي أراد به يوم الغدير الإمامة قول حسان بن ثابت على ما جاء به الأثر : أن رسول الله لما نصب عليا يوم الغدير للناس علما وقال فيه ما قال، استأذنه حسان بن ثابت في أن يقول شعرا فأنشأ يقول :

يناديهم يوم الغدير نبيهم ..... الأبيات

فلما فرغ من هذا القول قال له النبي صلى الله عليه وآله : لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك، فلولا أن النبي صلى الله عليه وآله أراد بالمولى الإمامة لما أثنى على حسان بإخباره بذلك، ولأنكره عليه، ورده عنه .

 ورواه في رسالته في معنى المولى وقال بعد ذكره : شعر حسان مشهور في ذلك، وهو شاعر رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قال له : لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك .

 وهذا صريح في الاقرار بإمامته من جهة القول الكائن في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع يأتي هناك شعره وترجمته .

 

 

 

/ صفحة 38 /

يوم الغدير من رسول الله له، لا يمكن تأويله، ولا يسوغ صرفه إلى غير حقيقته .

 ورواه في تأليفه - النصرة لسيد العترة في حرب البصرة - وفي كتابه " الارشاد " ص 31، 64 بلفظ يقرب من رواية الحافظ أبي نعيم الاصبهاني المذكور .

 6 - الشريف المرتضى علم الهدى المتوفى 436، في شرح بائية السيد الحميري .

 7 - أبو الفتح الكراجكي المتوفى 449 في " كنز الفوائد " ص 123 وقال ما ملخصه : إن شعر حسان هذا قد صارت به الركبان وقد تضمن الاقرار لأمير - المؤمنين عليه السلام بالإمامة، والرياسة على الأنام لما مدحه بذلك يوم الغدير بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله على رؤس الاشهاد فصوبه النبي في مقاله، وقال له : لا تزال يا حسان ؟ مؤيدا ما نصرتنا بلسانك .

 8 - الشيخ عبيد الله بن عبد الله السدابادي رواه في " المقنع " في الإمامة .

 9 - شيخ الطايفة أبو جعفر الطوسي المتوفى 460 في تلخيص الشافي .

 10 - المفسر الكبير الشيخ أبو الفتوح الخزاعي الرازي من مشايخ ابن شهر آشوب المتوفى 588، رواه في تفسيره 2 ص 192 بلفظ يقرب من لفظ الحافظ أبي نعيم وزاد فيه(1):

فخص بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المواخيا

11 - شيخنا الفتال أبو علي الشهيد المترجم في كتابنا " شهداء الفضيلة " ص 37، رواه في " روضة الواعظين " ص 90 .

 12 - أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، رواه في " إعلام الورى " ص 81 .

 13 - ابن شهر آشوب السروي المتوفى 588، في " المناقب " 3 ص 35 .

 14 - أبو زكريا يحيى بن الحسن الحلي الشهير بابن بطريق، رواه في " الخصايص " ص 37 من طريق الحافظ أبي نعيم الاصبهاني .

 15 - السيد هبة الدين رواه في كتابه (المجموع الرائق) المخطوط .

 16 - رضي الدين سيدنا علي بن طاووس المتوفى 664 في " الطريف " ص 35 .

 17 - بهاء الدين أبو الحسن الأربلي المتوفى 692 / 3 في " كشف الغمة " ص 94 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ستقف على أن هذه الزيادة في محلها من شعر حسان .

 

 

 

/ صفحة 39 /

18 - عماد الدين الحسن الطبري في " الكامل البهائي " ص 152 و 217 .

 19 - الشيخ يوسف بن أبي حاتم الشامي في موضعين من كتابه (الدر النظيم).

20 - الشيخ علي البياضي العاملي في كتابه " الصراط المستقيم ".

21 - القاضي نور الله المرعشي الشهيد سنة 1019، المترجم في كتابنا " شهداء الفضيلة " ص 171 ذكره في " مجالس المؤمنين " ص 21 .

 22 - مولانا المحقق المحسن الكاشاني المتوفى 1019 في " علم اليقين " ص 142 نقلا عن - التهاب نيران الأحزان - بلفظ يقرب من لفظ سليم بن قيس الهلالي التابعي في كتابه وهو :

ينـــاديهم يـــوم الغــــدير نبيهـــــم * بخــــم وأسمع بالنــــبي مناديـــــا

وقــــد جاءه جبريل عن أمر ربـه * بأنك معــــصوم فــــلا تــــك وانـيا

وبلغهم ما أنزل الله ربهم إليـــــك * ولا تخــــش هــــناك الأعــــاديــــا

فقام به إذ ذاك رافــــع كــــفـــــه * بكف علي معــــلن الصــوت عاليا

فــــقال : فــمن مولاكم وولـيكم؟ * فــــقال ولــــم يبدوا هـــناك تعاميا

: إلهك مولانـــا وأنــــت ولـيــــنا * ولن تجــــدن فينا لك اليوم عاصيا

فقال له : قــــم يا عــلـي ؟ فإنني * رضيتك من بعدي إمــــاما وهـاديا

فمن كــــنت مــــولاه فـهذا وليــه * فكونوا لــــه أنصــار صدق مواليا

هناك دعــــا اللهـــــم ؟ وال وليه * وكن للذي عــــادى عــــليا معاديا

فيا رب ؟ انصر ناصريه لنصرهم * إمام هــــدى كالبـدر يجلو الدياجيا

23 - الشيخ إبراهيم القطيفي، في " الفرقة الناجية " بلفظ الكاشاني .

 24 - السيد هاشم البحراني المتوفى 1107، في " غاية المرام " ص 87 .

 25 - العلامة المجلسي المتوفى 1111 في " بحار الأنوار " 9 ص 234، 259 .

 26 - شيخنا البحراني صاحب " الحدايق " المتوفى 1186، في " كشكوله " 2 ص 18 .

 وهناك جمع آخرون رووا هذا الحديث وفي المذكورين كفاية .

 

 

 

/ صفحة 40 /

 

* (لفت نظر) * والذي يظهر للباحث أن حسانا أكمل هذا الأبيات قصيدة ضمنها نبذا من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام فكل أخذ منها شطرا يناسب موضوعه، وذكر الحافظ ابن أبي شيبة قال : حدثنا ابن فضل، قال : حدثنا سالم بن أبي حفصة، عن جميع بن عمير، عن عبد الله بن عمر، وصدر الحفاظ الكنجي الشافعي في كفايته (ط نجف) ص 38، و (ط مصر) ص 16، و (ط ايران) 21، وابن الصباغ المالكي في فصوله المهمة ص 22 وغيرهم منها قوله :

وكان عــــلي أرمــــد العـــين يبتغي * دواء فــــلما لم يحــــس مــــداويــــا

شفــــاه رســــول الله منــــه بتـــفلة * فبــــورك مــــرقيا وبورك راقــــيــــا

فقال : سأعطي الراية اليوم ضاربا * كميا محــــبا للــــرسول مــــوالــــيـا

يحــــب إلــــهي والإلــــه يحــــبــــه * به يفــــتح الله الحــــصون الأوابــــيا

فخــــص بهــــا دون البريــــة كلهـا * عــــليا وسماه الوزير المـــواخيا(1)

هذه الأبيات إشارة إلى حديث صحيح متواتر أخرجه أئمة الحديث بأسانيد رجال جلها كلهم ثقات أنهوها إلى:

بريدة بن الخصيب ، عبد الله بن عمر ، عبد الله بن العباس ، عمران بن حصين ، أبي سعيد الخدري ، أبي ليلى الأنصاري ، سهل الساعدي ، أبي هريرة الدوسي ، سعد بن أبي وقاص ، البراء بن عازب ، سلمة بن الأكوع.

 فأخرجه البخاري في صحيحه 4 ص 323 عن سهل، وج‍ 5 ص 269 عنه، و 270 عن سلمة، و ج 6 ص 191 عن سلمه وسهل، وأخرجه مسلم في صحيحه 2 ص 324، والترمذي في صحيحه 2 ص 300 وصححه، وأحمد بن حنبل في مسنده 1 ص 99، و ج 5 ص 353، 358 وغيرها، وابن سعد في طبقاته 3 ص 158، وابن هشام في سيرته 3 ص 386، والطبري في تاريخه 2 ص 93، والنسائي في خصايصه 4 - 8، 16، 33، والحاكم في المستدرك 3 ص 190، 116 وقال : هذا حديث دخل في حد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ورواه شيخنا الطبري في " المسترشد " رواية عن الحافظ ابن أبي شيبة المذكور، و أبو علي الفتال في " روضة الواعظين " وغيرهما .

 

 

 

/ صفحة 41 /

التواتر، والخطيب في تاريخه 7 ص 387، وأبو نعيم الاصبهاني في الحلية 1 ص 62، بعدة طرق وصحح بعضها، و ج 4 ص 356، وابن عبد البر في الاستيعاب 2 ص 363 في ترجمة عامر، والحموي (1) في فرايده وقال : قال الإمام محيي السنة : هذا حديث صحيح متفق على صحته، ومحب الدين الطبري في الرياض 2 ص 187، واليافعي في مرآة الجنان 1 ص 109 وصححه، والقاضي الأيجي في المواقف 3 ص 10، 12، وهناك آخرون رووا هذه الأثارة وصححوها لو نذكرهم بأجمعهم لجاء منه كتاب مفرد، ونحن نقتصر من المتون على لفظ البخاري ألا وهو : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال فبات الناس يدوكون (2) ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله كلهم يرجو أن يعطاها، فقال : أين علي بن أبي طالب ؟ فقيل : هو يا رسول الله ؟ يشتكي عينيه، قال : فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتى لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي : يا رسول الله ؟ أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لإن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم وفي لفظه الآخر : ففتح الله عليه .

* (ديوان حسان) * إن لحسان في مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مدايح جمة غير ما سبقت الإشارة إليه، وسنوقفك على ما التقطناه من ذلك، فمن هذه الناحية نعرف أن يد الأمانة لم تقبض عليها يوم مدت إلى ديوانه، فحرفت الكلم عن مواضعها، ولعبت بديوان حسان كما لعبت بغيره من الدواوين والكتب والمعاجم التي أسقطت منها مدايح أهل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) بفتح المهملة ثم الميم المضمومة المشددة نسبة إلى جده حمويه، ونحن تبعا على المؤلفين ذكرناه في المجلد الأول (الحمويني) وقد أوقفنا السير على كلام ابن الأثير من أن رجال هذه الأسرة يكتبون لأنفسهم (الحموي) وضبطه على ما ذكر فعدلنا عما كنا عليه .

 (2) أي يخوضون . يقال : الناس في دوكة . أي : في اختلاط وخوض . وأصله من الدوك . وهو : الحق . وفي كثير من الكتب : يذكرون . وهو : تصحيف .

 

 

 

/ صفحة 42 /

البيت عليهم السلام وفضايلهم، والذكريات الحميدة لاتباعهم كديوان الفرزدق الذي أسقطوا منها ميميته المشهورة في مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام مع إشارة الناشر إليها في مقدمة شرح ديوانه، وقد طفحت بذكرها الكتب والمعاجم، وكديوان كميت فإنه حرفت منه أبيات كما زيدت عليه أخرى، وكديوان أمير الشعراء أبي فراس، وكديوان كشاجم الذي زحزحوا عنه كمية مهمة من مراثي سيدنا الإمام السبط الشهيد سلام الله عليه، وكتاب " المعارف " لابن قتيبة الذي زيد فيه ما شاءه الهوى للمحرف و نقص منه ما يلائم خطته، بشهادة الكتب الناقلة عنه من بعده كما مر بعض ما ذكر في محله من هذا الكتاب ويأتي بعضه، إلى غير هذه من الكتب الذي عاثوا فيها لدى النشر، أو حرفوها عند النقل، ونحن نحيل تفصيل ذلك إلى مظانه من مواقع المناسبة لئلا نخرج عن وضع الكتاب، فلنعد الآن إلى ما شذ من شعر حسان عن ديوانه، وأثبتته له المصادر الوثيقة كنفس يائيته السابقة فمن ذلك : في تاريخ اليعقوبي 2 ص 107، وشرح ابن أبي الحديد 3 ص 14 وغيرهما : صعد أبو بكر المنبر عند ولايته الأمر فجلس دون مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله بمرقاة ثم حمد الله وأثنى عليه وقال : إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن استقمت فاتبعوني، وإن زغت فقوموني، لا أقول إني أفضلكم فضلا، ولكني أفضلكم حملا، وأثنى على الأنصار خيرا وقال : أنا وإياكم معشر الأنصار كما قال القائل :

جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت * بنا نعــــلنا في الــــواطئين فولت

أبوا أن يملونا ولــــو أن أمــــنا * تلاقي الذي يلقـــون منــــــا لملت

فاعتزلت الأنصار عن أبي بكر فغضبت قريش وأحفظها ذلك فتكلم خطباؤها وقدم عمرو بن العاص فقالت له قريش : قم فتكلم بكلام تنال فيه من الأنصار، ففعل ذلك، فقام الفضل بن العباس فرد عليهم، ثم صار إلى علي فأخبره وأنشده شعرا قاله، فخرج علي مغضبا حتى دخل المسجد فذكر الأنصار بخير ورد على عمرو بن العاص قوله، فلما علمت الأنصار ذلك سرها وقالت : ما نبالي بقول من قال مع حسن قول علي، واجتمعت إلى حسان بن ثابت فقالوا : أجب الفضل، فقال : إن عارضته بغير قوافيه فضحني فقالوا (1):

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) في شرح ابن أبي الحديد : فقال له خزيمة بن ثابت : أذكر عليا وآله يكفيك عن كل شيء .

 

 

 

/ صفحة 43 /

فاذكر عليا فقط، فقال:

جزى الله خــــيرا والجــــزاء بكفه * أبا حـــسن عنا ومن كأبي حسن ؟

سبقت قريشا بالــــذي أنــــت أهله * فصدرك مشروح وقلبك ممتحن(1)

تمنت رجــــال من قريش أعــــــزة * مكانك هيهات الهزال من السمـــن

وأنت من الاسلام في كــــل مــنزل * بمنزلة الطرف البطين من الرســن

غضبت لنا إذ قال عمرو بخصلــــة * أمات بها التقوى وأحيى بها الإحـن

وكنت المرجى من لوي بن غالـب * لما كان منه والذي بعـــــد لم يكــــن

حفظت رسول الله فيــــنا وعهـــده * إليك ومن أولى به منك مــن ومن ؟

ألست أخــــاه فـي الهدى ووصيه * وأعلم فهـر بالكــــتاب وبالسنــــن ؟

فحقك ما دامت بنجــــد وشيــــجـة * عظيم عــــلينا ثم بعــــد عــلى اليمن

* (قوله) * : فصدرك مشروح . إشارة إلى ما ورد في قوله تعالى : أفمن شرح الله صدره للاسلام، فإنها نزلت في علي وحمزة. رواه الحافظ محب الدين الطبري في رياضه 2 ص 207 عن الحافظين الواحد وأبي الفرج، وفي ذخاير العقبى ص 88 .

 * (قوله) * : وقلبك ممتحن . أشار به إلى النبوي الوارد في أمير المؤمنين : إنه امتحن الله قلبه بالإيمان (2) أخرجه من الحفاظ والعلماء منهم : النسائي في خصايصه ص 11، والترمذي في الصحيح 2 ص 298، والخطيب البغدادي في تاريخه 1 ص 133، م - والبيهقي في المحاسن والمساوي 1 ص 29 ] ومحب الدين الطبري في الرياض 2 ص 191، وذخاير العقبي ص 76 وقال : أخرجه الترمذي وصححه، والكنجي في الكفاية ص 34، وقال : هذا حديث عال حسن صحيح، والحموي في فرايده في الباب ال‍ 33، والسيوطي في جمع الجوامع بعدة طرق كما في كنز العمال 6 ص 393 و 396، والبدخشي في نزل الأبرار ص 11 وغيرهم .

 * (قوله) * : ألست أخاه في الهدى ووصيه . أوعز به إلى حديثي الاخاء والوصية وهما من الشهرة والتواتر بمكان عظيم يجدهما الباحث في جل مسانيد الحفاظ والأعلام .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) هذان البيتان ذكرهما لحسان شيخ الطايفة المفيد كما في (الفصول) 2 ص 61 و 67 .

 (2) كذا في لفظ الخطيب، وفي بعض المصادر : على الإيمان .

 وفي بعضها : للإيمان .

 

 

 

/ صفحة 44 /

 

* (قوله) * : وأعلم فهر بالكتاب وبالسنن .

 أراد به ما ورد في علم علي أمير المؤمنين بالكتاب والسنة .

 أخرج الحفاظ عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث فاطمة سلام الله عليها : زوجتك خير أهلي أعلمهم علما، وأفضلهم حلما، وأولهم إسلاما .

 وفي حديث آخر : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب .

 وفي ثالث : أعلم الناس بالله وبالناس .

 وفي حديث : يا علي لك سبع خصال وعد منها : وأعلمهم بالقضية (1) وأخرج محب الدين الطبري في رياضه 2 ص 193، والذخاير ص 78، وابن عبد البر في الاستيعاب (هامش الإصابة) 3 ص 40 عن عايشة : إنه أعلم الناس بالسنة .

 وفي كفاية الكنجي ص 190 عن أبي أمامة عنه صلى الله عليه وآله : أعلم أمتي بالسنة والقضاء بعدي علي ابن أبي طالب .

 وأخرج الخوارزمي في المناقب ص 49، وشيخ الاسلام الحموي في فرايده في الباب الثامن عشر بإسناده عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب .

 وأخرج الحفاظ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا (2) و عن النبي صلى الله عليه وآله قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا أحدا (3) وقال السيد أحمد زيني دحلان في " الفتوحات الإسلامية " 2 ص 337 : كان علي رضي الله عنه أعطاه الله علما كثيرا وكشفا غزيرا قال أبو الطفيل : شهدت عليا يخطب و هو يقول : سلوني (4) من كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل، ولو شئت أوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب، وقال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) حلية الأولياء 1 ص 66، كنز العمال 6 ص 153، 156، 398 .

 (2) حلية الأولياء 1 ص 28، كفاية الكنجي ص 90، كنز العمال 6 ص 396، إسعاف الراغبين ص 162 .

 (3) حلية الأولياء 1 ص 65 .

 (4) في الإصابة 2 ص 509 : سلوني سلوني سلوني عن كتاب الله.  الحديث.

 

 

/ صفحة 45 /

ابن عباس رضي الله عنه : علم رسول الله من علم الله تبارك وتعالى، وعلم علي رضي الله عنه من علم النبي صلى الله عليه وآله وعلمي من علم علي رضي الله عنه، وما علمي وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله في علم علي رضي الله عنه إلا كقطرة في سبعة أبحر، ويقال : إن عبد الله بن عباس أكثر البكاء على علي رضي الله عنه حتى ذهب بصره، وقال ابن عباس أيضا، لقد اعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارك الناس في العشر العاشر، وكان معاوية رضي الله عنه يسأله ويكتب له فيما ينزل به فلما توفي علي رضي الله عنه قال معاوية : لقد ذهب الفقه والعلم بموت علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

 وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعوذ من معضلة ليس فيها أبو الحسن (1)، وسئل عطاء أكان في أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أحد أعلم من علي ؟ قال : لا والله ما أعلمه .

 إنتهى .

 وعن عبد الله ابن مسعود : إن القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، و إن عليا عنده علم الظاهر والباطن (2) وهناك نظير هذه الأحاديث والكلمات حول علم أمير المؤمنين بالكتاب والسنة كثير جدا لو جمعته يد التأليف لجاء كتابا ضخما .

* (ومن شعر حسان في أمير المؤمنين) * ذكر له أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 115، والكنجي الشافعي في كفايته ص 55، وابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 10 وقال : فشت هذه الأبيات من قول حسان وتناقلها سمع عن سمع ولسان عن لسان :

أنـــــزل الله والكــــتاب عــــزيز * في عــــلي وفــــي الـوليد قرانا

فتبوأ الوليد مــــن ذاك فــــسقـا * وعــــلي مبــــوأ إيــــــــمــانــــا

ليس من كـان مؤمنا عرف الله * كمن كان فــــاسقــــا خــــوانـــا

فعلي يلقــــى لــــدى الله عــــزا * ووليد يلــــقى هــــناك هــــوانـا

سوف يجزى الوليد خزيا ونارا * وعلي لا شــــك يجــــزى جــنانا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أخرجه كثير من الحفاظ وأئمة الحديث .

 (2) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1 ص 65 .

 

 

 

/ صفحة 46 /

ورواها له ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2 ص 103 وفيه بعد البيت الثالث :

سوف يــدعى الوليد بعد قليل * وعــــلي إلى الحـساب عيانا

فــعــــلي يجــــزى بذاك جنانا * ووليد يجزى بذاك هوانا (1)

رب جــــد لعــــقبة بــــن أبان * لابس فـي بلادنا تـُــبّـانا (2)

وذكرها له نقلا عن شرح النهج الأستاذ أحمد زكي صفوت في " جمهرة الخطب " 2 ص 23 .

 أشار بهذه الأبيات إلى قوله تعالى : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون .

 ونزوله في علي عليه السلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط فيما شجر بينهما، أخرج الطبري في تفسيره 21 ص 62 بإسناده عن عطاء بن يسار قال : كان بين الوليد وعلي كلام فقال الوليد : أنا أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأرد منك للكتيبة فقال علي : اسكت فإنك فاسق . فأنزل الله فيهما : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا . الآية .

 وفي الأغاني 4 ص 185، وتفسير الخازن 3 ص 470 : كان بين علي والوليد تنازع وكلام في شيء فقال الوليد لعلي : اسكت فإنك صبي وأنا شيخ، والله إني أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة .

 فقال له علي : اسكت فإنك فاسق . فأنزل الله هذه الآية .

 وأخرجه م - الواحدي بإسناده من طريق ابن عباس في " أسباب النزول " ص 263، و ] محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 206 عن ابن عباس وقتادة من طريق الحافظين السلفي والواحدي، وفي ذخاير العقبى ص 88، والخوارزمي في المناقب ص 188، والكنجي في الكفاية ص 55، والنيسابوري في تفسيره، وابن كثير في تفسيره 3 ص 462 قال : ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما : إنها نزلت في علي بن أبي طالب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) في التذكرة : هناك . بدل " بذاك " في الموضعين .

 (2) أبان : هو أبو معيط جد الوليد . والتبان : سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة فقط كان يخص بالملاحين .

 

 

 

/ صفحة 47 /

وعقبة (فيه تصحيف لا يخفى)، ورواه جمال الدين الزرندي في " نظم درر السمطين " .

 وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج 1 ص 394، ج 2 ص 103 وحكى عن شيخه : إنه من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به وإطباق الناس عليه .

 وأخرجه السيوطي في الدر المنثور 4 ص 178 وقال : أخرج أبو الفرج في الأغاني، والواحدي، وابن عدي، وابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر، من طرق عن ابن عباس، وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عطا بن يسار، وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه مثله، وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه، وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس .

 م - وذكره الحلبي في السيرة 2 ص 85 ] .

* (ومن شعر حسان في أمير المؤمنين) *:

 ذكر له أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 10 :

من ذا بخــاتمه تصــــدق راكعـــا * وأســـــرها في نفسه إســــرارا

من كــان بات على فراش محمد * ومحمــــد أسرى يــــؤم الغــــارا

من كان في القرآن سمي مؤمنا * في تسع آيات تلين غـــزارا (1)

في البيت الأول إيعاز إلى مأثرة تصدقه صلوات الله عليه خاتمه للسائل راكعا وفيها نزل قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا . الآية . وسنوقفك على بيانها في شرح البيت الثالث إنشاء الله تعالى .

 وبثاني الأبيات أشار إلى حديث أصفقت الأمة عليه من أن عليا عليه السلام لبس برد النبي صلى الله عليه وآله الحضرمي الأخضر ونام على فراشه ليلة هرب النبي من المشركين إلى الغار وفداه بنفسه ونزلت فيه : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله (سورة البقرة 207) .

 قال أبو جعفر الاسكافي كما في شرح البلاغة لابن أبي الحديد 3 ص 270 : حديث الفراش قد ثبت بالتواتر فلا يجحده إلا مجنون أو غير مخالط لأهل الملة، وقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) وذكرها الكنجي في الكفاية ص 123 ونسبها إلى بعضهم وفيه : في تسع آيات جعلن كبارا .

 

 

 

/ صفحة 48 /

روى المفسرون كلهم : إن قول الله تعالى : ومن الناس من يشري . الآية . نزلت في علي ليلة المبيت على الفراش .

 وروى الثعلبي في تفسيره : إن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد الهجرة إلى المدينة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه وأداء الودايع التي كانت عنده، وأمر ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه وقال له : اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ونم على فراشي فإنه لا يصل منهم إليك مكروه إنشاء الله تعالى ففعل ذلك علي عليه السلام فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل : إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه .

 فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي : بخ بخ من مثلك يا علي ؟ يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة .

 فأنزل الله على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله .

 وقال ابن عباس : نزلت الآية في علي حين هرب - رسول الله - من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام على فراش النبي .

 وحديث الثعلبي هذا رواه بطوله الغزالي في " إحياء العلوم " 3 ص 238، و الكنجي في " كفاية الطالب " ص 114، والصفوري في " نزهة المجالس " 2 ص 209 نقلا عن الحافظ النسفي .

 ورواه ابن الصباغ المالكي في فصوله ص 33، وسبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 21، والشبلنجي في نور الأبصار ص 86، و في المصادر الثلاثة الأخيرة : قال ابن عباس : أنشدني أمير المؤمنين شعرا قاله في تلك الليلة :

وقيــت بنفسي خير من وطئ الحصا * وأكـــرم خـــلق طاف بالبيت والحجر

وبت أراعـــــــي منهم ما يسوءنــي * وقد صبرت نفسي على القتل والأسر

وبات رســــول الله في الغــــار آمنا * وما زال في حفظ الإله وفي الستر(1)

ويوجد حديث ليلة المبيت في مسند أحمد 1 ص 348، تاريخ الطبري 2 - ص 99 - 101، الطبقات لابن سعد 1 ص 212، تاريخ اليعقوبي 2 ص 529 سيرة ابن هشام 2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وتوجد هذه الأبيات في مناقب الخوارزمي مع زيادة بيت .

 

 

 

/ صفحة 49 /

ص 291، العقد الفريد 3 ص 290، تاريخ الخطيب البغدادي 13 ص 191، تاريخ ابن الأثير 2 ص 42، تاريخ أبي الفدا، 1 ص 126، مناقب الخوازمي ص 75، الامتاع للمقريزي ص 39، تاريخ ابن كثير 7 ص 338، السيرة الحلبية 2 ص 29 .

 ويوجد الايعاز إلى هذه المأثرة في حديث صحيح عن ابن عباس أخرجه جمع من الحفاظ الاثبات راجع ما مر ج 1 ص 50 و 51، وهي مروية في حديث عن الإمام السبط الحسن وقال : بات أمير المؤمنين يحرس رسول الله صلى الله عليه وآله المشركين وفداه بنفسه ليلة الهجرة حتى أنزل الله فيه : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله (1)

* (البيت الثالث) * أشار به إلى الآيات التسع النازلة في أمير المؤمنين التي سمي فيها مؤمنا، ونحن وقفنا من تلك على عشر (2) آيات ولم نعرف خصوص التسع المراد لحسان في قوله، م - وقال معاوية بن صعصعة في قصيدة له ذكرها نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 31 :

ومــن نزلت فيه ثــــلاثون آيـــــة * تسميه فيها مؤمنا مخلصا فردا

سوى موجبات جئن فيه وغيرها * بهـــا أوجب الله الولاية والودا]

والآيات :

1 - أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون " سورة السجدة 18 " .

مر الايعاز إلى حديث نزولها في علي عليه السلام ص 46 من هذا الجزء .

 2 - هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين " سورة الأنفال 62 ".

أخرج الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في تاريخه قال : أخبرنا أبو الحسن علي ابن مسلم الشافعي، أخبرنا أبو القاسم بن العلا، وأبو بكر محمد بن عمر بن سليمان العريني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تذكرة السبط ص 115، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 103، جمهرة الخطب 2 ص 12 .

(2) وكذا قال الإمام الحسن السبط الزكي في حديث : سمي أبي مؤمنا في عشر آيات .

 

 

 

/ صفحة 50 /

النصيبي، حدثنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المهري، حدثنا عباس بن بكار، حدثنا خالد بن أبي عمر الأسدي، عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : مكتوب على العرش لا إله إلا الله وحدي لا شريك لي، و محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي، وذلك قوله عز وجل في كتابه الكريم : هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين علي وحده .

 ورواه بإسناده الكنجي الشافعي في كفايته ص 110 ثم قال : قلت : ذكره ابن جرير في تفسير (1) وابن عساكر في تاريخه في ترجمة علي عليه السلام .

 ورواه الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور 3 ص 199 نقلا عن ابن عساكر، والقندوزي في ينابيعه ص 94 نقلا عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن أبي هريرة، ومن طريق أبي صالح عن ابن عباس .

 وصدر الحديث أخرجه جمع من الحفاظ منهم : الخطيب البغدادي في تاريخه 11 ص 173 بإسناده عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي، نصرته بعلي .

 ومحب الدين الطبري في " الرياض " 2 ص 172 عن أبي الحمراء من طريق الملأ في سيرته، وفي ذخاير العقبى ص 69، والخوارزمي في المناقب ص 254، والحموي في فرايده في الباب السادس والأربعين من طريقين بلفظ : لما أسري بي إلى السماء رأيت في ساق العرش مكتوبا : لا إله إلا الله محمد رسول الله صفوتي من خلقي، أيدته بعلي ونصرته به .

 وبإسناد آخر عن أبي الحمراء خادم النبي صلى الله عليه وآله بلفظ : ليلة أسري بي رأيت على ساق العرش الأيمن مكتوبا : أنا الله وحدي لا إله غيري، غرست جنة عدن بيدي لمحمد صفوتي أيدته بعلي .

 وبهذا اللفظ رواه الحافظ السيوطي كما في كنز العمال 6 ص 158 من غير طريق عن أبي الحمراء .

 ومن طريق آخر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله : مكتوب في باب الجنة قبل أن يخلق الله السموات والأرض بألفي سنة : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي .

 م - وذكره الحافظ الهيثمي في المجمع 9 ص 121 من طريق الطبراني عن أبي الحمراء، والسيوطي في الخصايص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) لم نجد هذا الحديث في تفسير الطبري تحت هذه الآية .

 

 

 

/ صفحة 51 /

الكبرى 1 : 7 نقلا عن ابن عدي وابن عساكر من طريق أنس ] .

 وروى السيد الهمداني في " مودة القربى " في المودة الثامنة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن : فلما بلغت البيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرة بها : لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي وزيره .

 ولما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت عليها : إني أنا الله لا آله إلا أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي أيدته بعلي وزيره ونصرته به .

 ولما انتهيت إلى عرش رب العالمين فوجدت مكتوبا على قوائمه : إني أنا الله لا إله إلا أنا، محمد حبيبي من خلقي، أيدته بعلي وزيره ونصرته به، فلما وصلت الجنة وجدت مكتوبا على باب الجنة : لا إله إلا أنا، ومحمد حبيبي من خلقي أيدته بعلي وزيره ونصرته به .

 3 - يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " سورة الأنفال 64 " .

أخرج الحافظ أبو نعيم في فضايل الصحابة بإسناده : إنها نزلت في علي، وهو المعني بقوله : المؤمنين .

 4 - من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " الأحزاب 23".

 أخرج الخطيب الخوارزمي في " المناقب " ص 188، وصدر الحفاظ الكنجي في " الكفاية " ص 122 نقلا عن ابن جرير وغيره من المفسرين أنه نزل قوله : فمنهم من قضى نحبه في حمزة وأصحابه كانوا عاهدوا الله تعالى لا يولون الادبار فجاهدوا مقبلين حتى قتلوا، ومنهم من ينتظر علي بن أبي طالب مضى على الجهاد ولم يبدل و لم يغير الآثار .

 وفي الصواعق لابن حجر ص 80 : سئل (علي) وهو على المنبر بالكوفة عن قوله تعالى : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه . الآية .

 فقال : أللهم غفرا هذه الآية نزلت في وفي عمي حمزة وفي ابن عمي عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيدا يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيدا يوم أحد، وأما أنا

 

 

/ صفحة 52 /

فانتظر أشقاها يخضب هذه من هذه - وأشار إلى لحيته ورأسه - عهد عهده إلي حبيبي أبو القاسم صلى الله عليه وآله .

 5 - إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " سورة المائدة 55 ".

 أخرج أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده عن أبي ذر الغفاري قال : أما إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوما من الأيام الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا فرفع السائل يديه إلى السماء وقال .

 أللهم ؟ اشهد أني سألت في مسجد نبيك محمد صلى الله عليه وآله فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي رضي الله عنه في الصلاة راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وفيه خاتم فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره، وذلك بمرأى من النبي صلى الله عليه وآله وهو في المسجد فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله طرفه إلى السماء وقال : أللهم ؟ إن أخي موسى سألك فقال : رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي، أشدد به أرزي، و أشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآنا : سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما .

 أللهم ؟ وإني محمد نبيك وصفيك أللهم ؟ واشرح لي صدري و يسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري.

 قال أبو ذر رضي الله عنه : فما استتم دعاءه حتى نزل جبرئيل عليه السلام من عند الله عز وجل وقال : يا محمد ؟ إقرأ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا . الآية .

 أخرج هذه الأثارة ونزول الآية فيها جمع كثير من أئمة التفسير والحديث منهم : الطبري في تفسيره 6 ص 165 من طريق ابن عباس، وعتبة بن أبي حكيم، ومجاهد .

 الواحدي في أسباب النزول ص 148 من طريقين .

 الرازي في تفسيره 3 ص 431 عن عطا عن عبد الله بن سلام وابن عباس وحديث أبي ذر المذكور .

 الخازن في تفسيره 1 ص 496 .

 أبو البركات في تفسيره 1 ص 496 .

 النيسابوري في تفسيره 3 ص 461 .

 ابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " ص 123 حديث الثعلبي المذكور .

 ابن طلحة الشافعي في " مطالب السئول " ص 31 بلفظ أبي ذر المذكور .

 سبط ابن الجوزي في " التذكرة " ص 9 عن تفسير الثعلبي عن السدي وعتبة وغالب بن عبد الله .

 الكنجي

 

 

/ صفحة 53 /

الشافعي في " الكفاية " ص 106 بإسناده عن أنس، وص‍ 122 عن ابن عباس من طريق حافظ العراقين والخوارزمي وابن عساكر عن أبي نعيم والقاضي أبي المعالي .

 الخوارزمي في مناقبه ص 178 بطريقين .

 الحموي في فرايده في الباب الرابع عشر من طريق الواحدي، وفي التاسع والثلاثين عن أنس، ومن طرق أخرى عن ابن عباس، وفي الباب الأربعين عن ابن عباس وعمار بن ياسر .

 القاضي عضد الأيجي في " المواقف " 3 ص 276 .

 محب الدين الطبري في " الرياض " 2 ص 227 عن عبد الله بن سلام من طريق الواحدي وأبي الفرج والفضايلي، وص 206، وفي الذخاير ص 102 من طريق الواقدي وابن الجوزي .

 ابن كثير الشامي في تفسيره 2 ص 71 بطريق عن أمير المؤمنين، ومن طريق ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل، وعن ابن جرير الطبري بإسناده عن مجاهد والسدي، وعن الحافظ عبد الرزاق بإسناده عن ابن عباس، وبطريق الحافظ ابن مردويه بالإسناد عن سفيان الثوري عن ابن عباس، ومن طريق الكلبي عن ابن عباس فقال : هذا إسناد لا يقدح به، وعن الحافظ ابن مردويه بلفظ أمير المؤمنين، وعمار، وأبي رافع .

 ابن كثير أيضا في [ البداية والنهاية ] 7 ص 357 عن الطبراني بإسناده عن أمير المؤمنين، ومن طريق ابن عساكر عن سلمة بن كهيل .

 الحافظ السيوطي في " جمع الجوامع " كما في الكنز 6 ص 391 من طريق الخطيب في " المتفق " عن ابن عباس، وص 405 من طريق أبي الشيخ وابن مردويه عن أمير المؤمنين ابن حجر في " الصواعق " ص 25 .

 الشبلنجي في " نور الأبصار " ص 77 حديث أبي ذر المذكور عن الثعالبي .

 الآلوسي في " روح المعاني " 2 ص 329 وغيرهم .

 ولحسان بن ثابت في هذه المأثرة شعر يأتي إنشاء الله تعالى .

 6 - أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله (سورة التوبة 19).

 أخرج الطبري في تفسيره 10 ص 59 بإسناده عن أنس أنه قال : قعد العباس وشيبة (ابن عثمان) صاحب البيت يفتخران فقال له العباس : أنا أشرف منك أنا عم رسول الله ووصي أبيه وساقي الحجيج .

 فقال شيبة : أنا أشرف منك أنا أمين الله على

 

 

/ صفحة 54 /

بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني .

 فهما على ذلك يتشاجران حتى أشرف عليهما علي فقال له العباس : إن شيبة فاخرني فزعم أنه أشرف مني فقال : فما قلت له يا عماه ؟ قال : قلت : أنا عم رسول الله ووصي أبيه وساقي الحجيج أنا أشرف منك .

 فقال لشيبة : ماذا قلت أنت يا شيبة ؟ قال قلت : أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته و خازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني .

 قال فقال لهما : اجعلاني معكما فخرا، قال : نعم قال : فأنا أشرف منكما أنا أول من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمة وهاجر وجاهد .

 وانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي فأخبر كل واحد منهم بمفخره فما أجابهم النبي بشيئ فانصرفوا عنه، فنزل جبرئيل عليه السلام بالوحي بعد أيام فيهم، فأرسل النبي إليهم ثلاثتهم حتى أوتوه فقرأ عليهم : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر . الآية .

 حديث هذه المفاخرة ونزول الآية فيها أخرجه كثير من الحفاظ والعلماء مجملا ومفصلا منهم : الواحدي في أسباب النزول ص 182 نقلا عن الحسن والشعبي والقرظي ] القرطبي في تفسيره 8 ص 91 عن السدي .

 الرازي في تفسيره 4 ص 422 .

 الخازن في تفسير 2 ص 221 قال : وقال الشعبي ومحمد بن كعب القرظي : نزلت في علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وطلحة بن أبي شيبة، افتخروا فقال طلحة : أنا صاحب البيت بيدي مفاتيحه .

 وقال العباس : وأنا صاحب السقاية والقيام عليها .

 وقال علي : ما أدري ما تقولون، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد . فأنزل الله هذه الآية .

 ومنهم : أبو البركات النسفي في تفسير 2 ص 221 .

 الحموي في " الفرايد " في الباب الواحد والأربعين بإسناده عن أنس .

 ابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " ص 123 من طريق الواحدي عن الحسن والشعبي والقرظي م - جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي في نظم درر السمطين ] .

 الكنجي في " الكفاية " ص 113 من طريق ابن جرير وابن عساكر عن أنس بلفظ المذكور .

 ابن كثير الشامي في تفسير 2 ص 341 عن الحافظ عبد الرزاق بإسناده عن الشعبي، ومن طريق ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي، وعن السدي وفيه : افتخر علي والعباس وشيبة كما مر، ومن طريق

 

 

/ صفحة 55 /

الحافظ عبد الرزاق أيضا عن الحسن، ومحمد بن ثور عن معمر عن الحسن .

 الحافظ السيوطي في الدر المنثور 3 ص 218 من طريق الحافظ ابن مردويه عن ابن عباس، و من طريق الحفاظ عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن منذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الشعبي، وعن ابن مردويه عن الشعبي، وعن عبد الرزاق عن الحسن، ومن طريق ابن أبي شيبة وأبي الشيخ وابن مردويه عن عبيد الله بن عبيدة، ومن طريق الفرياني عن ابن سيرين، وعن ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي، ومن طريق ابن جرير وأبي الشيخ عن الضحاك، وعن الحافظين أبي نعيم وابن عساكر بإسنادهما عن أنس باللفظ المذكور .

 ومنهم : الصفوري في " نزهة المجالس " 2 ص 242 وفي طبعة 209 نقلا عن شوارد الملح وموارد المنح : إن العباس وحمزة رضي الله عنهما تفاخرا فقال حمزة : أنا خير منك لأني على عمارة الكعبة .

 وقال العباس : أنا خير منك لأني على سقاية الحاج فقالا : نخرج إلى الأبطح ونتحاكم إلى أول رجل نلقاه فوجدا عليا رضي الله عنه فتحاكما على يديه فقال : أنا خير منكما لأني سبقتكما إلى الاسلام .

 فأخبر النبي بذلك فضاق صدره لافتخاره على عميه فأنزل الله تعالى تصديقا لكلام علي وبيانا لفضله : أجعلتم سقاية الحاج . الآية.

 ولا يسعنا ذكر جميع المصادر التي وقفنا فيها على هذه المفاخرة ونزول الآية فيها وكذلك في بقية الآيات والأحاديث بل لم نذكر جلها روما للاختصار، وقد بسطنا القول في جميعها في كتابنا (العترة الطاهرة في الكتاب العزيز) يتضمن الآيات النازلة فيهم صلوات الله عليهم .

 وهذه المفاخرة ونزول الآية فيها نظمها غير واحد من شعراء السلف، الحافظين لناموس الحديث كسيد الشعراء الحميري، والناشي، والبشنوي، ونظرائهم وستقف عليه في تراجمهم إنشاء الله .

 7 - إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " سورة مريم 96 ".

أخرج أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله

 

 

/ صفحة 56 /

صلى الله عليه وآله لعلي : قل : أللهم ؟ اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة . فأنزل الله هذه الآية .

 ورواه أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 10 وقال : وروي عن ابن عباس : إن هذا الود جعله الله لعلي في قلوب المؤمنين .

 م - وفي مجمع الزوايد 9 ص 125 عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب : إن الذين آمنوا . الآية .

 قال : محبة في قلوب المؤمنين ] وأخرج الخطيب الخوارزمي في مناقبه ص 188 حديث ابن عباس وبعده بالإسناد عن علي عليه السلام إنه قال : لقيني رجل فقال : يا أبا الحسن ؟ والله إني أحبك في الله .

 فرجعت إلى رسول الله فأخبرته بقول الرجل فقال : لعلك يا علي ؟ اصطنعت إليه معروفا .

 قال فقلت : والله ما اصطنعت إليه معروفا .

 فقال رسول الله : الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة .

 فنزل قوله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

 وأخرجه صدر الحفاظ الكنجي في الكفاية ص 121 .

 وأخرج محب الدين الطبري في رياضه 2 ص 207 في الآية من طريق الحافظ السلفي عن ابن الحنفية : لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي وأهل بيته .

 وأخرج الحموي في فرايده في الباب الرابع عشر من طريق الواحدي بسندين عن ابن عباس، والسيوطي في الدر المنثور 4 ص 287 من طريق الحافظ ابن مردويه والديلمي عن البراء، ومن طريق الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس، والقسطلاني في المواهب 7 ص 14 من طريق النقاش، والشبلنجي في نور الأبصار ص 112 عن النقاش وذكر ما مر عن ابن الحنفية، والحضرمي في رشفة الصادي ص 25 .

 8 - أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا و عملوا الصالحات " سورة الجاثية 21 ".

 قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 11 : قال السدي عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في علي عليه السلام يوم بدر : فالذين اجترحوا السيئات عتبة وشيبة والوليد والمغيرة، والذين آمنوا وعملوا الصالحات علي عليه السلام .

 وتجد ما يقرب منه في كفاية الكنجي ص 120 .

 

 

 

/ صفحة 57 /

9 - إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " سورة البينة 7 ".

أخرج الطبري في تفسيره 30 ص 146 بإسناده عن أبي الجارود عن محمد بن علي : أولئك هم خير البرية .

 فقال قال النبي صلى الله عليه وآله أنت يا علي وشيعتك : وروى الخوارزمي في مناقبه ص 66 عن جابر قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فأقبل علي بن أبي طالب فقال رسول الله : قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال : و الذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم قال : إنه أولكم إيمانا معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية، قال : وفي ذلك الوقت نزلت فيه : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي قالوا : قد جاء خير البرية .

 وروى في ص 178 من طريق الحافظ ابن مردويه عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي عليه السلام قال : سمعت عليا يقول : حدثني رسول الله وأنا مسنده إلى صدري فقال : أي علي ؟ ألم تسمع قول الله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية ؟ أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين .

 وأخرج الكنجي في الكفاية ص 119 حديث يزيد بن شراحيل .

 وأرسل ابن الصباغ المالكي في فصوله ص 122 عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية قال (النبي صلى الله عليه وآله) لعلي : أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة أنت وهم راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين .

 وروى الحموي في فرايده بطريقين عن جابر : إنها نزلت في علي، وكان أصحاب محمد إذا أقبل علي قالوا : قد جاء خير البرية .

 وقال ابن حجر في " الصواعق " ص 96 في عد الآيات الواردة في أهل البيت : الآية الحادية عشرة قوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية .

 أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن هذه

 

 

/ صفحة 58 /

الآية لما نزلت قال صلى الله عليه وآله لعلي : هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي عدوك غضابا مقمحين، قال : ومن عدوي ؟ قال : من تبرأ منك ولعنك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ومن قال : رحم الله عليا، رحمه الله .

 وقال جلال الدين السيوطي في " الدر المنثور " 6 ص 379 : أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فأقبل علي فقال النبي صلى الله عليه وآله : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة .

 ونزلت إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إذا أقبل على قالوا : جاء خير البرية .

 وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال : لما نزلت إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات . الآية : قال رسول الله صلى الله عليه وآله .

 لعلي : أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، وأخرج ابن مردويه عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله .

 وذكر حديث يزيد بن شراحيل المذكور، وذكر الشبلنجي في " نور الأبصار " ص 78 و 112 عن ابن عباس باللفظ المذكور عن ابن الصباغ المالكي .

 10 - والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (سورة العصر) .

قال جلال الدين السيوطي في " الدر المنثور " 6 ص 392 : أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى : والعصر إن الانسان لفي خسر . يعني أبا جهل بن هشام . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . ذكر عليا وسلمان .

 * (ومن شعر حسان في أمير المؤمنين) *

أبا حسن ؟ تفديك نفسي ومهجتي * وكل بــــطيء فــي الهدى ومسارع

أيذهب مـدحي والمحبين ضايعا ؟ * وما المـــدح في ذات الإله بضايع

فأنت الـــذي أعطيت إذ أنت راكع * فدتك نفــــوس القـوم يا خير راكع

بخاتمك الميــــــمون يا خـير سيد * ويا خير شار ثم يا خــــير بــــايــع

فأنـزل فــــيك الله خــــير ولايــــة * وبينها في محــــكمات الشــــرايــع

نظم بها حديث تصدق أمير المؤمنين عليه السلام خاتمه للسائل راكعا ونزول

 

 

/ صفحة 59 /

قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون .

 فيه كما مر حديثه ص 52 .

 ذكرها لحسان الخطيب الخوارزمي في " المناقب " ص 178، وشيخ الاسلام الحموي في فرايده في الباب التاسع والثلاثين، وصدر الحفاظ الكنجي في " الكفاية " ص 107، وسبط ابن الجوزي في تذكرته ص 10، م - وجمال الدين الزرندي في " نظم درر السمطين " ] .

* (ومن شعر حسان في أمير المؤمنين) *:

جـــبريل نادى معــــلنا * والنقع ليس بمنجــــلي

والمسلمون قد أحدقوا * حــــول النبي المــرسل

لا سيــف إلا ذو الفقار * ولا فــــتـــى إلا عــــلي

يشير بها إلى ما هتف به أمين الوحي جبرئيل عليه السلام يوم أحد في علي و سيفه .

 أخرج الطبري في تاريخه 3 ص 17 عن أبي رافع قال : لما قتل علي بن أبي طالب (يوم أحد) أصحاب الألوية أبصر رسول الله صلى الله عليه وآله جماعة من مشركين قريش فقال لعلي : أحمل عليهم .

 فحمل عليهم ففرق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي قال : ثم أبصر رسول الله صلى الله عليه وآله جماعة من مشركين قريش فقال لعلي : احمل عليهم .

 فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك فقال جبريل : يا رسول الله ؟ إن هذا للمواساة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنه مني وأنا منه . فقال جبريل : وأنا منكما . قال فسمعوا صوتا :

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

وأخرجه أحمد بن حنبل في الفضايل عن ابن عباس، وابن هشام في سيرته 3 ص 52 عن ابن أبي نجيح، والخثعمي في " الروض الأنف " 2 ص 143، وابن أبي الحديد في " شرح النهج " 1 ص 9 وقال : إنه المشهور المروي، وفي ج 2 ص 236 وقال : إن رسول الله قال : هذا صوت جبريل، وج‍ 3 ص 281، والخوارزمي في " المناقب " ص 104 عن محمد بن إسحاق بن يسار قال : هاجت ريح في ذلك اليوم فسمع مناد يقول:

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

 

 

/ صفحة 60 /

فــــإذا نــــدبتم هـــــالـــــكــا * فابكوا الوفي أخا الوفي(1)

وروى الحموي نحوه في فرايده في الباب التاسع والأربعين، وروى بإسناده من طرق شتى عن الحافظ البيهقي إلى علي عليه السلام قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وآله فقال : إن صنما في اليمن مغفرا في حديد فابعث إليه فادققه وخذ الحديد قال : فدعاني وبعثني إليه فدققت الصنم وأخذت الحديد فجئت به إلى رسول الله فاستنصرت منه سيفين فسمى واحدا ذا الفقار، والآخر مجذما، فقلد رسول الله ذا الفقار، وأعطاني مجذما ثم أعطاني بعد ذا الفقار، ورآني رسول الله وأنا أقاتل دونه يوم أحد فقال :

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

وفي تذكرة سبط ابن الجوزي ص 16 : ذكر أحمد في الفضايل أيضا إنهم سمعوا تكبيرا من السماء في ذلك اليوم (يوم خيبر) وقائلا يقول :

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

فأستأذن حسان بن ثابت رسول الله صلى الله عليه وآله أن ينشد شعر فأذن له فقال :

جبريل نادى معلنا * إلى آخر الأبيات المذكورة

ثم قال ما ملخصه : يقال : إن الواقعة كانت يوم أحد كما رواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس، وقيل : إن ذلك كان يوم بدر، والأصح أنه كان في يوم خيبر فلم يطعن فيه أحد من العلماء . إنتهى .

 قال الأميني : إن الأحاديث تؤذننا بتعدد الواقعة وإن المنادي يوم أحد كان جبريل كما مر، والمنادي يوم بدر ملك يقال له : رضوان، قد أجمع أئمة الحديث على نقله كما قال الكنجي وأخرجه في كفايته ص 144 من طريق أبي الغنائم، وابن الجوزي، والسلفي، وابن الجواليقي، وابن أبي الوفا البغدادي، وابن الوليد، و ابن أبي الفهم، والمفتي عبد الكريم الموصلي، ومحمد بن القاسم العدل، والحافظ محمد ابن محمود، وابن أبي البدر، والفقيه عبد الغني بن أحمد، وصدقة بن الحسين، ويوسف ابن شروان المقري، والصاحب أبي المعالي الدوامي، وابن بطة، وشيخ الشيوخ عبد الرحمن بن اللطيف، وعلي بن محمد المقري، وابن بكروس، والحافظ ابن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) يعني حمزة سيد الشهداء قتل ذلك اليوم سلام الله عليه .

 

 

 

/ صفحة 61 /

المعالي، وأبي عبد الله محمد بن عمر بأسانيدهم عن سعد بن طريف الحنظلي عن أبي جعفر محمد بن علي (الإمام الباقر) قال : نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له : رضوان :

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

ثم قال : قلت : أجمع أئمة الحديث على نقل هذا الجزء كابرا عن كابر رزقناه عاليا بحمد الله عن الجم الغفير كما سقناه، ورواه الحاكم مرفوعا، وأخرجه عنه البيهقي في مناقبه، أخبرنا بذلك الحافظ ابن النجار، أخبرنا المؤيد الطوسي (إلى آخر السند) عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله يوم بدر : هذا رضوان ملك من ملائكة الله ينادي :

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

وأخرجه محب الدين الطبري باللفظ المذكور في رياضه ص 190، وذخاير العقبى ص 74، والخوارزمي في المناقب ص 101 حديث جابر، وفي كتاب " صفين " لنصر بن مزاحم ص 257، وفي ط مصر ص 546 عن جابر بن نمير - الصحيح : عمير - الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول كثيرا :

لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فــــتى إلا عــــلي

* (ومن شعر حسان) *:

وإن مريم أحـــــصنت فـــرجها * وجــــاءت بعـــيسى كبدر الدجى

فقـــد أحــــصنت فــــــاطم بعدها * وجاءت بسبطي نبي الهدى (1)

يشير إلى ما صح عن النبي الطاهر في بضعته الصديقة (فاطمة) : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار .

 أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 152 وقال : هذا حديث صحيح الاسناد .

 والخطيب في تاريخه 3 ص 54، ومحب الدين الطبري في " ذخاير العقبى " ص 48 عن أبي تمام في فوائده، وصدر الحفاظ الكنجي الشافعي في " الكفاية " ص 222 بإسناده عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار، وفي ص 223 بسند آخر عن ابن مسعود بلفظ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ذكره ابن شهر آشوب السروي في " المناقب " 4 ص 24 .

 

 

 

/ صفحة 62 /

حذيفة، والسيوطي في " إحياء الميت " ص 257 عن ابن مسعود من طريق البزاز وأبي يعلى والعقيلي والطبراني وابن شاهين، وأخرجه في " جمع الجوامع " من طريق البزار والعقيلي والطبراني والحاكم بلفظ حذيفة اليماني، وذكر المتقي الهندي في إكماله في " كنز العمال " 6 ص 219 من طريق الطبراني بلفظ : إن فاطمة أحصنت فرجها وإن الله أدخلها بإحصان فرجها وذريتها الجنة .

 وابن حجر في " الصواعق " من طريق أبي تمام (1) والبزار والطبراني وأبي نعيم باللفظ المذكور وقال : وفي رواية فحرمها الله وذريتها على النار .

 ورواه في ص 112 من طريق البزار وأبي يعلى والطبراني والحاكم باللفظ الثاني، وذكره الشبلنجي في " نور الأبصار " ص 4 باللفظين .

* (الشاعر) *:

أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك النجار (تيم الله) بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة ابن ثعلبة العنقاء (سمي به لطول عنقه) ابن عمرو بن عامر بن ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرؤ القيس البطريق ابن ثعلبة البهلول ابن مازن بن الأزد بن الغوث ابن بنت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا بن يشحب بن يعرب بن قحطان (2) .

 بيت حسان أحد بيوتات الشعر، عريق في الأدب ونظم القريض، قال المرزباني في " معجم الشعراء " ص 366 : قال دعبل والمبرد : أعرق الناس كانوا في الشعر آل حسان فمنهم يعدون ستة في نسق كلهم شاعر : سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام . ا ه‍ . وولده عبد الرحمن المذكور شاعر قليل الحديث توفي 104، وفيه وفي والده حسان قال شاعر .

فمن للقوافي بعد حسان وابنه * ومــن للمثاني بعد زيد بن ثابت

وأما المترجم نفسه فعن أبي عبيدة : إن العرب قد اجتمعت على أن حسان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) في الصواعق : تمام . والصحيح : أبو تمام .

 (2) كذا سرده أبو الفرج في الأغاني 4 ص 3 .

 

 

 

/ صفحة 63 /

أشعر أهل المدن وإنه فضل الشعراء بثلاث : كان شاعر الأنصار . وشاعر النبي في أيامه صلى الله عليه وآله . وشاعر اليمن كلها في الاسلام .

 قال له النبي صلى الله عليه وآله : ما بقي من لسانك ؟ فأخرج لسانه حتى قرع بطرفه طرف أرنبته ثم قال : والله إني لو وضعته علي صخر لفلقه، أو على شعر لحلقه، وما يسرني به مقول من معد (1) وكان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يضع له منبرا في مسجده الشريف يقوم عليه قائما ويفاخر عن رسول الله ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله (2) .

 كانت الحالة على هذا في عهد النبي صلى الله عليه وآله، ولما توفي صلى الله عليه و وآله مر عمر على حسان وهو ينشد في المسجد فانتهره (3) فقال : أفي مسجد رسول الله تنشد ؟ فقال : كنت أنشد وفيه من هو خير منك .

 ثم التفت إلى أبي هريرة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أجب عني، أللهم أيده بروح القدس ؟ قال : نعم .

 قال أبو عبد الله الآبي المالكي في شرح صحيح مسلم 317 : وهذا يدل على أن عمر رضي الله عنه كان يكره إنشاد الشعر في المسجد، وكان قد بنى رحبة خارجه وقال : من أراد أن يلغط أو ينشد شعر فليخرج إلى هذه الرحبة .

 كل ذلك على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وفي وقته أفحمه حسان بما ذكر من قوله : لكن لا رأي لمن لا يطاع .

 وقبل حسان نهاه النبي صلى الله عليه وآله عن فكرته هذه وفهمه بما هناك من الغاية الدينية المتوخاة حين تعرض على عبد الله بن رواحة لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يطوف البيت على بعير وعبد الله آخذ بغرزه وهو يقول :

خلوا بني الكفار عن سبيله * خلوا فكل الخير مع رسوله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) البيان والتبيين للجاحظ 1 ص 68 و 150 .

 (2) مستدرك الحكام 3 ص 287 بإسناده صححه هو والذهبي .

 (3) كذا في لفظ ابن عبد البر في الاستيعاب، وابن عساكر في تاريخه 4 ص 126، وفي لفظ مسلم في الصحيح 2 ص 384 : فلحظ إليه . وفي لفظ لأحمد في مسنده 5 ص 222 : فقال : مه .

 

 

 

/ صفحة 64 /

نحــن ضربناكم على تنزيلـه * ضربا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خــــليــله * يـــا رب إني مـــؤمن بقــيله

فقال له عمر : أو هاهنا يا ابن رواحة أيضا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أو ما تعلمن أولا تسمع ما قال ؟ ؟ ! ! (وفي رواية أبي يعلى) إن النبي قال : خل عنه يا عمر ؟ فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل (1) .

 وكان حسان من المعروفين بالجبن ذكره ابن الأثير في " أسد الغابة " 2 ص 6 وقال : كان من أجبن الناس .

 وعده الوطواط في " غرر الخصايص " ص 355 من الجبناء وقال : ذكر ابن قتيبة في كتاب " المعارف " : إنه لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشهدا قط قالت صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله : كان معنا حسان في حصن فارغ يوم الخندق مع النساء والصبيان فمر بنا في الحصن رجل يهودي فجعل يطوف بالحصن (وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا إن أتانا آت) قالت : قلت : يا حسان ؟ أنا والله لا آمن من أن يدل علينا هذا اليهودي أصحابه، ورسول الله صلى الله عليه وآله قد شغل عنا فأنزل إليه واقتله، قال : يغفر الله لك (يا بنة عبد المطلب) ما أنا بصاحب شجاعة، قال : فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا اعتجرت (2) ثم أخذت عمودا ونزلت إليه فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن وقلت : يا حسان أنزل إليه واسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل، فقال : ما لي بسلبه من حاجة [ يا بنة عبد المطلب ] (3) وكان حسان اقتدى في فعله بهذا الشاعر في قوله :

باتت تشجعــــني هــــنـــد وما علمت * إن الشجــــاعة مقــرون بها العطب

لا والــــذي منع الأبــــصار رؤيــــته * ما يشتهي الموت عندي من له إرب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تاريخ ابن عساكر 7 ص 391 .

 (2) أي لبست المعجر. وفي سيرة ابن هشام : احتجزت يقال : احتجزت المرأة : أي شدت وسطها .

 (3) وإلى هنا ذكره ابن هشام في سيرته 3 ص 246، وابن عساكر في تاريخه 4 ص 140، وابن الأثير في أسد الغابة 2 ص 6، والعباسي في المعاهد 1 ص 74، والجمل التي جعلناها بين القوسين من لفظ ابن هشام .

 

 

 

/ صفحة 65 /

للحــــرب قــوم أضل الله سعيهم * إذا دعـــتهم إلى نــــيرانها وثبوا

ولســــت منهم ولا أبغـي فعالهم * لا القتل يعجبني منهم ولا السلب

* (قال الأميني) * : هذا ما نقله الوطواط عن " المعارف " لابن قتيبة لكن أسفي على مطابع مصر وعلى يد الطبع الأمينة فيها فإنها تحرف الكلم عن مواضعها فأسقطت هذه القصة عن " المعارف " كما حرفت عنه غيرها .

 ولد المترجم قبل مولد النبي القدسي صلى الله عليه وآله بثمان سنين، وعاش عند الجمهور مائة وعشرين سنة، وقال ابن الأثير : لم يختلفوا في عمره .

 وفي المستدرك 3 ص 486، وأسد الغابة 2 ص 7 : أربعة تناسلوا من صلب واحد عاش كل منهم مائة وعشرين سنة وهم : حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام .

 يكنى بأبي الوليد، وأبي المضرب، وأبي حسام، وأبي عبد الرحمن، والأول أشهر، وكان يقال له : الحسام .

 وذلك لكثرة دفاعه عن حامية الاسلام المقدس بشعره .

 وروى الحاكم عن المصعب أنه قال : عاش حسان ستين في الجاهلية وستين في الاسلام .

 وذهب بصره وتوفي على قول سنة 55 (1) أعمى البصر والبصيرة كما نص عليه الصحابي الكبير سيد الخزرج قيس بن سعد بن عبادة لما عزله أمير المؤمنين عليه السلام من ولاية مصر، ورجع إلى المدينة فإنه حينما قدمها جاءه حسان شامتا به وكان عثمانيا بعد ما كان علويا فقال له : نزعك علي بن أبي طالب وقد قتلت عثمان فبقي عليك الإثم ولم يحسن لك الشكر .

 فزجره قيس وقال : يا أعمى القلب وأعمى البصر ؟ والله لولا أن القي بين رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك، ثم أخرجه من عنده (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) هذا أحد القولين في المستدرك، وقد كثر الخلاف في وفاته، وصحح ابن كثير في تاريخه سنة 54 .

 (2) تاريخ الطبري 5 231، شرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 25 .

 

 

 

/ صفحة 66 /

فهرس ترجمة

قيس بن سعد بن عبادة

شعره في الغدير وما يتبعه - 67 - 69

حديث شرفه - 69

حديث إمارته - 70 - 72

حديث دهاءه - 72 - 74

حديث فروسيته - 74 - 85

حديث جوده - 85 - 88

حديث خطابته - 88

حديث زهده - 89 - 92

حديث فضله - 92 - 96

مشايخه والرواة عنه - 96 - 98

معاوية وقيس - 98 - 103

الصلح بين قيس ومعاوية - 103 - 105

قيس ومعاوية بالمدينة - 105 - 108

قيس في خلقته - 108 - 110

وفاته - 110 - 111

بيت قيس - 111 - 112