موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي >> مناهج اليقين في أصول الدين

 

المنهج الحادي عشر

في الأسماء والأحكام

 

آراء المتكلمين في معنى الإيمان

رأي المصنف وأدلته في معنى الإيمان

مسألة: بحث في أن صاحب الكبيرة مؤمن

مسألة: بحث في معنى الكفر

مسألة: بحث في التأويل

مسألة: بحث في معنى الفسق

مسألة: في حكم المؤمن وما يستحقه

 

 

آراء المتكلمين في معنى الإيمان

اختلف الناس في الإيمان ، فذهبت الإمامية الى أنه المعرفة، وهو مذهب جهم بن صفوان ويميل إليه أبو الحسن الأشعري، وذهبت الأشعرية الى أنه عبارة عن التصديق، وذهبت الكرامية الى أنه عبارة عن التلفظ بالشهادتين، وذهب الجبائيان واتباعهما الى أنه عبارة عن فعل الواجبات والاجتناب عن المحرمات، وذهب قاضي عبد الجبار وأبو الهذيل العلاف الى أنه اسم لجميع الطاعات من فعل الواجبات والمندوبات.

وذهب جماعة السلف الى أنه عبارة عن اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالاركان، وهو مذهب شيخنا المفيد رحمه اللّه وذهب بعض أصحابنا الى أنه عبارة عن الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان أو حكمه كما في حق الساكت والنائم والمكره، والأخير عندي هو الحق، لأن الإيمان في اللغة التصديق والأصل عدم النقل، ولأنه لو نقل في الشرع لكان ذلك معلوما كسائر الألفاظ المنقولة شرعا.

وذلك التصديق لا يجوز أن يكون اشارة الى المعرفة القلبية لقوله تعالى:

فَلَمّٰا جٰاءَهُمْ مٰا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، ولا التصديق اللساني لقوله تعالى: قٰالَتِ الْأَعْرٰابُ آمَنّٰا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنٰا وَ لَمّٰا يَدْخُلِ الْإِيمٰانُ فِي قُلُوبِكُمْ، ولا شك أن اولئك الأعراب كانوا مصدقين بألسنتهم، وقوله تعالى: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مٰا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ فوجب أن يكون الإيمان عبارة عن مجموعهما.

احتجت المعتزلة بأن فعل الطاعات هو الدين لقوله تعالى: وَ ذٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ، إشارة الى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وعبادة اللّه تعالى، والدين الإسلام لقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّٰهِ الْإِسْلاٰمُ، والإسلام الإيمان وإلا لم يكن مقبولا لقوله: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاٰمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، وأيضا قوله تعالى: وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ، اي صلاتكم.

والجواب عن الأول، أن ذلك لفظ واحد وما تقدم جمع فلا يعبر به عنه، فلا بد من المجاز، فنحن نقول: المراد به وذلك الدين أو الإخلاص دين القيمة.

وعن الثاني، أنه يجوز أن يكون المراد به تصديقكم بتلك الصلاة.

رأي المصنف وأدلته في معنى الإيمان

وينتقض مذهبهم بوجوه:

أحدها: أن الإيمان يجامع المعصية فلا يكون هو عبارة عن فعل الطاعات، بيان الأول قوله تعالى: وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمٰا عَلَى الْأُخْرىٰ فَقٰاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي، وقوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمٰانَهُمْ بِظُلْمٍ.

وثانيها: أن فعل الطاعات معطوف على الإيمان فيكون مغايرا له لقوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ، وقوله: وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ اَلصّٰالِحٰاتِ .

وثالثها: أن الإيمان من صفات القلوب لقوله تعالى: يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلاٰمِ، وقوله: وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ، وقوله: أُولٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمٰانَ.

مسألة: بحث في أن صاحب الكبيرة مؤمن

 صاحب الكبيرة مؤمن لما بينا من أن الإيمان هو التصديق القلبي بما علم بالضرورة مجيء الرسول به.

ذهبت المعتزلة الى أنه لا كافر ولا مؤمن، بل هو منزلة بين المنزلتين.

وذهب الحسن البصري الى أنه منافق، وذهبت الزيدية الى أنه كافر نعمة.

وذهبت الخوارج الى أنه كافر، وذهبت الأزارقة من الخوارج الى أنه مشرك، وذهبت المرجئة وأصحاب الأشعري واصحاب الحديث وكافة اصحابنا الى ما ذهبنا نحن إليه.

واحتجت المعتزلة بأن الفاسق ليس بمؤمن، لأنه ليس بفاعل للطاعات ولا تارك للمعاصي ولا بكافر لأنه يقام عليه الحدود ولأنه يدفن في مقابر المسلمين ويغسل كتغسيلهم.

والجواب عن قولهم أنه مبني على أن الإيمان فعل الطاعات، ونحن قد بينا بطلانه.

مسألة: بحث في معنى الكفر

الكفر عبارة عن إنكار ما علم بالضرورة مجيء الرسول به، وقال القاضي: إنه المجحد باللّه وهو غير منعكس، وقالت المعتزلة: إنه قبح أو إخلال بواجب يستحق به أعظم العقوبات.

وهو باطل، لأن عقوبات الكفر متفاوتة وكل ما زاد فهو أعظم بالنسبة الى ما نقص وعلى قولنا لا يكفر أحد من اهل الصلاة وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه.

والمعتزلة الذين تقدموا على أبي الحسين كفّروا الأشاعرة بقولهم بالصفات ونسبة الأفعال الى اللّه تعالى.

وأما المشبهة فقد كفرهم الجمهور من الأشاعرة ومن المعتزلة، وهو الحق عندي، لاعتقادهم أن واجب الوجود جسم وكل جسم محدث لما بينا.

مسألة: بحث في التأويل

التأويل لا يمنع من كون المذهب خطأ، لأن التأويل الفاسد لا يخرج الجهل عن كونه جهلا، فيكون هاهنا انضمام معصية الى معصية فيكون أبلغ.

وقال العنبري: يخرج المذهب الباطل عن بطلانه كما أن الأجنبية اذا اعتقد أنها امرأته فإنها لا تحرم عليه، وهذا المثال خطأ، لأن الشرط في الزنا هو العلم بأنها أجنبية فيتغير بالجهل.

مسألة: بحث في معنى الفسق

الفسق لغة الخروج، واصطلاحا الخروج، عن طاعة اللّه تعالى فيما دون الكفر.

والنفاق لغة أن يبطن الإنسان خلاف ما يظهره، وفي الشرع إظهار الإيمان وإبطان الكفر.

مسألة: في حكم المؤمن وما يستحقه

حكم المؤمن المستحق للمدح هو التعظيم ويتزايد تعظيمه بحسب تزايد شرفه، ومن أحكامه أن يزوج المؤمنة ويرث من المؤمن وتغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين، وإن كان مرتكبا لذنب فإن كان كبيرا ذم ولم يمدح وشهادته مردودة ويحد إن أوجب الذنب الحد ويلحق به أحكام المؤمنين المغايرة لذلك.

والمرجئة قالوا: إن الفاسق يمدح لإيمانه ويذم لفسقه، والخوارج قالوا: إنه يذم وله أحكام الكفار وإن لم يعلم كونه كبيرا لم يذم وأما الكافر فإن كان كفره بعد إيمان سمي ردّة ويستتاب إن لم يولد على الفطرة فإن تاب وإلاّ قتل، وإن ولد على الفطرة قتل وإن لم يكن بعد إيمان، فإن كان حربيا قوتل حتى يسلم، وإن كان ذميا او مجوسيا فانه يقتل او تؤخذ منه الجزية بشرط الالتزام بالذمة.

والمنافق إن أظهر نفاقه أجرى عليه أحكام الكفار، وإن لم يظهر أجرى عليه أحكام المسلمين.