موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

في الإحباط والتكفير

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد - العلامة الحلي - ص 559-561

 

 

 

قال: "والاحباط باطل لاستلزامه الظلم ولقوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره".

أقول: اختلف الناس هنا، فقال جماعة من المعتزلة بالاحباط والتكفير، ومعناهما أن المكلف يسقط ثوابه المتقدم بالمعصية المتأخرة أو تكفر ذنوبه المتقدمة بطاعته المتأخرة ونفاهما المحققون، ثم القائلون بهما اختلفوا فقال أبو علي: إن المتأخر يسقط المتقدم ويبقى على حاله. وقال أبو هاشم: إنه ينتفي الأقل بالأكثر وينتفي من الأكثر بالأقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقا وهذا هو الموازنة، ويدل على بطلان الاحباط أنه يستلزم الظلم لأن من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن وإن كان إحسانه أكثر يكون بمنزلة من لم يسئ وإن تساويا يكون مساويا لمن لم يصدر عنه أحدهما وليس كذلك عند العقلاء، ولقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) والايفاء بوعده ووعيده واجب.

 

قال: "ولعدم الأولوية إذا كان الآخر ضعفا وحصول المتناقضين مع التساوي".

أقول: هذا دليل على إبطال قول أبي هاشم بالموازنة، وتقريره أنا إذا فرضنا أنه استحق المكلف خمسة أجزاء من الثواب وعشرة أجزاء من العقاب، فليس إسقاط إحدى الخمستين من العقاب بالخمسة من الثواب أولى من الأخرى، فإما أن يسقطا معا وهو خلاف مذهبه أو لا يسقط شئ منهما وهو المطلوب، ولو فرضنا أنه فعل خمسة أجزاء من الثواب وخمسة أجزاء من العقاب فإن تقدم إسقاط أحدهما للآخر لم يسقط الباقي بالمعدوم لاستحالة صيرورة المغلوب والمعدوم غالبا ومؤثرا، وإن تقارنا لزم وجودهما معا لأن وجود كل منهما نفي وجود الآخر فيلزم وجودهما حال عدمهما، وذلك جمع بين المتناقضين.

 

 

العودة لصفحة العلامة الحلي