موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

الإمام لطف

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد - العلامة الحلي - ص 490-492

 

 

قال صاحب تجريد الاعتقاد: "الإمام لطف فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلا للغرض:.

أقول: في هذا المقصد مسائل:

نصب الإمام واجب على الله تعالى

اختلف الناس هنا فذهب الأصم من المعتزلة وجماعة من الخوارج إلى نفي وجوب نصب الإمام، وذهب الباقون إلى الوجوب لكن اختلفوا، فالجبائيان وأصحاب الحديث والأشعرية قالوا: إنه واجب سمعا لا عقلا. وقال أبو الحسين البصري والبغداديون والإمامية: إنه واجب عقلا، ثم اختلفوا فقالت الإمامية: إن نصبه واجب على الله تعالى. وقال أبو الحسين والبغداديون: إنه واجب على العقلاء.

واستدل المصنف رحمه الله على وجوب نصب الإمام على الله تعالى بأن الإمام لطف واللطف واجب، أما الصغرى فمعلومة للعقلاء إذ العلم الضروري حاصل بأن العقلاء متى كان لهم رئيس يمنعهم عن التغالب والتهاوش ويصدهم عن المعاصي ويعدهم على فعل الطاعات ويبعثهم على التناصف والتعادل، كانوا إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، وهذا أمر ضروري لا يشك فيه العاقل، وأما الكبرى فقد تقدم بيانها.

 

قال: "والمفاسد معلومة الانتفاء وانحصار اللطف فيه معلوم للعقلاء ووجوده لطف وتصرفه آخر وعدمه منا".

أقول: هذه اعتراضات على دليل أصحابنا مع الإشارة إلى الجواب عنها:

الأول: قال المخالف: كون الإمامة قد اشتملت على وجه اللطف لا يكفي في وجوبها على الله تعالى بخلاف المعرفة التي كفى وجه الوجوب فيه علينا لانتفاء المفاسد في ظننا، أما في حقه تعالى فلا يكفي وجه الوجوب ما لم يعلم انتفاء المفاسد ولا يكفي الظن بانتفائها، فلم لا يجوز اشتمال الإمامة على مفسدة لا نعلمها فلا تكون واجبة على الله تعالى؟ (والجواب) أن المفاسد معلومة الانتفاء عن الإمامة، لأن المفاسد محصورة معلومة يجب علينا اجتنابها أجمع، وإنما يجب علينا اجتنابها إذا علمناها لأن التكليف بغير المعلوم محال، وتلك الوجوه منتفية عن الإمامة فيبقى وجه اللطف خاليا عن المفسدة فيجب عليه تعالى، ولأن المفسدة لو كانت لازمة للإمامة لم تنفك عنها، والتالي باطل قطعا، ولقوله تعالى:

(إني جاعلك للناس إماما) وإن كانت مفارقة جاز انفكاكها عنها فيجب على تقدير الانفكاك.

الثاني: قالوا: الإمامة أنما تجب لو انحصر اللطف فيها، فلم لا يجوز أن يكون هناك لطف آخر يقوم مقام الإمامة فلا تتعين الإمامة للطفية فلا يجب على التعيين؟

(والجواب) أن انحصار اللطف الذي ذكرناه في الإمامة معلوم للعقلاء ولهذا يلتجئ العقلاء في كل زمان وكل صقع إلى نصب الرؤساء دفعا للمفاسد الناشئة من الاختلاف.

الثالث: قالوا: الإمام إنما يكون لطفا إذا كان متصرفا بالأمر والنهي، وأنتم لا

تقولون بذلك فما تعتقدونه لطفا لا تقولون بوجوبه وما تقولون بوجوبه ليس بلطف.

(والجواب) أن وجود الإمام نفسه لطف لوجوه: أحدها: أنه يحفظ الشرائع ويحرسها عن الزيادة والنقصان. وثانيها: أن اعتقاد المكلفين لوجود الإمام وتجويز إنفاذ حكمه عليهم في كل وقت سبب لردعهم عن الفساد ولقربهم إلى الصلاح، وهذا معلوم بالضرورة. وثالثها: أن تصرفه لا شك أنه لطف ولا يتم إلا بوجوده فيكون وجوده نفسه لطفا وتصرفه لطفا آخر.

والتحقيق أن نقول: لطف الإمامة يتم بأمور: (منها) ما يجب على الله تعالى وهو خلق الإمام وتمكينه بالقدرة والعلم والنص عليه باسمه ونسبه، وهذا قد فعله الله تعالى. (ومنها) ما يجب على الإمام وهو تحمله للإمامة وقبوله لها، وهذا قد فعله الإمام. (ومنها) ما يجب على الرعية وهو مساعدته والنصرة له وقبول أوامره وامتثال قوله، وهذا لم تفعله الرعية فكان منع اللطف الكامل منهم لا من الله تعالى ولا من الإمام.

 

العودة لصفحة العلامة الحلي