موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

في وجوب عصمة الأنبياء

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد - العلامة الحلي - ص 471-474

 

 

قال صاحب تجريد الاعتقاد: "ويجب في النبي العصمة ليحصل الوثوق فيحصل الغرض ولوجوب متابعته وضدها والإنكار عليه".

أقول: اختلف الناس هنا، فجماعة المعتزلة جوزوا الصغائر على الأنبياء إما على سبيل السهو كما ذهب إليه بعضهم، أو على سبيل التأويل كما ذهب إليه قوم منهم، أو لأنها تقع محبطة بكثرة ثوابهم. وذهبت الأشعرية والحشوية إلى أنه يجوز عليهم الصغائر والكبائر إلا الكفر والكذب. وقالت الإمامية: إنه تجب عصمتهم عن الذنوب كلها صغيرها وكبيرها والدليل عليه وجوه: أحدها: إن الغرض من بعثة الأنبياء عليهم السلام أنما يحصل بالعصمة فتجب العصمة تحصيلا للغرض.

وبيان ذلك أن المبعوث إليهم لو جوزوا الكذب على الأنبياء والمعصية جوزوا في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها ذلك، وحينئذ لا ينقادون إلى امتثال أوامرهم وذلك نقض للغرض من البعثة. الثاني: أن النبي تجب متابعته فإذا فعل معصية فإما أن تجب متابعته أو لا، والثاني باطل لانتفاء فائدة البعثة والأول باطل لأن المعصية لا يجوز فعلها، وأشار بقوله: لوجوب متابعته وضدها، إلى هذا الدليل لأنه بالنظر إلى كونه نبيا تجب متابعته، وبالنظر إلى كون الفعل معصية لا يجوز اتباعه. الثالث: أنه إذا فعل معصية وجب الانكار عليه لعموم وجوب النهي عن المنكر وذلك يستلزم إيذاءه وهو منهي عنه، وكل ذلك محال.

 

قال: "وكمال العقل والذكاء والفطنة وقوة الرأي وعدم السهو وكلما ينفر عنه من دناءة الآباء وعهر الأمهات والفظاظة والغلظة والابنة وشبهها والأكل على الطريق وشبهه".

أقول: يجب أن يكون في النبي هذه الصفات التي ذكرها، وقوله: وكمال العقل، عطف على العصمة أي ويجب في النبي كمال العقل وذلك ظاهر، وأن يكون في غاية الذكاء والفطنة وقوة الرأي بحيث لا يكون ضعيف الرأي مترددا في الأمور متحيرا، لأن ذلك من أعظم المنفرات عنه، وأن لا يصح عليه السهو لئلا يسهو عن بعض ما أمر بتبليغه، وأن يكون منزها عن دناءة الآباء وعهر الأمهات لأن ذلك منفر عنه، وأن يكون منزها عن الفظاظة والغلظة لئلا يحصل النفرة عنه، وأن يكون منزها عن الأمراض المنفرة نحو الابنة وسلس الريح والجذام والبرص وعن كثير من المباحات الصارفة عن القبول منه القادحة في تعظيمه نحو الأكل على الطريق وغير ذلك لأن ذلك كله مما ينفر عنه فيكون منافيا للغرض من البعثة.

 

العودة لصفحة العلامة الحلي