موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

مسائل في الإلهيات

في عدله تعالى

 

- نقل الخلاف في مسائل العدل

المبحث الحادي عشر: في العدل.

وفيه مطالب: الأول: في نقل الخلاف في مسائل هذا الباب.

اعلم: أن هذا أصل عظيم تبتني عليه القواعد الإسلامية، بل الأحكام الدينية مطلقا. وبدونه لا يتم شيء من الأديان، ولا يمكن أن يعلم صدق نبي من الأنبياء على الاطلاق، على ما نقرره فيما بعد إن شاء الله.

وبئس ما اختار الإنسان لنفسه مذهبا، خرج به عن جميع الأديان، ولم يمكنه أن يعبد الله تعالى بشرع من الشرايع السابقة واللاحقة، ولا يجزم به على نجاة نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مطيع في جميع أفعاله من أولياء الله تعالى وخلصائه، ولا على عذاب أحد من الكفار والمشركين، وأنواع الفساق والعاصين، فلينظر العاقل المقلد هل يجوز له: أن يلقى الله تعالى بمثل هذه العقائد الفاسدة، والآراء الباطلة، المستندة إلى اتباع الشهوة، والانقياد إلى المطامع؟.

- الحسن والقبح عقليان مستندان إلى صفات قائمة بالأفعال أو وجوه واعتبارات يقع عليها

قالت الإمامية، ومتابعوهم من المعتزلة: إن الحسن والقبح عقليان، مستندان إلى صفات قائمة بالأفعال، أو وجوه واعتبارات يقع عليها.

وقالت الأشاعرة: إن العقل لا يحكم بحسن شيء البتة ولا بقبحه، بل كل ما يقع في الوجود من أنواع الشرور: كالظلم، والعدوان، والقتل، والشرك، والالحاد، وسب الله تعالى، وسب ملائكته وأنبيائه وأوليائه فإنه حسن.

- جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب ليس فيها ظلم ولا جور ولا كذب ولا عبث ولا فاحشة

- الفواحش والقبائح والكذب والجهل من أفعال العباد والله تعالى منزه عنها وبرئ منها

وقالت الإمامية ومتابعوهم من المعتزلة: إن جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب، ليس فيها ظلم، ولا جور، ولا كذب ولا عبث، ولا فاحشة، والفواحش، والقبائح، والكذب، والجهل، من أفعال العباد، والله تعالى منزه عنها، وبرئ منها.

وقالت الأشاعرة: ليس جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب (وصوابا ظ) لأن الفواحش والقبائح كلها صادرة عنه تعالى، لأنه لا مؤثر غيره.

- نحن نرضى بقضاء الله تعالى حلوه ومره لأنه لا يقضي إلا بالحق

وقالت الإمامية: نحن نرضى بقضاء الله تعالى: حلوه ومره، لأنه لا يقضي إلا بالحق.

وقالت الأشاعرة: لا نرضى بقضاء الله كله، لأنه قضى الكفر، والفواحش، والمعاصي، والظلم، وجميع أنواع الفساد.

- لا يجوز أن يعاقب الله الناس على فعله ولا يلومهم على صنعه

وقالت الإمامية والمعتزلة: لا يجوز أن يعاقب الله الناس على فعله، ولا يلومهم على صنعه، "ولا تزر وازرة وزر أخرى".

وقالت الأشاعرة: لا يعاقب الله الناس إلا على ما لم يفعلوه، ولا يلومهم إلا على ما لم يصنعوه، وإنما يعاقبهم على فعله فيهم، وسبه وشتمه، ثم يلومهم عليه، ويعاقبهم لأجله، ويخلق فيهم الأعراض، ثم يقول: "فما لهم عن التذكرة معرضين"، ويمنهم من الفعل، ويقول: "ما منع الناس أن يؤمنوا".

- الله تعالى لم يفعل شيئا عبثا بل إنما يفعل لغرض ومصلحة وإنه إنما يمرض لمصالح العباد ويعوض المؤلم بالثواب، بحيث ينتفي العبث والظلم

وقالت الإمامية: إن الله تعالى لم يفعل شيئا عبثا، بل إنما يفعل لغرض ومصلحة، وإنه إنما يمرض لمصالح العباد، ويعوض المؤلم بالثواب، بحيث ينتفي العبث والظلم.

وقالت الأشاعرة: لا يجوز أن يفعل الله شيئا لغرض من الأغراض، ولا لمصلحة، ويؤلم العبد بغير مصلحة ولا غرض، بل يجوز أن يخلق خلقا في النار، مخلدين فيها، من غير أن يكونوا قد عصوا أو لا.

- لا يحسن في حكمة الله تعالى أن يظهر المعجزات على يد الكذابين ولا يصدق المبطلين ولا يرسل السفهاء والفساق والعصاة

وقالت الإمامية: لا يحسن في حكمة الله تعالى أن يظهر المعجزات على يد الكذابين، ولا يصدق المبطلين، ولا يرسل السفهاء، والفساق، والعصاة.

وقالت الأشاعرة: يحسن كل ذلك.

- الله سبحانه لم يكلف أحدا فوق طاقته

- ربنا أعدل وأحكم

وقالت الإمامية: إن الله سبحانه لم يكلف أحدا فوق طاقته.

وقالت الأشاعرة: لم يكلف الله أحدا إلا فوق طاقته، وما لا يتمكن من تركه وفعله، ولامهم على ترك ما لم يعطهم القدرة على فعله، وجوزوا أن يكلف الله مقطوع اليد الكتابة، ومن لا مال له الزكاة، ومن لا يقدر على المشي للزمانة: الطيران إلى السماء، وأن يكلف العاطل الزمن المفلوج خلق الأجسام، وأن يجعل القديم محدثا، والمحدث قديما، وجوزوا: أن يرسل رسولا إلى عباده بالمعجزات، ليأمرهم بأن يجعلوا الجسم الأسود أبيض دفعة واحدة، ويأمرهم بالكتابة الحسنة، ولا يخلق لهم الأيدي والآلات، وأن يكتبوا في الهواء بغير دواة ولا مداد، ولا قلم، ولا يد ما يقرؤه كل أحد.

وقالت الإمامية: ربنا أعدل وأحكم من ذلك.

- ما أضل الله تعالى أحدا من عباده عن الدين ولم يرسل رسولا إلا بالحكمة والموعظة الحسنة

وقالت الإمامية: ما أضل الله تعالى أحدا من عباده عن الدين، ولم يرسل رسولا إلا بالحكمة، والموعظة الحسنة.

وقالت الأشاعرة: قد أضل الله كثيرا من عباده عن الدين، ولبس عليهم وأغواهم، وأنه يجوز أن يرسل رسولا إلى قوم لا يأمرهم إلا بسبه، ومدح إبليس، فيكون من سب الله تعالى، ومدح الشيطان واعتقد التثليث والالحاد، وأنواع الشرك، مستحقا للثواب والتعظيم، ويكون من مدح الله تعالى طول عمره، وعبده بمقتضى أوامره، وذم إبليس دائما، في العقاب المخلد، واللعن المؤبد. وجوزوا أن يكون فيمن سلف من الأنبياء، ممن لم يبلغنا خبره، من لم يكن شريعته إلا هذا. وقالت الإمامية: قد أراد الله تعالى الطاعات، وأحبها، ورضيها، واختارها، ولم يكرهها، ولم يسخطها، وأنه كره المعاصي، والفواحش. ولم يحبها، ولا رضيها، ولا اختارها. وقالت الأشاعرة: قد أراد الله من الكافر: أن يسبه ويعصيه، واختار ذلك، وكره أن يمدحه، قال بعضهم: أحب وجود الفساد، ورضي بوجود الكفر.

- قد أراد النبي صلى الله عليه وآله من الطاعات ما أراد الله عز وجل وكره من المعاصي ما كرهه الله عز وجل

وقالت الإمامية: قد أراد النبي صلى الله عليه وآله من الطاعات ما أراد الله عز وجل، وكره من المعاصي ما كرهه الله عز وجل.

وقالت الأشاعرة: بل أراد النبي صلى الله عليه وآله كثيرا مما كرهه الله عز وجل، وكره كثيرا مما أراد الله.

- أراد الله تعالى من الطاعات ما أراده أنبياؤه وكره ما كرهوه وأراد ما كره الشياطين من الطاعات ولم يرد ما أرادوه من الفواحش

قالت الإمامية: قد أراد الله تعالى من الطاعات ما أراده أنبياؤه، وكره ما كرهوه، وأراد ما كره الشياطين من الطاعات، ولم يرد ما أرادوه من الفواحش.

وقالت الأشاعرة: بل قد أراد الله سبحانه ما أرادته الشياطين من الفواحش، وكره ما كرهوه من كثير من الطاعات، ولم يرد ما أرادته الأنبياء، من كثير من الطاعات، بل كره ما أرادته منها.

- أمر الله عز وجل بما أراده ونهى عما كرهه

وقالت الإمامية: قد أمر الله عز وجل بما أراده ونهى عما كرهه.

وقالت الأشاعرة: قد أمر الله عز وجل بكثير مما كرهه، ونهى عما أراد. فهذه خلاصة أقاويل الفريقين في عدل الله تعالى.