موقع عقائد الشيعة الإمامية >> النكاح عند الشيعة الإمامية

 

مسائل كتاب النكاح عند الشيعة الإمامية

 

مقدمات التزويج | أحكام النظر | عقد النكاح وأحكامه | أولياء العقد | أسباب التحريم | النكاح المنقطع | العيوب والتدليس

المهر والشروط | القسم والمضاجعة | النشوز والشقاق | أحكام الأولاد | الولادة وما يتبعها | نفقة الزوجة | نفقة الاقارب والمماليك

 


 

[ الفصل الثامن ] [ في المهر والشروط ]

[ المسألة 337: ] المهر هو ما تراضى به الزوجان بينهما، سواء كان عينا مشخصة في الخارج أم كلية، أم دينا، بشرط أن لا يسقط لقلته أو لتفاهته عن المالية المقصودة بين العقلاء وفي نظر أهل العرف، ويصح أن يكون منفعة لشئ مملوك من دار أو عقار أو بستان، أو عبد، أو غيرها من الاشياء ذات المنافع، ويصح أن يكون منفعة حر كتعليم قراءة أو كتابة أو صناعة أو لغة أو أي عمل من الاعمال، ويصح أن يكون حقا من الحقوق المالية التي تقبل الانتقال كحق التحجير، وتلاحظ المسألة المائتان والسادسة والثمانون في صداق النكاح المنقطع.

[ المسألة 338: ] إذا كان الزوج مسلما اشترط في المهر أن يكون مما يملكه المسلم، فإذا تزوج المسلم يهودية أو نصرانية وجعل صداقها خمرا أو خنزيرا أو غيرهما مما لا يصح للمسلم أن يتملكه، صح العقد وبطل المهر، فإذا دخل بالمرأة وجب لها مهر المثل بالدخول، وإذا طلقها قبل الدخول بها لم يكن لها شئ، وكذلك إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول. وإذا تزوج الرجل المسلم بامرأة مسلمة وجعل صداقها خمرا أو خنزيرا أو شيئا آخر لا يملكه المسلم جرى فيه الحكم المذكور فيصح النكاح ويبطل المهر ويثبت للزوجة مهر المثل بالدخول ولا تستحق عليه من المهر شيئا إذا طلقها قبل أن يدخل بها أو مات أحد الزوجين كذلك، ويرث الباقي من الزوجين صاحبه إذا مات قبله.

[ المسألة 339: ] إذا تزوج الرجل الذمي امرأة ذمية وجعل صداقها ما لا يملكه المسلم صح العقد وصح المهر المجعول فإذا أسلم الزوجان جميعا قبل أن تقبض المرأة صداقها المعين لها من الزوج دفع لها قيمة الخمر أو الخنزير أو غيرهما عند من يستحله، وكذلك إذا أسلمت الزوجة وحدها قبل أن تقبض المهر فيدفع لها قيمة الشئ عند من يستحله، وإذا أسلم الزوج وحده قبل أن تقبض الزوجة مهرها، ففيه اشكال، ولا يترك الاحتياط، وان كان دفع القيمة عند من يستحله كذلك لا يخلو من قوة.

[ المسألة 340: ] إذا ذكر المهر في عقد النكاح بين الزوجين ولم يفوض تقديره إلى أحد، فيكفي أن يكون متعينا في الجملة بين المتعاقدين وان لم يعلما به على وجه التفصيل، ومثال ذلك أن يتزوج الرجل المرأة على صبرة مشاهدة من الطعام أو على قطعة معينة من الذهب أو طاقة حاضرة من الحرير وان لم يعلم الزوج والزوجة مقدار ذلك الشئ المعين بحسب الكيل أو الوزن أو الذرع، ويكفي أن يصفه لها بما يعينه في الجملة عندها كما ذكرنا في مهر المتعة، فإذا حصل التراضي بينهما على ذلك وأجريت صيغة العقد صح النكاح والمهر، فإذا لم يعلم مقداره بعد ذلك على التفصيل وتلف قبل أن تقبضه المرأة، أو طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها رجع الى المصالحة بينهما.

[ المسألة 341: ] إذا تزوج الرجل امرأة وجعل صداقها شيئا مبهما غير معين، فأمهرها أحد هذين العبدين أو احدى هاتين الدارين لا على التعيين، صح عقده وبطل المهر لعدم التعيين، فإذا دخل بالمرأة ثبت لها مهر المثل، وإذا طلقها أو مات أحد الزوجين قبل الدخول بها لم تستحق شيئا من المهر، ويأخذ الباقي منهما ميراثه من تركة الميت، وإذا أمهرها خادما أو دارا أو بيتا على وجه الاطلاق صح العقد والمهر، وكان لها وسط من ذلك.

[ المسألة 342: ] إذا عقد الرجل على المرأة وسمى لها ألف دينار مثلا، وسمى لابي الزوجة أو لاخيها أو لغيرهما مبلغا آخر من المال، ثبت للمرأة المبلغ الذي سماه لها، وسقط المبلغ الذي سماه لغيرها، الا إذا كان ذلك جعالة للشخص على عمل محلل قد قام به، فيثبت المبلغ لذلك الغير، ولا يكون من مهر المرأة ولا تجري عليه أحكام المهر فإذا طلق الرجل المرأة قبل الدخول بها لم ينتصف المبلغ المذكور كما ينتصف المهر، أو يكون دفع المبلغ المعين إلى ذلك الغير شرطا للمرأة على الزوج تشترطه عليه في العقد بحيث يكون حقا لها لا لغيرها تطالب به أو تسقطه إذا شاءت فيثبت المبلغ لذلك الشخص بسبب اشتراط المرأة، ويعد من المهر وتجري عليه أحكامه، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول رجع بنصف ذلك المبلغ إذا كان قد دفعه كما يرجع بنصف ما سماه للمرأة.

[ المسألة 343: ] يصح أن يجعل صداق المرأة كله حالا، ويصح أن يجعل كله مؤجلا، وأن يجعل بعضه حالا وبعضه مؤجلا حسب ما يتراضى عليه الزوجان، ويجوز للمرأة أن تطالب الزوج بالمهر المعجل إذا لم يدفعه إليها. والمعروف بين الفقهاء قدس الله أرواحهم أنه يجوز للزوجة أن تمتنع من تمكين الزوج من نفسها حتى يدفع إليها مهرها المعجل، ونقل بعضهم الاتفاق على ذلك، وقال بعضهم: يجب على الزوج دفع المهر المعجل ويجب على المرأة تمكين الزوج ووجوب أحدهما لا يسقط حق الآخر، ولا يترك الاحتياط في المسألة.

[ المسألة 344: ] إذا كان بعض الصداق أو جميعه مؤجلا لزم تعيين الاجل، ويكفي التعيين في الجملة كما إذا أجله إلى رجوع زيد من الحج أو إلى أن تضع هند حملها أو إلى جذاذ ثمرة النخيل في هذا العام، وإذا أجله إلى أجل مبهم ليس فيه تعيين صح العقد والمهر وبطل التأجيل.

[ المسألة 345: ] لا يشترط في صحة العقد الدائم أن يذكر فيه مهر للمرأة المعقودة، فإذا عقدهها ولم يذكر لها مهرا صح العقد، ويصح العقد كذلك إذا صرحت المرأة أو صرح وكيلها بذلك فقال للزوج: زوجتك موكلتي فلانة بلا مهر، وتسمى هذه مفوضة البضع، فإذا دخل الزوج بها بعد العقد ثبت لها مهر المثل، وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا مهر لها، وثبتت لها المتعة، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وسيأتي بيانه ان شاء الله تعالى.
وإذا مات أحد الزوجين قبل الدخول بالمرأة ورثه صاحبه، ولا مهر للمرأة ولا متعة.

[ المسألة 346: ] مهر المثل هو ما يتعارف دفعه بين الناس لمثل هذه المرأة المعينة في أوصافها التي هي عليها من السن والجمال، والبكارة، والشرف، والنجابة، والادب، وحسن السلوك، والثقافة، والثروة، وحسن التدبير في المنزل، والصناعة، وأضداد هذه الصفات، وتلاحظ كذلك أقارب المرأة وعشيرتها وبلدها، ويلاحظ كل ما من شأنه أن يزيد في الرغبة في تزويجها أن يحط منها، ولا يعتبر في مهر المثل أن لا يزيد على مهر السنة على الاقوى، من غير فرق بين المرأة التي تعقد ولا يسمى لها مهر وغيرها ممن يثبت لها مهر المثل.

[ المسألة 347: ] تثبت المتعة للمرأة التي تعقد ولا يسمى لها مهر إذا طلقها زوجها قبل الدخول بها، والمتعة هي ان يدفع إليها الزوج شيئا من المال بحسب حاله من السعة والاقتار، وقد ذكر في النصوص ان الموسع يمتع مطلقته بالعبد أو الامة أو الدار، وأن المقتر يمتعها بمقدار من الحنطة أو الزبيب أو بالثوب أو الدراهم أو الخاتم أو الخمار، وذكر هذه الامور انما هو من باب المثال، والمراد أن الرجل يعطيها شيئا يناسب مقدرته المالية، والاحوط في ذلك ان يراعي حالها وشرفها أيضا. ولا يجب دفع المتعة لغير مفوضة البضع إذا طلقت قبل الدخول.

[ المسألة 348: ] يجوز أن تعقد المرأة ويفوض في العقد تعيين صداقها إلى حكم الزوج أو إلى حكم الزوجة، فتقول المرأة أو يقول وكيلها للزوج: زوجتك موكلتي فلانة على ما تحكم به أنت من المهر، أو على ما تحكم به هي، فيقول الزوج قبلت، فإذا جعل الحكم في تقدير الصداق إلى الزوج، نفذ حكمه في كل ما يعينه من قليل أو كثير، ما لم يسقط لقلته عن المالية، وإذا جعل الحكم في تقديره إلى الزوجة، نفذ حكمها في جانب القلة بما شاءت ما لم يخرج عن كونه مالا، ونفذ حكمها في طرف الكثرة ما لم تتجاوز به عن مهر السنة وهو خمسمائة درهم من الفضة. وإذا طلقها الزوج قبل الدخول بها وقبل أن يعين من له الحكم مقدار الصداق، الزم بالحكم والتعيين ويكون للمرأة نصف ما يعين، وإذا كان الحكم للمرأة لم ينفذ حكمها في ما تجاوز مهر السنة كما تقدم. وإذا مات من له الحكم منهما قبل أن يعين مقدار الصداق كان للمرأة مهر المثل إذا كان موته بعد الدخول، وثبتت لها المتعة التي تقدم بيانها إذا كان الموت قبل الدخول، وورث الباقي من الزوجين صاحبه.

[ المسألة 349: ] إذا تم عقد المرأة على الرجل ملكت المهر كله عاجله وآجله، وجاز لها أن تتصرف فيه بما شاءت ولا تستقر ملكيتها لجميع المهر الا بالدخول بها، فإذا طلقها الزوج قبل أن يدخل بها عاد إليه نصف الصداق، وكذلك إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول عاد إلى الزوج نصف الصداق على الاقوى. وتستقر ملكية المرأة لجميع المهر بالدخول بها مطلقا، سواء أدخل قبلا أو دبرا وسواء أنزل أم لم ينزل، ولا تكفى الخلوة بينهما وارخاء الستر.

[ المسألة 350: ] تملك المرأة نماء صداقها كله بمجرد العقد عليها كما تملك الاصل سواء كان النماء متصلا أم منفصلا فإذا كان الصداق دارا أو عقارا كانت منفعتهما للمرأة خاصة وإذا آجرتهما قبل الدخول كان بدل الاجارة ملكا لها، وإذا كان الصداق نخيلا أو شجرا، ملكت ما يتجدد بعد العقد من ثمره ونمائه، وإذا كان حيوانا أو عبدا مملوكا ملكت ما يتجدد من نتاجه كالولد واللبن والكسب والخدمة، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول رجع بنصف الاصل ولم يرجع بشئ من النماء، نعم، إذا أصدقها حيوانا حاملا أو شجرا مثمرا بحيث كان حمل الحيوان وثمر الشجر بعضا من الصداق المسمى ثم طلقها ولم يدخل بها رجع عليها بنصف الجميع من الاصل والنماء المذكور.
وإذا أصدقها حيوانا فسمن الحيوان عندها أو عبدا صغيرا فكبر ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمة الحيوان أو العبد يوم دفعه إليها صداقا، وكانت الزيادة المتجددة فيهما ملكا للمرأة خاصة.

[ المسألة 351: ] إذا كان صداق المرأة دينا على الزوج فأبرآت ذمته منه أو كان عينا فوهبته اياها، ثم طلقها قبل الدخول رجع الزوج عليها بنصف المهر، فيجب عليها أن تدفع إليه نصف مثله إذا كان مثليا ونصف قيمته إذا كان قيميا.

[ المسألة 352: ] إذا سمى الرجل للمرأة في العقد مهرا معينا ودفع إليها شيئا آخر عوضا عنه كما إذا أصدقها ألف دينار، ودفع إليها نخيلا أو أرضا بدلا عنه، ثم طلق المرأة قبل الدخول كان له نصف ما سماه لها في العقد، ولم يسترجع من العوض شيئا.

[ المسألة 353: ] إذا طلق الرجل المرأة، فادعت هي انه جامعها قبل الطلاق ونتيجة دعواها أن يكون طلاقه لها بعد الدخول وانها تستحق المهر كله، وأنكر هو الجماع ولذلك فيكون الطلاق قبل الدخول فليس لها الا نصف المهر، فالقول قول الرجل مع يمينه. ويمكن له في بعض الحالات أن يقيم بينة على كذب دعواها، كما إذا ادعت أنه واقعها قبلا، وكانت باكرة، فإذا أقام البينة على انها لا تزال باكرة، ثبت قوله من غير يمين، وكذلك إذا شهدت البينة بأنهما لم يتلاقيا بعد العقد لانه كان مسافرا أو مسجونا أو مريضا مثلا.

[ المسألة 354: ] إذا جعل الرجل صداق زوجته عينا مشخصة، دارا أو عقارا أو شبههما فملكت المرأة تلك العين شخصا آخر بأحد المملكات الشرعية ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها، فإذا كان تمليكها العين بناقل لازم كالبيع والصلح والهبة اللازمة كان ذلك بمنزلة تلف العين، فيسترد الزوج منها نصف مثل العين إذا كانت مثلية ونصف قيمتها إذا كانت قيمية، وإذا كان تمليكها بعقد جائز كالهبة غير اللازمة والبيع بخيار، فلا يترك الاحتياط بأن تفسخ المرأة العقد على العين وتدفع إلى الزوج نصفها إذا طالبها به.

[ المسألة 355: ] إذا اختلف الرجل والمرأة في مقدار المهر فقالت الزوجة: هو مائة دينار مثلا، وقال الزوج: هو خمسون دينارا، فالقول قول الزوج مع يمينه الا أن تثبت الزوجة صحة ما تقول، وكذلك إذا ادعت دارا أو عقارا أو عينا أخرى أن الزوج قد جعلها مهرا لها في عقد نكاحهما وانكر الزوج ذلك، فالقول قول الزوج مع يمينه إذا لم تثبت المرأة صحة دعواها.

[ المسألة 356: ] إذا اختلفا في تعجيل المهر وتأجيله فقالت المرأة: انه حال معجل، وقال الزوج: انه مؤجل، فالقول قول المرأة في نفي الاجل مع يمينها، الا أن يثبت الرجل صحة ما يدعيه، وكذلك الحكم إذا اتفقا على التأجيل واختلفا في مقدار الاجل، فقالت المرأة: انه مؤجل إلى سنة، وقال الزوج: هو مؤجل إلى سنتين، فالقول قول المرأة مع يمينها، الا أن يثبت الزوج صحة مدعاه.

[ المسألة 357: ] إذا ادعى الرجل أنه قد دفع إلى المرأة مهرها وأنكرت المرأة أنه دفع إليها شيئا منه، أحلفت على عدم التسليم، فإذا حلفت حكم على الزوج بوجوب دفع المهر الا أن يثبت بالموازين الشرعية صحة قوله وكذلك الحكم إذا ادعى أنه دفع إليها المهر كله وهو مائة دينار مثلا، فأقرت له بأنه قد دفع إليها خمسين دينارا وأنكرت أنه دفع الباقي، فيقدم قولها مع يمينها على عدم دفع الباقي.

[ المسألة 358: ] إذا دفع الرجل إلى المرأة مبلغا معينا من المال، ثم اختلفا، فقالت المرأة: انك دفعت لي المبلغ المعين هبة، وقال الرجل: بل دفعته لك صداقا، فإذا كان اختلافهما في ما قصده الزوج حين ما دفع إليها المال، كان القول في ذلك قول الزوج مع يمينه، فيحلف لها يمينا، ويحكم بكون المبلغ المدفوع لها صداقا، وإذا ادعت المرأة أنه حين ما دفع إليها المبلغ تلفظ بصيغة الهبة، وادعى الرجل انه قال لها: هو وفاء ما في ذمته من الصداق كان ذلك من التداعي بينهما، فيحلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه الآخر وتسقط الدعويان كلتاهما.

[ المسألة 359: ] إذا زوج الاب أو الجد للاب ولده الصغير على مهر معين، فالمهر في مال الولد إذا كان له مال، وفي ذمته إذا كان المهر مؤجلا واقتضت مصلحة الطفل ذلك أو لم تكن فيه مفسدة على الطفل، وإذا زوجه وكان في اشغال ذمة الطفل بالمهر المؤجل مفسدة أو كان المهر معجلا ولم يكن للطفل مال كان المهر على الولي، فإذا مات أخرج من تركته.

[ المسألة 360: ] إذا تبرع أحد عن الزوج بمهر زوجته فدفعه إليها، ثم طلق الرجل زوجته قبل أن يدخل بها استرجع الزوج نصف المهر من الزوجه ولم يرجع إلى المتبرع، وكذلك إذا تبرع الولي فدفع المهر عن ولده الصغير أو كان المهر على الولي كما في بعض فروض المسألة السابقة، فإذا بلغ الطفل وطلق زوجته ولم يدخل بها كان نصف المهر للولد لا للولي.

[ المسألة 361: ] يجوز لكل من الرجل والمرأة أن يشترط على الآخر في عقد النكاح بينهما ما يشاء من الشروط المباحة، والتي لا تخالف مقتضى العقد، فإذا تراضى الطرفان على ذلك وتم عليه الايجاب والقبول لزم الشرط على المشروط عليه ووجب الوفاء به، وإذا لم يف بالشرط كان آثما، الا ان يأذن المشروط له فيسقط حقه برضاه. وإذا تخلف الشرط أو تعذر وجوده لم يكن للمشترط خيار فسخ النكاح، الا إذا اشترط وجود بعض الصفات في الزوج أو في الزوجة كما تقدم في فصل العيوب والتدليس، وهذا أحد الفوارق بين النكاح وسائر العقود الاخرى.

[ المسألة 362: ] لا يصح أن يشترط الرجل أو المرأة في عقد النكاح ما يخالف الكتاب والسنة كما إذا اشترطت المرأة على الرجل أن يجعل الطلاق بيدها إذا شاءت، أو ان لا يمنعها من أن تخرج من بيته متى شاءت، أو أن لا يمنعها من صحبة من تريد من رجال ونساء، أو أن لا يجعل لزوجته الاخرى حظا في قسمة الليالي والمضاجعة أو لا يجعل للضرة نصيبا في النفقة أو ما يشبه ذلك، فإذا اشترطت المرأة أو الرجل في عقد النكاح شيئا من ذلك بطل الشرط وصح العقد والمهر. وإذا اشترطت المرأة عليه أن لا يتزوج عليها زوجة أو لا يتسرى بأمة مملوكة ففي صحة هذا الشرط اشكال، ولا يترك الاحتياط.

[ المسألة 363: ] إذا شرطت المرأة على الرجل في عقد النكاح أن لا يفتضها، صح الشرط ولزم الزوج الوفاء به فلا يجوز له افتضاض بكارتها، ويجوز له ما سوى ذلك من الاستمتاعات، وإذا أذنت له بعد ذلك به جاز له سواء كان زواجهما دائما أم منقطعا.

[ المسألة 364: ] لا يجوز لاحد الزوجين أن يشترط خيار فسخ النكاح لنفسه أو لغيره سواء كان النكاح دائما أم منقطعا، وإذا شرط ذلك بطل الشرط والمشهور بطلان العقد بذلك، ولا يترك الاحتياط بتجديد العقد إذا أراد الامساك، وبايقاع الطلاق أو هبة المدة إذا أراد الفراق.

[ المسألة 365: ] يجوز لكل من الزوجين أن يشترط لنفسه الخيار في المهر إذا كان العقد دائما ولابد وان تعين للخيار مدة معلومة، فإذا فسخ المهر المسمى بينهما ودخل الزوج بالمرأة قبل ذلك أو بعده وجب عليه أن يدفع للمرأة مهر المثل سواء كان أكثر من المسمى أم أقل، فإذا دخل بها وقد دفع إليها المهر المسمى استرد الزائد منه إذا كان أكثر من مهر المثل وأتمه إذا كان أقل. وإذا طلق الزوجة قبل الدخول بها وجبت لها المتعة، وقد تقدم بيانها في المسألة الثلاثمائة والسابعة والاربعين، ويسترد المهر المسمى إذا كان قد دفعه إليها. ولا يجوز اشتراط الخيار في المهر إذا كان العقد منقطعا، وإذا شرطه احدهما فلا بد من مراعاة الاحتياط الذي ذكرناه في المسألة المتقدمة.

[ المسألة 366: ] إذا شرطت المرأة على الرجل ان لا يخرجها من بلدها أو من أهلها، أو أن تكون اقامتها في بلد خاص أو في منزل معين أو مع جماعة مخصوصين تقيم معهم حيث أقاموا، صح ذلك ولزم على الزوج العمل به.

[ الفصل التاسع ] [ في القسم والمضاجعة ]

[ المسألة 367: ] الظاهر أنه يثبت للزوجة حق القسم في الليالي للمضاجعة وان كانت واحدة كما هو القول المشهور وانما يثبت هذا الحق للزوجة الدائمة فلا يجب القسم في الليالي للمتمتع بها وان كانت طويلة الاجل، ولا للامة الموطوءة بالملك أو بالتحليل.

[ المسألة 368: ] إذا كانت للرجل زوجة واحدة وجب على الزوج أن يبات معها ليلة واحدة من كل أربع ليال، وتبقى للزوج ثلاث ليال من الاربع يجوز له أن يضعها حيث يشاء، وإذا كانت له زوجتان كانت لهما ليلتان من الاربع لكل واحدة منهما ليلة يضاجعها فيها، وللزوج الليلتان الباقيتان، وإذا كانت له ثلاث زوجات اختصت كل زوجة منهن بليلة، وبقيت له الليلة الرابعة، ويجوز له في هذه الصور أن يفضل بعض زوجاته بالليالي التي يختص بها أو ببعضها فيبات في الليلة أو الليلتين اللتين يختص بهما عند أيهن أراد، والافضل التسوية بينهن، فإذا فضل احداهن في الدور الاول بلية فضل الثانية في الدور الثاني بليلة ثم الثالثة حتى يتساوين في التفضيل كما تساوين في القسم، وإذا كن أربع زوجات، اختصت كل واحدة منهن بليلة ولم يبق للزوج شئ، ثم يبتدي ء الدور الثاني ويصنع فيه كما صنع في الدور الاول، وهكذا، ولا يجب للزوجة في ليلتها التي تختص بها أكثر من المضاجعة، واما الجماع فهو إلى اختيار الزوج نعم يجب للمرأة الشابة في كل أربعة أشهر مرة واحدة وهو الاحوط استحبابا لغير الشابة، وقد تقدم ذلك في المسألة الثامنة عشرة.

[ المسألة 369: ] يثبت للزوجة حق القسم في الليالي سواء كان الزوج حرا أم عبدا بل وان كان خصيا أو عنينا إذا رضيت به المرأة ولم تفسخ عقد النكاح، وسواء كانت الزوجة أو الزوجات حرائر أم مملوكات أم ذميات أم مختلفات، وإذا كان بعض الزوجات حرائر وبعضهن مملوكات أو ذميات كان الدور بينهن من ثمان ليال، وتكون للحرة المسلمة ليلتان منها، وللمملوكة المسلمة أو الحرة الذمية ليلة واحدة، ويكون باقي الليالي الثمان للزوج يضعها حيث يشاء.

[ المسألة 370: ] يجوز للزوجة أن تسقط حقها من قسمة الليالي، وأن تهبه للزوج ليصرف ليلتها في ما يريد، ويجوز لها ان تهب حقها لبعض ضراتها إذا رضي الزوج بذلك فتكون ليلتها حقا لتلك الضرة، ويجوز لها أن ترجع بهبتها، فيعود الحق لها في ما يأتي من أدوار القسمة، ولا يقضى لها ما مضى من الليالي. ويجوز للرجل أن يصالح المرأة عن حقها من قسمة الليالي بمبلغ من المال، فتكون ليلتها له خاصة، ويجوز كذلك لبعض ضراتها أن تصالحها عنه إذا رضي الزوج بمصالحتها فيكون الحق لتلك الضرة.

[ المسألة 371: ] إذا تزوج الرجل امرأة باكرة، فله أن يخصها في أول زواجه بها بسبع ليال، والاحوط ان لا تكون أقل من ثلاث ليال، وإذا تزوج امرأة ثيبا خصصها بثلاث ليال، ثم عاد إلى القسم بين نسائه، ولا يقضى تلك الليالي لزوجاته الاولى.

[ المسألة 372: ] لا يجب القسم من الليالي للزوجة إذا كانت صغيرة لا يجوز وطؤها، أو كانت ناشزة أو مجنونة مطبقة، ولا ذات أدوار في دور جنونها، ويجوز للزوج أن يسافر وحده ولا يصحب معه أحدا من زوجاته، ثم لا يقضي لهن ما فاتهن في أثناء السفر، وإذا صحب بعضهن فلا يقضي للمتخلفات.

[ الفصل العاشر ] [ في النشوز والشقاق ]

[ المسألة 373: ] نشوز المرأة هو خروجها عما يجب للرجل عليها من حقوق الزوجية، فإذا منعت زوجها من الاستمتاع بها ولم تمكنه من نفسها ولا عذر لها في ذلك فقد نشزت، وإذا خرجت من بيته بغير اذنه ولو إلى بيت أبيها أو قريبها، ولا عذر لها في ذلك فقد نشزت، وإذا عصمت أمره أو نهيه في غير معصية الله ولا عذر لها في مخالفته فقد نشزت والاحوط أن لا تجرى أحكام النشوز عليها، حتى يتكرر ذلك منها، ويخشى أن يكون عادة لها ودأبا، ولعل ذلك هو المراد في الآية الكريمة واللآتي تخافون نشوزهن.

[ المسألة 374: ] الزوج المؤمن والزوجة المؤمنة هما الخلية الموحدة التي تتكون منها الاسرة السعيدة في ظل الاسلام، وترتكز الوحدة بينهما على الايمان بالله وبدينه، والسعي الدائب في تطبيق أحكامه، وعلى الصلة العميقة الحية الواعية التي أنشأها دين الله بينهما وأفهمهما روحها ولقنهما تعاليمها وأطعمهما غذاءها ولذذهما وأسعدهما بعطائها. ومن أجل ذلك حث الاسلام الزوج حين ما يختار له زوجة تشاركه الحياة، وحث الزوجة وولي أمرها حين ما يطلبان لها زوجا يسعدها في البقاء، حثهما أن يكون الدين والايمان الحي والخلق الرضي أول ما يفكر الزوج أن يكون موجودا في زوجته، وأول ما تطلبه الزوجة أن يكون مضمونا في زوجها، وان يكون الجمال والمال والملذات الاخرى هي آخر ما يبتغيان وجوده أو يفكران فيه، فالدين والايمان والخلق الزكي هي الامور الثابتة التي لا تتحول، وإذا تحولت فالى ما هو أكثر رقيا وأكثر سعادة، والمال والجمال وشبههما هي الامور التي تحول وتتغير، وإذا تغيرت فالى ما هو أكثر تحولا وأشد تغيرا. والدين والايمان والخلق الرضي حين ما تكون هي الركيزة التي توحد الزوجين وتغمر حياتهما تجعل من العسير أو من المستحيل أن تفكر المرأة أو الرجل في نشوز أو شقاق أو تنكر أو فراق، وكل ما يكون في هذا المجال من ذلك فانما يكون من اضداد تلك الامور، من عدم الدين، أو الدين غير الثابت، ومن عدم الايمان أو الايمان غير الواعي، ومن عدم الخلق أو الخلق غير الزكي، فتتجاوز المرأة حدودها لبعض الانفعالات الطارئة من غضب وشبهه، أو لدالة منها على الرجل بمال أو بجمال أو لحب غير معتدل من الزوج، وهو على الاكثر يكون لجهل بالحدود الشرعية وضعف في الخلق الزكي، فتمنع الزوج بعض حقوقه الواجبة عليها وتصر على ذلك فيكون النشوز منها ثم يكون الشقاق. ويتعالى الرجل برجولته أو بشئ مما خوله الله وأنعم به عليه فيتعدى حدوده مع زوجته الضعيفة، ويغمط حقوقها الواجبة عليه، ويصر على ذلك فيكون النشوز منه ثم يكون الشقاق، وهو في الاكثر أيضا ينشأ من جهل الرجل بحدوده وجهله بحقوق المرأة وجهله بأحكام الله التي وضعها لتعيين هذه الحدود والحقوق أو لضعف ايمانه بالله الذي شرع هذه الاحكام، ولولا الجهل وضعف الايمان وضعف الخلق ما احتاج الرجل المسلم ولا المرأة المسلمة إلى جعل أحكام للنشوز ولا لنصب حكام للشقاق بين الزوجين.

[ المسألة 375: ] يحسن بالرجل المؤمن حين يتزوج بالمرأه المؤمنة ويختارها شريكة له في الحياة لانها مؤمنة، كما أرشده إلى ذلك دين الله العظيم، ففي الحديث عن أبي جعفر (ع) قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله يستأمره في النكاح، فقال صلى الله عليه وآله: نعم، انكح وعليك بذوات الدين تربت يداك، وقوله صلى الله عليه وآله للرجل: تربت يداك كلمة تستعمل العرب أمثالها للحث على الفحص والبحث عن الشئ قدر ما يستطاع، فهو صلى الله عليه وآله يوصي الرجل بالزواج بذوات الدين وبذل المزيد من الجهد في الفحص عنهن للتزويج. يحسن بالرجل المؤمن حين يقترن بالمرأة المؤمنة أن يغتنم وجودها لديه فرصة يستعرض فيها مع زوجته مقويات العقيدة ومرسخات الايمان ومزكيات الخلق، ليثبت الغرس فيهما معا ويكثر ويطيب النماء ويزداد العطاء، ويستعرضان أحكام الشريعة التي تخص العلاقة الزوجية ليتعرفا ما لكل منهما على صاحبه من الحقوق وما عليه من الواجبات، فان ذلك أضمن لصلتهما من الوهن، وآمن لحياتهما من الانزلاق والله هو المعين الكافي.

[ المسألة 376: ] إذا تحقق النشوز من المرأة على ما تقدم بيانه في المسألة الثلاثمائة والثالثة والسبعين، وعظها الزوج وحذرها مغبة ذلك وذكرها نهي الله عنه وتحريمه اياه، ولو بذكر بعض الاحاديث الواردة في هذا الشأن، أو بالاستعانة بغيره ممن يحسن القيام به، والاحوط له أن يتدرج في الوعط من اللين إلى الشدة بحسب مراتب النهي عن المنكر، فإذا لم يؤثر ذلك في ردعها، هجرها في المضجع، فيوليها ظهره في المنام ويبدي عدم الاهتمام بها، أو يعتزل فراشها، متدرجا كذلك من الاخف الى الاشد، فإذا لم ترجع عن نشوزها جاز له ضربها متدرجا في ذلك، ولا يضربها الضرب المبرح، وهو الذي يدمي اللحم أو يلون الجسد، ولا يضربها بقصد التشفي والانتقام منها، بل بقصد الردع والتأديب، فان ذلك هو مقتضى القوامة للزوج والاصلاح لخطأ الزوجة.

[ المسألة 377: ] إذا ظهرت من المرأة علامات النشوز، ولم يتحقق بالفعل خروجها عن الطاعة الواجبة عليها، كما إذا غيرت آدابها المعتادة مع الزوج، أو أبدت العبوس والتقطيب أمامه، أو اظهرت التثاقل والتبرم في حوائجه بعد ما كانت على خلاف ذلك، وعظها وحذرها عقبى هذا السلوك كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، فإذا لم يجد ذلك في اصلاحها جاز له هجرها، ولم يجز له ضربها حتى يتحقق النشوز على ما سبق بيانه.

[ المسألة 378: ] إذا حصلت بالضرب جناية على المرأة أو اتلاف لبعض أموالها وجب على الزوج الغرم فيضمن أرش الجناية وبدل المال التالف، وإذا كانت الجناية عن عمد ثبت لها أو لوليها حق القصاص.

[ المسألة 379: ] لا يتحقق النشوز من المرأة إذا خرجت عن الطاعة في شئ لا يجب عليها القيام به ومثال ذلك ان تمتنع عن الطبخ أو عن كنس المنزل أو عن تمهيد الفراش أو عن غسل الثياب، أو من بعض حوائج الرجل التي لا تجب عليها وان كان ذلك على خلاف عادتها معه.

[ المسألة 380: ] إذا تحقق النشوز من الرجل فمنع الزوجة بعض حقوقها الواجبة عليه من قسمتها في الليالي أو من النفقة أو غير ذلك مما يجب عليه القيام به، جاز للمرأة أن تطالبه بحقها الممنوع وتحذره نتائج ذلك وعقباه وتخوفه عقوبة الله سبحانه في مخالفة أمره ونهيه ويمكنها أن تستعين بغيرها في وعظه وتحذيره وتذكيره، فإذا لم يؤثر ذلك شيئا رفعت الامر إلى الحاكم الشرعي، فإذا أثبتت نشوز الرجل عند الحاكم زجره عن تعديه ومخالفته لما يجب عليه، فان لم ينفع ذلك عزره بما يراه، وألزمه القيام بالحقوق، وإذا امتنع عن الانفاق على المرأة تولى الحاكم الانفاق عليها من مال الزوج ولو ببيع بعض ممتلكاته.

[ المسألة 381: ] إذا كره الرجل صحبة المرأة لكبر سنها مثلا فهم بطلاقها أو أراد التزويج عليها، أو هم بشئ آخر يباح له ولكنه يضايقها كابعادها عن أهلها، أو اسكانها في موضع لا ترغب السكنى فيه، فللزوجة أن تبذل له بعض المال أو تترك له بعض حقوقها الواجبة عليه كالقسمة من الليالي والنفقة، لئلا يطلقها، أو لئلا يتزوج عليها، أو لا يفعل الامر الذي يضايقها فيه، ويجوز للزوج أن يقبل ذلك منها. وإذا أساء الرجل معاشرة المرأة وترك بعض حقوقها الواجبة عليه أو آذاها بالضرب والشتم والاهانة، فبذلت له بعض المال أو تركت له بعض الحقوق ليمسك عن أذاها أو لتتخلص بذلك من سوء معاشرتها، أو ليقوم بما ترك من الحق الواجب لها لم يحل للزوج أخذ شئ من ذلك، وإذا أخذه كان غاصبا آثما.

[ المسألة 382: ] إذا كره كل من الزوجين صاحبه وخيف وقوع الشقاق بينهما، ورفع الامر إلى الحاكم الشرعي، أنفذ الحاكم حكما من أهل الزوج وحكما من أهل الزوجة ممن يعتمد عليه في حل مثل هذه المشكلات وعدم التحيز بغير حق لينظروا في أمر المتنازعين ويحلا مشكلتهما، وإذا تعذر وجود الحكمين من أهليهما أنفذ حكمين أجنبيين على الاحوط، وإذا تعذر الحكم من أهل أحدهما انفذ عنه حكما أجنبيا. ويجب على الحكمين أن يبذلا وسعهما في اسيتضاح سبب المنافرة بين الزوجين، فينفرد حكم الزوج بالزوج ويستقصي بالسؤال منه عن الاشياء التي تدور في نفسه حول المشكلة، وينفرد حكم الزوجة بالزوجة كذلك، ثم يجتمع الحكمان ليتفاهما ولا يخفي أحدهما من معلوماته شيئا عن صاحبه، ويتفاهمان في الامر مبلغ طاقتهما، فإذا استقر رأيهما على الصلح بين الزوجين، وحكما به نفذ حكمهما على الزوجين ولزمهما الرضا بكل شرط يشترطه الحكمان عليهما أو على أحدهما إذا كان سائغا، كما إذا شرطا على الرجل أن يسكن المرأة في بلد معين أو في منزل مخصوص أو مع أناس معينين، أو شرطا عليه أن لا يسكن المرأة مع ضرتها أو مع بعض أقاربه في منزل واحد، أو أن يدفع لها مبلغا من المال، مع قدرته على انفاذ شرطهما، وكما إذا شرطا على المرأة ان تؤجل بعض ديونها الحالة على الرجل من صداق أو غيره، أو أن تمتنع من صحبة من يتهمهم الزوج بأنهم يفسدون أمرها، أو أن تترك بعض الخصال التي يمقتها الزوج فيها.
ولا ينفذ قولهما إذا شرطا أمرا غير سائغ في الشريعة، ومثال ذلك أن يشترطا على الزوج أن لا يقسم لزوجته الاخرى من الليالي أو أن لا ينفق عليها، أو أن تخرج المرأة من بيته بغير اذنه متى أرادت واين أرادت.

[ المسألة 383: ] إذا استقر رأي الحكمين على أن يفرقا بين الزوجين لم يصح ذلك ولم ينفذ الا بعد أن يستأمراهما في ذلك، ويرضى الزوج بالطلاق وترضى الزوجة بالبذل إذا كان خلعا أو مباراة. ويمكن للحكمين ان يشترطا ذلك على الزوجين في أو التحكيم، فيقولا لهما مثلا: نحن حكمان شرعيان في أمركما، وقولنا نافذ في شأنكما ان شئنا جمعنا بينكما وان شئنا فرقنا، فإذا رضي الزوجان بشرطهما صح ويمكن لهما أن يستأمرا الزوجين في هذه الصورة أيضا بعد أن يتفقا على الفرقة. والتفريق الذي يوقعه الحكمان بين الزوجين انما هو طلاق أو خلع، ولذلك فلابد من اجتماع شرائط الطلاق أو الخلع، فلابد من أن تكون المرأة في طهر لم يواقعها الزوج فيه، ولابد من صيغة الطلاق أو الخلع من حكم الزوج وحضور شاهدين عادلين يسمعان الصيغة، وهكذا في بقية الشرائط المعتبرة، ولا يصح التفريق من الحكمين اذاهما اختلفا في ذلك، بل ولا حكم لهما في غير التفريق ايضا مع اختلافهما.

[ المسألة 384: ] من أهم ما يوجب النحج للحكمين في سعيهما أن يخلصا نيتهما في ارادة الاصلاح في عملهما كما يرشد إليه قوله تعالى في آية التحكيم: (ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا).

[ الفصل الحادي عشر ] [ في أحكام الاولاد ]

[ المسألة 385: ] يلحق الولد شرعا بالزوج إذا اجتمعت ثلاثة شروط: الشرط الاول: أن يدخل الرجل بالام بحيث يعلم أنه أنزل فيها أو يحتمل ذلك، أو ينزل ماءه على فرج المرأة أو حواليه بحيث يحتمل تسرب الماء داخل الفرج، ويلحق بذلك أن تستدخل نطفة الزوج في المرأة بابرة أو أنبوب صناعي ونحوهما من الوسائل التي تعد لذلك. الشرط الثاني: أن تمضي مدة ستة أشهر أو أكثر من حين وطء الزوج الآنف بيانه أو ما هو بحكمه إلى وقت ولادة الطفل. الشرط الثالث: أن لا يتجاوز ما بينهما أقصى مدة الحمل، وهو سنة على الاقوى، والقول المشهور بين الفقهاء أن أقصى مدته تسعة أشهر، وقيل هو عشرة أشهر. فلا يلحق الولد بالزوج إذا انتفى واحد من الشروط المذكورة، فلا يكون الولد ولدا له شرعا إذا انتفى الوطء على الوجه المتقدم ذكره أو ما هو بحكم الوطء، ولا يكون ولده شرعا إذا تولد طفلا حيا كاملا قبل أن تمضي على حمله ستة أشهر من حين الدخول بأم الولد أو ما هو بحكم الدخول، ولا يكون ولده شرعا إذا ولد الطفل بعد ما تجاوز سنة من حين دخول الزوج بأم الطفل أو ما هو بحكم دخوله بها، كما إذا اعتزل الرجل عنها أكثر من سنة أو غاب عنها أو سجن كذلك ثم ولدت الطفل بعد ذلك.

[ المسألة 386: ] إذا اجتمعت الشروط الثلاثة المذكورة لحق الولد بالرجل شرعا ولم يجز للرجل ان ينفيه عن نفسه وان علم بأن المرأة قد فجرت أو وطئت بشبهة في ذلك الوقت أو اتهمها بالفجور، أو كان قد عزل عنها في جماعه لها من غير فرق بين أن يكون نكاحهما دائما أو بالمتعة فيكون آثما في جميع ذلك.

[ المسألة 387: ] إذا نفى الرجل الولد عن نفسه مع اجتماع الشرائط الآنف ذكرها وكان نكاحه للزوجة دائما لم ينتف الولد عنه الا باللعان، ما بينه وبين الزوجة، وإذا نفاه مع اجتماع الشرائط وكان النكاح منقطعا انتفى الولد عنه بحسب الظاهر من غير لعان، نعم إذا ادعت الام المتمتع بها صحة نسبة الولد إليه، كان على الرجل اليمين في نفي دعواها إذا لم تكن لها بينة على الاثبات، وكذلك إذا ادعى الولد بعد كماله صحة نسبه إلى الرجل وانكر الرجل ذلك كان عليه اليمين، ويلاحظ ما سيجئ من التفصيل في كل من الزوجة الدائمة والمنقطعة في كتاب اللعان.

[ المسألة 388: ] إذا نفى الرجل ولد الزوجة المتمتع بها عن نفسه وعلم من القرائن أو من تصريحه أو بشهادة بينة على قوله انه يحتمل ان الولد ولده ألحق الولد به شرعا وكان نفيه ملغى وقد تقدم هذا في المسألة المائتين والتاسعة والتسعين.

[ المسألة 389: ] الوطء مع الشبهة كالوطء في النكاح الصحيح يلحق معه الولد بالواطئ المشتبه إذا ولد بعد مضي ستة أشهر أو أكثر من حين الوطء ولم يتجاوز أقصى مدة الحمل وهو سنة كما تقدم بيانه.

[ المسألة 390: ] إذا كانت المرأة زوجة شرعية لرجل ووطأها رجل آخر مع الشبهة ثم ولدت طفلا، وتوفرت شروط الالحاق بكل من الرجلين، أقرع بينهما وألحق الولد بمن تعينه القرعة منهما.

[ المسألة 391: ] إذا كانت المرأة ذات عدة رجعية ووطأها رجل آخر مع الشبهة ثم ولدت طفلا وتوفرت شروط الالحاق بكل من الزوج المطلق لها والرجل الذي وطأها شبهة أقرع بينهما كما في ذات البعل والحق الولد بمن تعينه القرعة، وكذلك الحكم في المرأة إذا وطأها رجلان مع الشبهة، وتوفرت شرائط الالحاق بكلا الرجلين، فيقرع بين الرجلين، فمن أخرجته القرعة لحق به الولد.

[ المسألة 392: ] إذا عقد الرجل على امرأه فحملت المرأة بعد العقد، أو ولدت طفلا بعد مدة، فادعت المرأة أن الرجل قد دخل بها لتلحق به الولد، وانكر الرجل انه قد دخل بها، فالقول قول الرجل مع يمينه، وكذلك إذا أتته زوجته المدخول بها بولد وادعت أنها ولدت الطفل منه، وأنكر الزوج أنها ولدت الطفل وانما هو ولد آخرين قد تبنته، فليس الولد لهما، فالقول قول الزوج مع يمينه الا أن تثبت صحة ما تدعيه.

[ المسألة 393: ] إذا ولدت زوجة الرجل طفلا واعترف الرجل بأنه قد دخل بالمرأة، وادعى أنها ولدت الطفل قبل أن تمضي على دخوله بها ستة أشهر، أو ادعى أنها ولدته بعد أن تجاوزت أقصى مدة الحمل من حين جماعه اياها، وأنكرت المرأة ذلك، فالقول قول المرأة مع يمينها، فإذا حلفت لحق به الولد ولم ينتف عنه الا باللعان.

[ المسألة 394: ] إذا طلق الرجل زوجته واعتدت منه ثم تزوجت رجلا غيره، وأتت بولد حي كامل، وتردد الامر في الحاق الولد بأي الرجلين، فالصور المحتملة في ذلك أربع، ولكل صورة منها حكمها.
الصورة الاولى: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الاول للمرأة آخر مرة وولادة الطفل قد تجاوزت أقصى مدة الحمل وهو سنة، وتكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني وولادة الطفل تبلغ أشهر أو أكثر، والولد في هذه الصورة يلحق شرعا بالزوج الثاني.
الصورة الثانية: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الاول في آخر مرة وولادة الطفل لا تتجاوز أقصى مدة الحمل، وتكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني اياها وولادة الطفل ستة أشهر أو أكثر، والولد في هذه الصورة يلحق شرعا بالزوج الثاني كذلك.
الصورة الثالثة: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الاول وولادة الطفل لا تتجاوز أقصى مدة الحمل، وتكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني وولادة الطفل دون ستة أشهر، والولد في هذه الصورة للزوج الاول، ويعلم من ذلك أن عقد الرجل الثاني ووطأه المرأة قد وقعا في أثناء العدة من الاول، ولذلك فتحرم المرأة على الثاني تحريما مؤبدا.
الصورة الرابعة: أن تكون المدة ما بين وطء الزوج الاول وولادة الطفل تتجاوز أقصى مدة الحمل، وتكون المدة ما بين وطء الزوج الثاني وولادة الطفل أقل من ستة أشهر، والولد في هذه الصورة لا يلحق شرعا بالزوج الاول ولا بالزوج الثاني.

[ المسألة 395: ] إذا وطأ المالك أمته أو زوجها فوطأها الزوج، ثم باعها المالك فوطأها المشتري أو زوجها المشتري من أحد فوطأها زوجها الجديد، فأتت بولد وتردد الامر في الحاق الولد بأي الواطئين، فتجري فيه الصور الاربع التي تقدم تفصيلها وتثبت لكل صورة منها حكمها، ونظير ذلك ما إذا طلق الرجل زوجته ثم وطأها بعد الطلاق رجل آخر وطء شبهة، وأتت بولد تردد الحافه بأيهما، فتجري فيها الصور الاربع وأحكامها.

[ المسألة 396: ] لا يجوز للرجل أن يلحق ولد الزنا بنفسه وان كان هو الزاني، كما إذا أحبل المرأة من الزنا ثم تزوجها، أو أحبل الامة من الزنا ثم اشتراها.

[ المسألة 397: ] إذا وطأ السيد أمته بملك اليمين لحق به الولد شرعا ولا يجوز له نفيه عنه، وإذا نفاه عن نفسه قبل نفيه من غير لعان، وإذا كان قد اعترف بالولد لم يقبل منه نفيه بعد ذلك.

[ المسألة 398: ] إذا وطأ السيد أمته وحملت وتمت شروط الحاق الولد بالمولى لحق به الولد شرعا وان كانت الامة قد زنت قبل ذلك أو بعده.

[ المسألة 399: ] إذا وطأ رجل أمة غيره مع الشبهة فحملت منه لحق الولد شرعا بالواطئ، ويجب على الامة أن تعتد من وطئه، وإذا كانت ذات زوج وجب على زوجها أن يعتزلها ما دامت في العدة فإذا انقضت عدتها ردت إلى الزوج.

[ المسألة 400: ] لا يجوز للمرأة أن تلقح نفسها تلقيحا صناعيا بمني غير زوجها، بأن تستدخله فيها بتوسط ابرة حاقنة أو أنبوب صناعي ونحوهما، وتأثم إذا فعلت ذلك، فإذا حملت منه لحق الولد بها وبصاحب المني، فلا يصح النكاح بين الولد وبينهما، ولا بينه وبين أولادهما أو أخوانهما أو أخواتهما، وهكذا في بقية المحارم، وإذا كان التلقيح بمني زوجها المعقودة عليه لحق الولد بالزوج والزوجة ولا اثم عليها في ما فعلت.

[ المسألة 401: ] إذا ولدت امرأتان في موضع واحد كما قد يتفق ذلك في مستشفيات الولادة أو مواضع التوليد الاخرى، واشتبه طفل احدى المرأتين بالآخر ولم يمكن التمييز، رجع إلى القرعة في التعيين، فيدفع لكل امرأة منهما من تعينه القرعة لها من الطفلين، سواء كانت المرأتان زوجتين لرجل واحد أم كان لكل واحدة زوج.

[ الفصل الثاني عشر ] [ في الولادة وما يتبعها ]

[ المسألة 402: ] يجب أن تتولى النساء خاصة شؤون المرأة عند ولادتها، ولا يجوز أن يتولى ذلك غير الزوج من الرجال إذا لازم ذلك اطلاعهم على ما يحرم اطلاعهم عليه، أو اقتضى المباشرة له بلمس ونحوه، الا إذا اقتضت الضرورة ذلك كحضور طبيب أو موظف صحي خاص، فيباح ذلك للضرورة ويقدر الجواز بقدرها.

[ المسألة 403: ] يستحب غسل المولود بعد ولادته إذا أمن من ضرر ذلك، ويستحب أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في أذنه اليسرى، ففي الحديث انه عصمة له من الشيطان الرجيم، ويستحب تحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين (ع) فيخلط الماء بشئ من التربة ويدخل إلى حنكه وهو أعلى داخل فمه.

[ المسألة 404: ] ينبغي أن يسمى الطفل الذكر عند ولادته محمدا إلى مدة سبعة أيام، ثم ان شاء الاب أو غيره أن يغير اسمه بعد ذلك وان شاء أبقاه، ويستحب أن يختار له بعض الاسماء الحسنة وقد ورد عنهم (ع) ان ذلك من حقوق الولد على والده، ويستحب أن يختار له كنية، وإذا كان اسم الطفل محمدا فلا يكنه بأبي القاسم، ويستحب أن يحلق رأس الطفل في اليوم السابع من ولادته وان يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، ويستحب ختانه فيه.

[ المسألة 405: ] تستحب الوليمة عند ولادة المولود، ويجوز له أن يؤخر الوليمة عن يوم ولادته بأيام، وتستحب الوليمة ايضا عند الختان، وإذا ختن المولود في اليوم السابع أو قبله وأولم عند الختان بقصد امتثال الاستحباب للولادة وللختان معا فقد حصل الامتثال لهما.

[ المسألة 406: ] يجب ختان الولد الذكر، وإذا لم يختن حتى بلغ وجب عليه أن يختن نفسه، بل ويجب على الاحوط ان لا يترك الولي ختان الصبي إلى ما بعد بلوغه، فان أخره من غير عذر حتى بلغ الصبي عصى الولي بذلك على الاحوط، ووجب على الولد أن يختتن كما ذكرنا.

[ المسألة 407: ] إذا أسلم الكافر وهو غير مختون وجب عليه أن يختن نفسه مهما بلغ من العمر وان كان شيخا كبيرا وإذا أدركته المنية قبل ختانه سقط وجوب الختان بالموت، وأثم بالتأخير إذا كان عامدا بتركه في حياته.

[ المسألة 408: ] الختان واجب نفسي كما تقدمت الاشارة إليه، فيأثم المكلف الذكر إذا ترك نفسه غير مختون، وهو شرط في صحة الطواف، سواء كان في حج أم في عمرة، واجبين أم مندوبين، فإذا طاف الرجل وهو غير مختون بطل طوافه، ولا تبطل صلاة الرجل ولا سائر عباداته إذا أتى بها وهو غير مختون، الا إذا أوجب ذلك خللا في طهارته من النجاسة أو في غسله من الجنابة فتبطل صلاته من هذه الناحية.

[ المسألة 409: ] الحد اللازم في الختان على الاحوط ان تقطع الجلدة الساترة للحشفة حتى تبدو الحشفة كلها نعم لا يقح بقاء بعض الجلدة إذا كانت الحشفة ظاهرة، وإذا ولد الطفل ولا غلفة له كفى ذلك في ختانه، ويستحب امرار الموسى على الموضع لاصابة السنة كما جاء في الحديث.

[ المسألة 410: ] يستحب خفض الجواري، بل ورد أنه فيهن من المكرمات، والخفض في الاناث كالختان في الذكور، وينبغي للمرأة الخافضة أن لا تستأصل، وأن يكون لسبع سنين من عمر الفتاة.

[ المسألة 411: ] يستحب العقيقة عن المولود استحبابا مؤكدا، وأن تكون في اليوم السابع من ولادته، ولا يسقط استحباب العقيقة إذا تأخرت عن اليوم السابع لعذر أو لغير عذر من غير فرق بين المولود الذكر والانثى، وإذا لم يعق عنه في صغره حتى كبر استحب له أن يعق عن نفسه مهما بلغ من العمر، بل تستحب العقيقة عنه بعد موته إذا لم يعق عنه في حياته.

[ المسألة 412: ] يستحب أن يعق عن المولود الذكر بذكر، وعن المولودة الانثى بأنثى وأن تكون العقيقة سمينة سالمة من العيوب، ولابد وأن تكون من الانعام الثلاثة: الابل والبقر والغنم، وفي النصوص هي شاة لحم يجزي فيها كل شئ، وان خيرها أسمنها، ويستحب أن يقطعها جداول وان لا تكسر العظام، ولا يكره ذلك. والافضل أن تطبخ وأن يدعى عليها جماعة من المؤمنين، وأن يكون عدد المدعوين عشرة فما زاد، والافضل أن يكون طبخها بماء وملح، ويجوز له أن يفرقها لحما، والافضل في هذه الصورة أن يعطي القابلة الربع من العقيقة وفي بعض النصوص أنها تعطى الرجل والورك، وإذا أعطاها الربع الذي فيه الرجل والورك فقد عمل بالاستحبابين ويقسم الباقي من لحمها على المحتاجين من المؤمنين.

[ المسألة 413: ] يكره للاب أن يأكل من عقيقة ولده، بل ويكره أن يأكل منها أحد من عيال الاب، والاحوط أن لا تأكل منها أم الطفل، بل لا يترك هذا الاحتياط.

[ المسألة 414: ] لا يجزي عن العقيقة أن يتصدق على الفقراء بثمنها، فإذا عجز عن تحصيلها أخرها حتى يتمكن، وفي الحديث: الولد مرتهن بعقيقته فكه أبواه أو تركاه، وفيه أيضا: إذا ضحي عنه أو ضحى الولد عن نفسه فقد أجزأه عن عقيقته.

[ المسألة 415: ] لا يجب على أم الطفل أن ترضع ولدها إذا لم ينحصر قوته برضاعها، كما إذا وجدت له مرضعة غيرها أو أمكن سقيه اللبن وان كان صناعيا أو مستحضرا طبيا آخر يقومان بالحاجة، أو أمكن سقيه غير اللبن مما يتقوت به الطفل فيجوز لها ان تمتنع عن ارضاعه في هذه الحالات ولها أن تطلب الاجرة عليه. وإذا انحصر قوت الطفل بارضاع أمه ولم يكن له قوت غيره، وجب عليها ارضاعه ولكن تجوز لها المطالبة بالاجرة كذلك، فتدفع لها من مال الطفل إذا كان له مال، وإذا لم يكن للطفل مال دفعت الاجرة لها من مال الاب إذا كان موسرا، وإذا لم يكن له أب أو كان الاب معسرا دفعت من مال جده للاب، الاقرب فالاقرب إذا كان موسرا.

[ المسألة 416: ] إذا انحصر قوت الطفل بارضاع أمه ولم يكن للطفل مال، ولم يكن له أب ولا جد، أو كانا غير موسرين وجب على الام ارضاعه مجانا، وتتخير بين ارضاعه بنفسها واستيجار مرضعة له أخرى، أو تحصيل أية وسيلة أخرى لقوته، ويكون ذلك من مال الام فان الطفل يكون واجب النفقة عليها في هذه الحال.

[ المسألة 417: ] إذا تبرعت الام بارضاع ولدها أو طلبت من الاجرة عليه مثل ما يطلبه غيرها من المرضعات أو أقل منه كانت الام أحق بارضاعه فلا يجوز لابي الطفل أن يسترضع له سواها، وان كانت المرضعة الاخرى والام كلتاهما متبرعتين. وإذا تبرعت غير الام بارضاع الطفل وطلبت الام عليه الاجرة، أو طلبت من الاجرة ما يزيد على المرضعة الاخرى صح للاب أن يأخذ الطفل من أمه ويدفعه الى تلك المرضعة، والظاهر سقوط حق حضانة الام ايضا بذلك كما سقط حق الرضاع، وان كان الاحوط مراعاة حق الام في الحضانة مع الامكان فيدفع الطفل إليها لتحضنه في غير أوقات الرضاع.

[ المسألة 418: ] لبن الام أفضل ما يرتضعه الطفل وأعظمه بركة عليه فلا ينبغي أن يقدم عليه غيره، الا إذا كانت المرضعة الثانية أشرف نسبا أو أحسن دينا أو أزكى خلقا.

[ المسألة 419: ] حد الرضاعة حولان كاملان أربعة وعشرون شهرا، وتجوز الزيادة على ذلك، ويجوز أن ينقص عنه فيفصل الطفل وله أحد وعشرون شهرا، ولا يفطم قبل ذلك لغير ضرورة تقتضيه فانه من الجور على الصبي كما ورد في الحديث.

[ المسألة 420: ] أم الطفل أحق بحضانة ولدها وتربيته والقيام بشؤونه وصيانته وحفظه إذا شاءت ذلك من غير فرق بين أن يكون الطفل ذكرا أو أنثى. وانما يثبت لها حق الحضانة بشرط أن تكون حرة مسلمة عاقلة، والاحوط أن تكون مأمونة، فلا تثبت الحضانة لها إذا كانت أمة مملوكة، أو كانت كافرة والولد لمسلم، أو كانت مجنونة، أو غير مأمونة، ويسقط حقها من الحضانة إذا شاءت اسقاط حقها منها.

[ المسألة 421: ] إذا توفرت الشروط المذكورة في الام ثبت لها حق الحضانة، ولم يجز للاب أن ينتزع الطفل منها إلى نهاية مدة رضاعه سنتين كاملتين، ثم إلى أن يبلغ الطفل سبع سنين على الاحوط، وخصوصا في الانثى، بل لا يترك الاحتياط بالتصالح مع المرأة عن حقها إذا أراد الاب أن يأخذ الطفل منها قبل ذلك. نعم إذا طلبت الام أجرة على رضاع الولد مع وجود مرضعة أخرى متبرعة أو أقل منها في الاجرة سقط حقها من الرضاع وحقها من الحضانه كما ذكرناه في المسألة الاربعمائة والسابعة عشرة، وقد قلنا ان الاحوط مراعاة هذا الحق مع الامكان.

[ المسألة 422: ] إذا فسخ الرجل نكاح الزوجة أو طلقها طلاقا رجعيا أو بائنا وكانت الزوجة ذات طفل منه، لم يسقط بذلك حق المرأة من حضانة ولدها، الا إذا تزوجت غيره بعد ذلك، فإذا تزوجت غيره سقط حقها من حضانة ولد الاول، ثم لا تعود الحضانة إليها إذا فارقها الزوج الثاني، والاحوط المصالحة.

[ المسألة 423: ] لا يسقط حق المرأة في حضانة ولدها إذا هي زنت سواء كانت باقية في عصمة الزوج أبي الطفل أم فارقته بطلاق أو فسخ.

[ المسألة 424: ] الاب أحق بولده بعد أن تنتهي مدة حضانة الام إلى أن يبلغ الولد ويرشد، فإذا بلغ ورشد كان له الحق أن يلتحق بمن يشاء الالتحاق به من الابوين أو غيرهما أو يختار الاستقلال ولا فرق في ذلك بين الذكر والانثى. والاب أحق بولده كذلك إذا لم تتوفر في الام شروط الحضانة في مدة الحضانة، وإذا تركت حضانته باختيارها، وإذا سقطت حضانتها بأحد الامور المسقطة لهذا الحق، وقد ذكرناها في المسائل المتقدمة، والاب احق بولده كذلك إذا ماتت الام في أيام حضانتها.

[ المسألة 425: ] الظاهر أن حق الاب في هذه الموارد الآنف ذكرها حكم شرعي، فلا يسقط باسقاطه.

[ المسألة 426: ] انما ينتقل حق الحضانة إلى الاب في الموارد المذكورة إذا كان حرا مسلما عاقلا، فلا ينتقل حق الحضانة إليه إذا كان مملوكا أو كان كافرا والولد مسلم، أو كان الاب مجنونا، وتكون الام أولى بالولد إلى أن يبلغ وان تزوجت.

[ المسألة 427: ] إذا مات الاب في أيام حضانته للولد، فالام أولى به من الجد أبي الاب ومن وصي الاب وأقاربه جميعا.

[ المسألة 428: ] إذا فقد الاب والام معا، ففي ثبوت حق حضانة الطفل للجد أبي الاب اشكال، وكذا في وصي الاب ووصي الجد، والاقرب من الاقارب.

[ الفصل الثالث عشر ]  [ في نفقة الزوجة ]

النفقات التي تجب على الانسان ثلاثة أنواع (1): نفقة الزوجة، (2): نفقة الاقارب، (3): نفقة المماليك والبهائم.

[ المسألة 429: ] يجب على الرجل القيام بنفقة زوجته إذا كان الزواج بينهما دائما، سواء كانت الزوجة مسلمة أم ذمية وسواء كانت حرة أم أمة، ولا تجب عليه نفقة الزوجة إذا كان النكاح منقطعا، ولا نفقة للزوجة في المدة التي تكون بين العقد والزفاف على الزوج، وخصوصا إذا كانت الزوجة صغيرة لا يبلغ عمرها تسع سنين.

[ المسألة 430: ] القول المشهور بين الفقهاء قدس سرهم انه لا نفقة للزوجة إذا نشزت عن طاعة الزوج، وهذا الحكم على اطلاقه محل اشكال، نعم يسقط وجوب نفقتها عن الرجل إذا خرجت عن منزله من غير اذنه ودون مسوغ شرعي ما دامت خارجة عنه فإذا استمر خروجها مدة فلا نفقة لها في تلك المدة وان طالت، سواء كانت في سفر أم حضر، وسواء سكنت مع أهلها أو غيرهم في منزل آخر أم لا، فإذا رجعت إلى زوجها وجبت النفقة عليه.

[ المسألة 431: ] تجب نفقة الزوجة على الرجل إذا زفت إليه وان كانت مراهقة، بل وان كانت محرمة الوطء لصغر سنها، أو كان فيها أحد العيوب الموجبة لجواز الفسخ إذا رضي الزوج بها ولم يفسخ العقد ولم يدخل. ولا يبعد عدم وجوب النفقة على الزوج إذا كان صغيرا غير قابل للاستمتاع بالمرأة، وان زفت الزوجة إليه وكانت مراهقة أو كبيرة، وإذا كان مراهقا قابلا للاستمتاع بالمرأة وزفت إليه زوجته وهي مراهقة أو كبيرة فلا يترك الاحتياط بالانفاق عليها.

[ المسألة 432: ] لا تسقط نفقة الزوجة إذا سافرت وكان سفرها باذن زوجها، سواء كان السفر واجبا أم مندوبا أم مباحا، ولا تسقط نفقتها كذلك إذا سافرت بغير اذنه في سفر واجب مضيق كالسفر لحجة الاسلام والسفر للحج المنذور المعين، إذا كان نذرها للحج باذن زوجها. وإذا سافرت في واجب موسع كالحج المنذور مطلقا والزيارة أو العمرة المنذورين مطلقا وكان سفرها بغير اذن الزوج، فالظاهر سقوط نفقتها بذلك.

[ المسألة 433: ] يحرم على المرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير اذنه ودون عذر شرعي لخروجها كذلك، سواء كان الخروج منافيا لحق استمتاع الزوج بها أم لا، ويثبت بذلك نشوزها وتسقط به نفقتها كما تقدم، ولا يجب عليها أن تستأذن من الزوج في سائر الافعال الاخرى، وإذا فعلت شيئا من ذلك بغير اذنه لم يكن محرما إذا لم يناف حق الاستمتاع.

[ المسألة 434: ] تجب على الرجل نفقة مطلقته الرجعية إلى أن تنقضي عدتها منه سواء كانت حاملا أم حائلا، الا إذا كانت ممن لا نفقة لها كما إذا خرجت من بيت زوجها بغير اذنه فسقطت نفقتها بسبب ذلك ثم طلقت قبل أن تعود وتتوب من نشوزها، فلا تكون لها نفقة في هذه الحالة، وإذا رجعت وتابت ثبتت لها النفقة، وان كانت توبتها ورجوعها بعد الطلاق، كما هو الحكم في غير المطلقة.

[ المسألة 435: ] يجب الانفاق على المطلقة البائنة إذا كانت حاملا من المطلق، فينفق عليها حتى تضع حملها، ولا تجب النفقة للمطلقة البائنة غير الحامل منه، ولا للبائنة بغير الطلاق، سواء كانت حاملا أم حائلا، ولا لذات العدة من النكاح المنقطع وان كانت حاملا، ولا للمعتدة عدة الوفاة وان كانت حاملا كذلك، فلا نفقة لها في تركة زوجها ولا في نصيب الجنين الذي في بطنها من الميراث.

[ المسألة 436: ] إذا ادعت المطلقة البائنة انها حامل من المطلق لوجود بعض الامارات التي تدل على الحمل بحسب العادة، وصدقها بعض النساء الثقاة الخبيرات في دعواها، دفعت إليها النفقة يوما بعد يوم حتى ينكشف أمرها، فان استبان انها حامل أتمت لها النفقة حتى تضع، وإذا تبين عدم حملها استعيد منها ما أخذت من النفقة، ومع الشك تؤخر النفقة حتى تنكشف الحال.

[ المسألة 437: ] الانفاق على الزوجة هو القيام بما تحتاج إليه من طعام وأدام وكسوة ومسكن، وفراش للمنزل وأثاث، ووسائل انارة، وفراش للنوم ودثار، ووسائل طبخ وأدوات، وأواني أكل وشرب، وآلات تنظيف وتزين، وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها وشأنها ومكانها وزمانها من صيف أو شتاء ويراعى في جنس كل شئ من اولئك وفي مقداره ما تعارف اعتياده لامثال تلك المرأة بحسب شرفها ومكانتها. ومن الانفاق دفع أجرة الحمام إذا كان ذلك هو المعتاد لامثالها في البلد، وأجرة الطبيب وقيمة الدواء إذا احتاجت اليهما، ومصاريف الولادة، وما تحتاج إليه في الشتاء من وسائل الاصطلاء والتدفئة وفي الصيف من وسائل التهوية والتبريد، ومنه الاخدام إذا كانت من ذوات الحشمة والاخدام، أو كانت مريضة محتاجة إلى الخدمة في أيام مرضها، ويراعى في جميع ما ذكر وفي كيفيته ومقداره ما هو المتعارف لامثالها كما تقدم.

[ المسألة 438: ] يجوز للمرأة أن تطالب زوجها في بداية اليوم بنفقة ذلك اليوم إذا لم يكن قد دفع النفقه إليها، ولم يحدث لها ما يوجب سقوط نفقتها، ويجوز لها أن تجتزي عن ذلك بالاكل والشرب مع الزوج من طعامه وشرابه، وتقضي سائر احتياجاتها بما يعده في منزله لنفسه ولعياله من أدوات ووسائل، وليس للزوج أن يجبرها على ذلك.

[ المسألة 439: ] إذا انقضى اليوم ولم يدفع الرجل نفقة الزوجة فيه ولم تجتز بما يبذله في بيته من نفقات، استقرت نفقة الزوجه لذلك اليوم في ذمته ووجب عليه قضاؤها وهكذا في سائر الايام، من غير فرق بين أن يكون الزوج موسرا أو معسرا، نعم ليس للزوجة أو تطالب الزوج بهذا الدين في حال اعساره.

[ المسألة 440: ] إذا دفع الرجل إلى زوجته نفقة يوم أو أيام وانقضت تلك المدة ولم يحدث في أثنائها ما يوجب سقوط وجوب النفقة عن الرجل، ملكت الزوجة النفقة التي دفعها إليها، فإذا فضل منها شئ أو بقي جميعها، كما إذا قترت على نفسها أو أنفقت من غيرها كان ذلك ملكا لها، سواء كان ما دفعه الرجل إليها من أعيان النفقة نفسها أم من قيمتها.

[ المسألة 441: ] إذا مات الزوج وقد استقرت في ذمته نفقة بعض الايام لزوجته وجب على الوارث أن يفي ذلك من أصل تركة الميت كما هو الحكم في سائر الديون، وإذا ماتت الزوجة انتقل الدين إلى ملك ورثتها، فيرث الزوج حصته منه ويجب عليه اداء حصص الباقين من الورثة.

[ المسألة 442: ] يجوز للرجل أن يدفع للزوجة أعيان المأكول والمشروب جاهزة كاملة كالخبز والارز المطبوخ واللحم المطبوخ والكسوة المخيطة وسائر أعيان النفقة مما هو جاهز بالفعل ولا يحتاج إلى طبخ ومزاولة واعداد، ويجوز له أن يدفع لها أعيان النفقة، مما يحتاج إلى اعداد وكلفة كالارز والدقيق واللحم غير المطبوخة، والاقمشة غير المخيطة، وإذا دفع لها النفقة من القسم الثاني واحتاجت في أعدادها إلى مؤونة وأجرة، كان ذلك على الزوج كالحطب أو النفظ، أو الغاز للطبخ، والاجرة للخياطة. ويجوز لهما أن يتراضيا بينهما على دفع القيمة، فتشتري هي أو وكيلها ما تحتاج إليه، فإذا قبضت الزوجة القيمة أجزأت الزوج عن الواجب.

[ المسألة 443: ] النفقات التي تحتاج إليها المرأة في حياتها وفي اقامه شؤونها تكون على قسمين:

القسم الاول: ما لا ينتفع به الا بذهاب عينه، كالمأكول والمشروب والصابون ودهن الرأس وزيوت الزينة والعطور، ولا ريب في أن الزوجة تملك هذا القسم على الزوج، فيصح لها أن تطالب الزوج بأن يملكها أعيان تلك الاشياء، لتصرفها في حاجاتها، ولها أن تجتزئ عن تملكها بالانتفاع بما يدع الزوج منها لنفسه ولعياله في المنزل كما تقدم في المسألة الاربعمائة والثامنة والثلاثين، ولعل الكسوة من هذا القسم أيضا وان كانت مما ينتفع به مع بقاء عينه، فتملك الكسوة على الاقرب وتملك مطالبة الزوج بتمليكها، ولها أن تجتزئ بما يبذله منها.

القسم الثاني: ما ينتفع به مع بقاء عينه، كالمنزل والخادم وفراش البيت وفراش النوم، والدثار والادوات والاواني والوسائل، والظاهر أن الاشياء من هذا القسم انما تستحقها الزوجة على سبيل الامتاع لا التمليك فلا يجب عليه أن يملكها المنزل أو الخادم أو المبردة أو المدفئة، بل يجوز له أن يمتع زوجته ويسد حاجتها بما يملكه هو أو بما يملكه غيره بالاجارة أو الاستعارة ونحوهما، ويجوز له ان يملكها اياه.

[ المسألة 444: ] ما تملكه المرأة من أعيان النفقة وهو القسم الاول في المسألة المتقدمة يجوز لها أن تتصرف فيه بما تشاء، وان تهبه أو تتصدق به أو تبيعه، وإذا ملكته غيرها فليس لها بدله على الزوج، وانما تجب عليه نفقتها للايام الاخرى. فإذا ملك الرجل زوجته كسوة لتلبسها مدة معينة، وباعث المرأة الكسوة أو وهبتها أو تصدقت بها في أثناء المدة لم يجب على الرجل ان يدفع لها بدل الكسوة قبل أن تنتهي المدة المعينة لها، وانما تجب عليه الكسوة لما بعد ذلك من الايام، إذا لم يحدث للمرأة ما يسقط وجوب نفقتها. وما يمتعها به الرجل من أعيان النفقة التي ينتفع بها مع بقاء عينها وهو القسم الثاني في المسألة السابقة فلا يجوز لها أن تتصرف فيه على غير الوجه المتعارف من الانتفاع الا باذن زوجها واذن مالك الشئ إذا كان مالكه غير زوجها.

[ المسألة 445: ] لا يسقط وجوب النفقة عن الزوج بفقره واعساره، فيجب عليه لكسب لذلك إذا كان قادرا عليه، وإذا عجز عن الكسب أو كان غير لائق بشأنه بقيت النفقة دينا في ذمته، وتجب عليه الاستدانة لها، الا إذا علم بعدم قدرته على الوفاء، أو احتمل ذلك احتمالا قويا يعتد به.

[ المسألة 446: ] لا يسقط عن الرجل وجوب الانفاق على زوجته إذا سافرت وكان سفرها باذن الزوج أو كان واجبا شرعيا عليها وقد تقدم بيان هذا قريبا، فتجب على الزوج نفقة الزوجة في السفر كما تجب في الحضر، وتجب عليه أيضا نفقة السفر نفسه من أجور ومصاريف أخرى إذا كان السفر لشؤون حياة الزوجة ومثال ذلك أن تكون مريضة وتسافر باذن زوجها للعلاج في بعض البلاد، أو كان السفر لشؤون الزوج نفسه، كما إذا سافر هو لعلاج نفسه، وسافرت المرأة معه لمداراته وتمريضه ورعايته، ولا تجب عليه نفقات سفرها إذا كان لاداء واجب مثلا كحج الاسلام، أو الحج والعمرة والزيارة المنذورات.

[ المسألة 447: ] إذا كان الزوج قادرا على النفقة على زوجته وامتنع عن القيام بها، جاز للمرأة أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فإذا ثبت لديه امتناع الزوج، الزمه بالانفاق عليها أو الطلاق، فإذا امتنع عن الامرين، انفق الحاكم على المرأة من مال الزوج، وان كان ذلك ببيع بعض ممتلكاته، فإذا لم يمكن ذلك صح للحاكم الشرعي ان يطلق المرأة، سواء كان الزوج حاضرا أم غائبا.

[ المسألة 448: ] إذا كان لدى الرجل ما يكفيه لنفقة نفسه خاصة من غير زيادة وجب صرفه على نفسه، وكان الحكم في نفقة زوجته ما تقدم في المسألة الاربعمائة والخامسة والاربعين، فإذا فضل من المال شئ وجب عليه ان يصرفه في نفقة الزوجة ولم يدخر لنفسه في اليوم الآتي مثلا، فإذا فضل منه شئ وجب عليه أن يصرفه في نفقة الاخرين ممن تجب عليه نفقتهم، ولم يدخر لنفسه أو لزوجته في اليوم الآتي.

[ المسألة 449: ] لا يشترط في وجوب نفقة المرأة على زوجها أن تكون فقيرة، بل تلزمه نفقتها وان كانت غنية موسرة.

[ المسألة 450: ] نفقة الزوجة ليومها الحاضر حق من حقوقها على الزوج، ولذلك فيصح للمرأة اسقاطه عن الزوج قبل أن تقبضه، فإذا أسقطته سقط وجوب نفقة ذلك اليوم عن الزوج ولم يصح لها أن تطالبه بالنفقة بعد ذلك، وإذا انقضى اليوم ولم يدفع الرجل نفقته أصبحت دينا ثابتا للمرأة في ذمة الرجل، فيصح لها ان تبرئ ذمة الرجل منه وكذلك نفقتها في الايام الماضية التي لم يدفعها لعذر أو لغير عذر فهي ديون يصح فيها الابراء. واما نفقتها للايام المقبلة، ونفقتها بقول مطلق، فيشكل الحكم بصحه اسقاطها عن الرجل، فتقول له أسقطت عنك نفقتي في أيامي المقبلة، أو تقول أسقطت عنك جميع نفقتي الحاضرة والمقبلة ما عشت معك.

[ الفصل الرابع عشر ]  [ في نفقة الاقارب والمماليك ]

[ المسألة 451: ] تجب على الولد مع وجود الشرائط الآتي بيانها نفقة أبيه وأمه، ونفقة جده لابيه وجده لامه، ونفقة جدته لابيه وجدته لامه، وان كانوا أجداده وجداته بواسطة أو أكثر، وتجب على الاب كذلك نفقة ولده وبنته، ونفقة أبنائهما وبناتهما وان تعددت الواسطة ما بينه وبينهم، سواء كانت الواسطة ذكورا أم اناثا أم مختلفين، وسواء كانوا مسلمين أم كفارا غير حربيين.

[ المسألة 452: ] يشترط في وجوب النفقة أن يكون الشخص المكلف قادرا على الانفاق، أما لكونه واجدا للنفقة بالفعل، أو لكونه قادرا على الاكتساب اللائق بشأنه، والذي يكفى بسد الحاجة الموجودة، وان يكون المعال به ممن لا يجد ما يكفيه لتسديد نفقته بالفعل، مع عجزه عن التكسب اللائق بحاله. فلا تجب نفقته إذا كان ممن يجد كفايته لسد العوز، أو كان قادرا على اكتساب ذلك بما يناسب شأنه، وإذا وجد بعض ما يكفيه بالفعل وعجز عن التكسب للوفاء بالباقي، كان واجب النفقة على أبيه أو ولده القادرين، وان أمكنه أن يسد نفقته بالاقتراض أو الاستجداء والسؤال، أو أخذ الزكاة أو الخمس ونحوهما، وإذا بذلت له الزكاة أو الخمس بالفعل واكتفى بها لحاجته، لم يجب على قريبه الانفاق عليه. وتجب نفقته على قريبه إذا كان التكسب مما يشق تحمله عليه لضعف بدنه، أو كان التكسب مما لا يناسب شرفه ومكانته في المجتمع، أو اشتغل عنه بطلب علم واجب، ونحو ذلك من الامور المهمة في الدين أو الدنيا.

[ المسألة 453: ] المدار في وجوب نفقة الشخص على قريبه على حاجته وعجزه عن الكسب بالفعل، فإذا كان قادرا على الاكتساب ولكنه تركه في وقته باختياره وأصبح محتاجا بالفعل وغير قادر على تسديد حاجته، وجبت نفقته على قريبه، وان كان هو آثما بترك الكسب، وإذا كان قادرا على تعلم صناعة أو أمر يكفيه ناتجه لمعاشه، فلم يتعلم ذلك وأصبح محتاجا بالفعل، وجبت نفقته على قريبه كذلك.

[ المسألة 454: ] لا يجب الانفاق على غير الآباء والامهات والاولاد من الاقارب، نعم يستحب ذلك، ويتأكد الاستحباب في الانفاق على الوارث منهم.

[ المسألة 455: ] ليس من الكسب أن تتزوج المرأة بمن يليق بها من الرجال فيقوم بنفقاتها، فلا تعد المرأة التي تستطيع ذلك قادرة على الكسب، وإذا تركت هذا التزويج مع تيسره لها لم تسقط بذلك نفقتها عن أبيها أو عن ولدها.

[ المسألة 456: ] إذا لم يجد المكلف ما ينفقه على زوجته أو على قريبه الواجب النفقة، وكان قادرا على الاكتساب لذلك وجب عليه الاكتساب اللائق بحاله، وإذا ضاق به الكسب في وقت وأمكن له أن يستدين للنفقة أو يشتري نسيئه، وهو يستطيع أن يقضي الدين من كسبه في وقت آخر وجبت عليه الاستدانة أو الشراء للنفقة نسيئة، من غير فرق بين نفقة الزوجة ونفقة القريب.

[ المسألة 457: ] إذا كان المكلف مما يشق عليه التكسب لضعف بدنه أو مرضه أو كان مما لا يليق به لشرفه، ومكانته الاجتماعية أو كان مشغولا عنه بما هو أهم منه كطلب العلم الواجب، سقطت عنه نفقة أقاربه، وكانت نفقة زوجته دينا في ذمته، ولا يجب عليه التوسل للوفاء بها بالاستعطاء والسؤال أو أخذ الزكاة مثلا، ويجب عليه ذلك في نفقة نفسه إذا ضاق عنها كسبه وما يجد من مال.

[ المسألة 458: ] الواجب في الانفاق على القريب: أن يقوم المكلف بما يحتاج قريبه من طعام وأدام وكسوة، ومسكن وأثاث، ويراعى في ذلك حال المعال به وما يناسبه بحسب شرفه وضعته، ويلاحظ كذلك ما يناسبه في بلده وزمانه من صيف أو شتاء كما ذكرنا في نفقة الزوجة سواء بسواء.

[ المسألة 459: ] ليس من النفقة الواجبة للقريب اعفافه بتزويج أو اعطاء مهر أو تمليك أمة أو تحليلها من غير فرق بين الاب والولد، فلا يجب ذلك على المكلف وان كان القريب محتاجا إليه، والاحوط مراعاة ذلك وخصوصا مع الحاجة إليه، وخصوصا في الاب.

[ المسألة 460: ] لا تجب على المكلف نفقة من يعول به ذلك القريب، الا إذا كان واجب النفقة على الكلف نفسه فإذا أنفق الولد على أبيه لم تجب عليه نفقة زوجة الاب الا إذا كانت أم الولد نفسه، ولا نفقة أولاد أبيه وان كانوا اشقاءه، وتجب عليه نفقة أبي الاب وأمه فانهما أبوان للولد بالواسطة، وإذا أنفق الاب على ولده لم تجب عليه نفقة زوجة الولد، ووجبت عليه نفقة أولاد ولده، فانهم أولاد الاب بالواسطة.

[ المسألة 461: ] إذا عجز الانسان الذكر أو الانثى عن نفقة نفسه، وكان له أب قادر على الانفاق وجبت نفقته على أبيه مع الانفراد، وكذلك إذا كان له ولد قادر على الانفاق عليه سواء كان الولد ذكرا أم أنثى، فتجب على الولد نفقة أبيه مع أبيه. وإذا كان له أب وولد موسران اشتركا في الانفاق عليه، وكذلك إذا كان له أبناء متعددون موسرون، فانهم يشتركون في وجوب الانفاق عليه، سواء كانوا ذكورا أم اناثا أم مختلفين. ويجوز لاحدهم أن ينفرد بنفقته مع التراضي.

[ المسألة 462: ] لا تجب نفقة الانسان العاجز عن نفقة نفسه على جده لابيه مع وجود أبيه أو ابنه الذكر أو الانثى إذا كانوا موسرين، وإذا لم يكن له أب ولا ولد، أو كانا غير قادرين على الانفاق عليه وجبت نفقته على جده لابيه مع القدرة، ويكون مقدما على جد الاب لابيه.

[ المسألة 463: ] قال المشهور من الفقهاء قدس الله أرواحهم: وهكذا يتصاعد الحكم بوجوب الانفاق على المعسر إلى الاقرب من الاجداد فالاقرب، والى الاقرب من الاحفاد فالاقرب، فإذا كان للمعسر ابن ابن موسر اشترك مع الجد للاب في النفقة، واختص بها مع الانفراد، وقدم على جد الاب، ويقدم الحفيد الذي يتقرب إلى المعسر بواسطتين على الحفيد والجد اللذين يتقربان إليه بثلاث وسائط أو أكثر، ويشترك مع الحفيد والجد اللذين يتقربان مثله بواسطتين، وكذلك يقدم الجد الذي يتقرب بواسطتين على الحفيد والجد اللذين يتقربان بثلاث وسائط أو أكثر، وعلى هذا النهج يجري في بقية المراتب والطبقات إذا اتفق وجود ذلك. وقالوا أيضا: إذا كان للمعسر أب أو ولد ذكر أو أنثى أو جد لاب وان علا، لم تجب نفقته على أمه وان كانت موسرة، وإذا فقد كل اولئك أو كانوا غير قادرين على الانفاق وجبت النفقة على أمه إذا كانت قادرة. وإذا فقدت الام أو كانت غير قادرة كانت نفقته على أبي الام وأمها إذا كانا موجودين وقادرين على الانفاق وتشترك معهما أم الاب ويشترك معهم ولد الولد إذا كان موسرا، وإذا كان القادر على الانفاق أحدهم خاصة انفرد بوجوب النفقة، فإذا فقدوا جميعا أو كانوا معسرين كانت النفقة على الاقرب فالاقرب من الاحفاد وآباء الام وأمهاتها وآباء أمهات الاب وأمهات آبائه، وإذا وجد متعددون منهم في مرتبة واحدة اشتركوا في النفقة. هكذا ذكروا رحمهم الله في ترتيب طبقات المنفقين، وفي كثير مما ذكروه في وجود التقديم اشكال وتأمل، فلا يترك الاحتياط بالتراضي والمصالحة في فروض التقديم.

[ المسألة 464: ] يجب على المكلف القادر على الانفاق أن يقوم بنفقة غير القادر من آبائه وابنائه على ما تقدم بيانه سواء كان المعسر واحدا أم أكثر وسواء كانوا من مرتبة واحدة أم أكثر، فيجب عليه الانفاق على الجميع مادام مستطيعا لذلك. وإذا أمكنه الانفاق على البعض خاصة وجب عليه الانفاق على الاقرب إليه فالاقرب منهم حسب قدرته ولم يجب عليه الانفاق على من بعد، فإذا استطاع الانفاق على واحد وكان له أب وجد معسران أو ولد وجد كذلك انفق على أبيه في الفرض الاول وعلى ولده في الفرض الثاني ولم تجب عليه نفقة جده، وإذا استطاع أن ينفق على اثنين أنفق على أبويه إذا كانا معسرين ولم ينفق على جده وكذلك إذا كان ولده وأحد أبويه معسرين أو كان له ابنان معسران فلا تجب عليه نفقة جده في الفرضين فان الاب والولد أقرب إليه من الجد.

[ المسألة 465: ] إذا استطاع المكلف الانفاق على واحد وكان له أبوان معسران أو ولدان كذلك أو ولد وأب، فان أمكن له أن يقسم ما يجده بينهما ويكون مجديا، قسمه بينهما، وان لم يمكن تقسيم الشئ الموجود أو كان مع التقسيم لا يجدي شيئا، انفق على من تعينه القرعة منهما على الاحوط، وهكذا كلما كان المحتاجون أكثر مما يستطيع وكانوا متساوين في القرب إليه.

[ المسألة 466: ] لا يجوز ترك الانفاق على الاقارب مع القدرة على النفقة ويأثم المكلف بها إذا تركها عامدا دون عذر يسوغ له ذلك، ولا يجب قضاء النفقة عليهم إذا فاتت لعذر أو لغير عذر الا في الصورة الآتي ذكرها.

[ المسألة 467: ] إذا وجبت نفقة القريب على المكلف وامتنع على الانفاق الواجب، وعلم الحاكم الشرعي بامتناعه، أجبره على الانفاق، وإذا اصر على امتناعه تولى الحاكم الانفاق على القريب من بعض أموال المكلف ولو بأن يبيع بعض ممتلكاته، ويصح للحاكم الشرعي ان يأمر القريب المعسر بأن يستدين لنفقته على ذلك المكلف إذا كان ممتنعا أو غائبا، أو يأمره بالشراء للنفقة نسيئة، ويجب على الملكف قضاء هذا الدين.

[ المسألة 486: ] وجوب نفقة الاقارب على المكلف بها حكم شرعي محض وليس حقا من الحقوق ولذلك فهو لا يقبل الاسقاط إذا اسقطه القريب المعسر.

[ المسألة 469: ] إذا أعسر العبد المملوك ولم يستطع الانفاق على نفسه لم تجب نفقته على قريبه الحر، بل تجب نفقته على مالكه ويجبر المالك عليها إذا امتنع عن ادائها وسيأتي بيان ذلك ان شاء الله تعالى، وإذا أعسر الكافر الحربي أو المرتد الفطري لم تجب نفقته على قريبه المسلم.

[ المسألة 470: ] تجب نفقة المملوك على سيده من غير فرق بين العبد والامة ولا بين الصغير والكبير ومن غير فرق في الامة بين الموطوءة لسيدها بالملك وغيرها، والواجب من نفقة المملوك ما يقوم بكفايته وسد حاجته من الطعام والادام والشرب والكسوة والمسكن وغير ذلك مما يحتاج إليه، ويراعى في جنس ذلك ما يتعارف لمماليك أمثال سيده في ذلك البلد.

[ المسألة 471: ] إذا كان المملوك قابلا للاكتساب تخير مولاه بين أن ينفق عليه من ماله، وان ياذن له في الكسب والانفاق على نفسه من حاصل كسبه، فإذا فضل منه شئ دفعه إلى مولاه، وإذا قصر كسبه عن النفقة أتمها المولى من ماله.

[ المسألة 472: ] إذا امتنع مولى العبد عن الانفاق على مملوكه بأحد الوجهين الآنف ذكرهما، أجبره، الحاكم على بيع المملوك أو غير البيع مما يزيل ملكه عنه أو الانفاق عليه.

[ المسألة 473: ] تجب نفقة البهيمة المملوكة على مالكها بما يقوم بكفايتها من أكل وسقي ومكان وجل إذا كانت مما تحتاج إلى ذلك، ويراعى فيه جنس ما تقتات به تلك البهيمة فالحيوانات التي تقتات الكلاء والحشائش والقت وأمثالها يجب على مالكها أن يهيئ لها ما يقوم بحاجتها منه، ودود القز الذي يقتات ورق التوت مثلا على المالك أن يوفره له ونحل العسل الذي يقتات من ازهار الشجر على المالك أن يوفره له وهكذا. ويكفي أن يطلق البهيمة تسوم في الارض وترعى من خصبها فان لم يكفها ذلك علفها بمقدار كفايتها. وإذا امتنع المالك عن الانفاق على البهيمة أجبر على بيعها أو الانفاق عليها، أو ذبحها إذا كانت مما ينتفع به بالتذكية عادة.
 

نقلا عن كلمة التقوى لآية الله العظمى الشيخ محمد أمين زين الدين قدس سره