عقائد الشيعة الإمامية >> القاضي الكراجكي

 

العلامة أبو الفتح الكراحكي

 

 

 

 

 

 

أسماء الله تعالى وصفاته

 

 

 

 

أسماء الله تعالى كلها عائدة إلى الصفات لأنها دالة على معان ومتضمنة لفوائد

لما كان الله تعالى يجل عن المجانسة ويرتفع عن المماثلة استحال أن يكون في أسمائه لقب ووجب أن يكون جميعها مفيدا للمعاني كما تفيد الصفات

 

- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي  ص 20 :

(فصل) في معرفة أسماء الله تعالى وحقيقتها

فأما أسماء الله تعالى كلها فعائدة إلى الصفات لأنها دالة على معان ومتضمنة لفوائد وليس فيها اسم يخلو من ذلك ويجرى مجرى اللقب إنما وضع على شخص تقع الإشارة إليه ليفرق بينه وبين ما شاركه في جنسه من الأشخاص المتماثلة ولما كان الله تعالى يجل عن المجانسة ويرتفع عن المماثلة استحال أن يكون في أسمائه لقب ووجب أن يكون جميعها مفيدا للمعاني كما تفيد الصفات.

فأما التسمية له تعالى (بالله) فانه يفيد من المعنى وله العباد إليه وتعلق نفوسهم به ورغبتهم عند الشدائد في ازالة المكروه إليه وقد روى عن الصادق عليه السلام في هذا المعنى مثل ما ذكرناه الحقيقة وان خالفه في بعض اللفظ فروى عنه انه قال "الإله يقتضي والها والواله لا بد له من مألوه والاسم غير المسمى والأصل في قولنا الله إلاه ثم دخلت الالف واللام للتعريف فصار الإله فاسقطت الهمزه الثانية تخفيفا و جعلت اللامان لاما واحدة مشددة فقيل الله.

فأما التسمية له (بالرحمن الرحيم) فهو أن الرحمن مشتق من فعل الرحمة على سبيل المبالغة في الوصف لوقوعها في الفعل على حد لا يصح وقوعها عليه من أحد من الخلق وقد روى عن الباقر عليه السلام صحة ذلك فقال الرحمن لسائر الخلق الرحيم بالمؤمنين فكان أحد الاسمين مشتق من عموم الرحمة وهو الرحمن والآخر مشتق من خصوصها وهو الرحيم.

فأما تسميته (باللطيف) فيفيد اجتماع الحكمة والرحمة ونفوذ مراده إذا شاء وقوعه على الحتم بلطائفه التي يلطف بها لخلقه على العلم بمصالحهم وهذا معروف في اللسان تقول العرب فلان لطيف في أمره وفلان لطيف في صنعته إذا أرادوا وصفه بالحكمة في تدبيره.

وأما (الخبير) فيفيد علمه بالاشياء على حقائقها وتبينه لها على أوصافها وأما (الكريم) فهو مشتق من فعل الكرم وهو التفضل بالنعم والصفح عن الذنوب والتطول بالمنن وأما (الجواد) فهو مشتق من الجود و هو التفضل كما ذكرناه في معنى الكرم غير أن لفظ الجود أبلغ في الوصف في معنى الكرم من لفظ كريم وأما (الغني) فيفيد القدرة على ما يريد من غير معين عليه وليس يستحق هذه السمة مع الله عزوجل على الحقيقة غيره ومن وصف من المخلوقين فعلى سبيل الاتساع.

وأما (السخي) فمعناه عند من حقق إطلاقه على الله سبحانه بذل النعم والتفضل بها وقد أبت جماعة من أهل التوحيد إطلاق السخاء على الله تعالى لأنه لم ينقطع عذري بكتاب منزل ولا سنة متواترة ولا إجماع ولا اثر مستفيض جاء عن الصادقين عليهما السلام في تسمية تعالى بالسخاء وليس له معنى تدل عليه العقول وقد ذكر بعض أهل التوحيد العارفين باللغة انه مأخوذ السخاوة وهي الأرض الرخوة وقد ثبت أن الأسماء لا تؤخذ إلا سماعا فلهذا وقفت ولم أقدم.

وأما قولنا (رب) فهو مأخوذ من التربية ثم نقل إلى الملك و قولنا (مالك) مشتق من الملك وجميع ما سوى هذا مما سمى الله تعالى به نفسه فصفات مفيدة لمعان يفهم ذلك من تأمله.

 

 

جميع ما يوصف الله سبحانه به ينقسم على قسمين فقسم يوصف به على حقيقة والمراد به معنى الوصف وقسم يوصف به مجازا واتساعا و المراد غير حقيقة ذلك الوصف

صفات الحقائق تنقسم قسمين فقسم صفات ذاتية وهي التي لم يزل عليها ولا يزول عن استحقاقها وقسم صفات أفعال وهي التي تجددت عند فعله الأفعال

- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي  ص 22 :

(فصل) في تمييز صفات الله تعالى

اعلم إن جميع ما يوصف الله سبحانه به ينقسم على قسمين فقسم يوصف به على حقيقة والمراد به معنى الوصف وقسم يوصف به مجازا واتساعا و المراد غير حقيقة ذلك الوصف، وصفات الحقائق ينقسم أيضا قسمين فقسم صفات ذاتية وهي التي لم يزل عليها ولا يزول عن استحقاقها وقسم صفات افعال وهي التي تجددت عند فعله الافعال ولا يصح ان يقال انه عليها فيما لم يزل بيان صفات الذات والدليل عليها وهي قولنا حى باق وقادر وعالم وكذلك موجود وقديم فهذه صفات استحقها لنفسه لا لمعنى آخر والدليل على ذلك انه لو كان حيا بحياة وباقيا ببقاء وقادرا بقدرة وعالما بعلم كان حياته وبقاءه وقدرته وعلمه لا يخلو عن حالين أما ان يكون معاني قديمة معه وأما ان تكون حادثة فلو كانت قديمة لشاركته في اخص صفاته وماثلته فيبطل التوحيد وقد تقدمت الادلة على صحته وايضا فلو ماثلت الصفة للموصوف لم تكن صفة له باولى من ان يكون هو صفة لها وان كانت هذه المعاني الموصوف بها اعني الحياة والبقاء والقدرة والعلم حادثة وجب ان يكون قبل حدوثها غير مستحق للوصف بها وقد ثبت الادلة على انه سبحانه لم يزل حيا باقيا قادرا عالما ولو كانت ايضا حادثة لم يكن لها غناء عن محدث احدثها ولا يصح ان يكون محدثا غيره تعالى لانه الفاعل الاول والقديم الذي لم يزل فكيف يفعل الحياة لنفسه من ليس بحي أو يحدث القدرة من ليس بقادر والعاقل يعلم ان هذا مستحيل باطل فعلم انه حي وباق وقادر وعالم لنفسه لا لمعان غيره وربما اطلق اللفظ اتساعا بان له قدرة وعلما قال الله سبحانه كذا والمعنى انزله وهو عالم به ويقول المتكلمون قدرة الله عظيمة والمعنى التعظيم لمقدوره وانه لا يعجزه شئ اراده فاما عند التحقيق فهو قادر عالم لنفسه وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال في كلام له وحد الله تعالى وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه وهذا القول عنه عليه السلام انه تعالى عالم لنفسه وذاته وانه لا علم في الحقيقة له تعالى الله الذي ليس كمثله شئ وقد ذهب المجبرة الى ان الله تعالى موصوف بصفات قديمة معه وانها ليست غيره ولا بعضها غير بعض وهذا خروج عما يعقل ويفهم لان العقول شاهدة بان الاشياء التي يقع عليها العدد ويشملها الوجود ويختص كل منها بدليل لا يكون الا غيارا بعضها سوى بعض وقد قال لهم أهل العدل إذا كانت لله تعالى صفات قديمة وليست غيره بقولها انها أو هي هو فإن العقل يقضى بانه لا بد لكم في اثباتكم لها من أحد هذه الثلاثة الاقسام قالت المجبرة كل واحد من هذه الثلاثة الاقسام قد ثبت الدليل على بطلانه فلا سبيل الى قوله ولكنا نقول ليست الصفات عين الموصوف ولا غيره ولا بعضه فقال لهم أهل العدل وقد هربتم من ان تقولوا باحد هذه الاقسام لبطلانه وصرتم الى ادعاء ما لا يتصور العقول صحته بل يشهد بفساده وبطلانه فاخبرونا ما الفرق بينكم في قولكم ان صفاته لا هي هو ولا غيره ولا بعضه قالت المجبرة هذا القول مناقضة حالت العدلية وقولكم في التناقض مثله وأي شئ اردتموه في ابطال ما عارضناكم به فقولكم يبطل بمثله وقد قالت المجبرة ايضا في نصرة مذهبها انا لم نر عالما إلا وله علم ولا قادرا إلا وله قدرة فلما كان الله عالما قادرا وجب ان يكون له علم وقدرة قال لها أهل العدل انكم إنما عولتم في ذلك على الشاهد فقولوا ان علم الله تعالى غيره وكذلك قدرته غيره لانكم لم تروا في الشاهد عالما قادرا إلا وهذا حكمه وقولوا ايضا ان علم الله تعالى محدث وكذلك قدرته وجميع صفاته لانكم لم تروا ذا صفات إلا وصفاته محدثة فاحتالوا في الخلاص مما لزمكم على سنن قياسكم.

 

صفة الفعل هي كل صفة داخلة في باب المضاف ومعنى ذلك ان يكون يقتضى وجود غير الموصوف كقولنا إله ورب

- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي  ص 23 :

(بيان صفات الافعال)

اعلم ان صفة الفعل هي كل صفة داخلة في باب المضاف ومعنى ذلك ان يكون يقتضى وجود غير الموصوف كقولنا إله ورب ومالك وفاعل وجواد ورازق وراحم ومتكلم وصادق ونحو ذلك لانا قد بينا ان الاله والها والواله لا يكون إلا موجودا والرب يقتضى مربوبا ولا يرب المعدوم وانما يصح ذلك بعد وجوده وكذلك مالك يقتضى وجود المملوك لانه لا يقال قد ملك المعدوم وفاعل صفة لا شبهة في انها لا تصح إذا وجد المفعول نعوذ بالله من القول بان القديم لم يزل فاعلا لأن ذلك يقتضى انه لم يتقدم افعاله فيصير الفاعل قديما وجميع صفات الافعال جارية هذا المجرى لمن تأملها الا ترى لو قلنا انه جواد فيما لم يزل اقتضى ذلك فعله للجود فيما لم يزل ووجود من يجود عليه ايضا فيما لم يزل وكذلك لو قولنا رازق وراحم في القدم وجب ان يكون فاعلا للرزق والرحمة فيما لم يزل وان يكون المرزوق المرحوم شريكا له في القدم وكذلك قولنا متكلم يقتضى وجود كلام إذا تكلم فكلام الله تعالى أحد افعاله كما ان رزقه أحد افعاله و هو موجود قبل كلامه فاما صادق فلا يصح إلا بعد صحة التكلم والجميع صفات افعال على ما تبين.

 

في فروق صفة الذات وصفة الفعل

- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي  ص 24 :

( فصل ) في فروق صفة الذات وصفة الفعل

الفروق بينهما كثيرة فمنها ان تنظر الصفة التي تصف الله تعالى بها فإن كانت داخلة في باب المضاف فهى صفة نفسيه كقولنا موجود وقديم وباق وحي وكذلك ان كانت تقتضي اضافته الى أمر غير موجود كقولنا قادر فالقادر لا يكون قادرا إلا على مقدور ولكن المقدور غير موجود ويجرى مجرى ذلك قولك عالم لانه لا يكون عالما إلا بمعلوم وقد يصح ان يكون المعلوم معدوما غير موجود فاما ما سوى ذلك من الصفات الداخلة في باب المضاف المقتضية اثبات غير الموصوف مما يكون موجودا غير معدوم فكلها صفات افعال فرق آخر ومنها ان كل صفة تصف الله تعالى بها ولا يجوز ان يدخلها التخصيص فتثبتها له في حال وتنفيها منه في اخرى فهى صفة نفسية كقولك موجود وحى وقادر وعالم فانه لا يجوز ان ينتفى عنه ولا يتخصص شئ من ذلك وكل صفة تصفه بها ويجوز التخصيص فيها فتثبتها له في حال وتنفيها عنه في غيرها فهى صفة فعل كقولك فاعل وراحم ورازق ومتكلم فانك تقول انه سبحانه يفعل الخير ولا يفعل الشر ويرحم المؤمن ولا يرحم الكافر ويرزق زيدا ولا يرزق عمرا وكلم الله موسى عليه السلام ولم يكلم فرعون فيكون فيها صفات افعال صح فيها التخصيص وهذا واضح فرق آخر وهو ان كل ما استحال ان يوصف بالقدرة عليه وعلى ضدة فهو من صفات ذاته الا ترى انه يستحيل قولك يقدر اي يحيي ويقدر على الاحياء ويقدر على ان لا يقدر ويقدر على ان يعلم ويقدر على ان لا يعلم فهذه صفات ذات فاما ان كان ما يوصف به يصح ان يوصف بالقدرة عليه وعلى ضده فهو من صفات الافعال الا ترى انك تقول يقدر ان يفعل ويقدر ان لا يفعل ويقدر ان يرحم ويرزق ويقدر ان لا يرحم ولا يرزق ويقدر ان يتكلم ويقدر ان لا يتكلم فهذه كلها صفات افعال فافهم ذلك.

 

بيان صفات المجاز

صفات المجاز  صفات لا تدل على وجوب صفة يتصف بها الله تعالى وإنما نحن متبعون للسمع الوارد بها ولم يرد بها السمع إلا على مجاز اللغة واتساعاتها

صفات المجاز المراد بكل صفة منها معنى غير حقيقتها نحو كاره وغضبان وراض ومحب وسميع وبصير

- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي  ص 24 :

(بيان صفات المجاز)

فاما الذي يوصف الله تعالى به ومرادنا غير حقيقة الوصف في نفسه فهو كثير فمنه مريد وكاره وغضبان وراض ومحب ومبغض وسميع وبصير ورائي ومدرك فهذه صفات لا تدل على وجوب صفة يتصف بها وإنما نحن متبعون للسمع الوارد بها ولم يرد بها السمع إلا على مجاز اللغة واتساعاتها والمراد بكل صفة منها معنى غير حقيقتها... بقية البحث يرجع إلى المصدر