عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

القرن الرابع

-17-

المفجَّع المتوفى 327

 

أيها اللائمــــــــي لحـــــبي عـــــليا * قم ذميـــــما إلـــــى الجـــحيم خزيا

أبخير الأنام عـــــــرضت ؟ لا زلت * مـــــذودا عـــــن الهـــــدى مــزويا

أشـــــبه الأنبـياء كهلا وزولا (1) * وفطيمـــــا وراضـــــعا وغـــــذيــــا

كـــــان فـــــي عــلمه كآدم إذ علم * شـــــرح الأســـــمـــــاء والمـــكنيا

وكـــــنوح نجـا من الهلك من سيـ * ـــر فـــــي الفـــلك إذ علا الجـــوديا

***

وعـــــلي لمـــــا دعـــــاه أخـــــوه * سبـــــق الحـــــاضرين والــــبدويا

وله من أبيه ذي الأيدي إسماعيل * شبـــــه مـــــا كان عـــــني خـــفيا

إنه عـــــاون الخـــليل على الكعــ * ــبة إذ شـــــاد ركـــــنها المـــــبنيا

ولقــــد عاون الوصي حبيب الــــــ* ــله إذ يغـــــسلان منـــــها الصفيا

رام حمل النـــــبي كي يقلع الأصـــ* ـــنام عـــن سطحها المثول الجثيا

فحـــــناه ثـــــقل النـــــبوة حـــــتى * كـــــاد ينـــــآد تحـــــته مثـــــنـــــيا

فـــــارتقى منـــــكب النـــــبي علي * صـــــنوه مـــــا أجـــــل ذاك رُقــيّا

فأمـــــاط الأوثان عن ظاهر الكعــ * ــبة ينـــــفي الأرجــاس عنها نفيا

ولـــــو أن الوصي حاول من النـــ * ــجـــــم بالكـــــف لـــم يجده قصيا

أفهـــــل تعـــــرفون غـــــير عــلي * وابـــــنه استــــرحل النبي مطيا؟!

***

لـــــم يكـــــن أمـره بدوحات (خم) * مشـــــكلا عـــــن سبـــــيله ملويا

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) الزول : الغلام الظريف.

 

/ صفحة 354 /

إن عهـــــد ؟ النـــــبي فـــي ثقليه * حـــــجة كنـــــت عـن سواها غنيا

نصـــــب المــرتضى لهم في مقام * لـــــم يكـــــن خـــــاملا هـناك دنيا

عـــــلما قـــــائما كما صدع البدر * تمـــــاما دجـــــنـــــة أو دجـــــيـــا

قـال : هذا مولى لمن كنت مولاه * جـــــهارا يقـــــولها جـــــهــــوريا

وال يــــا رب من يواليه وانصره * وعـــــاد الـــــذي يعـــادي الوصيا

إن هـــــذا الـــــدعا لمن يتعـــدى * راعـــــيـــــا فـــي الأنام أم مرعيا

لا يـــــبالي أمـــــات مـــوت يهود * مـــــن قـــــلاه أو مــــات نصرانيا

مـــــن رأى وجهـه كمن عبد الله * مـــــديم القـــــنــوت رهـــــبانـــــيا

كـــــان ســـــؤل النــبي لما تمنى * حـــــين أهـــــدوه طائـــــرا مشويا

إذ دعـــــا الله أن يســـــوق أحـب * الخـــــلق طـــــرا إلـيه سوقا وحيا

فـــــإذا بالـــــوصي قد قرع الباب * يـــــريـد الـــــســـــلام ربـــــانـــــيا

فـــــثـــــناه عـــــن الدخول مرارا * أنس حـــــين لـــــم يــــكن خزرجيا

وذخـــــيرا لقـومه وأبى الرحمان * إلا إمـــــامنـــــا الـطـــــالبـــــيـــــا

ورمـــــى بالبــياص من صد عنه * وحـــــبا الفـــــضل ســـــيدا أريحيا

[ القصيدة 160 بيتا ]

* (ما يتبع الشعر) *:

هذه القصيدة من غرر الشعر ونفيسه توجد مقطعة في الكتب، نحن عثرنا عليها مشروحة بذكر الأحاديث المتضمنة لمفاد كل فضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام نظمها في بيت أو بيتين أو أكثر يبلغ عدد أبياتها 160 بيتا، غير أن فيها أبيات من الدخيل تنافي مذهب المفجع ومعتقده ألصقها بالقصيدة بعض أضداده، وأدخل شرحها الملائم لمعنى الأبيات في الشرح، كما يذكرها في سيد البطحا أبي طالب عليه السلام والد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وفي أبي إبراهيم الخليل مما لا يقول به أحد من الأصحاب، فكيف بالمفجع الذي هو من رجالات الشيعة وغلمائها وشعرائها المتبصرين ؟ ! وأظن أن هذا الشرح أيضا له، وأحسب أن كلمة شيخ الطايفة الطوسي في (الفهرست) والمرزباني

/ صفحة 355 /

في (المؤتلف والمختلف) والحموي في (معجم الأدباء) عند تعداد كتبه : (وكتاب قصيدته في أهل البيت) توعز إلى ذلك الشرح.

 وهذه القصيدة تسمى به [ الأشباه ] قال الحموي في (معجم الأدباء) ج 17 ص 191 في أول ترجمة المترجم : إن له قصيدة يسميها بالأشباه يمدح فيها عليا ثم قال في ص 200 : له قصيدته ذات الأشباه، وسميت بذات الأشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في محفل من أصحابه : إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في همه، وإبراهيم في خلقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سنته (1 )، ومحمد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام. فأورد المفجع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة أولها. ثم ذكر منها 18 بيتا.

 حديث الأشباه :

هذا الحديث الذي رواه الحموي في معجمه نقلا عن تاريخ ابن بشران قد أصفق على روايته الفريقان غير أن له ألفاظا مختلفة وإليك نصوصها :

 1 - أخرج إمام الحنابلة أحمد عن عبد الرزاق بإسناده المذكور بلفظ :

 من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سنته، وإلى محمد في تمامه وكماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل. فتطاول الناس فإذا هم بعلي بن أبي طالب كأنما ينقلع من صبب، و ينحط من جبل.

 2 - أخرج أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى 458 في (فضايل الصحابة) بلفظ :

 من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته : فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 3 - أخرج الحافظ أحمد بن محمد العاصمي في كتابه [ زين الفتى في شرح سورة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) في الأصل، في سنه.

 

/ صفحة 356 /

هل أتى ] بإسناده من طريق الحافظ عبيد الله بن موسى العبسي عن أبي الحمراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 وبإسناد آخر من طريق الحافظ العبسي أيضا وزاد : وإلى يحيى بن زكريا في زهده.

 وأخرج بإسناد ثالث بلفظ أقصر من المذكور.

 ثم قال : أما آدم عليه السلام فإنه وقعت المشابهة بين المرتضى وبينه بعشرة أشياء : أولها : بالخلق والطينة. والثاني : بالمكث والمدة. والثالث : بالصحابة والزوجة. والرابع : بالتزويج والخلعة. والخامس : بالعلم والحكمة. والسادس : بالذهن والفطنة. والسابع : بالأمر والخلافة. والثامن : بالأعداء والمخالفة. والتاسع : بالوفاء والوصية. والعاشر : بالأولاد والعترة. ثم بسط القول في وجه هذه كلها فقال : ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين نوح بثمانية أشياء: أولها : بالفهم : والثاني : بالدعوة. والثالث : بالإجابة. والرابع : بالسفينة. والخامس : بالبركة. والسادس : بالسلام. والسابع : بالشكر. والثامن : بالإهلاك. ثم بين وجه الشبه في هذه كلها إلى أن قال :

 ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين إبراهيم الخليل بثمانية أشياء : أولها : بالوفاء. والثاني : بالوقاية. والثالث : بمناظرته أباه وقومه. والرابع : بإهلاك الأصنام بيمينه. والخامس : ببشارة الله إياه بالولدين اللذين هما من أصول أنساب الأنبياء عليهم السلام. والسادس : باختلاف أحوال ذريته من بين محسن وظالم. والسابع : بابتلاء الله تعالى إياه بالنفس والولد والمال. والثامن : بتسمية الله إياه خليلا حتى لم يؤثر شيئا عليه. ثم فصل وجه الشبه فيها إلى أن قال : ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين يوسف الصديق بثمانية أشياء :

أولها : بالعلم والحكمة في صغره.

 والثاني : بحسد الأخوة له.

 والثالث : بنكثهم العهود فيه.

 والرابع بالجمع له بين العلم والملك في كبره.

 والخامس : بالوقوف على تأويل الأحاديث.

 والسادس : بالكرم والتجاوز عن إخوته.

 والسابع : بالعفو عنهم وقت القدرة عليهم.

 والثامن : بتحويل الديار.

 ثم قال بعد بيان وجه الشبه فيها :

 

/ صفحة 357 /

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين موسى الكليم عليه السلام بثمانية أشياء :

 أولها : الصلابة والشدة. والثاني : بالمحاجة والدعوة. والثالث : بالعصا والقوة. والرابع : بشرح الصدر والفسحة. والخامس: بالأخوة والقربة. والسادس : بالود والمحبة. والسابع : بالأذى والمحنة. والثامن : بميراث الملك والإمرة. وبين وجه التشبيه فيها ثم قال :

 ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين داود بثمانية أشياء : أولها : بالعلم والحكمة. والثاني : بالتقوى على إخوانه في صغر سنه. والثالث : بالمبارزة لقتل جالوت. والرابع : بالقدر معه من طالوت إلى أن أورثه الله ملكه. والخامس : بإلانة الحديد له. والسادس : بتسبيح الجوامد معه. والسابع : بالولد الصالح. والثامن : بفصل الخطاب. وقال بعد بيان المشابهة فيها :

 ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين سليمان بثمانية أشياء : أولها : بالفتنة والابتلاء في نفسه. والثاني : بتسليط الجسد على كرسيه. والثالث : بتلقين الله إياه في صغره بما استحق به الخلافة. والرابع : برد الشمس لأجله بعد المغيب. والخامس : بتسخير الهوى والريح له. والسادس : بتسخير الجن له. والسابع : بعلمه منطق الطير والجوامد وكلامه إياه. والثامن : بالمغفرة ورفع الحساب عنه. ثم بين وجه التشبيه فقال :

 ووقعت المشابهة بين المرتضى عليه السلام وبين أيوب بثمانية أشياء : أحدها : بالبلايا في بدنه. والثاني : بالبلايا في ولده. والثالث : بالبلايا في ماله. والرابع : بالصبر على الشدايد. والخامس : بخروج الجميع عليه. والسادس : بشماتة الأعداء. والسابع : بالدعاء لله تعالى فيما بين ذلك وترك التواني فيها. والثامن : بالوفاء للنذر والاجتناب عن الحنث. وقال بعد بيان وجه المشابهة فيها :

 ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين يحيى بن زكريا بثمانية أشياء : أولها : بالحفظ والعصمة. والثاني : بالكتاب والحكمة. والثالث : بالتسليم والتحية. و الرابع : ببر الوالدين. والخامس : بالقتل والشهادة لأجل مرأة مفسدة. والسادس : بشدة الغضب والنقمة من الله تعالى على قتله. والسابع : بالخوف والمراقبة. والثامن بفقد السمي والنظر له في التسمية. ثم قال بعد بسط الكلام حول التشبيه فيها :

 

/ صفحة 358 /

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين عيسى بثمانية أشياء : أولها : بالاذعان لله الكبير المتعال. والثاني : بعلمه بالكتاب طفلا ولم يبلغ مبلغ الرجال. والثالث : بعلمه بالكتابة والخطابة. والرابع : بهلاك الفريقين فيه من أهل الضلال. والخامس : بالزهد في الدنيا. والسادس : بالكرم والافضال. والسابع : بالإخبار عن الكواين في الاستقبال. والثامن : بالكفائة. ثم بين وجه الشبه فيها :

 وهذا الكتاب من أنفس كتب العامة فيه آيات العلم وبينات العبقرية، وقد شغل القوم عن نشر مثل هذه النفايس بالتافهات المزخرفة.

 4 - أخرج أخطب الخطباء الخوارزمي المالكي المتوفى 568 بإسناده في (المناقب) ص 49 من طريق البيهقي عن أبي الحمراء بلفظ : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 وأخرج في ص 39 بإسناده من طريق ابن مردويه عن الحارث الأعور صاحب راية علي بن أبي طالب قال : بلغنا إن النبي صلى الله عليه وآله كان في جمع من أصحابه فقال : أريكم آدم في علمه، ونوحا في فهمه، وإبراهيم في حكمته. فلم يكن بأسرع من أن طلع علي عليه السلام فقال أبو بكر : يا رسول الله ؟ أقست رجلا بثلثة من الرسل ؟ ! بخ بخ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله ؟ قال النبي : أو لا تعرفه يا أبا بكر ؟ قال : الله و رسوله أعلم. قال : هو أبو الحسن علي بن أبي طالب. فقال أبو بكر : بخ بخ لك يا أبا الحسن ؟ وأين مثلك يا أبا الحسن ؟.

 وروى في ص 245 بإسناده بلفظ : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه. وإلى موسى في شدته. وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى هذا المقبل، فأقبل علي. وذكره :

 5 - أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي المتوفى 652 رواه في (مطالب السئول) نقلا عن كتاب (فضايل الصحابة) للبيهقي بلفظ ؟ من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. ثم قال :

 فقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بهذا الحديث علما يشبه علم آدم، وتقوى تشبه

/ صفحة 359 /

تقوى نوح، وحلما يشبه حلم إبراهيم، وهيبة تشبه هيبة موسى، وعبادة تشبه عبادة عيسى، وفي هذا تصريح لعلي بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وتعلو هذه الصفات إلى أوج العلا حيث شبهها بهؤلاء الأنبياء المرسلين من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة.

 6 - عز الدين ابن أبي الحديد المتوفى 655 قال في (شرح نهج البلاغة) ج 2 ص 236 : روى المحدثون عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : من أراد أن ينظر إلى نوح في عزته، وموسى في علمه، وعيسى في ورعه فلينظر إلى علي بن أبي طالب. ورواه في ج 2 ص 449 من طريق أحمد والبيهقي نقلا عن مسند الأول و صحيح الثاني بلفظ :

 من أراد أن ينظر في عزمه، وإلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 7 - الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعي المتوفى 658، أخرجه في (كفاية الطالب) ص 45 بإسناده عن ابن عباس قال :

 بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي عليه السلام فلما بصر به رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 ثم قال : قلت : تشبيهه لعلي بآدم في علمه لأن الله علم آدم صفة كل شئ كما قال عز وجل : وعلم آدم الأسماء كلها.

 فما من شئ ولا حادثة إلا وعند علي فيها علم و له في استنباط معناها فهم. وشبهه بنوح في حكمته. وفي رواية : في حكمه.

 وكأنه أصح لأن عليا كان شديدا على الكافرين رؤفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله : و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم.

 وأخبر الله عز وجل عن شدة نوح على الكافرين بقوله : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا.

 وشبهه في الحلم بإبراهيم خليل الرحمن كما وصفه عز وجل بقوله : إن إبراهيم لأواه حليم.

 فكان متخلقا بأخلاق الأنبياء متصفا بصفات الأصفياء.

 8 - الحافظ أبو العباس محب الدين الطبري المتوفى 694 رواه في (الرياض

/ صفحة 360 /

النضرة) 2 ص 218 بلفظ : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، و إلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 قال : أخرجه القزويني الحاكمي.

 وأخرج عن ابن عباس بلفظ : من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 فقال : أخرجه الملا في سيرته.

 9 - شيخ الاسلام الحموئي المتوفى 722، أخرجه في (فرايد السمطين) بعدة أسانيد من طرق الحاكم النيسابوري وأبي بكر البيهقي بلفظ محب الدين الطبري المذكور وما يقرب منه.

 10 - القاضي عضد الأيجي الشافعي المتوفى 756، رواه في (المواقف) ج 3 ص 276 بلفظ : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 11 - التفتازاني الشافعي المتوفى 792 في (شرح المقاصد) 2 ص 299 بلفظ القاضي الأيجي المذكور.

 12 - ابن الصباغ المالكي المتوفى 855 روى في (الفصول المهمة) ص 21 نقلا عن [ فضايل الصحابة ] للبيهقي باللفظ المذكور، 13 السيد محمود الآلوسي المتوفى 1270 رواه في شرح عينية عبد الباقي العمري ص 27 بلفظ البيهقي.

 14 - الصفوري قال في (نزهة المجالس) 2 ص 240 : قال النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في زهده، وإلى محمد في بهاءه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ذكره ابن الجوزي. وفي حديث آخر ذكره الرازي في تفسيره : من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحا في طاعته، وإبراهيم في خلقه، وموسى في قربه، وعيسى في صفوته فلينظر إلى علي بن أبي طالب.

 15 - السيد أحمد القادين خاني في (هداية المرتاب) ص 146 بلفظ البيهقي.

 

/ صفحة 361 /

* (الشاعر) *:

 أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله (1) الكاتب النحوي المصري الملقب بالمفجع.

 أوحدي من رجالات العلم والحديث، وواسطة العقد بين أئمة اللغة والأدب، وبيت القصيد في صاغة القريض، ومن المعدودين من أصحابنا الإمامية، مدحوه بحسن العقيدة، وسلامة المذهب، وسداد الرأي، وكان كل جنوحه إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام، وقد أكثر في شعره من الثناء عليهم، والتفجع لما انتابهم من المصائب والفوادح، فلم يزل على ذلك حتى لقبه مناوئوه المتنابزون بالألقاب ب‍ [ المفجع ] وإليه يوعز بقوله :

إن يكن قيل لي : المفجع نبزا * فلعـــــمري أنا المفـــــجـع هما

ثم صار لقبا له حتى عند أوليائه لذلك السبب المذكور كما قاله النجاشي والعلامة :

 ولبيت قاله كما في (معجم الشعراء) للمرزباني ص 464، وكأنه يريد البيت المذكور.

 ثم أن المصرح به في معجمي الشعراء والأدباء للمرزباني والحموي، والوافي بالوفيات للصفدي :

 إن المترجم من المكثرين من الشعر، وذكر ابن النديم أن شعره في مائة ورقة، ويؤكده ما قاله النجاشي والعلامة من أن له شعرا كثيرا في أهل البيت عليهم السلام، وهو الذي يعطيه وصفهم له من أنه كان كاتبا شاعرا بصيرا بالغريب كما في (مروج الذهب )، ومن أنه من وجوه أهل اللغة والأدب، وقال أبو محمد ابن بشران(2): كان شاعر البصرة وأديبها، وكان يجلس في الجامع بالبصرة فيكتب عنه ويقرأ عليه الشعر واللغة والمصنفات وشعره مشهور، وكان أبو عبد الله الأكفاني راويته، وكتب لي بخطه من مليح شعره شيئا كثيرا، وشعره كثير حسن، وله في جماعة من كبار أهل الأهواز مدائح كثيرة وأهاج، وله قصيدة في أبي عبد الله ابن درستويه يرثيه فيها وهو حي يقول فيها ويلقبه بدهن الآجر.

مات دهن الآحر فاخضرت الأر * ض وكـــــادت جــــبالها لا تزول

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) عبيد الله في معجم الأدباء.

 (2) حكاه الحموي في معجم الأدباء عن تاريخه ونحن نذكره ملخصا.

 

/ صفحة 362 /

ويصف أشياء كثيرة فيها، وكان يكثر عند والدي ويطيل المقام عنده وكنت أراه عنده وأنا صبي بالأهواز، وله إليه مراسلات وله فيه مدح كثير كنت جمعتها فضاعت أيام دخول ابن أبي ليلى الأهواز ونهب [ روزناماتها ] (1) وكان منها قصيدة بخطه عندي يقول فيها :

لو قيل للجود : من مولاك قال : نعم * عبد المجــــيد المغــــيرة بن بــشران

وأذكر له من قصيدة أخرى :

يا من أطال يدي إذ هاضني زمني * وصرت في المصر مجفوا ومطرحا

أنقذتني مــــن أناس عــــند ديــنهم * قــــتل الأديب إذا ما عــــلمه اتضحا

لقي المفجع ثعلبا وأخذ عنه وعن غيره، وكان بينه وبين ابن دريد مهاجاة كما في (فهرست) ابن النديم، و (الوافي بالوفيات) للصفدي، ويقوى القول ما في (مروج الذهب) من أنه صاحب الباهلي المصري الذي كان يناقض ابن دريد. غير أن الثعالبي ذكر في (اليتيمة) أنه صاحب ابن دريد، وقام مقامه في التأليف والاملاء.ولعلهما كانتا في وقتين من أمد تعاصرهما. يروي عنه أبو عبد الله الحسين بن خالويه. وأبو القاسم الحسن بن بشير بن يحيى. وأبو بكر الدوري.

 وكان ينادم ويعاشر من أبي القاسم نصر بن أحمد البصري الخبزأرزي الشاعر المجيد المتوفى 327، وأبي الحسين محمد بن محمد المعروف بابن لنكك البصري النحوي، وأبي عبد الله الأكفائي الشاعر البصري.

آثاره القيمة :

1 - كتاب المنقذ من الإيمان. قال الصفدي في (الوافي بالوفيات) 130 : يشبه كتاب (الملاحن) لابن دريد وهو أجود منه.

 ينقل عنه السيوطي في شرح المعنى فوائد أدبية.

 2 - كتاب قصيدته في أهل البيت عليهم السلام.

 3 - كتاب الترجمان في معاني الشعر. يحتوي على ثلاثة عشر حدا وهي : حد

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) جمع (روزنامة) فارسية، يعني : الجريدة اليومية.

 

/ صفحة 363 /

الإعراب. حد المديح. حد البخل. حد الحلم والرأي. حد الهجاء. حد اللغز. حد المال. حد الاغتراب. حد المطايا. حد الخطوب : حد النبات. حد الحيوان. حد الغزل. قال النجاشي : لم يعمل مثله في معناه.

 4 - كتاب الإعراب.

 5 - كتاب أشعار الجواري. لم يتم .

6 - كتاب عرائس المجالس.

 7 - كتاب غريب شعر زيد الخليل الطائي.

 8 - كتاب أشعار أبي بكر الخوارزمي

9 - كتاب سعادة العرب ذكر المرزباني للمفجع في مدح أبي الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبي الهاشمي من قصيدة قوله :

للـــــزينـــــبي عـلى جلالة قدره * خلق كطعم الماء غير مزند (1)

وشهامة تقصي الليوث إذا سطا * ونــــدى يغـــــرق كــل بحر مزبد

يحتل بـــــيتا في ذؤابــــــة هاشم * طـــــالت دعـــــائمه محل الفرقد

حـــــر يروح المستـميح ويغتدي * بمـــــواهب منـــه تروح وتغتدي

فـــــإذا تحـــــيف ما له إعــطاؤه * في يومه نهك البقية في غد (2)

بضـــــياء سنته المــكارم تهتدي * وبجـــــود راحته السحائب تقتدي

مقـــــدار ما بيني وما بين الغنى * مقدار ما بيني وبين المربد (3)

وفي (معجم الأدباء) نقلا عن تاريخ أبي محمد عبد الله بن بشران أنه قال : دخل المفجع يوما إلى القاضي أبي القاسم علي بن محمد التنوخي فوجده يقرأ معاني على العبيسي فأنشد :

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي غير بخيل ولا ضيق الحال.

(2) تحيف : تنقص. ونهك.

 أفنى (3) المربد : فضاء وراء البيوت يرتفق به 

 

/ صفحة 364 /

قــد قــــدم العجــــب على الرويس * وشــــارف الــــوهـد أبا قبيس (1)

وطــــاول البــــقل فــــروع الميس * وهبــــت العــــنز لقرع التيس (2)

وادعــــت الــــروم أبــــا فـي قيس * واختلط الناس اختلاط الحيس (3)

إذ قــــرأ القاضي حــــليف الكـيس * معــــاني الشعــــر عــلى العبيسي

وألقى ذلك إلى التنوخي وانصرف. قال : ومدح أبا القاسم التنوخي فرأى منه جفاء فكتب إليه :

لــــو أعـــرض الناس كلهم وأبوا * لــــم ينــــقصوا رزقـي الذي قسما

كــــان وداد فــــزال وانصــــر مـــا * وكــــان عهــــد فبــــان وانهـــدما

وقــــد صحــــبنا فــي عصرنا أمما * وقــــد فــــقــــدنا مـــن قبلهم أمما

فما ملكنا هزلا ولا ساخت الأرض * ولــــم تقــــطــــر الســــمــــاء دما

في الله مــــن كــــل هــــالك خــلف * لا يــــرهب الدهر من به اعتصما

حــــر ظننا بــــه الجــــميل فــــمــــا * حــــقق ظــــنا ولا رعــــى الذمما

فكــــان مــــاذا مــــا كــــل معــــتمد * عــــليه يــــرعى الوفاء والكرما

غــــلطت والنــــاس يغـــلطون وهل * تعــــرف خــلقا من غلطة سلما ؟

مــــن ذا إذا اعــــطي الســــداد فـلم * يعــــرف بــــذنب ولم يـزل قدما ؟

شلــــت يــــدي لم جــــلست عن تفه * أكتــــب شجـــوي وامتطي القلما

يــــا ليتنــــي قــــبلها خـــــرست فلم * أعمل لســـانا ولا فتــــحت فــــما

يا زلــــة مــــا أقــــلت عــــثرتهـــا  * أبــــقت عــلى القلب والحشا ألما

مــــن راعــــه بالهــــوان صاحــبه * فعــــاد فــــيه فنــــفســــه ظــــلما

وله قوله :

لنا صديق مليح الوجد مقتبل * وليــس في وده نفع ولا بركه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) الرويس : تصغير روس. وهو السيئ يقال. رجل روس. أي : رجل سوء. والتصغير للتحقير. الوهد : المنخفض من الأرض.

(2) الميس : نوع من الكرم. وهبت : نشطت وأسرعت.

 (3) الحيس : تمر يخلط بسمن. وأقط فيعجن وربما جعل فيه سويق فيمتزج.

 

/ صفحة 365 /

شبهـــــته بـنار الصيف يوسعنا * طولا ويمنع منا النوم والحركه

وللمفجع كما في شرح ابن أبي الحديد قوله :

إن كنــــت خنـــتكم المودة غادرا * أو حلت عن سنن المحب الوامق

فمسحــــت في قبح ابن طلحة إنه * مــــا دل قط عــــلى كمـال الخالق

وله في (معجم الأدباء) ما قاله حين دامت الأمطار وقطعت عن الحركة :

يا خالق الخلق أجمعـــينا * وواهــــب المال والبـــنينا

ورافع السبع فوق سبـــع * لـــم يستعن فيهما معيـــنا

ومــــن إذا قال كن لشـــئ * لـــم تقع النون أو يكونـــا

لا تسقنا العام صوب غيث * أكــــثر مــــن ذا فقد روينا

وله وقد سأل بعض أصدقائه أيضا رقعة وشعرا له يهنئه في مهرجان إلى بعض فقصر حتى مضى المهرجان قوله :

إن الكـــتـاب وإن تـــضمن طيـــه * كـــنه البلاغـــة كالفصيح الأخرس

فـــإذا أعـــانته عـــناية حـــامـــــل * فجـــوابــــه يأتـــي بنجـــح منفـــس

وإذا الـــرسول ونـى وقصر عامدا * كـــان الكــــتاب صحــيفة المتلمس

قـــد فـات يوم المهرجان فـــذكــره * في الشعر أبرد من سخاء المفلس

فسئل عن سخاء المفلس ؟ فقال :

 يعد في إفلاسه بما لا يفي به عند إمكانه، ومن ملحه قوله لانسان أهدى إليه طبقا فيه قصب السكر والاترنج والنارنج :

إن شيطانك في الظرف * لـــشيـــطـــــان مـــريـــد

فـــلهذا أنـــت فـــيــــــــه * تـــبـــتـــدي ثـــم تعـــيـــد

قـــد أتـــتـــنا تـــحفة منـــ* ــك عـــلى الحــسن تزيد

طبـــق فـــــيـــه قــــــدود * ونـــهـــود وخــــدود (1)

وذكر له الوطواط في (غرر الخصايص) ص 270 قوله يستنجز به :

أيها السيد عش في غبطة * مـــا تغني طائر الأيك الغرد

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) النهود جمع النهد : الثدي، وأراد بها الاترنج لاستدارته. وخدود : جمع خد. أراد بها النارنج.

 

/ صفحة 366 /

لـــي وعـــد منك لا تنكره * فـاقضه أنجز حر ما وعد

أنت أحييت بمبذول الندى * سنن الجود وقد كان همد

فــإذا صال زمان أوسطا * فعــــلى مثـلك مثلي يعتمد

م - ذكر له النويري في (نهاية الإرب) ص 77 :

ظبي إذا عـقرب أصداغه * رأيت ما لا يحسن العقرب

تفـــاح خـــديه لـــه نضرة * كـــأنه مـــن دمعتي يشرب

ولد المفجع بالبصرة وتوفي بها سنة 327 كما في (معجم الأدباء) نقلا عن تاريخ معاصره أبي محمد عبد الله بن بشران قال :

 كانت وفاته قبل وفاة والدي بأيام يسيرة ومات والدي في يوم السبت لعشر خلون من شعبان سنة سبع وعشرين وثلثماءة.

 وقال المرزباني : إنه مات في سنة قبل الثلاثين وثلثمائة.

 وأرخه الصفدي في (الوافي بالوفيات) بسنة عشرين وثلثمائة، وكذلك القاضي في (المجالس) والسيوطي في (البغية) وتبعهم آخرون. والمختار ما حكاه الحموي عن تأريخ أبي محمد ابن بشران.

 تجد ترجمة المفجع في فهرست ابن النديم 123. فهرست الشيخ 150. معجم الشعراء للمرزباني 464. يتيمة الدهر 2 ص 334. فهرست النجاشي 264، مروج الذهب 2 ص 519، معجم الأدباء 17 ص 190 - 205، الوافي بالوفيات للصفدي 1 ص 129، خلاصة الأقوال للعلامة، بغية الوعاة 13، مجالس المؤمنين 234، جامع الرواة للأردبيلي، منهج المقال 280، روضات الجنات 554، الكنى والألقاب 3 ص 163، الأعلام للزركلي 3 ص 845، آثار العجم 377.