عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

 

 الهواتف بالشعر

 

وهناك هتافات غيبية شعرية في الدعاية الدينية، خوطب بها أناس في بدء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تفسير ابن كثير 3 ص 354 .

 (2) مسند أحمد 3 ص 456 .

 (3) مسند أحمد 1 ص 269، 273، 303، 332، سنن الدارمي 2 ص 296، صحيح البخاري كتاب الطب، باب : إن من البيان سحرا، المجني لابن دريد ص 22، تاريخ بغداد للخطيب 3 ص 98، 258، و ج 4 ص 254، و ج 8 ص 18، 314، البيان والتبيين للجاحظ 1 ص 212، 275، رسائل الجاحظ ص 235، مصابيح السنة للبغوي 2 ص 149، الروض الأنف 2 ص 337، تاريخ ابن كثير 9 ص 45، تاريخ ابن عساكر 1 ص 348، و ج 6 ص 423، الإصابة 1 ص 453، و ج 4 ص 183، تهذيب التهذيب 9 ص 453) .

 

 

 

/ صفحة 10 /

الاسلام فاهتدوا بها، وهي معدودة من معاجز النبي صلى الله عليه وآله وتنم عن أهمية الشعر في باب الالقاء والحجاج وإفهام المستمع، وإن أخذه بمجامع القلوب والأفئدة آكد من الكلام المنثور، فليتخذ دستورا في إصلاح المجتمع، وبث الدعاية الروحية.

 ومنها :

1 - سمعت آمنة بنت وهب في ولادة النبي صلى الله عليه وآله هاتفا يقول:

صلى الإله وكـــل عـــبد صـالـــح * والطيبون على السراج الواضح

المصطفى خـــير الأنام محـــمـــد * الطاهـــر العلم الضـــياء اللايــح

زين الأنام المصطفى علم الهدى * الصادق البـــر التـــقي النـــاصح

صلى عـــليه الله ما هــبت الصبا * وتجاوبت ورق الحمام النايح(1)

2 - هتف هاتف من صنم بصوم جهير ليلة مولد النبي صلى الله عليه وآله وقد خرت فيها الأصنام وهو يقول :

تـــــــردى لمولـــود أنـــارت بـــنـــوره * جميع فجاج الأرض بالشرق والغرب

وخرت له الأوثـــان طـــرا وأرعـــدت * قــلوب ملوك الأرض طرا من الرعب

ونار جـــميع الفـــرس باخت وأظلمت * وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب

وصدت عن الكهــان بالغـــيب جـــنها * فلا مخـــبر منهـــم بحـــق ولا كــــــذب

فيال قصي ارجعـــوا عـــن ضلالـــكم * وهبوا إلى الاسلام والمنزل الرحب(2)

3 - قال ورقة : بت ليلة مولد النبي صلى الله عليه وآله عند صنم لنا إذ سمعت من جوفه هاتفا يقول :

ولـــد النبي فـــذلت الأمـــلاك * ونأى الضلال وأدبر الاشراك

ثم انتكس الصنم على رأسه(3) .

4 - قال العوام بن جهيل (مصغرا) الهمداني سادن (يغوث) : بت ليلا في بيت الصنم : وسمعت هاتفا من الصنم يقول : يا ابن جهيل ؟ حل بالأصنام الويل، هذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) بحار الأنوار 6 ص 73 .

 (2) تاريخ ابن كثير 2 ص 341، الخصايص الكبرى للسيوطي 1 ص 52 .

 (3) الخصايص الكبرى 1 ص 52 .

 

 

 

/ صفحة 11 /

نور سطع من الأرض الحرام، فودع يغوث بالسلام .

 فكلمت قومي ما سمعت فإذا هاتف يقول:

هل تسمعن القول يا عوام ؟ * أم أنت ذو وقــر عن الكلام؟

قد كشـــف دياجـــر الظـــلام * وأصفق الناس على الاسلام

فقلت:

يا أيها الهـــاتف بالعــوام * لست بذي وقر عن الكلام

فبينن عن سنة الاسلام

قال: وما كنت والله عرفت الاسلام قبل ذلك فأجابني يقول:

أرحل على اسم الله والتوفيق * رحـــلـــة لا وان ولا مشيـــق

إلى فريق خـــير ما فـــريـــق * إلى النبي الصـادق المصدوق

فرميت الصنم وخرجت أريد النبي صلى الله عليه وآله فصادفت وفد همدان يدور بالنبي فدخلت عليه فأخبرته خبري فسر النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : أخبر المسلمين : وأمرني بكسر الأصنام فرجعت إلى اليمن وقد امتحن الله قبلي بالاسلام وقلت في ذلك:

من مبــــلغ عــــنا شــــآم قــــومنا * ومـــن حل بالأجواف سرا وجهرا

بأنـــا هـــدانا الله للحــق بعـــدهـــا * تهـــود مـــنا حـــائر وتـــنـــصـــرا

وإنا سرينا مـــن يغـــوث وقـــربـه * يعوق  وتابعناك يا خير الورى(1)

5 - أخرج أبو نعيم في دلايل النبوة 1 ص 34 عن العباس بن مرداس السلمي قال : دخلت على وثن يقال له (الضمار) فكنست ما حوله ومسحته وقبلته فإذا بصايح يصيح يا عباس بن مرداس؟

قل للقبايل مـــن ســـليم كـــلهــا :* هـــلك الأنيس وفاز أهل المسجد

أودى " ضمار " وكان يعبد مرة * قبل الكـــتاب إلى النـــبي محـــمد

إن الـــذي ورث النـــبوة والهدى * بعـــد ابن مـــريم من قريش مهتد

فخر العباس في ثلثمائة راكب من قومه إلى النبي صلى الله عليه وآله فلما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) أسد الغابة 4 ص 193، الإصابة 3 ص 41 .

 

 

 

/ صفحة 12 /

رآه النبي تبسم ثم قال : يا عباس بن مرداس كيف كان إسلامك ؟ فقص عليه القصة فقال : صدقت وسر بذلك(1).

6 - أخرج أبو نعيم في دلايله 1 ص 33 عن رجل خثعمي قال : إن قوما من خثعم كانوا مجتمعين عند صنم لهم إذ سمعوا بهاتف يهتف :

يا أيها النـــاس ذوو الأجسام * ومسندوا الحكم إلى الأصنام

ما أنتـــم وطـــائش الأحـــلام * هـــذا نـــبي ســـيـد الأنــــــام

أعـــدل ذي حــكم من الحكام * يصـــدع بالـــنور وبــالاسلام

ويردع النـــاس عـــن الآثـام * مستعـــلن فـــي البلد الحرام

وأخرج أبو نعيم عن عمر قال : سمعت هاتفا يهتف ويقول :

يا أيها الــناس ذوو الأجسام * ومسندوا الحكم إلى الأصنام

ما أنتم وطـــائش الأحـــــلام * فكـــلكم أوره كـــالنعــــام(2)

أمــا ترون ما أرى أمامي ؟ * قـــد لاح للناضر مـــن تهــام

أكـــرم بـــه لله مـــن إمــــام * قـــد جاء بعــد الكفر بالاسلام

والبر والصلات للأرحام (3)

ورواه الخرائطي كما في تاريخ ابن كثير 2 ص 343 بإسناده واللفظ فيه :

يا أيها النـــاس ذوو الأجسام * مـــن بين أشيـــاخ إلى غلام

ما أنتم وطـــائـــش الأحـــلام * ومسنـــد الحكم إلى الأصنام

أكـــلكم فـــي حـــير النــيام ؟ * أم لا ترون ما الذي أمامي ؟

من ساطع يجلو دجى الظلام * قـــد لاح للناظـــر من تهـــام

ذاك نـــبـــي ســـيـــد الأنـــام * قـــد جـاء بعد الكفر بالاسلام

أكـــرمه الرحمن من إمـــام * ومـــن رسول صادق الكــلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ابن شهر آشوب في المناقب 1 ص 61، تاريخ ابن كثير 2 ص 341 .

 (2) في البحار 6 ص 319 . فكلكم أوره كالكهام . وروه فهو أوره . أي حمق . الكهام : الكليل . البطئ . المسن .

 (3) الخصايص الكبرى 1 ص 133 .

 

 

 

/ صفحة 13 /

أعدل ذي حـــكم من الحـكام * يأمر بالصـــلاة والصـــيـــام

والبـــر والصلات للأرحـــام * ويـــزجر النــاس عن الآثام

والرجس والأوثان والحرام * من هاشم فــي ذروة السنام

مستعلنا في البلد الحرام

7 - أخرج أبو نعيم عن يعقوب بن يزيد بن طلحة التيمي عن رجل قال : كنا بقفرة من الأرض إذا هاتف من خلفنا يقول:

قـــد لاح نجـــم فأضـــاء مشرقة * يخرج من ظلماء عسوف موبقه

ذاك رســـول مفـــلح مـن صدقه * الله أعـــلى أمـــره وحقـــقـــه(1)

8 - أخرج البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس إن رجلا قال : يا رسول الله ؟ خرجت في الجاهلية أطلب بعيرا شرد فهتف بي هاتف في الصبح يقول :

يا أيها الراقد في الليل الأجــم * قد بعـــث الله نبـــيا فـي الحرم

من هاشم أهل الوفاء والكرم * يجلو دجنات الديـــاجي والظلم

فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا فقلت :

يا أيها الهاتف في داجي الظلم * أهــلا وسهلا بك من طيف ألم

بين هداك الله في لحــــن الكلم * مـــاذا الذي يدعو إليه ؟ يغتنم

فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول : ظهر النور، وبطل الزور، وبعث الله محمدا بالخيور . ثم أنشأ يقول :

الحـــمــــد لله الـــذي * لم يخلق الخلق عبث

أرسـل فيـنا أحــــمدا * خـــير نبي قــد بعـــث

صلى عليه الله مــــا * حج له ركب وحث(2)

9 - أخرج أبو سعد في (شرف المصطفى) عن الجعد بن قيس المرادي قال : خرجنا أربعة أنفس نريد الحج في الجاهلية فمررنا بواد من أودية اليمن إذا بهاتف يقول:

ألا أيها الراكب المعرس بلغوا * إذا ما وقفـتم بالحطيم وزمزما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الخصايص الكبرى 1 ص 104 .

 (2) الخصايص الكبرى 1 ص 109 .

 

 

 

/ صفحة 14 /

محـــمـــد المبعـــوث منـــا تحـــيـــة * تشيعـــه من حـــيث ســـار ويــمما

وقولـــوا له : إنا لـــدينك شيـــعـــة * بذلك أوصانا المسيح بن مريما(1)

10 - أخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 253 عن عيش بن جبر قال : سمعت قريش في ليلة قائلا يقول على أبي قبيس:

فإن يسلم السعدان يصبح محمد * بمكة لا يخشى خــــلاف مخالف

فظنت قريش أنهما سعد تميم، وسعد هذيم، فلما كانت الليلة الثانية سمعوه يقول :

أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا * ويا سعد سعد الخزرجيــن الغطارف

أجـــيبا إلـــى داعـــي الهـدى وتمنيا * عــلى الله في الفردوس منية عارف

فإن ثـــواب الله يا طالـــب الهـدى ؟ * جـــنان من الفــــردوس ذات رفارف

فلما أصبحوا قال سفيان : هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة (2)

11 - روى ابن سعد في طبقاته الكبرى 1 ص 215 - 219 ما ملخصه : لما هاجر سول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة ومر هو ومن معه بخيمتي أم معبد الخزاعية وهي قاعدة بفناء الخيمة فسألوها تمرا أو لحما يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وإذا القوم مرملون (3) مسنتون (4) فقالت : والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى شاة في كسر الخيمة، فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت : هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال : هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك، قال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال : أللهم ؟ بارك لها في شاتها .

 قال : فتفاجت (5) ودرت واجترت (6) فدعا بإناء لها يربض (7) الرهط فحلب فيه ثجا (8)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الخصايص الكبرى 1 ص 109 .

 (2) ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 1 ص 59 .

 (3) نفد زادهم وافتقروا .

 (4) مجدبون .

 (5) من التفاج هو المبالغة في تفريج ما بين الرجلين، وهو من الفج أي الطريق .

 (6) من الجرة وهي : ما يخرجه البعير من بطنه فيمضغه ثانيا .

 (7) أي يرويهم حتى يناموا ويأخذوا راحتهم .

 (8) ثج الماء ثجوجا : سال .

 

 

 

/ صفحة 15 /

حتى غلبه الثمال (1) فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب صلى الله عليه وآله آخرهم وقال : ساقي القوم آخرهم، فشربوا جميعا عللا بعد نهل (2) حتى أراضوا (3) ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها .

 الحديث .

 وأصبح صوت بمكة عاليا بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول وهو يقول :

جرى الله رب الناس خير جزائه * رفيقــيــن حلا خيمتي أم معــــبد

هما نـــزلا بالبـــر وارتحلا بـــه * فأفـــلح من أمــسى رفيق محمد

فيال قـــصي مـا زوى الله عنكم * به من فعال لا يجـــازى وســؤدد

سـلوا أختكم عن شاتها وإنائها * فإنكم إن تسألـوا الشـــاة تشهـــد

دعـــاها بشـــاة حائـــ فتحـــلبت * له بصريح ضرة الشـاة مزبد (4)

فغادره رهنـــا لديهـا لحـــالـــب * تدر بها في مصـــدر ثم مورد (5)

12 - أخرج ابن الأثير في أسد الغابة 5 ص 188 عن أبي ذؤيب الهذلي الشاعر إنه سمع ليلة وفاة النبي صلى الله عليه وآله هاتفا يقول :

خطب أجل أنــــاخ بالاســـــلام * بين النخيل ومعقد الآطام (6)

قبض النـــبي محـــمد فعـيوننا * تذري الدموع عليه بالتسجام

وهناك هواتف في شؤون العترة النبوية منها :

13 - أخرج الحافظ الكنجي في كفايته ص 261 : لما ولد في الكعبة علي " أمير المؤمنين " دخل أبو طالب الكعبة وهو يقول:

يا رب هذا الغــــسق الدجي * والقـــمر المـنبلج المــــضي

بــــين لـــنا من أمرك الخفي * ماذا ترى في إسم ذا الصبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الثمال بضم الثاء واحدة ثمالة : الرغوة . وما بقي في الإناء من ماء غيره .

(2) عللا . بالتحريك : شربا بعد شرب . نهل بالتحريك : أول الشرب .

(3) من أراض إراضة : روى .

(4) الصريح : الخالص . الضرة : أصل الثدي . المزبد : القاذف بالزبد .

(5) ورواها أبو نعيم في دلايل النبوة 2 ص 118.

(6) واحده الأطم بالضم : الأبنية المرتفعة كالحصون .

 

 

 

/ صفحة 16 /

قال : فسمع صوت هاتف وهو يقول :

يا أهل بيت المصطفى النبي * خصصتم بالولـــد الـــزكـــي

إن اســمه من شامخ العلي * عـــلي اشتـــق مـن العـــلي

ثم قال : هذا حديث تفرد به مسلم بن خالد الزنجي وهو شيخ الشافعي .

 14 - ذكر الشبلنجي في نور الأبصار ص 47 : إن عليا " أمير المؤمنين " كان يزور قبر فاطمة في كل يوم فأقبل ذات يوم فانكب على القبر وبكى وأنشأ يقول :

مالي مررت على القبور مسلما * قبر الحبــيب فــــلا يرد جـــوابي

يا قبر ما لك لا تجيــــب مناديا ؟ * أمللت بعـــدي خـــــلة الأحباب ؟

فأجابه هــــاتف يــــسمع صوته * ولا يرى شخـــصه وهـو يقول :

قال الحبيب: وكيف لي بجوابكم * وأنا رهـــين جــــنادل وتـــراب ؟

أكل التـــراب محاسني فنسيتكم * وحجبت عن أهلي وعـن أترابي

فعليكم مني السلام تـــقطعـــــت * مني ومـــنكم خـــلة الأحـــبــــاب

15 - روى ابن عساكر في تاريخه 4 ص 341، والكنجي في الكفاية عن أم سلمة قالت : لما كانت ليلة قتل الحسين (الإمام السبط) سمعت قائلا يقول:

أيها القــــاتلون جـهلا حسينا * أبشروا بالعـــذاب والتــــنكيل

كل أهل السماء يدعو عليكم * من نــــــــبي ومــــرسل وقبيل

قد لعنتم على لسان بن داود * وموسى وحامل الانجــــيل(1)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ذكر ابن حجر منها بيتين، ورواها شيخنا ابن قولويه المتوفى 367 ر 8 في كامله ص 30 .